دبلوماسيّة مافيويّة أمريكيّة تفاوض الأرهاب(طالبان) في قطر! … ما علاقة التفاوض مع طالبان واتفاقية الصواريخ النووية مع روسيّا؟ … وما هي التداعيات والعقابيل والتوظيفات على الصين وموسكو ؟ / المحامي محمد احمد الروسان

المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية…




المحادثات والمفاوضات مع حركة طالبان تجري و تتزامن مع تعليق واشنطن لأتفاقية الصواريخ النووية مع موسكو التي وقعها ريغان وغورباتشوف عام 1987 م لمدة ستة أشهر لاعادة كتابتها من جديد، في تزامن غير بريء ويثير الشكوك، ولكنه واضح جداً لغايات العبث أيضاً في الصين وروسيّا من أفغانستان عبر طالبان وغيرها، حيث واشنطن تعتبر بكين عدواً نووياً، بشهادة مجتمع المخابرات الأمريكية والدولة العميقة هناك(البلدربيرغ)وتعمل على استدراجها لدفعها، للتوقيع على اتفاقية جديدة مشتركة أمريكية روسية صينية، والأمريكي هو من اخترق المعاهدة  ونشر صواريخه في أوروبا والبحار والمحيطات وفي بولندا ورومانيا بالقرب من الحدود مع روسيّا، والقرار متخذ مسبقاً وتم تفعيله الآن بعد الأنتصار السوري، وبشكل متزامن مع المحادثات مع طالبان في الدوحة، لدفع روسيا الى باب من سباق تسلح مرهق للأقتصاد الروسي.

فهل صار الأنسحاب الأمريكي من المعاهدات الدولية استراتيجية أمريكية جديدة؟ واشنطن انسحبت من الأتفاق النووي مع ايران بالرغم من صدوره كقرار من مجلس الأمن الدولي، وها هي تعلق مشاركتها باتفاقية الصورايخ النووية مع موسكو بحجة مزعومة وغير حقيقية أنّ روسيا خرقتها، وهذا من شأنه أن يعرّض الأمن والسلم الدوليين الى خطر ماحق، والى حالة من عدم الأستقرار في العلاقات الدولية. التعليق الأمريكي لمشاركة واشنطن في اتفاقية الصواريخ النووية المتوسطة والقصيرة المدي، مؤشر عميق على عمق رأسي وعرضي للصراع الأمريكي الروسي، والذي هو أصعب وأكبر من وقت الصراع أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي آنذاك، وتعتقد أمريكا أنّ الأتفاقية لم تعد تناسبها، بسبب الصعود الصيني والروسي المشترك والمتفاقم، فانسحبت لمنع تفوقهما عليها، ولعرقلة وفرملة اندفاعة النظام الدولي المتعدد الأقطاب، حيث الهيمنة الأمريكية تتصدّع في العالم، وواشنطن تعيد صياغة استراتيجياتها للدفاع عن هيمنتها المتصدّعة بسبب عبثها في دماء الجغرافيا والديمغرافيا السورية على مدار ثماني من السنوات، وجاءت أيضاً الأزمة في فنزويلا ورغبة واشنطن في فرض شرعية خوان غوايدو بالقوّة العسكرية، تمهيداً لأعادة هيكلة دول أمريكا اللاتينية، بما يتفق ومصالحها ولمواجهة النفوذ الروسي والصيني والأيراني وحزب الله هناك، لتعكس أيضاً عمق الصراع الأمريكي الروسي الأممي، والذي هو نتاج العبث بالفالقة السورية الأستراتيجية ذات طبقات التصدّع الزلزالي، بحيث اذا تحركت طبقة تحركت الأخرى امّا ارتفاعاً أو هبوطاً. تؤكد تقارير الاستخبارات الدولية والإقليمية، المعنية بشؤون الساحة الأفغانية وشبه القارة الهندية، أنّ كل المعلومات والمعطيات الجارية هذا الأوان، تشي أنّ المفاوضات والمحادثات الأميركية والناتويّة سواءّ التي جرت في جزء منها في الأمارات وهي ليست مهمة(فقط ارضاء تكتيكي لها في صراعها مع الدوحة)، والجزء الأهم في قطر الان، ان لجهة السريّة أو العلنية مع حركة طالبان بحضور المبعوث الأمريكي زلمان خليل زادة، تجري بثبات على قدم وساق، وبتفاعلات غريبة عجيبة توحي، بأنّ شيئاً في الأفق يلوح باستمرار، ويعاني من حالات مخاض ليس عسيراً، لجهة التوصل إلى اتفاق قد ينهي، حالة الصراع المسلح الجاري حالياً في أفغانستان المحتلة، خاصةً وبعد قرار الرئيس ترامب في الأيعاز لمؤسسة البنتاغون الأمريكي، ومفاصل مؤسسات الأستخبارات والمخابرات البدء في تخفيض عدد وعديد القوّات الأمريكية هناك الى النصف، تمهيداً لا أقول لسحبها بل اعادة انتشارها وتموضعها(كون الأمريكي لن يترك الأفغانستان هكذا للروسي والأيراني)في ظل قرار الكونغرس الأمريكي الأخير في تأجيل البدء في ذلك بما فيه الساحة السورية أيضاً، حيث العدد في أفانستان يبلغ خمسة عشر ألف جندي، وبعد تصفية بن لادن في عهد ادارة الرئيس باراك أوباما، وفقاً لسيناريو تصفيته المعلن أمريكيّاً. والولايات المتحدة الأمريكية الان، وبناء على نصيحة وخطة التفاوض مع حركة طالبان من مؤسسة راند الأمريكية الفكرية خاصةً، صارت تعتبر جلّ منحنيات وتفاصيل وكوادر وقادة مجتمع حركة طالبان جزء رئيس من النسيج الأفغاني، بعد أن شنت عليها حرباً أممية بلا هوادة، بعد أحداث أيلول 2001 م واعتبرتها ارهابية يجب مسحها من الوجود، وقبل ذلك دعمتها وعملت على خلقها وتخليقها بمساعدة الوهابية السعودية لمواجهة الوجود الروسي في كابول، حيث الهدف كلّه يكمن في مسارات خطوط الغاز والنفط القادمة من بحر قزوين وأسيا الوسطى بكل ما تعنيه لعنة الغاز والطاقة من معنى، كما كانت وما زالت سبب من أسباب التآمر على سوريانا وشعبها الآرامي العظيم.

