ســــــــــورية ، وروســــــــيا ، وأمريــــــكا ، وتركــــــــيا ، وادلــــــــــب … حــــــرب ( عـــــض الأصـــابع )  / محمد محسن

محمد محسن ( سورية ) السبت 15/6/2019 م …




*ســــورية وروســــيا لا بـــديل عـن التـحرير … أما أردوغان فسيغير جلده من الغَرْبَنَةُ إلى المَشْرَقَةِ ومن الاخونج إلى الأتتوركية  …

ما دامت الحربُ حربُ حسمٍ ، الكل سيدفع بكل طاقاته العسكرية وغير العسكرية فيها ، فبالنسبة لروسيا وسورية لابد من الحسم ، والخلاص ، لأنهما لن يسمحا بضياع الجهد الذي فات والذي لا يمكن حصره بتقييم ، فهذا بات من المستحيلات ، لأن من حرر [ الأصعب ، ثلاثة أرباع الجغرافيا السورية ] ، من وحوش الأرض الذين نَزُّوا من كل النفايات الهمجية الاجتماعية في العالم ، بقيادة أمريكا امبراطورية الحروب ، حتى وصل الحال إلى ما هو عليه الآن ، فلم يعد وارداً التقاعس ، أو الرجوع عن تحرير ما تبقى ، مهما كان الثمن ، ومهما كانت المصاعب ، لأن مستقبل البلدين مبني على هذا النصر ، بل مستقبل المنطقة .

وكذلك هو شأن معسكر العدوان بقيادة أمريكا ، الذي لن يستسلم بسهولة أيضاً ، لأن الحرب كانت حربه ، وكان يبني عليها آمالاً عراضاً، لا حدود لها ، حيث كان حلمه في السيطرة على سورية ، ليس إلا بوابة للوصول إلى بحر الصين وما بعده شرقاً ، وحتى جزر الترينداد في البحر الكاريبي غرباً ، وكانت الثقة تملأ جوارحه بأن كل هذه الدنيا ستكون تحت وصايته ، من هنا نقرأ حجم الخسارة التاريخية ، التي وقعت على رأس أمريكا ومعسكرها العدواني ، ومن هنا نقرأ حجم الجهد الذي سيبذلونه في حرب ادلب وشرق الفرات ، على أمل استرجاع بعض من الحلم .

لـــــــذلكَ فالكــــــــلُّ سيــــــــواجهُ الكــــــــــلَّ .

واقــع معســـكر الأعـــداء المتحــالف المتـــعادي :

لكن معسكر الأعداء في نهايات هذه الحرب ، ليس متماسكاً كما كان طَوالَ الجولات التي سبقت ، فالمال السعودي ـــ الاماراتي ـــ وفقههما الوهابي ، وهو يقاتل ضد سورية في ادلب ، يقاتل ضد تركيا ـــ قطر ـــ وفقههما الاخونجي في آن واحد ، هذا الذي كان نقطة قوة في المعارك السابقة ، هو نقطة ضعف في وحدة الصف الارهابي ، ويمكن أن نسحب حالهم المتصارع المتآلف هذا ، على واقع التحالفات ، والتناقضات ، في شرق الفرات أيضاً ، فالكل هناك يعمل ضد سورية ، ولكن كل فريق يعمل ضد الأخر أيضاً ، كل هذا يحدث تحت مرأى ومسمع أمريكا وكل حلفائها الغربيين ، وهي تدير هذا التحالف المتناقض ، بمنتهى الصعوبة ، على حد الهاوية .

.تنــاقضات أردوغـــان التــي يعيشـــها فـي مرحــلة التـحول :

أما المحصور في الزاوية كالقط فهي ( تركيا ) ، التي فقدت ثلاثة أرباع أحلامها ، أما الربع الباقي الذي يستثمر فيه أردوغان ، فهو كمن يسير على حد السيف ، يتناقض مع أمريكا الداعمة للانفصاليين الأكراد أعداؤه ، ويحاول استخدامها في نفس الوقت في عدائه ضد سورية ، وفي حواراته مع روسيا وإيران ، وهو يتناقض هنا أيضاً مع سورية ، ويتوافق معها ضد الانفصاليين الأكراد خصومه وخصوم سورية في آن ، فكيف سيكون عليه حاله ومستقره ؟؟ ، فهو مضطر لأن يتخذ عدة قرارات متعارضة ، ومتناقضة في آن واحد ، وقد تأخذه المعركة في طريقها .

مستقــبل أردوغـــان وحـــزب الاخــــوان المسلمــــين :

فأردوغان هذا وهو يثق ثقة كاملة ، أن سورية لابديل لها عن تحرير باقي أراضيها ، لأنه بات يدرك هو وغيره ، أن احتلال أرض الغير في زمن المقاومة ، وفي زمن الصواريخ الدقيقة التي تهدم البلاد والعباد ، لم يعد ممكناً بل مستحيلاً ، لذلك فهو يعاني من عدة مآزق في نفس الوقت ، خارج اطار وضعه الداخلي السياسي ـــ الاقتصادي المتقلقل ، فحزبه حزب الاخوان المسلمين واستطالاته العسكرية ـــ والسياسية ـــ وحتى الفقهية ، التي كانت تشكل أدواته سابقاً في التحول من الغَرْبَنَةِ ، إلى المَشْرَقَةِ ، لأنها ستكون الأداة التي ستعيد له السلطنة المفقودة ، ( سلطان المشرقين ، والمغربين ) .

