المحامي محمد احمد الروسان يكتب ل” الأردن العربي ” … التوهان في صحراء الاستراتيجيا: الأردن نموذج




 المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) السبت 16/3/2019 م …
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …
الأزمة في الأردن، أزمة مركبة، فهي من ناحية أزمة حكم ونخب تعاني من توهان صحراوي عميق ومتفاقم، وأزمة شعب بأصوله ومنابته المختلفة من ناحية أخرى، ومملكتنا الأردنية الهاشمية نموذج أممي حي، في كيف يكون التيه في صحراء الأستراتيجيا، بفعل طوارىء السياسة وطوارىء الأقتصاد وطوارىء علم الأجتماع السياسي، والطابور الخامس والطابور السادس الثقافي، وفي علم الأستراتيجيا هناك شيء اسمه المرونة الأستراتيجية، حيث يعني هذا العلم قدرة الدولة أي دولة على استشراف المستقبل، وادراك مغزى المعطيات والتطورات في البيئة الخارجية، واتخاذ سياسات للاستجابة لتلك التطورات والمعطيات والوقائع بما يخدم استراتيجيتها الشاملة. الدولة لدينا في الأردن تعاني من نقص حاد وعميق بشكل رأسي وأفقي في مهارات المرونة الأستراتيجية، ولم تدرك مغزى ما يدور في بيئتها الخارجية، فوجدت نفسها بلا حول ولا قوّة بشكل فجائي، فارتبكت وتباطأت، وانبطحت وتساوقت، وتماهت تماماً مع كل أسف وحصرة، مثل: المسحور له، فبات كالمأفون. نعم السياسة الأردنية ما زالت حبيسة الماضي التليد، وفضّلت أن تبقى قابعة بتموضع غريب في منطقة الراحة الآمنة، التي عملت على تخليقها وخلقها حول نفسها، بفعل التيار المتأمرك المتأسرل فيها، وذهبت كافة الأطراف على الدفع بها الى هوامش المشهد وحافّاته غير المؤثرة، حتّى أنها لم تعد تلعب بالهوامش الممنوحة لها من قبل اليانكي الأمريكي، وتمارس دبلوماسية الانتظار بفعل طوارىء السياسة والأقتصاد وعلم الأجتماع السياسي، تنظر حل غيبي قد يلوح لها في الأفق السياسي المنسّد(نلحظ أنّ ملك البلاد – حفظه الله، وحيداً وحيداً وعلينا كشعب وقوى سياسية دعمه). فهناك أكثر من طرف خارجي: طرف دولي، وطرف اقليمي، وطرف بعض عربي يعاني من اسهال شديد بشكل مائي في العلاقات مع الكيان الصهيوني، يدفع الأردن الى الأنفجار، كون مرحلة الأردن المستقر الآمن انتهت بالنسبة للقوى الدولية والكيان الصهيوني وبعض القوى الاقليمية التي تعاني كما قلنا من اسهلالات شديدة، في العلاقات المعلنة وغير المعلنة مع الكيان الصهيوني. حيث من مصلحة الأطراف السابق ذكرها، بما فيها الكيان الصهيوني انفجار الوضع في الأردن، لأسقاط الدولة والتخلص من الالتزامات الدولية معها، وهي التي تلجم الطموح الصهيوني، وطموح السلفية الافنجيلية الأمريكية في القدس المحتلة، والضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزّة المحتل مع تفعيل مسارات تفريغ الضفة الغربية باتجاه الأردن. اذاً ثمة حالة أردنية لترتيب البيت الداخلي لأغراض اقليمية، حيث المحفّز لذلك مضامين وشروط صفقة القرن، ان لجهة التساوق والتماهي معها، أو لجهة مواجهتها وعقابيلها وتداعياتها، والملك بحاجة الى غطاءات سياسية لبعض القرارات قبل الدخول في كواليس استحقاقات اقليمية واقتصادية مع نهايات نيسان القادم هذا العام، خاصة وبعد التقاء الملك مع خماسي الطهي لصفقة القرن: مايك بومبيو، وجون بولتون، وجاريد كوشنر، وغرينبلات وجينا هاسبل(الأخيرة لم يعلن عن لقاء الملك معها علناً في زيارته الأخيرة لواشنطن)، انّ أكبر وأكثر الخاسرين من صفقة القرن هما: الآردن وفلسطين المحتلة. وصحيح أنّ الملك صنع لنفسه نخب، تصحّرت مع سنوات حكمه العشرين، وقد أبتليّ بها الملك