تطمينات أمريكية خادعة وتبريرات غير مقنعة / مهدي مبارك عبد الله

نتيجة بحث الصور عن مهدي مبارك عبد الله

مهدي مبارك عبد الله ( الأردن ) الإثنين 22/4/2019 م …

 المشروع الإسرائيلي لا يختلف مع المشروع الأمريكي بطرحه ومضمونه في مرحلة أصبحت فيها واشنطن وتل أبيب وجهان لحقبة استعمارية فاشية واحدة تسودها القوة والغطرسة وفرض الاملاءات نتساءل أين تسير فلسطين قضية وشعب وحقوق في هذه الأيام الصعبة أنها تترنح في مهب الرياح الإسرائيلية والأمريكية وما مدى مصداقية وجدية ورصيد التطمينات الأمريكية التي انطلقت مؤخرا على ارض الواقع وهل نصدق نحن العرب من المحيط إلى الخليج وعود وتطمينات ترامب في إعقاب اعترافه بحقائق الأمر الواقع ووعده النكبوي لنتن ياهو وكيف نطمئن ونحن نرى محاربة تحقيق العدالة و انتهاك حقوق الإنسان وضياع حق تقرير المصير وتدمير الدولة السيادية للشعب الفلسطيني على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وما يتبع ذلك من مصادرة وهدم ممتلكات الشعب الفلسطيني  وإطلاق يد الإرهاب الصهيوني ليصول ويجول فسادا وتخريبا وقتلا وتدميرا وتطهيرا عنصريا وإجراميا ضد أطفال ونساء وشيوخ فلسطين وفي الوقت الذي يطالب فيه ترامب الفلسطينيين بالتخلي عن حق العودة يمنح ترخيصا لنتن ياهو ضم تكتلات المستوطنات ومواصلة بناء الجدران وانجاز مشروع القدس الكبرى كعاصمة موحدة إلى الأبد لدولة إسرائيل.




وهاهي الإدارة الأمريكية الترامبية المتخبطة تستعيد السيناريوهات اليائسة والبائسة والتضليلية للاحتيال السياسي والكذب الدبلوماسي على العرب بموجب ما يسمى زورا وبهتان ” التطمينات ” والوعود والرؤى الأمريكية الجديدة وللحقيقة والمصداقية أيها الأخوة الفلسطينيون والعرب اعلموا اليوم قبل الغد ودون فوات الأوان أن كل عملية المفاوضات والسلام ومشاريع ومقترحات مفاوضات التسوية المطروحة وجميع الرؤية والحلم والخريطة هي عبارة عن نصب سياسي متكرر وأكذوبة كبيرة وخداع شامل وتضليل سافر للرأي العام العالمي عموما وللرأي العام العربي على وجه خاص حيث منحت أمريكا والغرب المحتل الصهيوني عبر السنين الطويلة تفويضا مفتوحا بالقتل والتدمير والاغتيالات وبناء معسكرات الاعتقال ومواصلة الاستيطان والتهويد واغتيال الوطن الفلسطيني المشروع والحقوق الفلسطينية الراسخة ومقومات الاستقلال لتواصل إسرائيل استفرادها بالفلسطينيين وانتزاعها للقضية الفلسطينية من عمقها وتواصلها العربي وليتبين لنا اليوم انه ليس هناك لا حل دولتين ولا حتى أي أفق سياسي حقيقي لقيام دولة فلسطينية في المستقبل القريب أو البعيد

كما يصعب في التاريخ المعلوم أو الواقع المنظور العثور على أي فوارق فاصلة وجدية بين الرؤساء الأمريكيين العشرة الجمهوريين والديمقراطيين الذين حكموا الولايات المتحدة طوال الخمسين سنة الماضية تجاه قضية فلسطين فقد ظلت إسرائيل القضية الرئيسية في السياسة الأمريكية في المنطقة وبقي الانحياز لظلمها وعدوانها وتغطية احتلالها وممارساتها القمعية ورفض الضغوط عليها تشكل الطابع العام لهذه السياسة وهاهي اليوم وبصورة جلية وساطعة تفتح الطبيعة الشخصية والجدلية والبرجماتية للرئيس ترامب آفاقاً مختلفة ومتنوعة للسيناريوهات السوداوية المستقبلية المحتملة وفي مقدمتها تفعيل الخطوات الأولى لتطبيق مقتضيات صفقة القرن مع وجود أطراف عربية مساندة تسعى جاهدة لتحقيقها وهي منشغلة بقوة وحماسة في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل تمهيداً للإعلان عن تحالفها الاستراتيجي معها ضد إيران وهي التي طالما أظهرت في السابق دفاعها وحرصها على القضية الفلسطينية وشعبها ورغم أن الإدارة الأميركية لم تكشف رسميا بعد عن تفاصيل الخطة التي تروج لها فإن التسريبات التي وصلت للعديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية تعطي صورة تقريبية عن ماهية الطرح الأميركي والغايات التي يسعى لتحقيقها حيث تقوم الخطة على تعميم تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية كمقدمة لتهميش القضية الفلسطينية وليس حلها بوصفها قضية سياسية ويأتي ذلك من خلال إنشاء مناخ سياسي وإقليمي ملائم لعلاقات عربية إسرائيلية تستوعب الجانب الفلسطيني وتمارس الضغط اللازم عليه لقبول الطرح الأميركي الذي يركز على التعاون والتكامل الاقتصادي عبر حزمة من المزايا الاقتصادية والاستثمارات الأميركية والخليجية مع تجاهل أركان القضية الفلسطينية الأساسية في العودة وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس.

