مقالان عن روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت / نبذة مختصرة عن قائدين شيوعيين ألمانيين بداية القرن العشرين

روزا لوكسمبورغ

الأردن العربي – الإثنين 18/3/2019 م …




بمناسبة الذكرى 109 لليوم الأممي لنضال المرأة من أجل حقوقها، الذي يصادف هذه السنة الذكرى المئوية للثورة الألمانية، و كذلك ذكرى اغتيال الشهيدين الرفيقين الشيوعيين، روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنيخت، يخصص موقع “8 مارس الثورية” ملفا خاصا بالمناسبة، يعرف بجوانب مختلفة من الحياة النضالية للقائدين البارزين للثورة الألمانية و معطيات هامة عن هذه الثورة و حلقات سيرورتها الثورية .

روزا لوكسمبورغ
ــ الوردة الحمراء للاشتراكية ــ
5 مارس 1871 ــ 15 يناير 1919

ولدت روزا لوكسمبورغ في بولونيا، التي كانت آنذاك ضمن أراضي الامبراطورية الروسية في 5 مارس 1871، ترعرعت وسط عائلة ميسورة، انخرطت في نهاية المرحلة الثانوية من دراستها في المجموعات الاشتراكية في بولونيا، درست في سويسرا سنة 1889، حيث التقت العديد من المناضلين الثوريين. في سنة 1893 أسست مع رفيقها ليو جوجيش، و هو مناضل لتواني، و أخرين الحزب الاشتراكي الديموقراطي في بولونيا، و كانت مديرة تحرير مجلة الحزب “القضية العمالية”، و في سنة 1896 تم تفكيك الحزب من طرف القوى الامبريالية، فقررت الهجرة إلى ألمانيا، التي حصلت على جنسيتها سنة 1898، و ارتبط بذلك مصيرها بمصير ألمانيا.
لقبت روزا لوكسمبورغ ب “الوردة الحمراء للاشتراكية”، وهي “نسر الماركسية المحلق عاليا” كما سماها لينين عندما قال:
“في بعض الأحيان يطير النسور في مستوى طيران الدجاج، و لكن الدجاج لن يعلو أبدا إلى مستوى النسور، فعلى الرغم من أخطائها، فقد كانت – و ما زالت بالنسبة لنا نسرا – و ليس فقط أن ذكراها العزيزة سيحافظ عليها شيوعيو العالم كله، لكن سيرتها الذاتية و أعمالها الكاملة، ستكون بمثابة درس مفيد لتشكيل عدة أجيال من الشيوعيين في جميع أنحاء العالم”.
تعد روزا من أعظم و أشهر الشخصيات في الاشتراكية الأممية، تميزت حياتها كلها بأحداث ثورية، منذ نشاطها في سن 15 في مدينة وارسو البولونية، إلى اغتيالها في خضم ثورة المجالس العمالية في ألمانيا يوم 15 يناير 1919. قال عنها رفيقها فرانز ميهرينغ ” أنها واحدة من أعظم تلامذة كارل ماركس”، إنها المنظرة الماركسية و المجادلة العظيمة، المناضلة و المحرضة للجماهير، إنها المرأة الثورية، التي تقاتلت طوال حياتها ضد القوالب النمطية العديدة لذلك الوقت (أواخر القرن 19 و بداية القرن 20)حيث كان من الصعب على المرأة أن تتحرر و تمارس السياسة.
بدأ نشاط روزا النضالي في سن 15، عندما انضمت إلى الحركة الاشتراكية، و هي الفترة التي اغتيل فيها العديد من القادة الاشتراكيين، الشيء الذي طبع بعمق المناضلة الشابة.
عرف عن روزا أنها كانت طالبة لامعة، الشيء الذي يؤهلها للحصول على ميدالية التفوق، التي كانت تمنح آنذاك للمتفوقين في الدراسة، غير أنها لم تمنح لها بسبب نشاطها السياسي.
بعد حصولها على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية، و هو أمر غير معتاد نسبيا بالنسبة للمرأة في ذلك الوقت، قررت الانتقال إلى ألمانيا للانضمام إلى الحزب الاجتماعي الديموقراطي، و هناك ستلتقي بكلارا زتكين، التي ستربط معها صداقة متينة و رفاقية لا تحل عراها.
كان التحريض ضد الحرب الامبريالية العالمية الأولى، لحظة حاسمة في حياة روزا، فقد قادت صراعا بلا هوادة ضد الاستسلام التاريخي للحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني، الذي ساند بورجوازيته، ضدا على الالتزامات التي تم اتخاذها من طرف المؤتمرات الاشتراكية الدولية، لقد وقفت روزا بحزم ضد الموقف الاشتراكي الشوفيني للحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني المدعم للعدوان الألماني، و بتحالفها مع كارل ليبنخت تركت الحزب الاجتماعي الديموقراطي، و ساعدت على تشكيل “المجموعة الأممية” التي أصبحت “عصبة سبارتاكوس” إلى جانب كلارا زتكين و فرانز مهرينغ و كارل ليبنخت، التي أصبحت “الحزب الشيوعي الألماني”.
خاضت روزا معارك نظرية رائعة، أكثرها شهرة تلك التي عرفها نهاية القرن 19، التي كان خلالها إدوارد برينشتاين ينظر للتحريفية، و كانت حاضرة بشكل كبير في الحركة العمالية بصفتها تلك.
و قد عرفت روزا السجون والمعتقلات في العديد من محطات حياتها منذ انخراطها في العمل الثوري، اعتقلت يوم 15 يناير بعد اندلاع ثورة 1919، و تم اغتيالها بأمر من خونة الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني، فردريتش إيبرت و غوستاف نوسكه، حيث كان الأول رئيسا للحكومة و الثاني وزير دفاعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كارل ليبنخت: نبذة مختصرة
ــ شرارة الثورة ــ
1871 ــ 1919

