الموت يغيب اكبر حافظ للذاكرة السياسية في بلدة مليح المرحوم الشيخ زعل الغويين / سالم قبيلات

نتيجة بحث الصور عن سالم قبيلات الكاتب سالم قبيلات

سالم قبيلات ( الأردن ) الأحد 24/2/2019 م …




بعد حياة حافلة بالعطاء وذاكرة مليئة بالتأريخ السياسي ودعت بلدة مليح في لواء ذيبان وقبيلة بني حميدة يوم السبت إلى مثواه الأخير اكبر معمر باللواء الشيخ المرحوم زعل الغويين أبو عقاب عن عمر ناهز 115 عاما، حيث ووري جثمانه الطاهر في جبانة بلدة مليح وسط جموع المشيعيين من أصدقاء الفقيد وأبناء محافظة مادبا

ولد الحاج زعل الغويين أبو عقاب سنة 1904 في قضاء مليح. وكانت صحته الجسدية والعقلية قوية على الرغم من بلوغه المائة و ستة عشر عاماً، يتذكر الماضي بكافة تفاصيله وجميع الأحداث التي عاصرها وﻻ ينسى الإشارة إلى كل صغيرة وكبيرة. وللتأكيد على عمره، كان يروي لمستمعيه بأنه كان يبلغ من العمر 12 عاما عندما دخلت قوات الشريف حسين إلى الأردن لنجدة ثوار سورية الكبرى عام 1916.
ويعد الفقيد الراحل احد المراجع في التاريخ السياسي لقبيلة بني حميدة والمنطقة، عاصر الحكم التركي للبلاد العربية، وشهد على دور بني حميدة في الثورة على الطغيان العثماني، كان ذاكرة حقيقية تؤرخ لانتفاضات قبائل الأردن عامة وقبيلة بني حميدة خاصة على السلطنة العثمانية ومعارك  بني حميدة مع الحاميات التركية في منطقة أم الرصاص، ويتذكر الكثير عن ثورة بني حميدة الأولى على الأتراك في عام 1889، ودور عشائر بني حميدة في هية الكرك في عام 1910، والتي سقط فيها أعدادا كبيرة من الشهداء خلال اقتحام قلعة الكرك للإفراج عن المعتقلين من أحرار الكرك .
كان المعمر الغويين الذي ولد في العام 1904بمثابة ذاكرة حية لقبيلة بني حميدة التي قدمت إلى الديار الأردنية قبل إلف عام من وادي السياح بالحجاز، واستوطنت في منطقة الطفيلة، واتخذت من بلدة صنفحة حاضرة لها وأسست فيها أول مدرسة في الأردن في القرن السابع عشر.

كان رحمه الله دائم التذكير بالماضي الجميل للأردنيين ويؤكد لهم على متانة العلاقات الاجتماعية مستشهدا بان بيتا واحدا كان يجمع الكل و يتشارك جميع أفراد العشيرة مع بعضهم البعض بالمواد الأساسية مثل ( السكر ، الطحين ، القهوة ، الخبز ) ويتسامرون كل مساء في بيت واحد يجمع كل الأقارب والجيران.

ويروي احد المقربين منه واحدة من قصص الشهامة التي اتصف بها الراحل، ففي مساء احد ألليالي عندما كان المرحوم يتجول في حقول بلدة الصبيحي في عام 1971، التجأ إليه مجموعة من الشبان طالبا للمساعدة وكانوا هاربين من نار الفتنة الداخلية، على الفور أدخلهم إلى مكان امن وقدم لهم الطعام والشراب والأمان طيلة أيام عديدة، بالرغم من سوء الحال لديه، واستمر في التستر عليهم إلى إن هدأت النفوس في البلاد، فسمح لهم بالمغادرة دون أن يسال أين منهم عن اسمه أو إن يعلم أي من جيرانه أو معارفه عن وجودهم.

الحاج زعل في حياته كان يكرم كل محتاج يقف باب بيته إلى أن غادر الدنيا و شارك الجميع بأفراحهم و أتراحهم ، ويحتفظ بتراث غني من القصص والحكايات الحقيقية، غادر الدنيا وهو يحتفظ بالكثير من الأحاديث و المعلومات و القصص التاريخية الرائعة التي مازالت مغيبة وغير منشورة أو متداولة من فصول التاريخ الحقيقي للأردن.

جدير بالذكر أن الإبن الأكبر للمرحوم هو الناشط السياسي عقاب الغويين ، أحد الوجوه البارزة للحركة الوطنية الأردنية.

المرحوم الحاج زعل في شبابه

قد يعجبك ايضا