طالبان لم تهزم وتسيطر الآن على أكثر من 45% من المقاطعات الأفغانية، وثمة تراجعات من سيطرة حكومة كابول على الباقي من الكل الأفغاني، والقاعدة ما زالت موجودة هناك، بالرغم من مرور أكثر من سبعة عشر عاماً من الأحتلال الأمريكي للساحة الأفغانية والعبث في شبه القارة الهنديّة، وها هي واشنطن دي سي تفاوض الأرهاب في الدوحة، وتمارس دبلوماسيات مافويّة عبر الوكيل القطري، تؤسس لحوارات مع منظومات ارهابية كحركة طالبان، للوصول الى اتفاق الضرورة معها(تم التوصل لمسودة اتفاق يخضع للنقاش والحوار، ومن يقرأ تفاصيله بين سطوره، سيلحظ مدى التنازل الأمريكي للحركة وأنّه جاء لصالح رؤية طالبان في أفغانستان، والتي تتقاطع الى حد كبير جداً مع الأستراتيجي لواشنطن في شبه القارة الهنديّة)، وبعد رفض طالبان التفاوض مع الحكومة الأفغانية، بالرغم من حالة ضعف طالبان نتيجة قتالها القوّات الأمريكية وقوّات الناتو وغيرهما لسنوات ووقوع ضحايا لها. والتفاوض مع طالبان يعني أنّها لم تعد ارهابية بالمطلق ولا كوادرها كذلك وأتباعها، وطالبان لن تعود الى سيرتها الأولى، جوهر امارتها الأسلامية السابقة، وتوظيفاتها للدين الأسلامي، وفي نفس الوقت لا تقبل بحكومة كابول، وتريد حل وسط، وان صارت تقترب كثيراً من مفهوم التعاطي مع الغرب، وفقاً لنماذجه المعروفة للعامة قبل الخاصة من النخب والمجتمعات المخملية في السياسة والأقتصاد، والتوظيف والتوليف وفقاً للمصالح المشتركة. أمريكا ما زالت تبحث عن حلفاء استراتيجيين في الموضوع الأفغاني وعينها دائماً على الباكستان، وفي الموضوع السوري وعينها على تركيا، وفي الموضوع الأيراني وعينها على السعودي وباقي مصفوفة عرب روتانا، وما تنتجه من ما تسمى بالحركات الجهادية السنيّة، والتي تخشاها ايران. كما تؤكد معلومات التقارير الأنفة، أنّ خلفية المفاوضات والمحادثات الأميركية والأطلسية السريّة الحالية، مع حركة طالبان لجهة المباشرة منها، وان لجهة غير المباشرة منها، عبر أطراف أخرى، يعتقد أنّها إسلامية وعربية، خلفيتها كانت محادثات سريّة، جرت عبر وكلاء لحركة طالبان بنسختيها – الأفغانية – والباكستانية، من تلك الأطراف، من داخل التنظيم الدولي للأخوان المسلمين من جهة، وأطراف من المخابرات الأميركية والأوروبية والحليفة لهما من جهة أخرى، جرت في أكثر من مكان وأكثر من مرة في أوروبا، وتحت عناوين حلقات نقاش إستراتيجية، تبحث الشأن الدولي وشؤون الشرق الأوسط والشأن الأفغاني، وتعرّج على مسألة حوار الأديان وتلاقح الثقافات، والبحث في القيم والموروثات والقواسم المشتركة. فما يجري الآن من مفاوضات ومحادثات سريّة في الجزء الأكبر، وعلنية في الجزء الأصغر، من جهة الولايات المتحدة وحلف الأطلسي مع حركة طالبان بنسختيها، ليس جديداً حديثاً كما أشرنا آنفاً، وهو استمرار لمحادثات سريّة سابقة، جرت في أكثر من مكان في القارة الأوروبية، وأكثر من مرة قبل أكثر من عقد من الزمان، بما فيها العام الماضي، وستكون محطتها الشبه الحاسمة كما هو متوقع هذا العام 2019م، كما تسهب