أوهام السلام مع إسرائيل / فهد الخيطان

فهد الخيطان ( الأردن ) الإثنين 15/4/2019 م …



تستطيع حكومة نتنياهو المقبلة أن تضم أجزاء جديدة من أراضي الضفة الغربية المحتلة لحدودها، مثلما وعد نتنياهو ناخبيه. المعارضة المؤكدة للقرار من طرف الفلسطينيين والعرب لن تردعها عن فعل ذلك. وتستطيع أن تواصل عمليات التهويد والاستيطان، وقطع الأوصال في الضفة الغربية، والاستمرار في فرض الحصار على قطاع غزة، وتكريس الانقسام السياسي، وأكثر من ذلك الجغرافي بين شطري الوطن الفلسطيني.

وتستطيع إدارة ترامب ان تطرح في أي وقت تشاء خطة السلام او صفقة القرن كما تسميها، تفّصل من خلالها حلا للصراع. ولها من القوة والنفوذ ما يمكنها من ممارسة ضغوط على مختلف الأطراف لتمرير صفقتها. إدارات أميركية سابقة مارست ضغوطا شتى على أطراف الصراع، ولم تتمكن من إنفاذ خططها دائما، والأهم أنها لم تكسب دعم الشعوب لخياراتها المنقوصة في السلام.

ويمكن لإسرائيل أن تنسج خيوط التطبيع سرا وعلنا مع دول عربية وإسلامية، وهي تفعل ذلك بجهد مثابر، وتحقق مكاسب.

لكن التجارب السابقة تثبت بأن التطبيع مع الحكومات لا يضمن السلام مع الشعوب، إذا لم تتوفر الشروط التاريخية والحقيقية للسلام العادل.

منظمة التحرير اعترفت بإسرائيل وعقدت معها صفقة تاريخية أثمرت سلطة فلسطينية على الأرض، لكن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما يزال حلما بعيد المنال. إسرائيل وقعت معاهدة سلام مع مصر والأردن، لكن الشعبين في البلدين هم الأكثر عداء لإسرائيل كما تظهر مسوحات الرأي العام الغربية.

الصراع العربي الإسرائيلي معقد وتاريخي، لكن يمكن فهمه بسهولة على الجانب العربي. إسرائيل في نظر الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية كيان غير شرعي، اغتصب أرضا ليست له، وشرد شعبا عن أرضه. وبنظر هذه الأغلبية، إسرائيل كيان غريب وسط منطقة لها تاريخ وقيم وثقافة وبنية اجتماعية مشتركة، ولا يمكن التصالح مع هذا الكيان بشروطه.

أقل ما يمكن أن تقبل به الشعوب العربية ،تقاسم عادل لأرض فلسطين. حتى هذا الحل على ما فيه من مكاسب للشعب الفلسطيني، سيبقى مرفوضا من طرف تيار واسع في الشارع العربي، وتحققه لن يغير كثيرا في مشاعر العداء لإسرائيل.

المسألة سهلة على الفهم كما قلت لكنها معقدة جدا في الواقع. واعتقد أن الأجيال المعاصرة لن تشهد أبدا حلا نهائيا للصراع مع إسرائيل، تصبح الأخيرة فيه كيانا طبيعيا ومقبولا في المنطقة العربية.

جانب كبير من الصراع قائم على مبدأ الهوية. كل الصراعات التي انطوت على مواجهة بين الهويات فشلت محاولات تسوياتها دون اعتراف صريح ومنصف بهوية الضحايا وحقوقهم.

من يتخيل على سبيل المثال أن تنازل السلطة الفلسطينية أو الحكومات العربية من مبدأ حق العودة للاجئين الفلسطينيين، يعني حكما موت هذا الحق؟

هناك ملايين الفلسطينيين، وإن اختاروا العيش خارج فلسطين بإرادتهم، إلا أن ذلك لا يعني أبدا تخليهم عن هويتهم الفلسطينية. أحفاد المهاجرين حول العالم الذين ولدوا واندمجوا تماما في مجتمعات جديدة لا يتخلون أبدا عن هوياتهم الأصلية، ويعيدون انتاجها في حياتهم كل يوم.

هذا الصراع غير قابل للحل، حتى ولو كان بصفقة تحمل وصفا كونيا. من يعتقد غير ذلك واهم ولو كان رئيسا لأقوى دولة في العالم.

قد يعجبك ايضا