وما قام به ترامب مؤخرا من نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس وضح جليا أن أمريكا لا تسعى إلى السلام بل تريد أن تجعل من فلسطين دولة للمحتل الصهيوني الغاصب والتخلي عن قضايا الوضع النهائي وهي المستوطنات والحدود واللاجئين والمياه وإخراج القدس من دائرة التفاوض وإسقاط حل الدولتين ومنح الفلسطينيين حكما ذاتيا في الضفة الغربية مع الاعتراف بشرعية الاستيطان الإسرائيلي فيها ومنحهم عاصمة مصغرة في ضاحية أبو ديس القريبة من القدس وتهدف الصفقة أيضا وبشكل رئيسي إلى توطين الفلسطينيين في وطن بديل خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة وإنهاء حق اللجوء للفلسطينيين في خارج فلسطين وذلك بالضغط على مصر والأردن للاشتراك في حل إقليمي للصراع الفلسطيني  الإسرائيلي يقوم على استمرار سيطرة إسرائيل على مساحات ضخمة من الضفة الغربية مقابل تعويض الفلسطينيين بمساحات هزيلة من شبه جزيرة سيناء لإنشاء دولة فلسطينية مستقرة وقادرة على النمو والمنافسة كما يزعمون ومن البنود الرئيسية أيضا لصفقة القرن تنازل مصر عن ٧٢٠ كيلومتراً مربعاً من أراضى سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المقترحة مقابل حصول القاهرة على أراض من إسرائيل جنوب غربي النقب. 

ورغم مرور عامين وبضع شهور على تولّي ترامب مقاليد الحكم والذي وصف بأنه يعتمد على إثارة الخوف والفرقة في سياساته إلا أن إدارته اتخذت سبعة قرارات خطيرة ومصيرية ضربت عمق القضية الفلسطينية وتضمنت انتقاصا خطيرا للحقوق الفلسطينية وبخاصة في ملفي القدس واللاجئين والاستيطان وتسببت في تدمير عملية السلام في الشرق الأوسط وإن مشروع صفقة القرن وعملية السلام ما هي إلا رؤية وبنود تقرها أمريكا لتمكين إسرائيل وإنهاء القضية الفلسطينية بفرض الشروط الظالمة على الشعب الفلسطيني إمام أنظار العالم وبعض الدول العربية التي لها يد في هذا الأمر وقد عمل ترامب بدعم من صهره ومستشاره جاريد كوشنر وبعض أعضاء في الكونغرس على وقف عمل وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين من اجل إنهاء وضعية ” لاجئ ” لملايين الفلسطينيين في الخارج والسعي المحموم لسن قانون جديد يعتبر عدد اللاجئين الفلسطينيين 40 ألفا فقط من أصل 5.9 مليون لاجئ المسجلين في وكالة  الأونروا  وحصر تعريف اللاجئ الفلسطيني بمن تشردوا خلال النكبة فقط واستثناء نسلهم من الأجيال اللاحقة ووقف المساعدات المباشرة لخزينة حكومة السلطة الفلسطينية وغير المباشرة التي تأتي لصالح إقامة مشاريع بنية تحتية وتنموية .

وإمام هذه السياسات الظلامية والمتخبطة حول مستقبل المنطقة والمخططات الهادفة إلى إعادة تقسيمها و ترسيمها وتصفيه القضية الفلسطينية فانه من حق الأردن الذي يعتبر القضية الفلسطينية محورا مركزيا في أولوياته الوطنية والقومية إن يقلق وأن يعمل بكل جهده لمواجهة استحقاقات صفقة القرن وتقديم كل دعم ممكن لمساعدة الأشقاء ومعالجة واقع القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين الذي يشكل السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ولا يزال في يد الأردن بعض أوراق القوة التي لم تستنفد بعد وأن له مصالح في كل ملف من ملفات الوضع النهائي للمسألة الفلسطينية وقد كان ضمن 128 دولة صوتت على قرار الأمم المتحدة الذي شجب اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية وهكذا يصبح من المستحيل فصل ما جرى في الأردن وللأردن وما تبعه من فزعة عربية خليجية مستعجلة عن المخططات السياسية للمنطقة وما سيجري لها تحت شعار صفقة القرن والأردن لا يستطيع الإنفراد بأية حلول خارجة عن إطار الموافقة والقبول للشعب الفلسطيني وضمانة الأردن الأساسية في هذا السياق هي الشعب الأردني الذي لن يقبل أن يصبح الأردن مزرعة أمريكية او كبش فداء للآخرين حتى ولو كانوا عرباً ومن المهم هنا إعادة ترتيب البيت الأردني من الداخل والوقوف خلف قيادته الهاشمية حتى يتم تعزيز خياراته ويتمكن من النجاة من هذا الوضع الخطير فالملك كما هو حال كافة الأردنيين اعتبر القدس خطا أحمر ورفض التوطين والوطن البديل بصرف النظر عن الضغوطات التي تمارس على الأردن أرضا وشعبا وقيادة

