الماركسية مرشد للنضال والعمل الثوري/ خليل اندراوس

نتيجة بحث الصور عن الماركسية

خليل أندراوس ( الإثنين ) 24/6/2019 م …




الماركسية ليست مذهبا او عقيدة جامدة، انما مرشدًا للنضال والعمل الثوري، وهذه الصيغة الكلاسيكية عن الماركسية تغيب عن بال الكثيرين في عصرنا الحالي حتى اولئك الذين يكتبون في صحف وجرائد الاحزاب اليسارية تغيب هذا المظهر عن الماركسية بوصفها مرشدًا للنضال والعمل الثوري وخاصة في عصرنا الحالي، عصر الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية يجعل من الماركسية شيئا وحيد الطرف عديم الشكل، شيئا جامدا لا حياة فيه، وتفرغ الماركسية من روحها الجدلية الحية وتنسف اسسها النظرية الجوهرية – وتعني بها الديالكتيك، أي مذهب التطور التاريخي المتعدد الاشكال والحافل بالتناقضات، وتضعف صلتها بقضايا العصر العملية والدقيقة التي من شأنها ان تتغير لدى كل منعطف جديد في التاريخ، وفي ايامنا هذه هناك الكثير من المهتمين بالعمل الصحافي والسياسي يغيب عن بالهم هذا المظهر الاساسي من الماركسية.

ويبرز في الفترة الاخيرة تأثير الفلسفة البرجوازية بشتى انواعها المثالية في وباء “صراع الحضارات” ونهاية التاريخ وغيرها من الاوبئة التي تنتشر بين صفوف من يدعي بانه يحمل افكارا يسارية ثورية تجعله يضع الماركسية على هامش التطور التاريخي المادي الجدلي للمجتمع، ولذلك مهم جدا زيادة وتعميق انتشار الفلسفة الماركسية واتحاد جميع الماركسيين الذين يدركون عمق الازمة التي تجتازها الماركسية في عصرنا الحالي، من اجل الدفاع عن مبادئها الاساسية التي تشوه من مختلف الجوانب بنشر التأثير البرجوازي الانتهازي بين مختلف “رفاق طريق” الماركسية. لا شك بان هناك اوساطا وفئات وشرائح مجتمع واسعة ما تزال اليوم في معظم الاحيان تخطو الخطوات الاولى للاطلاع على الفلسفة الماركسية. لذلك مهم جدا تعميق الاضطلاع على الفلسفة الماركسية والتجمع لمكافحة كل من يريد تشويه او تفسيخ الماركسية بحزم ووضوح الرؤيا والممارسة الثورية الحقيقية، والعمل على تأمين الدور القيادي الثوري للاحزاب الماركسية في حياة المجتمع وترسيخ الكتسبات التي تم بلوغها لصالح الطبقة العاملة وشرائح المجتمع المضطهَدة، والفلسفة المادية الماركسية – اللينينية هي سلاح قوي للطبقة العاملة في النضال ضد الرجعية الامبريالية وخاصة في عصرنا الحالي، وهنا لا بد ان نؤكد بانه مهما اجتهد ايديولوجيو البرجوازية الامبريالية المعاصرة فانهم لن ينجحوا في دحض النظرية الماركسية اللينينية ولا في وقف تنامي نفوذها.

فالفلسفة الماركسية تستطيع ان تجيب على قضايا واسئلة عصرنا التي يطرحها التاريخ والحياة، لان الماركسية لا تحلق فوق الاشياء وفوق البشر وتاريخهم بل هي فلسفة جدلية تهدف الى ان تكون اداة احتياز الوعي ومحرك العمل الذي به يغير الانسان الاشياء ويغير نفسه ويبني بيده تاريخه.