لاحقاً، فصنعت هذه النخب فجوة كبيرة بينه وبين شعبه بأصوله ومنابته المختلفة، لذا على الملك أن يغيّر أدوات الحكم عبر تغيير النهج القائم، فحل الدولتين انتهى وأكل وشرب الدهر عليه، وحل مكانه البراغماتية الأقتصادية، حل اقتصادي وتحقيق المكاسب الأقتصادية فهي المحرك للعقل السايسي، مع تسويقات لمفهوم السلام الأقتصادي كمضمون لصفقة القرن، دون الدخول في تابوهات الحلول السياسية، فجاء تكليف الدكتور محمد اشتيه من قبل عباس الرئيس المنتهي ولايته من سنيين، ليشكل حكومة فلسطينية واقعة تحت الأحتلال(لدينا معلومات كثيرة ودقيقة نتركها في بطن الأيام القادمة)والدكتور محمد اشتيه عمل في لندن، وكان مديراً لمؤسسة بكدار في الداخل الفلسطيني، وبكدار هل هي نتاج رؤى الأم أي سكس – جهاز المخابرات البريطاني الفرع الخارجي؟ وهل يسعى أليكس توغنر مدير الجهاز مثلاً الى استثمار في الدكتور محمد اشتيه في مفاصل صفقة القرن؟، وكان حينما يشغل اشتيه وزارة يعود لبكدار – لماذا؟ وما هو المضمون الأستراتيجي لعمل هذه المؤسسة؟ غير المعلن عنها على أنها هي المجلس الأقتصادي الفلسطيني للتنمية والاعمار، وأنها مؤسسة تنموية تعمل في مجال الاعمار ورسم السياسات الاقتصادية وجذب وتنسيق مساعدات المانحين، وتهدف الى تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الأجتماعية في فلسطين المحتلة، وغير ذلك من التكاذب، وهل هي نتاجات ثقافات الأنجزة مثلاً؟.
في علم صناعة الأزمات وعلم التفاوض(والأخذ والعطى)وتقديم التنازلات، فانّه من الممكن أن ينجح تصعيد أي أزمة في بعض الأحيان، عندما تكون قدرتك على تحمل التبعات أكبر من منافسك وعندّها فقط، تضغط عليه لتقديم التنازلات التي لا يقدر عليها في وضع آخر. لكن وفي علم صناعة الأزمات أيضاً، فانّ الأزمات بحد ذاتها لا تسير دوماً في خطوط مستقيمة، فقد يكون خصمك أكثر صلابة منك وصرامة ولديه في جعبته حيلاً غير متوقعة، وسيقود سوء تقديرك هذا الى الأضرار بك من حيث لا تدري، وعندما يقترف خصمك سوء تقدير مماثل فسوف يخسر كلاكما. وضمن هذا السياق العام قادت العولمة بصورها المختلفة، الى صعوبة في فهم العلاقات الثنائية بين الدول، والشخصيات الأعتبارية الأخرى، لا بل بين الأفراد، أو حتّى التنبؤ بمساراتها المتعددة والمختلفة والمتباينة بين الدول ومنظومات عملها كذلك، والسؤال هنا: هل سوء التقدير المتبادل على طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية مثلاً، هو أحد الأخطاء الأكثر خطورة في السياسة الخارجية لكلا العاصمتين؟ وعليه: تأسيساً، على معطيات وثوابت الجغرافيا السياسية- الإقليمية ومحركاتها في المسألة السورية، وكواليس ونتائج المؤامرة على مدار ثمان سنوات وأكثر، لا عناق روسي أمريكي تخشاه سورية، ولا ثمة عناق سوري أمريكي تخشاه موسكو، والصفقة الحقيقية هي في جلوس اليانكي الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد، وكمتابع وأزعم أني مطّلع، ألحظ ثمة معلومات تتحدث على طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية في المخفي والممحي منها، للتأسيس للقمة السورية الأمريكية، رغم الضغط الأمريكي على دمشق سياسياً، وأنّ واشنطن قد تعترف وبشكل سافر بسيادة اسرائيل على الجولان السوري المحتل، مقابل اصرار ابقاء دمشق على الوجود الأيراني في سورية وعلى حدود الكيان الصهيوني، يعني بقاء ايران في سورية مقابل الجولان المحتل، ونتاج كل ذلك بالعبارة الروسية التالية: الى التنسيق مع دمشق در لضمان مصالح الجميع في المنطقة. أينما تحركت وحقّقت الدولة السورية عبر