لكن قيادات هذا الحزب الاخواني ، التي يستقبلها ويعلفها أردوغان منذ سنين مديدة قبل الحرب وحتى الآن ، والتي يزيد عديد كوادرها القيادية عن / 3000 / عنصر ، بين مرشد ، وفقيه ، ومريد ، فضلاً عن استطالاتهم العسكرية الذي احتل بها عفرين وجوارها ، كان يبني على هذا الحزب أمالاً عراضاً ، من خلال سيطرتهم على مقاليد السلطة في الدول العربية ، وبخاصة في مصر وسورية ، ولكن وبعد الخسران المبين في البلدين ، باتوا عبأً عليه ، لأنهم خابوا وخيبوه .

لذلك وهو يظهر بمظهر المتبني الذي لا يتخلى عن القيادات الاخوانية وأدواتها ، وأنه لا يزال يستثمر فيها ، هو يسعى للخلاص منها ، والخروج من تحت هذه العباءة الخائبة والمخيبة ، تركياً ـــ وعالمياً ، ويحاول التبرؤ منها ، والظهور بمظهر التائب العائد إلى العلمنة الأتتوركية ، ولو أَجَلْنا الفكر قليلاً لوجدنا أن جميع الدول التي تأخذ الاسلام السياسي هوية ، هي في حالة التملص البدئي منه ، وستأت ساعة تتنكر له ، وتُحَمِلُهُ عثرات الماضي وخيباته ، وكل أشكال التخلف ، أما الغرب الذي استولده ورباه ليكون أداته ، في تفتيت المنطقة لإحكام السيطرة عليها لن يتخلى عنه ، بل سيلعنه ، ويُحَمِّلُهُ وزر كل الدماء التي سفكت في المنطقة .

. معـــــــــــركة ادلــــــــــب ومـــــا بعـــــــدها :

لن تكون معركة ادلب معركة هينة ، وسلسة ، لأنها أصبحت مكباً لكل الارهابيين المتوحشين ، الذين يأخذون الموت سلماً للوصول إلى الحوريات ، المنتظرات على باب الجنة لاستقبالهم ، ولأن جميع القوى المعادية تستثمر في هذا المشروع الخاتمة ، وتعتبر ادلب خاتمة الأمل المسفوح ، أما الذين سقطوا في حالات الوهم والتوهم والضياع ، وتاهوا في زواريب القضايا الصغيرة ، فمنهم من ( يغلق دروب الأمل ، ويبشر !! ) بأن ادلب وعفرين وجوارهما باتت أراض محتلة من تركيا ، وهذا من المستحيلات الثلاث .

الغريب هنا أن أمريكا ، وتركيا والعقلاء من ملوك الخليج ـــ وهم قلة ـــ وهم يتكاتفون لِلَيْ يد سورية في ادلب ، تخيلوا (!!) جميعهم لهم مصلحة في قبر الارهابيين في الأراضي السورية ، وعدم انفلاتهم في أوروبا وغيرها ، وبخاصة تركيا ، لأنها تعيش رعب فرارهم إلى ( البيئة التي استقبلتهم ، تركيا التي تتناوشها فيه حالات عدم استقرار ، فهي في مرحلة الانتقال من الغَرْبَنةِ إلى الَمَشْرَقَةِ ، في نفس الوقت الذي تخلع فيه جلدها الاخواني ، وتحاول اعادة جلدها الأتتوركي ، فإذا ما أَضفنا لكل هذه التحولات ، وضعها السياسي ـــ الاقتصادي المتقلقل الذي تقف فيه على الحافة .

من يعتقد أن تركيا ، وأمريكا ستبقيان في سورية إلى آخر الدهر ، وأن نبقى نحن وهما في حالة حرب أبدية ، هو مفلس في السياسة ، فتشكيل القطب المشرقي ذاته ، وخلاص العالم من حالة الحرب العسكرية ـــ والاقتصادية ، يتوقفان على تحرير ادلب ، وشرق الفرات ، فأمريكا سترحل ، وتركيا ستخرج ، بالقوة أو بالاختيار ، ولكن الكل كما قلنا يناور لعله يحقق فتات من أحلامه ، فسورية لن تنام قبل التحرير ، وروسيا ، والصين ، وإيران ، مصلحتها في التحرير يوازي حجم طموح كل منها السياسي ، أما معسكر العدوان بكل تشكيلاته ، فالغادي والبادي بات يدرك أنه في مرحلة الأفول ، وأنه خسر مساحات واسعة من طموحاته ، التي ملأها المعسكر الصاعد بشغف .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحملنا الكثير ولا بد من تحمل تبعات ما تبقى ، وهو أقل بكثير مما انقضى ، فنحن لانزال في مرحلة صراع الارادات ، وهذا يتطلب من كل منا الانخراط في الفاعلية التاريخية ، من خلال رؤية تأصيلية للواقع ، ووعي للضرورة .

وأن نضع الانتصار أمام أعيننا ، في كل عمل ، أو حوار ، ونحاول تصحيح وعي المواطن المتعب ، وأن نلعب دور بوصلته من خلال فكر برهاني ، ونظرة واعية لما سيجلبه الانتصار ، الذي سيخرج مجتمعنا من حالة التخلف الاجتماعي ـــ الثقافي ـــ القيمي ، وذلك من خلال مشروع تأهيل الواقع ، وتحديث البنى والذهنيات العتيقة المسؤولة عن تخلف مجتمعاتنا ، ووضعها في قالب من العقلانية ، ومن ثم الانخراط في لعب دورنا الحضاري ، إلى جانب باقي الشعوب .

كل من لا ينظر للمستقبل من هذه الزاوية المتفائلة ، عليه الاحتفاظ بآرائه المثبطة لنفسه ، ويعيش في رعب أوهامه ، وأن يترك حرب الوعي لغيره .

قد يعجبك ايضا