المعلومات بالحديث. وكان للحركة الإسلامية – العربية بنسختها الدولية، كل الدور لجهة التأثير في التوصل إلى مرحلة التفاهمات السياسية والأمنية والعسكرية، مع حركة طالبان وأخواتها ونسخها المختلفة، حيث الأخيرة تثق بتلك الأطراف العربية – الإسلامية، وهي مقرّبة من زعيمها الراحل الملا محمد عمر، وكان لها أدوار عملية في إسناده وحركته، وقت القتال(الجهاد) الأفغاني، وقت التواجد السوفياتي في كابول. تتحدث المعلومات والمعطيات الجارية، قيام الولايات المتحدة الأمريكية بالعمل، على إجراء المزيد من المفاوضات والمحادثات السريّة، مع حركة طالبان الأفغانية، والتي من شأنها أن تؤسس لجولات مماثلة مع حركة طالبان الباكستانية، وفي ذات السياق وضمن هذا النسق الدولي المخابراتي  تقول المعلومة الأمنية: أنّ جهاز الاستخبارات السعودي، وبعض المنظمات الوهابية فيها، وفي جل مشيخات الخليج وخاصة قطر، وبالتنسيق مع بعض كوادر التنظيم الدولي لحركة الأخوان المسلمين، سعت وتسعى ومنذ سنوات، إلى رعاية محادثات واشنطن –طالبان، من أجل التوصل إلى صفقة أمريكية – طالبانية – سعودية – باكستانية، بخطوط سياسية، ذات تموضعات في التركيز على الفكرة التالية:- أن تذهب طالبان إلى إقامة دولة، على غرار النموذج السعودي – الخليجي، ضمن سياق نظام إسلامي – سلفي، يعتمد مبدأ التعاون مع واشنطن – والغرب الأوروبي، متساوقاً بذلك مع النسخ الموجودة، في شبه الجزيرة العربية، وعلى أن لا تقوم الدولة الأفغانية السلفية الطالبانية( الصفقة)إلى التعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كذلك عدم التعاون مع الصين والفدرالية الروسية، وأن تقوم تلك الدولة السلفية الطالبانية( الصفقة)، بعقد اتفاقيات مع واشنطن، تستضيف من خلالها القواعد العسكرية الأمريكية، مع منح المزيد من المزايا للقوّات الأمريكية، وعلى هذه الدولة  السلفية الطالبانية(الصفقة)، بذل مزيد من جهود التعاون النوعي والكمي مع واشنطن، لجهة مشاريع تصعيد التوترات الداخلية إزاء الصين، وخاصة في إقليم(سينكيانج)الغربي الصيني، عبر دعم لا بل دعومات، لحركة الأيغور الإسلامية الصينية، وعلى أن تقوم هذه الدولة السلفية الطالبانية(الصفقة)، في إخماد فعاليات ومفاعيل حركة طالبان الباكستانية، وبقية الحركات الإسلامية الباكستانية الأخرى، ليتيح كل ذلك إلى استقرار الباكستان. ومن الجدير ذكره أنّ إدارة باراك أوباما الأولى الرئيس السابق، قد قطعت أشواطا كبيرة ومتقدمة، في المحادثات والمفاوضات السريّة والعلنية مع حركة طالبان الأفغانية، ويستكملها الرئيس ترامب الان، والتي جاءت على خلفية المحادثات السرية السابقة ومنذ سنوات، حتّى أنّ الكونغرس الأمريكي، قد يعد العدّة لماراثونات نقاش موضوع لاحقاً، اعادة انتشار وتموضعات، لا انسحاب القوّات الأمريكية من أفغانستان المحتلة، لكي يصل إلى جداول زمنية محددة لهذا التموضع بنكهة الانسحاب. فبعد اغتيال أسامة بن لادن زعيم القاعدة، وموت الملا محمد عمر، ثمة كوادر من حركة طالبان بعضها معروف والأكثر غير