فالفلسفة الماركسية لا تشبه البدعة بشيء وليست مذهبا او عقيدة جامدة قامت بمعزل عن الطريق الرئيسي لتطور المدنية والحضارة الانسانية، بل بالعكس فان عبقرية ماركس كلها تتجلى بالضبط في كونه اجاب عن الاسئلة التي طرحها الفكر الانساني التقدمي، فالفلسفة الماركسية اللينينة المادية الجدلية هي الفلسفة الوحيدة المنسجمة الى النهاية والامينة لجميع تعاليم العلوم الطبيعية والاجتماعية السياسية، ولذا يبذل اعداء الطبقة العاملة والشعوب المضطَهدة واعداء الدمقراطية كل قواهم الاعلامية والسياسية والثقافية والفلسفية لدحض المادية الجدلية لتقويضها وللافتراء عليها وتهميشها، ويدافعون عن شتى اشكال الفلسفة المثالية وفلسفة طبقة رأس المال مثل طروحات “صراع الحضارات” و”نهاية التاريخ”. وقد دافع ماركس وانجلز بكل حزم عن المادية الفلسفية الجدلية ووجهات نظرهما معروضة بأكثر ما يكون من الوضوح والتفاصيل في مؤلفي انجلز: “لودفيغ فورباخ” ودحض دوهرينغ، اللذين هما على غرار البيان الشيوعي من عداد الكتب التي يجب ان تكون بين يدي كل عامل واع، فماركس دفع الفلسفة خطوات كبيرة الى الامام من خلال الديالكتيك أي الجدل، أي نظرية التطور بأكمل مظاهرها وأشدها عمقا واكثرها بعدا عن احادية الجانب نظرية نسبية المعارف الانسانية التي تعكس المادة في تطورها الدائم” (كما كتب لينين في كتابه – بعض خصائص تطور الماركسية التاريخي ص 15 – 16)، وماركس عمّق المادية الفلسفية وطوّرها ووسّع نطاقها من معرفة الطبيعة الى معرفة المجتمع البشري. ان المادية التاريخية الماركسية تعتبر اكبر انتصار احرزه الفكر العلمي الفلسفي، والمادية التاريخية تؤكد بان الشعوب تصنع التاريخ ولكنها تصنعه ليس على هواها بل تبعا للظروف الموضوعية وقبل كل شيء تبعا لاسلوب انتاج الخيرات المادية المحدد تاريخيا، وبما ان الانتاج المادي يتحسن دائما ويتطور من ادنى الى اعلى فان دور الشعوب في العملية التاريخية يتغير هو الآخر، ودور الشعوب في التاريخ يزداد مع تطور البشرية التقدمي، واثبتت الماركسية انه كلما ازدادت التحولات الاجتماعية عمقا كانت المهام التي تواجه المجتمع اكبر شأنا، وكلما ازدادت اعداد الناس المشتركين في العملية التاريخية تعاظم نشاط الجماهير الشعبية، وكتب ماركس وانجلز: “مع ازدياد الفعل التاريخي جدية سيزداد كذلك.. حجم الجماهير التي يكون هذا الفعل من صنعها”. (ماركس انجلز المؤلفات المجلد – 2 ص 90)، ولقد اكتشف ماركس قوانين تطور الرأسمالية وشرح دور الطبقة العاملة كقوة اجتماعية قادرة على ان تغدو خالقة للمجتمع الجديد. وشرح بوضوح اساس كل التطور الاجتماعي وقوته المحركة وهو الصراع بين الطبقات.

وعندما نتحدث عن دور الماركسية في القرن الواحد والعشرين علينا ان نذكر بان الماركسية تحمل في ذاتها في مبدئها ذاته امكانات غير متناهية للتطور والتجدد، تفسح لها في كل لحظة من التاريخ سبيل وعي ما للفكر والعمل من ظروف جديدة. والحقيقة هي ان كل ما نبتغيه كحاملي الفكر الماركسي هو الا نقف عند حدود العقل المتكون وان نضع انفسنا على مستوى العقلانية الجدلية الجارية التكون باستمرار، فنكون دائما حيث يولد شيء جديد لم يتبلور بعد في مفهوم. ولذلك نقول بان الماركسية كما اكد انجلز تؤكد بان المادية الجدلية عليها ان تتخذ شكلا جديدا بالضرورة مع كل اكتشاف كبير ذي اثر بارز في تاريخ العلوم، ولطالما اكد لينين الحاجة الى هذا التجدد المستمر حيث قال: “اننا لا نرى ابدا في نظرية ماركس شيئا مكتملا لا يجوز مسّه بل نحن بعكس ذلك على قناعة بانها لم تفعل اكثر من وضع احجار الزاوية للعلم الذي ينبغي للماركسيين ان يدفعوه الى التقدم في كل الاتجاهات، اذا كانوا لا يريدون ان تسبقهم الحياة”.

