جريمة ترحيل البروفيسور الفلسطيني عبد الحليم الأشقر لإسرائيل / مهدي مبارك عبد الله

 مهدي مبارك عبد الله ( الأردن ) السبت 22/6/2019 م …
الوجه الإجرامي والقبيح لأمريكا حاضرا منذ نشأتها وقد تجسد فيما ارتكبته من جرائم فظيعة ومؤامرات دنيئة ضد الشعوب والدول على مر العصور الغابرة لكنه اليوم أصبح أكثر بروزا وتوحشا في شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال عنصريته الطاغية وغطرسته الوقحة وتصريحاته الهوجاء وفلتات لسانه العدائية ضد الآخر داخل أمريكا وخارجها وهو يستخدم لغته الفاشية والنازيةً لتي تنضح بالتحريض المطلق والكراهية البغيضة ضِد العرب والمسلمين في رحاب دولة عظمى تدعي أنها تتزعم العالم الحر وتمثل قيم الحق والعدالة والمساواة لقد أصبحت امريكا في عهدة ترامب أحوج إلى ربيع شعبي ثائر يحارب عنصريتها وانتهاكها لحقوق الإنسان يقوده أبناء وأحفاد ومناصري مارتن لوثر كينغ ومالكوم إكس وما يخشى على امريكا أكثر استمرار ترامب في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية يكتمل معها دمارها وانحدارها إلى أدنى مستويات الهبوط السياسي والاقتصادي والقيمي الأخلاقي




في خطوة عدائية مرفوضة ومدانة شكلت انحيازا وتواطؤا مفضوحا وتساوقاً ومشاركةً مكشوفة للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على الشعب الفلسطيني بشكل سافر وعكست حالة العداء الأمريكي للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وشكلت تصرفا أمريكيا ارعن يعد جريمة واستهتاراً بالكفاءات العلمية الفلسطينية والعربية مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية دلل على الفوضى القانونية السائدة في ظل إدارة ترامب التي عصفت بكافة قواعد القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان والتي من الممكن أن تفتح الباب واسعا أمام اختطاف أو اعتقال أو اغتيال عدد من المناضلين الفلسطينيين او العرب الذين يناهضون سياسة أمريكا ويناضلون من أجل الحرية والاستقلال وتحرير بلدانهم من الاحتلال الصهيوني والأمريكي وهو أيضا قرار غير مدروس سيزيد من حالة العداء والرفض للإدارة الأمريكية في العالم أجمع وخصوصا في المنطقة العربية في ضوء خطواتها المتسارعة لتمرير مشاريع تصفية القضية الفلسطينية

بعد معاناة شديدة في غياهب السجون الأمريكية والاحتجاز التعسفي والاقامات الجبرية الظالمة جاءت عملية اختطاف الدكتور العالم الفلسطيني عبد الحليم الأشقر على يد عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ” أف بي أي ” بأسلوب العصابات والمافيات والتحايل على القوانين السارية وضمن تنسيق استخباري منظم لتسليمه إلى إسرائيل نقل على متن طائرة أمريكية هبطت في مطار “بن غوريون” في تل أبيب مع علمهم المسبق بسجل دولة الاحتلال الإجرامي بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجونها حيث شكلت محاولة تسليمه من دون علم عائلته ومحاميه ليتسنى لهم الاعتراض على هذه القرار خرقا فاضحا للقوانين الأمريكية التي تتيح بشكل قاطع لكل إنسان التظلم من أي قرار يمس سلامته وحريته ويلحق أضرارا به وبعائلته ومن الخزي والعار ان الإدارة الأمريكية حاولت تسليم الأشقر لاسرائيل في الوقت الذي كانت تجري فيه حواراً وتفاوض مع بعض الدول لاستقباله بعد أن قضى ظلما 11 عاماً في السجون الأمريكية وبعد أن فرضت عليه عامين من الإقامة الجبرية وقد تقدّم الأشقر بعدة طلبات بهدف اللجوء في إحدى الدول الأوروبية وعلى الرغم من توافر هذه الدولة الا أن سلطات الهجرة كانت تسوف وتماطل بمنح الإذن له في السفر ولم تنجح محاولاته مطلقا خاصة وأنه لا يحمل جواز سفر بعد إجباره على التخلي عن جنسيته الأمريكية بشكل قهري وتعسفي

القرار القضائي الأمريكي بمنع تسليم الأشقر إلى إسرائيل والذي أصدره قاضي بمحكمة ولاية فيرجينيا اضطر السلطات الأمريكية إلى إعادته إلى الولايات المتحدة وقد اعتبر في حيثياته انتصارا مؤزرا للعدالة ورفضا لتغول الأجهزة الأمنية الأمريكية وفرصة مواتية للمطالبة بوقف جميع الانتهاكات التي تتعارض مع القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني وهو بكل تأكيد كان انتصاراً ودعما للحق الفلسطيني في وجه الظلم والقهر الذي تمارسه دولة الاحتلال ووكيلتها امريكا بحق الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم داخل فلسطين المحتلة وخارجها

إن الاتهامات الموجهة للدكتور للأشقر يعود بعضها لعام 1993 منذ قدومه إلى الولايات ‏المتحدة وقد اُعتقل في عام 2007 بتهمة عدم الاعتراف على 250 شخصية إسلامية في الولايات المتحدة وخارجها بمن فيهم الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة وقد اعتقله السلطات الأمريكية ثلاث مرات لرفضه الشهادة ضد بعض الناشطين الفلسطينيين والعرب والمسلمين ليبقى تحت الإقامة الجبرية في منزله بانتظار المحاكمة لرفضه الإدلاء بالشهادة وبتهمة الانتماء والمساعدة بتمويل حركة حماس التي تدرجها واشنطن على قائمة الإرهاب وهي تهمة مدفوعة سياسيا وبعد الإفراج عنه منذ أكثر من سنة وضع تحت الإقامة الجبرية وهو حاليا وبعد فشل محاولة تسليمه لإسرائيل وإطلاق سراحه من سجن فرجينيا قيد الاعتقال المنزلي بانتظار ترحيله إلى دولة تسمح باستقباله وقد ثبت في ساقه جهاز إلكتروني لتعقب حركته لضمان عدم خروجه من بيته في ولاية فيرجينيا بالقرب من واشنطن العاصمة