معروف، صارت تشكل عنصر أساسي للولايات المتحدة الأمريكية، في المحادثات والمفاوضات السريّة، مع حركة طالبان الأفغانية، للتوصل إلى تسويات سياسية في أفغانستان، حتّى أنّ الممثل الأمريكي لأفغانستان وباكستان، تحدث عن مهمات أخرى له، تتمحور حول البحث مع الرصد لأي معلومات، تقود إلى القضاء على العناصر المتطرفة من الحركة والتي ترفض التفاوض، وذلك يشي بوضوح أنّ واشنطن ومخابراتها، لا يريدون التخلص من العناصر والكوادر المتطرفة، وتضيف المعلومات الأستخبارية، أنّ جهاز المخابرات الألماني – الفرع الخارجي، ساعد ضباط من المخابرات الأمريكية، ومعهم بعض من قادة وكوادر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بالاتصال مع بعض قادة حركة طالبان وخاصة نائب رئيس اللجنة السياسية في حركة طالبان، شارك بتلك المحادثات السرية، التي ساعدت عليها المخابرات الألمانية، وبمباركة شخصية من رئيس مجلس الشورى لحركة طالبان، وقد ساند هذه المعلومات الأستخبارية تصريحات غير مسبوقة، لمسؤول في الخارجية الأمريكية في حينه ووقته:(… لا ننكر ذلك وأنّ الحل السياسي، هو الكفيل الوحيد لإنهاء الحرب في أفغانستان)وكان يشير إلى لقاءات مخابراتية مع نائب رئيس اللجنة السياسية للحركة، وان كان تصريحه هذا، والذي جاء على شكل سيناريو زلّة لسان، يشير إلى سمة الأدارة الترامبية وليس الأمريكية، السمة الأركولوجية المضطربة. وتتحدث معلومات استخباراتية، أنّ الطرف العربي والإسلامي غير الرسمي، والحاصل على دفع ومباركة عربية واسلامية رسمية – كل حسب دولته وعمله بعلاقات مع الحركة الإسلامية الباكستانية بزعامة المرشد الباكستاني، وعبر جناح محدد ومعني بالموضوع، في المخابرات الباكستانية مسنوداً من قبل الاستخبارات السعودية، والمخابرات الأميركية ومخابرات الناتو، وجهاز المخابرات البريطاني الخارجي، وأجهزة مخابرات دول حليفة أخرى على الساحة الأفغانية. كما تشير ذات المعلومات الأستخباراتية الأنفة، أنّ كوادر وقادة حركة طالبان الأفغانية، ونظيرتها الباكستانية وأخواتهما، على علم بمضمون علاقات الوسيط الإسلامي الدولي والعربي مع خصومهم، ومع ذلك وفي مفارقة تثير التساؤلات المحرجة، استمروا بالتفاوض للوصول إلى الحد الأدنى، من سقوف مطالب حركة طالبان بنسختيها وأخواتهما، وبالتالي لاحتمالات التوصل إلى مخرج من مأزق الحرب الأفغانية، عبر دراسة وفحص السبل التي يمكن أن تتيح الفرصة والمجال، أمام التوصل إلى صفقة متوازنة مع حركة طالبان، تلبي المطالب الموضوعية والمعقولة للأخيرة، وإشراكها بالعملية السياسية الأفغانية، وفق توافق داخلي مع حكومة الرئيس الأفغاني، حتّى ولو تم تعديل الدستور الأفغاني الحالي المعمول به. هذا وتقول معلومات المخابرات الدولية والإقليمية، أنّه تم نقل بعض من قادة حركة طالبان بنسختيها من شمال الباكستان، إلى الداخل الباكستاني والأفغاني وبمساعدة حثيثة، من قوّات ايساف التابعة للناتو لأجراء مزيد من المفاوضات السريّة في مرحلة ما، وبمشاركة من التنظيم الدولي لحركة الأخوان المسلمين، عبر