“إن السيطرة الامبريالية، التي حولت أوروبا إلى حقل من الجثث قد تحطمت، لكن إذا كان العالم القديم قد هزم فلا يجب أن نظن أن مهمتنا قد انتهت، يجب أن نركز كل جهودنا على تأسيس حكومة العمال و الجنود، و إقامة نظام دولة البروليتاريا جديد، نظام السلام والسعادة و الحرية لكل إخواننا الألمان، و كل إخواننا في العالم”
“الحرب بزنس و السلم بزنس و لا شيء غير البزنس” “قانون الرأسمالية الجوهري هو أنت أو أنا و ليس أنا و أنت”
هكذا كان يرى كارل ليبنخت الحرب الامبريالية، فعارضها بدون هوادة لأنها حرب رجعية تلبي مصالح البورجوازية، و هكذا كان تقييمه للرأسمالية، و هذا ليس بأمر غريب عن رجل تربى في وسط ثوري، فكارل ليبنخت هو ابن ويلهايم ليبنخت، أحد مؤسسي الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني، الذي مارس مهنة المحاماة و دافع عن العديد من الاجتماعيين الديموقراطيين في محاكمات سياسية.
نشأ ليبنخت، الذي ولد في غشت 1871، خلال فترة من القمع الشديد ضد الاشتراكيين الذي مارسه بسمارك، العدو اللدود للاشتراكية، فقد تعرض والده للسجن لمدة عامين، و هو نفس المصير الذي سيعرفه ابنه الذي ذاق أيضا السجون و المعتقلات.
كان ك. ليبنخت شخصية بارزة في حركة الشباب الاشتراكي، و أصبح بذلك عنصرا قياديا في الكفاح ضد النزعة العسكرية، كان عضوا في الرايخشتاغ (البرلمان الألماني) بصفته ممثلا للحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني، كان من أوائل ممثلي الحزب الديموقراطي الاجتماعي الذين كسروا الانضباط الحزبي و صوت ضد اعتمادات الحرب في دجنبر 1914. أصبح رأس الحربة في النضال ضد الحرب الامبريالية العالمية الأولى، و كان لمعارضته نجاح كبير جدا، لدرجة أنه تم رفع حصانته البرلمانية و تغريمه بسبب ذلك.
تعرض كارل للاعتقال، و أطلقت سراحه ثورة نونبر 1918 بعد سقوط القيصر الألماني، و ألقى على الفور بنفسه في معمعان النضال، و أصبح مع رفيقته الثورية روزا لوكسمبورغ واحدا من مؤسسي “عصبة سبارتاكوس” و بعدها حزبا جديدا هو “الحزب الشيوعي” الألماني.
ولد كارل ليبنخت في ليبزيغ في ألمانيا في 13 غشت 1871، و هي نفس السنة التي اعتقل فيها والده بتهمة الخيانة العظمى، و بعد 35 سنة، سيمر من نفس المحنة التي مر منها والده، حيث اتهم هو أيضا بالخيانة العظمى من قبل أعلى المحاكم في بلاده.
درس ك. ليبنخت في لابزيغ ثم في برلين، حيث كان طالبا في جامعاتها، و كطالب بدأ حياته بالتنوير الاجتماعي، من خلال تنظيم الجمعيات الأدبية لدراسة المشاكل الاجتماعية، و قد حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد السياسي و القانون من جامعة فورتسبورغ سنة 1897، مارس القانون ابتداءا من سنة 1898 في برلين و أصبح محاميا، و في نشاطه المهني سيكرس نفسه إلى حد كبير للدفاع عن العمال و الاشتراكيين، الذين يتم تعقبهم بسبب عملهم السياسي. أصبح ليبنخت عضوا في الحزب الاجتماعي الديموقراطي، و الذي باسمه خاض عدة انتخابات، فقد انتخب في 1901 كعضو مجلس مدينة برلين، و في عام 1908 نائبا في البرلمان الإقليمي البروسي، و في عام 1912 نائب البرلمان الوطني (الرايخشتاغ). و قد كان ك. ليبنخت عضوا في الرايخشتاغ لسنين عديدة و شارك بانتظام في المؤتمرات السنوية للحزب الاجتماعي الديموقراطي.