ماكينة جيشها انتصارات على أي جبهة، ثارت نظرية المؤامرة، بأنّها هذه الأنتصارات نتاج التفاهمات الروسية الأمريكية وحتماً الكيان الصهيوني في منتصف هذه التفاهمات، وأصحاب هذه المؤامرة ألد أعداء نظرية المؤامرة الحقيقية والتي تستهدف الأمة والجميع بالجميع، شاهدنا كيف هؤلاء رموز استدخال الهزيمة، الذين يعانون من تشوه عقلي واسهال فكري، سارعوا الى تجيير الأنتصار الأخير في الجنوب السوري، والوصول الى معبر نصيب وتحريره وتأمين طريق دمشق عمّان الدولي، ثم فتح المعبر بالأتجاهين، وقبله من انتصارات بدأت في حلب والغوطة الشرقية وغيرها، الى التفاهمات أولاً ثم التخلي الأمريكي ثانيةً، وكأنّ هذا الثور الأمريكي في عقيدتهم الملوثة قدر لا رادّ لقضائه، هؤلاء رموز الطابور السادس الثقافي الذين يستدخلون الهزيمة بين ثنايانا، وما أكثرهم في الدواخل العربية وفي الداخل الأردني بشكل خاص والداخل الفلسطيني وبعنوان: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، ولنقبل بما هو معروض. ولنا في هزيمة العدوان على اليمن في الحديدة خير مثال، وما زال مستمر، ليفشل اتفاق ستوكهولم، وهزيمته مستمرة كل يوم، حيث أرجعها الأماراتي والسعودي لمؤامرة أمريكية حوثية، والعدوان على اليمن الطيب الفقير من ألفه الى يائه أمريكي صهيوني اماراتي سعودي بامتياز، والبعض من العرب المنبطحين والزاحفين على شفاههم نحو سيدهم في البيت الأبيض، لا تستطيع عقولهم احتمال أنّ هناك من هو قادر على تمريغ الأنف والوجه الأمريكي في الوحل،  فيعيدون ويسبّبون أنّ الأمر والحال لعدم الرغبة الأمريكية في الأنتصار(بعض العرب مأساة وكارثة علينا وخردة بشرية في مستودعات الأمم الأخرى)، وهنا نحن بحاجة الى هندسة استراتيجيات “الشطف” الفكري بعد التلوث الدماغي الذي نثره ونشره اعلام عرب روتانا الكاميكازيين، ومعهم الطابور السادس الثقافي العربي، وقاد الى العطب السياسي في العقول، لكي تستطيع العقول المدفونة تحت هذا الركام الأسود استيعابه. فسيطرة الحكومة السورية عبر الجيش العربي السوري على حوران، يؤشّر الى أنّ الحرب اتخذت منحى جديداً، فانكشاف هذه المنطقة لا يعني فقط انتصاراً عسكرياً، بل أيضاً معادلة سياسية على مستوى الشرق الأوسط ومن ورائه جلّ العالم. نعم مؤامرة الحرب على سورية وفي سورية بدأت على الأطراف وستنتهي على الأطراف وقطبتها كانت وما زالت في القنيطرة، النتن ياهو رئيس وزراء الكيان زار كثيراً  موسكو لبحث ذلك وتوسيط روسيا لدى الرئيس الأسد بأن لا يقدم على محطة القنيطرة، وأن يلتزم بقواعد فك الأشتباك لعام 1974 م والتي انتهكها الكيان الصهيوني نفسه وليست دمشق،  ومحطة القنيطرة والسيطرة على المحرر منها، مع الجولان العربي السوري المحتل، احدى فصول تحرير الجنوب السوري من الأرهاب المعولم، استعادة نصيب وتحرير الجنوب السوري فصل هام ورئيس في هذا الأتجاه، حيث الجزء الشرقي من درعا تحرر بشكل كامل والعمل جار على الباقي، ولم يبقى الا جيوب هنا وهناك ليس الاً، ودرعا بريفها ومجالها الحيوي الى حضن الدولة الوطنية السورية، حيث لدرعا بعد رمزي في تحريرها وبعد جغرافي لجهة الأردن والكيان الصهيوني، ولا احلالات ديمغرافية كما روّج ويروّج اعلام المحور الخصم المأزوم، وعلى الأردن ان ينهج نهجاً واقعياً مع انجازات الميدان السوري، وبعض جيوب الأرهاب ان عادت ترتيب أوراقها في سورية، فهو ترتيب تكتيكي وليس استراتيجي، ونحن في قطرنا الأردني دفعنا وندفع ثمن رهاناتنا السياسية الخاطئة كلبنان وتركيا، حيث الأخيرة، صارت جزء من التفاهمات الروسية