وكلائه على الساحتين الباكستانية والأفغانية، مع وجود أطراف عربية واسلامية أخرى من ذات التنظيم. ورغم النفي المتكرر من جانبي معادلة، المفاوضات والمحادثات السريّة، لجهة حدوث مثل هذه المفاوضات والمحادثات السريّة في حينه، فانّ متتاليات هندسة النفي وعدم الاعتراف أنّ ذلك جرى، مصيرها إلى(سلّة المهملات)الدولية والإقليمية، حيث كل المؤشرات تشي أنّ تلك المفاوضات والمحادثات، جرت في السابق وقبل سنوات من محادثات الدوحة الآن العلنية 2018م  –  2019 م، وأنّ هناك دور حقيقي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في ذلك، لا بل وأكّدت تقارير مجاميع مخابرات دولية، تهتم بشؤون وآليات عمل التنظيم الدولي، لحركة الأخوان المسلمين في البلاد العربية، أنّ الأخير دخل في جلسات عصف فكري سياسي، ومخابراتي حقيقي في لندن، وتحديداً في حي فوكسال كروس، وفي تيمس هاوس، حيث الأول مقر المخابرات البريطانية الخارجية، والثاني مقر المخابرات البريطانية الداخلية. ولجهة تأكيدات أنّ الآنف ذكره قد حدث، ويحدث هذا الأوان الأميركي – الأفغاني، فقد أكّد وزير الدفاع الأميركي بالوكالة تشاك، ومن قبله زميله الكلب المسعور الذي اقاله ترامب، على حقيقة حدوث المفاوضات والمحادثات السريّة، مع حركة طالبان بنسختيها وأخواتهما، كذلك الجنرال ديفيد بترايوس الرئيس الأسبق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية وقت الرئيس السابق باراك أوباما، وهوقائد سابق للقوّات الأميركية الأحتلالية في أفغانستان، حيث أكّد أنّ حلف الناتو وعبر قوات ايساف وكذلك قوّاته، ساعدت على نقل شخصيات من كبار قادة حركة طالبان بنسخها في فترات زمنية، من غير زعيمها الراحل الملا محمد عمر. ويبدو أنّ لحظة الحقيقة حانت، فها هي طائرات حلف الناتو، نقلت وتنقل ممثلين عن طالبان بنسختيها وأخواتهما، معتمرين العمائم السوداء إلى كابول والدوحة علناً، وقوّات ايساف تؤمّن لها مسار آمن، والنتيجة حسب ظني واعتقادي تكمن، في أنّ هناك عملية تشريع علنية، للقنوات المفتوحة سراً في السابق، وهذا الأوان الأميركي – الأفغاني، مع قيادات وكوادر حركة طالبان وأخواتها ونسخها المختلفة، وذلك تمهيداً لتحركات وجهود أكبر، من أجل التوصل إلى عقد صفقة متوازنة مع طالبان، تقضي إلى توفير مخرج ما وآمن للقوّات الأميركية، وقوات الناتو والحليفة لهما، للخروج من أفغانستان، حيث باتت الأخيرة مستنقعات دموية لهم – فقد أعلنت بريطانيا وتعمل سرّاً، تخفيض عدد وعديد قواتها الأحتلالية في أفغانستان. وتقول المعلومات والمعطيات الجارية المرصودة، أنّ لعبة المواجهات العسكرية على المسرح الأفغاني، لم تعد منحصرة فقط على حركة طالبان في أفغانستان، ومن معها من تنظيمات وحركات مسلحة من جهة، والقوّات الأميركية المحتلة وقوّات الناتو والقوّات الحليفة الأخرى من جهة ثانية، فهناك قوى سياسية ومسلحة متصارعة، تشكل بحد ذاتها منظومات متقدمة بالغة التعقيد، لجهة ارتباطاتها الداخلية والخارجية، ولجهة ساحات عملها الخارجية على الساحة الأممية.

