وقف تمويل الإرهاب … سهولة في القرار وتراخ في التنفيذ / هيثم العايدي




هيثم العايدي ( الثلاثاء ) 5/2/2019 م …

مع الجدية الماثلة في الرغبة الفرنسية في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب بحيث يستهدف خصوصا الحوالات المالية وجمع التبرعات فإن هذا القرار ومع سهولة إصداره كونه مطلبا عالميا إلا أن التراخي سيكون مصاحبا للتنفيذ طالما لا يوجد هناك إرادة حقيقية لذلك حيث تبدأ هذه الإرادة من عدم غض الطرف عن أي كيان أو مؤسسة داعمة للإرهاب مهما كانت اللافتة التي تضعها كعنوان لها.
فقد أعلن السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر أنه سيقدم في الأسابيع المقبلة مشروع قرار بخصوص مكافحة تمويل الإرهاب كما قال إنه “ما زالت هناك تحديات كبيرة تجب مواجهتها”.
فمن أبرز هذه التحديات التي تواجه تمويل الإرهاب هو أن هذا التمويل يكون عبر منظومة ذاتية من داخل الجماعات الإرهابية يساعدها فيها كيانات اقتصادية تعمل على إنشاء مشاريع استثمارية قانونية قد تكون على هيئة مصارف أو مؤسسات استثمارية في التحويلات النقدية، وتكون هياكلها المالية بمعزل عن الدول التي تنشط فيها وتحت مسميات أخرى بعيدة عن الشبهة.
ومن خلال هذه المشاريع يتم تغطية عمليات مصرفية تشمل تحويلات مالية وغسيل أموال عوائد أنشطة هذه الجماعات مثل تجارة المخدرات والسلاح الآثار والتهريب والاتجار بالبشر حيث يكون وظيفة هذه الكيانات تصعيب عملية تتبع الحركات المالية للجماعات الإرهابية.
كذلك هناك مسار آخر لتمويل الإرهاب يتمثل في إنشاء مؤسسات بعناوين خيرية تتلقى التبرعات من قبل الحكومات والمؤسسات والشركات والأفراد لتصب هذه التبرعات في تمويل أنشطة الجماعات الإرهابية سواء نقدا أو عبر شراء الأسلحة هذا بالإضافة على الدعم المباشر من بعض الحكومات التي تسعى لاستغلال النشاط الإرهابي لتحقيق أغراض سياسية.
وباتت أساليب ومسارات التمويل باتت معروفة كما أن رصد الكيانات المالية التي تدعم الإرهاب له أهمية كبرى ليس في تقليل حجم الموارد للتنظيمات الإرهابية فقط بل أيضا منع العمليات الإرهابية قبل حدوثها.
ومن ضمن مسوغات القرار التي تعتزم فرنسا تقديمه لمجلس الأمن يرى المدعي العام الفرنسي أن “المعلومات المالية تسمح برصد الآثار والمؤشرات التي يتركها الإرهابيون عند الإعداد لأعمالهم الإجرامية”، مشيرا إلى أن ذلك يساعد في “كشف بعض الأفراد والإعداد اللوجستي للانتقال إلى الفعل الإرهابي”.
ويتابع المدعي العام الفرنسي بالقول “قد يتعلق الأمر بتقديم طلب للحصول على قرض استهلاكي أو شراء بطاقات طائرة لدولة مجاورة لمنطقة الإرهاب”، مؤكدا أن “الاستخبارات المالية يمكن أن تسمح بوقف مشاريع السفر إلى تلك المناطق”.
ودليلا على ذلك تعرف القضاء الفرنسي منذ أربع سنوات على 400 شخص يجمعون تبرعات في دول مجاورة لسوريا والعراق كما أن هناك وسطاء ماليين يعملون مع تنظيمات داعش والقاعدة ويتسلمون حوالات مالية من نحو مئة بلد في العالم لتنقل بعد ذلك إلى الإرهابيين.
وعبر توقيف مرسلي الحوالات والتحقيق معهم، حصل المحققون على اعتراف بوجود حوالي عشرة فرنسيين من رجال ونساء، في منطقة القتال، لم يكن قد تم رصدهم من قبل.
وكشفت هذه التحقيقات أن هذا النوع من التمويل استخدم أيضا عند عودة إرهابيين إلى دولهم الأصلية.
وعلى الرغم من كل هذه المعطيات فإن أي قرار من هذا النوع وإن شهد جدية في استصداره إلا ان تنفيذه سيصاحبه تراخ منبعه أولئك الرافعون شعارات حقوق الإنسان والذين يحصرونها في الدفاع عن الإرهابيين وداعميهم والمروجين لفكرهم وتكبيل أيدي من يواجهونهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ[email protected]

قد يعجبك ايضا