قرار الباقورة والغمر بين الخطأ والصواب ؟! / عبدالحفيظ ابو قاعود

عبدالحفيظ ابو قاعود* ( الأردن ) الإثنين 14/1/2019 م …

*رئيس تحرير ” الأردن العربي ” …




مراجعة نصوص وادي عربة وملاحقها رسميا وشعبيا بعد ربع قرن من توقيعها ؛ ضرورة وطنية للخروج من “الوظيفة الاقليمية ” للنسق من قبل خبراء قانونيين وساسة من مختلف المشارب القكرية والوان الطيف السياسي للخرروج بتوصيات حولها والاطلاع على مدى التزام الطرف الاخر بنصوصها،وتعاظم النفوذ الاسرائيلي في البلاد بعد العمل بها . فالسيادة  الاردنية على منطقتي الباقورة والغمر بموجب الاتفاقية وملحقيهما غير كاملة ومنقوصة ،لاسباب غير معروفة ومبررة . لكن حين اقر الاتفاق وادي عربة/ 2 في البرلمان في العام 1994، واستكمال مراحله الدستورية ؛ يبدو ان المؤيدين و المعارضين لم يقرأوا ويتفحصوا نصوص الاتفاق بعمق .

ان ” مرجعية النسق ”  اتفقت مع قيادة “الاخوان” على معارضة الاتفاق بالشكل وليس بالمضمون ، ولم تسع الحركة الى اسقاطة باستقالة كتلة جبهة العمل الاسلامي ” الذراع السياسي”  ل “الاخوان ”  من عضوية مجلس النواب لجر عرب الاردن الى اسقاط وادي عربة عبر تحريك التيار الاسلامي والقوي الوطنية والقومية الى الشارع.

” الاخوان ” قادوا “التيار الاسلامي” في البلاد في حقبة  التحالف الاستراتيجي مع النسق ضد القوى الوطنية القومية واليسارية على مدى نصف قرن من العام 1958 – 2007،بعد الحكم على القيادي محمد ابو فارس وعلى ابو السكر بالحبس ،والاستيلاء على ادارة جمعية العمل لاسلامي ” الذراع الاقتصادي للاخوان ” الخزان المالي ” لتمويل مشاريعها ،حيث بدأ العمل على تحجيمهم ،وتفتيتهم الى ثلاث مجموعات متنازعة فيما بينها، وافل نجمهم بالاتشطار في الشارع السياسي , لكن الملك الراحل حسين بن طلال استطاع من خلالهم تمرير الاتفاق بسلاسة بالاتفاق مع متزعمي الاخوان دون معارضة شعبية في الشارع ، لان  قيادة ” التيار الاسلامي ”  اكتفت بالمعارضة الصوتية ” لغم” في البرلمان دون تجيش الشارع ضدة ، وهو المطلوب من الخارج لاقرار اتفاق دولي مما يؤكد مهمة “الاخوان”  في اداء الدور والمهمة .حيث مثل ” الاخوان”  دور حصان طروادة  في تمرير وادي عربة /2 ،وقبلت قيادتهم  بهذا “الدور والمهمة” ، لانهم في اطار التحالف مع النسق اصبحوا دويلة داخل النسق لمواجهة القوى الوطنية والقومية واليسارية ،وبعد القيام بالدور بتمرير “الوادي” ؛ انتهى الدور وحان الاستبدال بالاخر .

والمستغرب ان نواب كتلة جبهة العمل الاسلامي قاطعوا الجلسة التي القى فيها الرئيس الامريكي بيل كلنتون كلمتة امام البرلمان ولم يقاطعوا جلسة اقرار وادي عربة ،الامر ،الذي يعكس غياب البعد الاستراتيجي لتوجهات متزعمي “الاخوان ” حول اتفاق يعترف بيهودية الدولة العبرية في فلسطين المحتلة ، كما لم نر اي موقف سلبي من حركة  “حماس” الذراع العسكري ل “الاخوان ” تجاة وادي عربة ، لسبب انها ابرمت اتفاقا امنيا وسياسيا مع حكومة الشريف زيد بن شاكر في العام 1992.

لقد ارتضى ” الاخوان ” القيام بهذا الدور والمهمة ” حصان طروادة  ” ، لتمرير” وادي عربة” ،ومهمات اخرى منها ؛ وأد الحياة الحزبية والسياسية منذ العام 1958، لمواجهة القوى الوطنية والقومية واليسارية بالتكفير والتهميش  .

والغريب ، انه لم يقم نواب كتلة حزب جبهة العمل الاسلامي في حينه في تنوير الجماهير بعامة والتيار الاسلامي بخاصة عن مخاطر ملحقي الباقورة والغمر في انتقاص السيادة الاردنية عليهما، لكن  قادة الاخوان لجأت الى الشارع بعد ربع قرن لاثارة موضوع الباقورة والغمر الى السطح  للضغط  على النسق باخطار الاخر بعدم تجديد تأجيرهما ، حيث لم يكن من الحكمة بمكان!!!.

 وهل اخطأ حكومه الملك في قرارهما حول انهاء العمل بمحلقي الباقورة والغمر!!!،و لم يتجة يتجها والحراك الجماهيري الى اعادة النظر في  اتفاق وادي عربة برمته وعرضه على الاستفاء الشعبي، لان المادتين ؛ الثامنة والتاسعة من وادي عربة ؛ تحتاجان الى ملحقين لادارة وضبط عملية الولاية الاردنية على المقدسات الاسلامية في القدس المحتلة لانهاء انتهاكات المستوطنين للحرم القدسي الشريف ومعالجة عملية التوطين ل ” الاجئين!!!، ولم يجر الاردن الرسمي والشعبي  جردة حساب للارباح والخسائر لانهاء العمل بمحلقي الباقورة والغمر، وما قدرة  الاردن الرسمي والشعبي على حوض معركة السيادة الكاملة عليهما مع إسرائيل !!!، فالحكومة مطالبة بدراسة الملف بعمق وتسأل نفسها ، لماذا وافق الملك الراحل على هذين  الملحقين ؟!!! .