منظمة كويتاشوري – طالبان قوّة حقيقية تلعب دوراً:-

هناك شبكات طالبانية أفغانية، وغير أفغانية واسعة، تنضوي تحت لواء منظمة كويتاشوري – طالبان يتزعمها خليفة زعيم حركة طالبان الراحل الملا محمد عمر، وهناك أتباع الزعيم قلب الدين حكمتيار – الحزب الأسلامي، وأتباع الزعيم جلال حقّاني، حيث الأول هو الوجه الآخر للتيار الأصولي الإسلامي المنبثق، عن جماعة الأخوان المسلمين وامتداداتها الباكستانية والأفغانية، وهي عضو في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، كما تشير الكثير من المعلومات الأستخباراتية، وخاصةً لدى ملفات المخابرات البريطانية الخارجيةMI6  في حي فوكسال كروس في لندن، وكذلك ملفات المخابرات البريطانية الداخلية MI5 في حي تيمس هاوس.

في حين أتباع الثاني(الزعيم حقّاني)يتزعمون شبكة عنكبوتية، تضم العديد من الحركات الإسلامية المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة، ويمكن وصفها – الشبكة الحقّانية – بالامتداد الطبيعي لتنظيم القاعدة، على الساحة الأفغانية والباكستانية، ولجهة الساحة الهندية أيضاً، حيث مخابرات الأخيرة – المخابرات الهندية –  تتابع امتداداتها في ساحتها، خاصةً وكما تشير معلومات المخابرات البريطانية الخارجية تحديداً، ارتباط كل من جماعة عسكر طيبة، وعسكر الجبّار، وعسكر عمر، وسلاسل أخرى من العسكر والأسماء، بشبكة أتباع الزعيم جلال الدين حقّاني. وتشير تقارير ومعلومات أخرى، أنّ الرئيس الأفغاني السابق حامد كرازاي يشكل قوّة لا يستهان بها، وذلك بسبب ارتباطاته الداخلية والخارجية كرئيس، وهو الذي يدعو باستمرار إلى فتح قنوات حوار واتصال، مع حركة طالبان وكوادرها وهو في ذات الوقت، ينتمي للقبائل الباشتونية الداعمة لحركة طالبان، والارتباط العشائري الأخير للرئيس السابق كرازاي، هو بحد ذاته يشكل خط مساعد، لفتح قنوات اتصال مع طالبان بنسختيها وأخواتهما. وهناك المخابرات الباكستانية وأجنحتها المتعددة، لجهة الداخل الباكستاني والأفغاني والخارج الباكستاني والأفغاني، ونفوذها أقوى من نفوذ المخابرات الأميركية، وشبكات المخابرات الدولية والإقليمية الأخرى، والأخيرة دخلت الساحة الأفغانية والباكستانية، عبر قنوات المخابرات الباكستانية نفسها وتحت بصرها، وللمخابرات الباكستانية دور معقد بالمعنى الرأسي والعرضي تضطلع به، فهي توفر الملاذات الآمنة للكثير من كوادر طالبان أفغانستان وطالبان باكستان، ولديها رؤية إستراتيجية محددة حيال فرض، الوضع السياسي فيما بعد الحرب على أفغانستان، وبالتنسيق مع إيران، حيث للأخيرة الدور النوعي والكمي على الساحة الأفغانية. هذا وقد أعاقت المخابرات الباكستانية، محاولات الرئيس السابق كرازاي من الاتصال والتفاهم