يذكر ان للسلطات الأمن الأمريكية سبق لها ان عرضت على الأشقر كل المغريات ‏الممكنة من وظيفة أو جنسية أو أموال لكي يقدم شهادته ضد من يريدون الا انه قال لهم ” لا أستطيع ‏أفضل الموت على أن أكون خائنا ضد شعبي وقضيتي والعاملين من أجلها ” وبعدما عجزوا عن شراء ضميره ومواقفه قرروا تسليمه لاسرائيل وقد شكل هذا الإجراء الأمريكي اللا قانوني والغير إنساني جريمة مكتملة الأركان وصفحة سوداء جديدة في تاريخ الإدارة الأمريكية تؤكد عدم احترام أمريكا لحقوق الإنسان رغم أنها تتغنى كذباً وزوراً بالديمقراطية وحقوق الإنسان بل وفضح انحيازها ودعمها الكلي بشتى الجوانب والمجالات للاحتلال الصهيوني المجرِم وليس غريب على إدارة اعترفت بالقدس المحتلة عاصمة مزعومة لإسرائيل واعترفت بالجولان المحتل كجزء من إسرائيل وخنقت الأونروا وجففت منابع الدعم للشعب الفلسطيني في كل اتجاه وأخلت بالمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية وتمل على إنهاء القضية الفلسطينية وفق المطالب والشروط الإسرائيلية

أننا ندين وبشدة المؤامرة الأمريكية في محاولة تسليم المناضل الدكتور الأشقر لدولة الاحتلال الغاشمة وهاهو يوما بعد يوم يتأكد للعالم اجمع التخبط الواسع في الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب الذى يتخذ قرارات يراها البعض غير مدروسة بالمرة آخرها كان القرار المخالف للقوانين الدولية والمعايير الإنسانية القاضي بتسليم العالم الفلسطيني البروفسور عبد الحليم الأشقر الى إسرائيل وفي الشأن الداخلي الأمريكي لم يختلف الأمر كثيرا حيث تعددت الصدامات والاختلافات والعداوات فمنذ أن اعتلى ترامب سدة الحكم فى 20 يناير 2016 تعرض للعديد من الصفعات القضائية المؤلمة صدم بها المشرع الأمريكي الرئيس 45 للدولة الأمريكية أبرزها كانت فى ملف الهجرة واخرها في قضية تسليم العالم الأشقر

مع كل هذا الظلم والعدوان والقهر والاستهداف المبيت لهذا العالم المجاهد ندعوا السلطة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية والهيئات والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية المعنية وخاصة مجلس حقوق الإنسان والمؤسسات الأخرى إلى ضرورة تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية واحترام مبادئها بالتحرك على أعلى المستويات والأصعدة لفضح هذه الجريمة النكراء والعمل بالتدخل المباشر والضغط السريع لتامين ترحيل الدكتور الأشقر من امريكا وبشكل فوري وضمان عدم تعريض حياته لأي خطر أو استمرار اعتقاله بدون مبررات

عبد الحليم حسن الأشقر والذي أصبح نجم مضئ في سماء الصمود وإرادة التحدي من مواليد عام 1958 تعود أصوله إلى عائلة فلسطينية تعيش في قرية صيدا في طولكرم وهو متزوج وليس لديه أطفال ويحمل درجة علمية رفيعة “بروفيسور” أنهى دراسته الثانوية من مدرسة عتيل وتخرج عام 1982 من جامعة بيرزيت وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة لافيرن في اليونان عام 1989 والدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة المسيسيبي عمل محاضرًا في الجامعة الإسلامية بغزة ثم تولى مسؤولية العلاقات العامة والناطق الرسمي باسم الجامعة وفي عام 1989 تقدم بطلب منحة وقبل طلبه وسافر إلى الولايات المتحدة ومنذ ذلك الحين وهو يتعرض لمضايقات وملاحقات مستمرة حتى اليوم ورغم اعتقاله ومكوثه فترة الإقامة الجبرية في امريكا الا انه اترشح لمنصب الرئاسة الفلسطينية عام 2005 وكان يهدف في برنامجه الانتخابي المطروح في حينه إلى تعميق وترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال تطوير ميثاق شرف ينظم العلاقة بين الفصائل الوطنية والإسلامية المختلفة
الدكتور الأشقر في نظرنا وتقديرنا أسمى من كل السجانين ورجال الحرب الأمريكان ويكفيه شرفا انه فضح إرهابهم وعنصريتهم وانتـصر لقيم المبادئ والحق فلا تهن ولا تيئس أيها البطل وأنت من صقلته المحن ( ولا تظن السجن قهرا رب سجن قاد نصرا ) كان الله في عونك وندعو لك بالحرية والخلاص وقلوبنا معك وتذكر أن الله معك وإن خذلك بعض أبناء وطنك ودينك وعروبتك
وفي الختام نطالب بالحرية لكل الشرفاء والمناضلين الأبطال المعتقلين في صومعة الإرهاب والعنجهية الصهيو- أميركية الذين يتعرضون لشتى أنواع التضييق والاضطهاد والتعذيب والخزي والعار لكل القتلة والمجرمين الصهاينة وحماتهم الامبرياليين
[email protected]

قد يعجبك ايضا