أكثر منها من الأمريكية حول المسألة السورية، كما يدفع الكيان الصهيوني ثمن رهاناته الخاطئة، وصارت كوادره تشك باستمراره كوجود سياسي ضمن جغرافية فلسطين التاريخية المحتلة. نحن على حافة انفجار اقتصادي واجتماعي ولاحقاً أمني، إن بقينا نمارس إستراتيجية الطبخ الرديء، ان لجهة الداخل وان لجهة الخارج الأقليمي، وخاصة السوري، بعد تحرير جلّ الجنوب السوري من الأرهاب المعولم والمدخل والمصنّع، وعودة درعا الى حضن الدولة الوطنية السورية وتمفصلات الجغرافيا السورية وديكتاتوريتها، والأخيرة يقيناً لا تمزح، وكذلك الحال في مسار التخلص من ذات الأرهاب في العراق، حيث نلحظ تقدمات عميقة للجيش العراقي على بقايا داعش وباقي جوقة الأرهاب في الجغرافيا العراقية، وفي الحال الفلسطيني المتفاقم، ثمة مفاوضات تقريب بعضها سريّة تجري بين الفلسطينيين والأسرائليين في أكثر من ساحة غربية وساحة عربية، وبعضها علنية، تحت بند مؤسسات مجتمع مدني هي في الأصل مموّلة وخلقت من أجل ذلك، لغايات عودة الفلسطيني الى طاولة المفاوضات في سياقات ما تسمى بالخطّة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط – صفقة أو صفعة القرن، وان لجهة الدولي بمعادلاته الجديدة، وصعودات للروسي والصيني والهندي وجلّ دول البريكس في كافة المجالات، وانتصارات ثابتة لمحور المقاومة ازاء مفاصل المحور الخصم حتّى اللحظة. وإذا كان علم فن إدارة الأزمات، من العلوم التطبيقية حديثة النشأة والتطبيق، فانّ علم ما يسمى بالإنذار المبكر، من ذات العلوم الاستقرائية والبحثية حديثة النشأة، والاشتباك بتفاعل أيضاً، انّه علم الفن وفن العلم، ضمن الاستقرائيات لأي تداعيات أي حدث كان، وهو ليس أداة تجرح كما في علم الاستخبار، انّه علم يركز بعمق على بؤرة الحدث أي حدث كان، إن بفعل البشر وان بفعل الطبيعة، ويسعى إلى التعرف والتمحيص في مكونات تلك البؤرة، وعمل أدائها السلوكي ومفاعيله وتفاعلاته، ثم التقاط موجات وإشارات البث المنبعثة والمنطلقة، من نقطة المركز، ومحاولات معرفة وقراءة وفك شفرات هذه الموجات والإشارات، ليصار إلى الوصول لمعرفة وسبر غور طبيعة وشكل السيناريو القادم، حيث يعد الأخير مجرد احتمال، وان كان الأخير في السياسة ليس يقيناً كما هو معروف للجميع، لكن جل المسألة في علم الإنذار المبكر، يتيح ويسمح وضع الاستعدادات والترتيبات اللازمة، لعمليات احتواء المخاطر وتعزيز الفرص. وتعد أجهزة الاستخبار والمخابرات المختلفة، من أكثر المؤسسات في المجتمعات المكونة للشق الديمغرافي للدول، استخداما لهذا النوع من العلم والمعرفة، وان كان أول من استخدم هذا المعرفة وعلى الفطرة في التاريخ البشري،(معرفة الاستخبار والرصد والإنذار المبكر)، هو أحد ابني آدم عندما قام برصد تحركات شقيقه لقتله. صحيح واقع وصواب، أنّ السياسة تعني فن الممكن، لكنها الآن ونحن نعيش في الألفية الثالثة للميلاد والعرب والمسلمين ما زالوا يقفون لا أقول على أعتاب القرن الحادي والعشرين بل على مشارف الأعتاب، تعني  بالمعنى الأدق هي فن إعادة إنتاج الضرورة بمفهومها الشامل، ضرورة أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وحتّى الثقافية الفكرية، بعبارة أخرى السياسة هي منتج أمني وسياسيي واقتصادي واجتماعي وثقافي فكري ولم تعد فقط فن الممكن. والرهان في علم الرياضيات المعاصرة أيّاً كان هو مجرد احتمال فقط، والاحتمال في علم السياسة سواءً كانت سياسة النخب أو السياسة “الشعبوية” هو ليس يقيناً، وحتّى السذّج في المجتمعات والذين تمطى رقابهم كالعوام، وعبر جلّ الوقائع