لانعرف مصادر الصور التي تنتشر على الفيسبوك ولكن وجودها يدل احيانا على مزاج ما .. في مصر منذ سنوات ظهر اعجاب شعبي وتقدير وتعاطف مع ماسمي بالثورة السورية ونقمة على الدولة السورية وقيادتها .. لكن تراجع هذا الاعجاب كثيرا وقل جدا مستوى التقدير بين المصريين عموما للثورة السورية التي تعاطفوا معها في السابق .. وهناك تنام سريع للشك في مصداقية هذه الثورة وعفتها وطهارتها .. وهناك قدر كبير من اللاثقة بكواليسها الغامضة .. وهذا ادى الى تدني مستوى الاحترام لهذه الثورة وتراوح هذا الشعور بين البرود والحيادية واللامبالاة واحيانا وصل الى الاحتقار والتخوين .. وعندما كنت اتحدث مع مصريين منذ سنوات كنت الاحظ انني اتحدث في الهواء لأن مزاج الشارع في مصر كان ان الرواية الرسمية السورية كاذبة وهي رواية الظالمين وقتلة الشعب السوري .. ولكن اليوم تمكن الانتصار السوري الناجز من احداث ثغرة كبيرة في الحجاب الذي منع الناس في مصر والبلاد العربية من رؤية الحقيقة .. وصرنا نسمع من مصريين كثيرين ومثقفين مايعكس اعجابهم الشديد بالانجاز السوري الذي فاجأهم وفاق التوقعات كلها حتى انه ارتقى الى مرتبة الاعجاز السياسي والعسكري والامني .. دولة تواجه هجوما من كل دول العالم وتخوض الحرب على مئات الجبهات وينتشر جيشها على مدى 2000 نقطة احتكاك مع عدو يريد ان يموت ويميت .. ومع هذا تنتصر ..
الا ان لعين مصر خصوصية عندما تتطلع الى سورية .. وخاصة العين العسكرية .. فرغم كل الانفصال النفسي والعسكري الذي حاول تيار السادات خلقه ضد الشريك السوري الذي يحمي أمن مصر شمالا الا ان اللاوعي المصري لم يمت .. وماتحت الشعور لايزال هو من يوجه العواطف والحس الامني الجماعي .. فالعسكريون المصريون يدرسون في الاكاديميات ان سورية هي جدار مصر الامني وسقفها الشمالي والذي يحميها وفق نظرية العمق الامني المصري الاستراتيجي .. فكل الغزوات التي جاءت الى مصر كان عليها ان تصل اليها من الشمال عبر سورية الطبيعية منذ زمن الهكسوس الى آخر معركة عام 1967 .. واي سقوط لسورية كان يتلوه سقوط لمصر .. وأي صمود لسورية كان ينعكس على مصر كما تجلى في اندحار نابوليون عن اسوار عكا وبلاد الشام مما سهل خروجه من مصر ..

وبالمقابل لم تلتق سورية ومصر في التاريخ الا وحدثت تحولات جذرية في الجغرافية السياسية للمنطقة .. هذه حقائق لايزال هناك من يريد ان يجهلها الشارع المصري .. لكن هذا قد يجعل كل الناس جاهلة بالحقائق الا العسكريين المصريين الذين يعلمون ان سورية هي معطف مصر .. وبقاؤها امر حيوي لمصر ..

وكم كان من الفظاعة ماحاول فعله الاخوان المسلمون بأن يؤخذ الجيش الاول لقتال الجيش الثاني زمن مرسي العياط لتهديم السقف الامني على رؤوس المصريين .. والحمد لله الذي انقذ مصر من اقذر عملية لطعن النفس في القلب عبر طعن سورية .. لأن النصل الذي يخترق الصدر السوري سيحس بها المصري تنغرز في لحمه ..

فهل تمثل هذه الصورة التي انتشرت على النت هذا الشعور الذي عكسته رسالة المودة من الجيش الاول الى شريكه في الدم الجيش الثاني؟ لايزال علينا الكثير لتصحيح التاريخ والجغرافيا والمفاهيم .. ولايزال علينا عمل الكثير لتغيير زمن انور السادات الذي لايزال يحكم سياسة مصر من القبر الذي دفن فيه .. ولكن ضرورة الحياة ستقضي على سياسات القبور والمدافن .. ومصر لاشك تحب الحياة وستنهض .. وربما لن يوقظها الا العسكر الذين لايزالون يعلمون كم الجيش الأول مهم للجيش الثاني .. خاصة بعد الاعجاز العسكري الذي حققه الجيش الاول رغما عن أنف العالم ..