مع بعض كوادر حركة طالبان أفغانستان، المختبئين في الأراضي الباكستانية، كون الرئيس السابق كرازاي لم ينسّق ولم يأخذ إذن الطرف الباكستاني، واعتبرت المخابرات الباكستانية ذلك، بمثابة إقصاء لدورها لجهة المفاوضات والمحادثات السريّة وحتّى العلنية في الدوحة، مع طالبان بنسخها وأخواتها، كما رأت المخابرات الباكستانية في حركة الرئيس السابق كرازاي هذه، دوراً ونفساً مخابراتياً هندياً خفياً، حيث هناك أدوار خفية للمخابرات الهندية على الساحة الأفغانية، مسنودة من المخابرات البريطانية والأميركية والإسرائيلية، حيث ترى نيودلهي في أفغانستان، جزء مهم من مجالها الحيوي في شبه القارة الهندية. ولا ننسى دور المخابرات السعودية على الساحة الأفغانية، وارتباطاتها بالساحة الباكستانية، وان كانت روابطها الداخلية، على الساحتين الأفغانية والباكستانية قد ضعفت، كونها لم تعمل على إعادة بناء شبكات روابطها من جديد، واكتفت فقط باعتمادها على علاقاتها السابقة، وقت ارتباط زعماء القتال(الجهاد)الأفغاني، مع منظومات المنظمات الوهابية السلفية، وقت الوجود السوفياتي في أفغانستان، وآخر نشاط لجهاز الاستخبارات السعودي الخارجي – كما تقول تقارير المخابرات المعنية بالشأن الأفغاني – استضافته لجلسة سرية كخطوة تأخرت كثيراً، ضمّت العديد من زعماء القبائل، وأمراء الحرب، وقيادات من الوهابيين السلفيين السعوديين، والقادة السياسيين الأفغان، من كلا طرفي النزاع، وبمشاركة واضحة من المخابرات الأميركية، والبريطانية، ومخابرات دول حليفة أخرى، في أواخر عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز أبو متعب، شقيق الملك الحالي سلمان. كما توجد هناك الإدارة الترامبية الحالية، كطرف مهم جداً على الساحة الأفغانية، فهي ترغب بالخروج من أفغانستان، بنكهة الأنسحاب عبر اعادة الأنتشار كما أسلفنا، وبالتالي يرى الحزب الجمهوري، أنّ الخروج المبكر من أفغانستان بنكهة الأنسحاب وهو في الحقيقة اعادة تموضع، سوف يعزّز شعبيته لدى الرأي العام الأميركي، حيث تدهورت بفعل الخطاب الشعبوي لترامب وسلوكه السياسي، لذلك ترمي الإدارة الترامبية لا الأمريكية من المفاوضات والمحادثات السريّة والمعلنة مع طالبان في الدوحة وغيرها الآن، إلى تأمين مسار سياسي جاذب لمقاتلي طالبان وكوادرها، من المستويات المنخفضة في هرم قيادة الحركة والتصالح مع رموزها، وقد يبدأ الانسحاب الأميركي الخدعة أيضاً، ببعض مئات من الجنود لاحقاً، وفي قادمات الأيام والأشهر من أفغانستان المحتلة، وفق الجدول الزمني الذي وضعته واشنطن لنفسها إن صدقت، وقت إعلان الرئيس الزئبقي المنفلوطي طرامب، عن إستراتيجيته لجهة كابول، للتوصل إلى اتفاق مع طالبان، وأطراف أخرى مؤثرة.