الميدانية كمؤشرات، صاروا يعرفون أنّ ما يجري في سورية والعراق ولبنان وليبيا وفلسطين المحتلة، وصولاً الى أسيا الوسطى وأوكرانيا، وفي جلّ منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى وفي بحر الصين الجنوبي هو في الحقيقة، عملية أخرى من العمليات السرية الأستخباراتية الدموية القذرة بأدوات أكثر قذارة، المدعومة أمريكيا وبريطانيّاً وفرنسياً وإسرائيلياً، بالتحالف مع البعض العربي المتخاذل والمرتهن في محاولة الأطاحة بالسلطة في سورية قلب الشرق وعقله وقد فشلوا فشلاً ذريعاً، نظراً لحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي بحكم الواقع إمبراطورية الشر العالمية، بلبوس ديمقراطي ليبرالي إنساني بشعار الحاكمية الرشيدة، مع كل ما تملك من قوّة، بنى تحتية ونفوذ، هل من الصعب عليها أن تقوم بتصنيع”ثورة” مثلا في أي بلد، وسورية أنموذجاً، وأخشى ما أخشاه أن تبدأ في قطرنا الأردني، وعبر ما تسمى بصفقة القرن، والتي تعني شطب النظام السايسي الحالي لصالح نظام سياسي بديل، وبرأس جديد، وديمغرافيا متعددة وجغرافيا جديدة كذلك، لقاء رشى المال والأستثمار، والذي هو في الأساس غسيل أموال قذرة؟ وللعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي شهوه عميقة شبقه لاحتياطي الطاقة عصب الصناعة الغربية، وهي ذات الشهوة التي يشتهيها خصومها من الطرف الآخر، والصراع على شهوه شبقه للاحتياطي الإستراتيجي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط، قد يشعل حرباً عالمية ضروس وعميقة وقد تنهي العالم، وقد يقود الى مروحة واسعة من التسويات المؤقتة، تتغير فيها الحدود السياسية لبعض الدول والساحات، ان كانت قويّة، وان كانت ضعيفة!. مشتركات الفكرة لدى الجميع، تتموضع في أنّ المحور الصهيو أمريكي البعض العربي، حاول وعلى مدار ثمان سنوات إلى الدفع بقوّة إزاء تفكيك سورية وجعلها دولة فاشلة وبعدها العراق وفشلوا جميعاً، وبعدهما لتفكيك لبنان، والعمل جار على تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار الفلسطيني، كل ذلك لشل إيران، وإثارة الفوضى في الأردن عبر اللعب على الحبل الديمغرافي لجهة المكونات الأردنية المختلفة بما فيها النظام نفسه، وبعد ذلك وفقاً للرؤية الأمريكية الصهيونية، ستكون المحطة قبل الأخيرة الفدرالية الروسية، استعداداً للتفرغ للصين، والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الخاصرة الضعيفة للفدرالية الروسية، وهذا ما تدركه النواة الصلبة والدولة العميقة في روسيّا الفدرالية ومحركها وضابط إيقاعها الرئيس فلادمير بوتين وجهاز استخباراته النشط ذو المجال الجيوبولتيكي  الأممي الواسع والذي يعيد إنتاج مفاصل أدواره الأستراتيحية القادمة. ومن هنا مرةً ثانيةً وثالثةً ورابعةً، نقول: إنّ من يسيطر على سوريا(قلب الشرق)يسيطر على الممر الإستراتيجي لجلّ الشرق الأوسط، وبالتالي يتحكم ويسيطر على كلّ أوراسيا العظمى وأسيا الوسطى، حيث الصراع في سوريا وعلى سوريا، هو صراع على الشرق وما بعد الشرق كلّه وقلبه سوريا بنسقها السياسي وموردها البشري، والفدرالية الروسية وبكين بجانب طهران وجلّ دول البريكس تدرك ذلك جيداً. إنّ لمفاعيل وتفاعلات الحدث السوري خاصةً وبعد تحرير جلّ الجنوب السوري من الأرهابيين المعولمين السفلة كزومبيات، إن لجهة العرضي منه، وان لجهة الرأسي منه، تداعيات عديدة عابرة ليس فقط لدول الجوار الإقليمي، بل للقارات التي تشكل المعمورة ككل. باعتقادي وظني وتقديري، أنّ الأثر الأممي(العدوى كنتيجة)للحدث السوري، سيقود في نهاية