وفي عصرنا الحالي تسعى طبقة رأس المال في كثير من البلدان بما فيها البلدان الاكثر تطورا “ترسل اليوم وسترسل الجواسيس الى صفوف الاحزاب الشيوعية، فان احدى وسائل مكافحة هذا الخطر هي الجمع بين العمل العلني وغير العلني بمهارة”. (هذا ما قاله لينين في كتاب مرض “اليسارية” الطفولي في الشيوعية – ص 29) “لذلك ينبغي ان نشير الى نزوع الامبريالية الى شق صفوف العمال والى تقوية الانتهازية بينهم والى افساد حركة العمال” (لينين في كتابه “حركة شعوب الشرق التحررية الوطنية ص 191)، لذلك مهم جدا بالنسبة للاحزاب الشيوعية مكافحة هذا الخطر الذي انتشر في فترة الحرب الباردة وفي فترة تفكك الاتحاد السوفييتي حيث كما يُقال كان اقرب المستشارين لغورباتشوف عميلا لـ CIA، وليس بالبعيد ان تكون احزاب يسارية وماركسية في وقتنا الحاضر تعاني من هذا المرض السرطاني الخبيث، هذا المرض الذي يجب استئصاله والقضاء عليه لكي يبقى جسد الاحزاب الثورية قويا ومتماسكا ويقوم بدوره الثوري بفعالية ووحدة صف ونجاح، وفي عصرنا الحالي يتعاظم دور الجماهير الشعبية والطبقة العاملة بسبب ضخامة المهام والقضايا المعقدة التي يعاني منها المجتمع الرأسمالي وبسبب السياسات العدوانية لطبقة رأس المال على الساحة الدولية، لذلك مهم جدا ان تتسلح الطبقة العاملة بالفكر المادي الجدلي الماركسي لكي تستطيع ان تحدث الطفرة الجبارة في التطور الاجتماعي – لكي تُحدث الثورة الاجتماعية في جميع مجالات الحياة السياسية الاجتماعية. وهنا نؤكد بان فقط مادية ماركس الجدلية الفلسفية هي التي دلت الطبقة العاملة على الطريق الواجب سلوكه للخروج من عبودية رأس المال ومن العبودية الفكرية التي كانت تتخبط فيها حتى ذاك جميع الطبقات المظلومة، فقط نظرية ماركس اوضحت وضع البروليتاريا الحقيق دور الطبقة العاملة الحقيقي في مجمل النظام الرأسمالي، وستبقى الماركسية بوابة التفاؤل الانساني نحو بناء مجتمع المستقبل، وان ماركس سيكون دائما وشبح الماركسية سيبقى يطارد المجتمع الرأسمالي وان تكون شيوعيا يعني الانخراط في النضال الطبقي بوعي وادراك وممارسة ماركسية بهدف بناء مجتمع وعالم جديد ينتفي فيه الاستغلال الطبقي، مجتمع حرية الانسان، مملكة الحرية على الارض.

وكما كتبت في مقال سابق “راهنية الماركسية”، “ان هذه الرؤيا المستقبلية لتطور المجتمع الانساني على اساس الفكر والفلسفة الماركسية جعل التأثير السياسي الثوري للماركسية اساسيا، ولا يزال يصدح، وجعل من افكار ماركس راهنية الى يومنا هذا.

•مراجع:

•لينين – حركة شعوب الشرق التحررية الوطنية

•ماركس انجلز – مختارات

•ماركسية القرن العشرين – روجيه غارودي

•لينين – بعض خصائص تطور الماركسية

•لينين – مرض “اليسارية” الطفولي في الشيوعية

قد يعجبك ايضا