الطرف الإيراني – طرف مؤثر في الساحة الأفغانية:-

وتتحدث المعلومات والمعطيات الجارية، عن مفاعيل وتفاعلات الدور الإيراني النوعي والكمي، على الساحة الأفغانية والباكستانية، فطهران تستطيع أن تلعب دوراً كبيراً، في تسهيل عملية التفاوض والتحادث السري والعلني الأميركي – الطالباني، ليس فقط مع زعماء حركة طالبان بنسختيها الأفغانية والباكستانية وأخواتهما، بل ومع رموز تنظيم القاعدة وشبكة أتباع الزعيم جلال الدين حقّاني، وذلك عبر استخدام وتوظيف وتوليف قدرات أتباع الزعيم قلب الدين حكمتيار، حيث أتباع الأخير حلفاء طهران الرئيسيين في المسرح الأفغاني، وأتباع حكمتيار لهم علاقات وثيقة مع كافة أطراف لعبة المواجهات العسكرية، على الساحة الأفغانية والباكستانية، ولهم علاقات وثيقة مع المخابرات الباكستانية أيضاً، وشبكات مخابرات دولية أخرى تعمل في أفغانستان وباكستان، وكان لشبكة حكمتيار مسنودةً من شبكة حقاني، الدور البارز في دعم إيران، بالمزيد من المعلومات الأستخباراتية التي أتاحت ومكّنت طهران، من ملاحقة وتصفية شبكة تنظيم جماعة جند الله السنيّة البلوشستانية، وزعيمها عبد الملك ريغي من سنوات طويلة خلت. كلّ المؤشرات السياسية، والأمنية، والدبلوماسية، والإعلامية، بجانب المعلومات والمعطيات الجارية، تشي بأنّ هذا الأوان الشرق الأوسطي الساخن، وبعد الأنتصار السوري، وجلّ محور المقاومة وتمفصلاته، والردّة العربية نحو دمشق، هذا الشرق كلّه، يشهد صراعاً استخباراتياً عنيفاً وعميقاً، رأسياً وعرضياً يمارسه الجميع، وخاصة بين شبكات المخابرات والأستخبارات، التابعة والمرتبطة بمحور واشنطن – تل أبيب، والتي تستهدف بالدرجة الأولى الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحلفائها في المنطقة، والساحات السياسية العربية القويّة والضعيفة، على حد سواء من ناحية، وبين أجهزة المخابرات والاستخبارات الإيرانية المختلفة، وشبكات حلفائها المخابراتية في المنطقة والعالم. وتؤكد المعلومات المرصودة، أنّ شبكات الاستخبار الخاصة، بمحور واشنطن – تل أبيب، والتي تستهدف الجميع، وعلى رأسهم سورية وحزب الله وإيران، تنهج نهجاً مختلفاً، في خلق واستخدام العملاء والجواسيس، من خلال ما يعرف بعلم: الاستخبار، بالشبكات العنقودية، لمزيد من السريّة المطلقة، وللحفاظ على العناصر البشرية المستخدمة، التي تم تأهيلها كأدوات استخبارية ثمينة، بحيث لا يعرف أي عنصر في هذه الشبكات العنقودية، أي زميل(جاسوس)آخر له في ذات الشبكة، وتكوينها البشري الأستخباري.

وتذهب ذات المعلومات، أنّ جهاز المخابرات الإيراني، والذي يمتاز بالحس الأستخباري العالي التقني، استطاع تفكيك إحدى الشبكات العنقودية الأستخبارية، العاملة في الداخل الإيراني، والتي تملك قاعدة بيانات ومعلومات DATA، من شأنها التأثير على الأمن القومي الإيراني، وهذه الشبكة العنقودية الأنف ذكرها، تابعة لمحور الخراب في المنطقة، المحور العبري – الأمريكي، حيث تم كشف من يقف وراء اغتيال العلماء الإيرانيين المسلمين في حينه، ومن يقوم بالتفجيرات في الداخل الأيراني وآخرها في جنوب شرق ايران صباح يوم السبت 2 شباط 2019 م. كما تتحدث المعلومات، أنّ ما فعلته المخابرات الإيرانية، كان بمثابة الصدمة التي لم تستوعبها، أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، حيث تم كشف إحدى الشبكات الذهبية الأستخبارية العنقودية، العاملة في الداخل الإيراني، والتي يصعب اكتشافها، مما قوّض عمل شبكات الاستخبار الأخرى – الساكنة –  التي لم تكشف بعد، لجهة الداخل الإيراني، ولجهة الخارج الإيراني، وتحديداً دول الجوار الإيراني الإقليمي. وتشير المعلومات، أنّ المخابرات الإيرانية، وعبر عمليات استخبارية داخلية دقيقة، وخارجية تعاونية، ذات تنسيق أمني صادق وعميق مع المخابرات الروسية وجهاز الأستخبارات العسكري الروسي، ومع أجهزة المخابرات التركية \ الفرع الخارجي- رغم التنافس بين طهران وأنقرة – وجناح في جهاز مخابرات عربي إقليمي هو سوري، استطاعت كشفها – أي تلك الشبكة – وما تحوزه من معلومات وأجهزة تجسس، ذات تقنيات عالية مربوطة، بالأقمار الصناعية التجسسية والتي تزخر بها سماء إيران، والشرق الأوسط.

[email protected]

هاتف :

منزل – عمّان : 5674111  

خلوي : 0795615721  

سما الروسان في 3 – 2 – 2019 م.

قد يعجبك ايضا