المطاف، إلى إعادة تشكل وتشكيل جل المشهد الدولي من جديد، والى عالم متعدد الأقطاب والنهج، في حين وبعد أن أخذت عدوى الحدث السوري، طابع إقليمي وعابر للحدود السياسية المصطنعة، ولحدود جغرافيا الطبيعة والتاريخ أيضاً، في تماثل محطاته وتساوقه، لجهة الماضي وعبر حاضرها، ومستقبلها، ونستولوجياها، فانّ الأمر كلّه بحاجة إلى عمليات استقرائية شاملة وناجعة وناجزة، توفر لصانع القرار السياسي والأمني، في ساحات دول الجوار الإقليمي السوري، لجهة الضعيفة منها ولجهة القويّة على حد سواء، توفير قاعدة بيانات ومعلومات في غاية الدقة والضرورة، من أجل أن تحسن التصرف والتعامل، مع جلّ المشهد الحديث. لنتائج الميدان السوري على رتم زمجرة انجازات الجيش العربي السوري وبعد استعادة معبر نصيب مع القطر الأردني، وقريباً دخول الجيش السوري الى القنيطرة عقابيل إقليمية، عرضية ورأسية وضغوط متعددة، والتساؤلات التي تفرض نفسها بقوّة، عندّ إعمال العقل في المنجز في الحدث السوري عسكرياً وسياسياً نتساءل التالي: ما هي مدايات ومساحات، قدرة ساحات دول الجوار الإقليمي السوري، من تركيا وبغداد، إلى عمّان وبيروت وحتّى إيران، في احتجاز وصد ضغوط هذه العقابيل الإقليمية، لذات ميكانيزميات الحدث السوري؟ ما أثر تلك العقابيل على إيران ذاتها، الدولة الإقليمية الجارة، بالرغم ما جرى على خطوط علاقات طهران واشنطن من تطورات؟ وهل ما جرى على خطوط واشنطن طهران بعد الأنسحاب الأمريكي الأحادي من الأتفاق النووي، حدث سياسي أم استراتيجي حتّى اللحظة، حيث الفرق بينهما شاسع وعميق؟ وما أثر ذلك على طهران والتي تدخل في حالة صراع لا تنافس مع تركيا سيصار الى تظهير ذلك في معركة ادلب كفصل أخير من فكرة الحرب على سورية؟ والى أي مدى تستطيع الدولة العبرية(الكيان الصهيوني)احتجاز وصد، ضغوط ما يجري في المنطقة عن نفسها بعد ظهور بوادر ومؤشرات انتفاضة فلسطينية تتراكم استعداداً لأنفجار قادم اسمها هذه المرّة: انتفاضة السلاح الأبيض والدهس الجديدة والطائرات الورقية والتي قد تحمل قنابل دقيقة لاحقاً وتستخدم في الضفة الغربية المحتلة، والمستهدفون عتاة قطعان المستوطنون، والأدوات السكاكين والسيّارت، فماذا لو كتب عليها العبارة التالية: كيف ترى قيادتي لطائرتي الورقية أو سيارتي، عبّر عن رأيك بلا حدود ؟!. انتفاضة ستفشل ما يحاك للقضية الفلسطينية من تصفيات عبر ما يجري سرّاً وعلناً، تارةً عبر ندوات لمراكز بحث ومؤسسات مجتمع مدني لعودة الفلسطيني الى طاولة المفاوضات لتنفيذ صفقة القرن، وتارةً سرّاً، وتارةً أخرى علناً وبكل صفاقة سياسية بل ووقاحة. بلا أدنى شك أنّ القوام الجيو– سياسي السوري، يمارس ويتفاعل بقوّة على مجمل، مكونات الخارطة الجيو – سياسية الشرق الأوسطية، وكما تشير معطيات التاريخ والجغرافيا، إلى أنّ تأثير العامل السوري، كعامل إقليمي حيوي في هذه المنطقة، تتطابق آليات عمله وتأثيره، مع مفهوم العامل الجغرافي الحتمي، والذي تحدث عنه جميع خبراء علم الجيويولتيك، وعلم الجغرافيا الإستراتيجية، وعلم الجغرافيا الإقليمية، وحتّى علم الجغرافيا المناخية، حيث تؤكد معطيات العلم الأخير، بأنّ الطبيعة المناخية لدول الجوار الإقليمي السوري، لن تستطيع مطلقاً الإفلات من تأثيرات العامل المناخي الدمشقي ان سلباً وان ايجاباً، فهل استعدت عمّان والكيان الصهيوني ولبنان والعراق وتركيا لذلك جيداً؟ هل سيعمّق الاخر الغربي وبعض العربي المتوهبن، الفكر المتطرف كنهج في اسالته واشاعة وتسهيل وجوده في الأردن بمساعده غربية صهيونية، مع ميزة التحصين ضد أي فعل مضاد له من قبل الدولة الأردنية، كما عمّق وجوده في لبنان وتركيا وسورية والعراق وليبيا؟. وبناءً وتأسيساً، على معطيات وثوابت الجغرافيا السياسية- الإقليمية ومحركاتها، فانّ استمرار ما يجري في سورية بالمعنى العرضي والرأسي من انجازات ايجابية مع بقاءات للغربي وللأرهاب في بعض الجيوب المتقيحة، سوف تكون مخرجاته بالمزيد تلو المزيد من عمليات التعبئة السلبية الفاعلة، إن لجهة لبنان، وان لجهة الأردن، وان لجهة العراق، وان لجهة ليبيا، وان لجهة أنقرة نفسها لاحقاً، أضف إلى ذلك الشمال الفلسطيني المحتل – الدولة العبرية حتّى اللحظة. فعندما قدّمت عمّان – الرسمية بعد هبّة رمضان العام الماضي بعض التنازلات، وذهبت حكومة الملقي وجاءت أخرى برئاسة الدكتور الرزّاز، هدأت فعاليات الاحتجاجات الشعبوية الأقتصادية والسياسية الأردنية، بعد أن اتسعت مساحاتها الجغرافية، بالرغم من بقاء مسبباتها، وما زالت الاحتجاجات مستمرة وتتفاقم وصار لها طابع أسبوعي وحدثي بجانب حراك المتعطلين، و التي قادها الشارع نفسه ببساطة، ولكن وبفعل استمرار فعاليات ومفاعيل الحدث السوري، إن لجهة احتوائه بشكل جديّ هذه المرة عبر البوط العسكري ويقود ذلك الى مسارات سياسية قادمة في جنيفات قادمة في حال انعقادها، فانّ المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي وعبر ذراعه الخفي البلدربيرغ، والأخير ملتقى المتنورين ورجال الأعمال والسياسة والأعلام والاقتصاد والاجتماع، من المسيحيين الصهاينة واليهود الصهاينة والعرب الصهاينة والمسلمين الصهاينة، سوف ينشرون الفوضى الخلاّقة في دول الجوار السوري التي أدخلت ودخل الإرهاب رغماً عنها في مفصل زمني محدد، بمورده البشري وسلاحه إلى الداخل السوري، لتنفيذ أجندات ورؤى جنين الحكومة الأممية( البلدربيرغ)وفي المنطقة بالمجمل(خطة السلام الأمريكية التي تلبس لبوس صفقة القرن). ولا يختلف اثنان عاقلان وبعد كان ما كان من نتائج وتداعيات حتّى اللحظة، وعبر الحدث السوري، وما نتج عنه من خسائر جمّة لجهة الشق الديمغرافي، الإنسان السوري ومقدرات الدولة السورية المختلفة وإضعافها، ليصار إلى الاحتفاظ بخصم إقليمي واهن وضعيف(من زاوية الطرف الخارجي الثالث المتدخل في الحدث السوري)على أنّ العنف والعنف المضاد في سورية والذي تمّ صيرورته كحياة إرهابية بتعبيراتها المختلفة، قد تم الإعداد له مسبقا من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية والأمريكية، ومجتمع المخابرات الصهيوني وأدواته في الداخل الغربي والأمريكي، وبعض دواخل بعض الساحات العربية – المشيخات الطارئة، والتي لديها الاستعداد للقبول بتنفيذ مثل هكذا رؤى سياسية دموية، لعقد نفسية عديدة لموردها البشري المتحكم والحاكم وما يترافق مع مركبات نقص متعددة له. وكلّ ذلك قبل انطلاق فعاليات ومفاعيل ما سمّي بالربيع العربي جدلاً، والذي قد يكون فاجأ(المطابخ)الضيقة والمحصورة جداً، بأشخاص محددين في تلك الأجهزة والمشكّلة بطريقة عنقودية عنكبوتية، في تشكيل الفرق التفكيرية الخاصة بتلك الهياكل الأستخبارية. هذا وقد ظهر وبان جليّاً زيف “التطلعات الديمقراطية وحقوق الإنسان”في مواجهة الذبح بدم بارد مأفون، وإسالة حمّامات من الدم الطائفي الأثني العرقي هناك، والتي كانت نتاجات تفكير تلك “المطابخ” الموجّهه. كما أن الموجات المتزايدة للنازحين السوريين إلى هذه الدول يجلب معه تحديات أمنية واجتماعية بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية أيضاً – الأردن مثالاً، فأثر اللجوء العربي