في سنة 1906 ساند توجه روزا لوكسمبورغ لصالح الإضراب الجماهيري، عندما كانا لم يتقربا بعد من بعضهما.
في 1907 انخرط ك. ليبنخت في حركة الشباب الاشتراكي، مشاركا في المؤتمر الدولي للشباب الاشتراكي، الذي عقد في شتوتغارت من 24 إلى 26 غشت 1907 على هامش المؤتمر الدولي الاشتراكي، و انتخب و هو في 36 سنة من عمره رئيسا للاتحاد الدولي للشباب الاشتراكي.
انخرط كارل بقوة ضد النزعة العسكرية، و في هذا الموضوع كتب كراسته الشهيرة “النزعة العسكرية و النزعة العسكرية المضادة” .
في أكتوبر 1907 تمت محاكمته في لايبزيغ أمام المحكمة الامبراطورية في ألمانيا، بسبب كتابه هذا، الذي أثار غضب السلطات الألمانية، و في سنة 1910، قدم “أطروحات حول النزعة العسكرية” في المؤتمر الدولي لمنظمات الشباب الاشتراكي في كوبنهاغن، و في نفس السنة حل كارل بالولايات المتحدة الأمريكية لإعطاء سلسلة من المحاضرات تركت انطباعا قويا فيها.
حكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات و نصف من طرف حكومة القيصر الألماني، بسبب دعايته ضد الحرب الامبريالية الأولى 1914، غادر السجن بفضل الثورة، و أصبح منذ هذا الحين التعبير الفردي الديناميكي عن الثورة.
يقترن اسم كارل ليبنخت عادة باسم روزا لوكسمبورغ، لسبب وجيه، أنهما قاتلا معا ضد الحرب الامبريالية العالمية الأولى، و أسسا “عصبة سبارتاكوس” ثم “الحزب الشيوعي” الألماني، وساندا الثورة البلشفية في روسيا، و في النهاية تم اغتيالهما معا في 15 يناير 1919، لكن مساراتهما كانت مختلفة جدا، فإذا كانت روزا قد جاءت للاشتراكية بنفسها، فإن كارل ليبنخت – إذا جاز التعبير – ولد في وسطها، فقد كان والده ويلهايم ليبنخت (1826 – 1900) شخصية بارزة في الحركة الاشتراكية في ألمانيا و في العالم إلى جانب أوغوست بيبيل، و كان أبوه مناضلا في “عصبة الشيوعيين” إلى جانب كارل ماركس و فردريك انجلز، و كان مشاركا في الأممية الأولى، ثم ساهم في تأسيس الحزب الاجتماعي الديموقراطي في ألمانيا، و الذي كان في ذلك الوقت ذو توجه ثوري، و على عكس روزا لوكسمبورغ، فقد بدأ نشاطه النضالي في وقت متأخر عندما بلغ من العمر 30 عاما تقريبا، وقد ألف ك. ليبنخت لعديد من الكراريس عن الاشتراكية و الاقتصاد.
اعتقل كارل لبنيخت بعد قيام ثورة 1919 و تم اغتياله مع رفيقته روزا لوكسمبرغ من طرف خونة الحزب الاجتماعي الديموقراطي التحريفيون، الذين كانوا آنذاك يمسكون بزمام السلطة، و ذلك بأمر من فردريتش إيبرت رئيس الحكومة ووزير دفاعه غوستاف نوسكه السيئي الذكر.
كما قال الفوضوي غوستاف لاندوير، رغم اختلافاته مع ليبنخت، “لم يقدم أحد خدمات للثورة أكثر مما قدمه ليبنخت”، إنه “شرارة الثورة” كما لقب بذلك.

موقع 8 مارس الثورية
http://8mars-revo.hautetfort.com

قد يعجبك ايضا