 ومن البنود الأخرى غير المطمئنة في هذه الصفقة المبهمة اللعينة وضع ما يقارب مِن 60% من أراضي الضفة الغربية تحت سلطة الفلسطينيين (وليس سيادة الفلسطينيين) ضمن إطار حكم ذاتي متطور لا يقترب من مفهوم الدولة ذات السيادة واستبدال مفهوم عدم الانسحاب من مناطق في الغور ومناطق الحدود مع الأردن إلى مفهوم الانسحاب المرتبط بالإيجار لمدة 99 عاماً  وهذا يشكل التفاف خبيث على المصطلحات وليس على واقع الأمور فقط والذي سيبقى تلك المناطق عملياً تحت سطو الاحتلال وان عاصمة الفلسطينيين ستكون في أبو ديس وسوف تعطى أسم القدس رمزيا مع ربطها بالمسجد الأقصى حصراً وليس بالقدس الشرقية التي تبقى إسرائيلية وعاصمة لإسرائيل وان الولاية على الأماكن المقدسة سوف تكون مشتركة بين الأردن والفلسطينيين في ظل دولة فلسطينية مجردة من كل إمكانات الحياة ومحاصرة براً وبحراً وجواً وستكون في منطقة قطاع غزة بعض الامتدادات في سيناء تحت مسميات أو تسهيلات مختلفة ومن المعلوم أن تنفيذ هذه الصفقة بهذا الشكل يتطلب وجود حالة استقرار وهدوء أمني كاملاً على الجبهة الفلسطينية مع سيطرة السلطة الفلسطينية وشرطتها على الوضع وكذلك الحال بالنسبة للأردن وبعدما شرح جلالة الملك عبد الله  لطاقم الإدارة الأمريكية مخاطر صفقة القرن المشبوهة على المصالح الأردنية العليا استمع مسئولون أردنيون من مستويات رفيعة في إدارة ترامب إلى سلسلة ضمانات أمريكية بان المصالح الحيوية والأساسية للأردن لن تتأثر بما يسمى صفقة القرن عندما تعلن مع الطلب  ببقاء عمان قريبة سياسيا ومؤسسيا من الإدارة الأمريكية وان لا يتعاملوا مع الموقف على أساس إن هذه الصفقة ستكون سيئة جدا للجانب الأردني أو الفلسطيني او حتى العربي وهنالك تأكيدات أمريكية لا ترقي إلى مستوى الثقة ولاهتمام بان صفقة القرن ستضمن مزايا مهمة للفلسطينيين ولن تؤدي لضم كامل القدس إلى إسرائيل وفيها أيضا خطوات تغضب إسرائيل وتزعجها

في الختام سيبقى الأردن ينظر إلى فكرة إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها تهديدًا لهويته الوطنية وخريطته الديمغرافية ولن يقبل أي تكهنات او ضمانات بالمساعدة الاقتصادية في المرحلة المقبلة مقابل أي مؤامرة تهدد وجوده وكيانه وما من شك لدي القيادة الأردنية ومعظم الساسة والمراقبين بان هذه الصفقة تشكل تهديد مباشر للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين ولن يرضخ الأردن للضغوطات الأمريكية التي تستهدف إقناعه بأي نوع من الحكم الإداري او السياسي في الأراضي المتبقية من الضفة الغربية والمتمثلة ببعض التجمعات السكانية المتفرقة ليتم بذلك القضاء على الحق الفلسطيني في إقامة دولته على ترابه الوطني بما في ذلك القدس وان صفقة القرن تمثل تهديد حقيقي لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وأننا نؤكد ونجدد على أن الأردن قادر على حماية مصالحه بجيشه وشعبه والمخلصين من أبناء أمته وأننا نرفض أي تخوف موهومة مما يسمى بالخيار الأردني أو أي كلام شطط عن الوطن البديل أو التوطين أو أي دور أردني في الأراضي الفلسطينية غير الدور الداعم للأشقاء في سعيهم لإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني ولن نخشى المؤامرات والتهديدات وسنبقى بوحدتنا الوطنية الجامعة شعبا يدعم الوطن والملك

[email protected]

قد يعجبك ايضا