على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والديمغرافي في الأردن كبير وخطير ومفهوم(ساهمنا كأردن في صناعة وهندسة فكرة اللجوء السوري في الداخل الأردني في مفصل ومسار زمني بدايات الحدث الدمشقي، وفي عهد حكومة فايز الطراونة الثانية، واستمر الأمر حتّى حكومة الرزّاز وما زال، وأخر الفعل مؤتمر بروكسيل الذي استبعدت منه الحكومة السورية، ومؤتمر بروكسيل الأخير والذي قرر التزام ما يسمى بالمجتمع الدولي بسبعة مليارات من الدولارات لسورية، يعني توطين النازحين اللاجئين السوريين في أماكن لجوئهم وسكناهم، ومنع عودتهم الى الداخل السوري لكي تستمر الحرب على سورية وكمسمار جحى، وأفلام الآكشن الأمريكية، المؤتمر الذي حضره وتفاعل معه وزير خارجيتنا الأردني بطريقة رومانسية للغاية بنفس السريالية)، وصحيح أنّ المحور الصهيو – أمريكي سوف يدفّع الأردن ثمناً غالياً ان تعاون مع دمشق، ولكن ان لم يتعاون مع دمشق سيكون الثمن الذي سيدفعه الأردن غالياً وغالياً وغالياً وغالياً، لذلك ثمة ضرورة استراتيجية جلوس الحكومتين السورية والأردنية على طاولة واحدة للبحث في هذا الموضوع أكثر من ضروري كونه مصيري، وخاصة بعد استعادة معبر نصيب الذي هو مصلحة أردنية سورية مشتركة، وعدم الجلوس مع الحكومة السورية بمثابة انتحار أردني صرف، فهل تحط طائرة الملك عبد الله الثاني في مطار دمشق وتحت عنوان مكافحة الإرهاب وحل مشكلة اللجوء السوري في الأردن، في ملاذات آمنة في الداخل السوري وبإشراف الأمم المتحدة؟ إن فعل صاحب الجلاله ذلك، سيخلط الأوراق في المنطقة لتداعيات الزيارة، وستدفع ديون الأردن كاملة من النادي الخليجي وغيره، وسيتحرر الأردن من أعباء ثقيلة بالمعنى الاقتصادي والدبلوماسي والأمني، وانّ التزامنا كنسق سياسي، بالسياسات الأمريكية العرجاء وخاصةً في عهد ترامب، وبالإستراتيجيات الفوضوية المتوحشة، قد يكون الثمن وجود النظام الأردني نفسه لصالح: لا نقول وطن بديل بل نظام بديل بديمغرافيا ممزوجة. إنّ الصورة التي كان من المقرر أن يرسمها الشعب السوري لبلدهم تحت عنوان الحرية والكرامة، تحولت اليوم إلى صورة مليئة بالدم والفوضى، وأجزاء كبيرة منها تنقل العدوى بالتدريج إلى دول الجوار. وقد تحول القلق من التحولات الدموية الجارية في سورية، إلى تحديات كبيرة بالنسبة للمسؤولين العرب في دول الجوار، وهم يتابعون أخر التطورات وعمليات الكر والفر في هذه المنطقة المنكوبة من العالم، وإذا لم نقل: قد أضحى هذا القلق أكثر من قلق الرئيس المنتصر بجيشه وشعبه بشار الأسد فإنه يساويه. إنّ الجغرافيا السورية، لها ديكتاتوريتها الخاصة، دون أدنى تدخلات للأنسقة السياسية التي حكمتها، أو حتّى الحضارات التي تكالبت عليها، لذلك أبت وتأبى جغرافيا سوريا، بأنّها عصية على التجاوز والتخطي، فهي فالقة استراتيجية صدعيّة. في المشهد الدولي وكما قلنا في البداية، لعقابيل الحدث السوري أثار ونتائج واثارات، تقود إلى عالم متعدد الأقطاب، كون تلك العقابيل تتخطّى حدود الشرق الأوسط والشرق الأدنى، ولأنّ روسيا والصين تدركان ذلك جيداً، قادهم ذلك إلى عمليات عرقلة  وإعاقة، لاندفاعات زخم الاستهداف الأمريكي الأوروبي بعض العربي، فهل يفتح الممحي من العلاقات الروسيّة الأمريكية، والتي تشير الى التأسيس لقمّة أمريكية سورية في الأفق – قمة يحتاجها ترامب أكثر من الأسد – تشي بتشغيل وفتح مروحة التسويات السياسية في المنطقة لتحدد شكل العالم من جديد؟ والأيام بيننا.
هاتف –
منزل عمان : 5674111     
خلوي: 0795615721 
سما الروسان في 17 – 3 – 2019 م.

 

قد يعجبك ايضا