خوض معركة استعادة السيادة علي الباقورة والغمر ،يكون  بتأليف  فريق تفاوض قوي ووازن من الخبراء مع الاخر،وعدم الاكتفاء بالاعلان عن انهاء العمل بالملحقين،حيث تكمن اهمية هاتين المنطقتين لاسرائيل ، مقابل اهمية ” الولاية المنقوصة “ للاردن على الاماكن الاسلامية في مدينة  القدس المحتلة للاردن.

لقد تلاشت في حقبة وادي عربة الطبقة الوسطى واتسعت فئات الفقر وزادت نسبة البطالة بين الرعية وارتفعت نسب التضخم وبقيت الاجور على حالها ، وتعالت الاصوات في الميادين لاصلاح النهج السياسي والاقتصادي والمطالبة بتغيره، وساد الامني على السياسي ، بحيث اختلت  معادلة التوازن الاقتصادي بفرض ضريبة القيمة المضافة ” المبيعات ” بنسب عالية ، التي ادخلت الرعية في الافقار والافساد والتوجه نحو الافلاس والانهيار ، وخصخصت الاصول الانتاجية وازداد النفوذ الاسرائيلي في مؤسسات النسق السيادية .

الخلاصة والاستنتاجات ؛

لقد اصبحت البلاد على الحافة الكبرى ، وتجار السياسة تتعالى صدى اصواتهم في منابر صالونات عمان للحديث عن اصلاح مزعوم ، والاصلاح يبدأ بهم انفسهم ، لانهم مسئؤولون عن احداث “الحافة الكبرى ” التي عنوانها العريض ؛ الفساد والافساد واغتصاب المال العام ، والفقر والقمع الناعم.

–   الباقورة والغمر ليست بالاهمية بمكان من الولاية المنقوصة على الاماكن الاسلامية المقدسة في القدس الشريف والخليل المحتلة ، مما يوجب اعادة النظر بكافة بنود وادي عربة واخضاعها الى الاستفتاء الشعبي ،لان الظروف الموضوعية مواتية لالغائها او تعديلها على اقل تقدير .

–   يتوجب على الحكومة ان تكون على درجة من الحكمة والشجاعة ، وان تضع الملك بمخاطر توجهه بشأن الغاء ملحقي الباقورة والغمر ، لان الغاء  وادي عربة برمتها اقل خطورة من الغاء العمل بهما ، فالحكومات اصبحت اصغر وهياكل لا روح فيها ،تلبي توجهات سياسية غير رشيدة ، حينما حدثت مذبحة قبية زار الملك الراحل قطعات عسكرية في الواجهة الامامية من الجبهة الغربية وكان حماسة الجند عالية الى حد مطالبة الملك  بالهجوم على العدو فأستجاب الملك لرغباتهم غير المدروسة ،وامر بالهجوم المعاكس ، لكن فطنة رئيس الوزراء انذاك الذي كان برفقته، حيث  نبهه الى مخاطر هذا التوجه الملكي، واسدل الستار على الامر .

–   ان الدروس والعبر  المستفادة من مآل اليه ؛الزعيم الفرنسي الراحل شارل ديغول مؤسس الجمهورية الخامسة عندما منع بيع طائرات الفانتوم لاسرائيل بعد عدوان 1967 ، ماذا واجه في العام  1968 ، بانتفاضة طلابية وعمالية ادت الى استقالته من الحكم في العام 1969، واين نحن من ديغول منقذ فرنسا من الاحتلال الالماني وتأسيس حكومة المنفى ، والجمهورية الخامسة؟!!! .

–   الاسباب الموضوعية والعوامل المساعدة التي حدت بالقبول بقرار الرباط 1974، اواعلان فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية المحتلة 1988، اللذين مهدا لاوسلو ووادي عربة 1994 ؛ اصبحت غير متوافرة في هذه المرحلة التاريخية ، مما يوجب الغاء وادي عربة برمتها وليس الغاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من خلال عرضها على الاستفتاء الشعبي .

–   الحراك الجماهيري من حقه المطالبة باستكمال السيادة على الغمر والباقورة ، مع تأييدنا له ،لكنه لم يطور المطالبة بالغاء الاصل بالاستفتاء على وادي عربة برمتها ,لان حقبتها ادخلت البلاد في الافقار والافساد والقمع الناعم.

–   اجراء مراجعة شاملة لوادي عربة من حيث الارباح والخسائر ، ضرورة وطنية لابد منها ،لانقاد البلاد والعباد من تداعياتها واثارها السلبية ،للخروج من حالة العقم السياسي والاحتقان الداخلي ،وتصدع الجبهة الداخلية والسلم الاهلي ،والخروج من الوظيفة الاقليمية والاحلاف الاقليمية المشبوهة .

–   التفاوض بين الاطراف المتنازعة ؛ علم وفن وله رجالاته ، لاننا لم نعرف خلفيات وضع ملحقي الباقورة والغمر بهذا الشكل والمضمون ،يتوجب اجادة هذا العلم والفن من قبل المفاوضين المحليين لاستكمال السيادة الوطنية علي الاراضي منقوصة السيادة .

–   القادة  العمالقة ، هم ؛ الاستراتيجيون في الحكم والمبادرة ويقدرون الزمان والمكان لاتخاذ القرار المناسب ،فقرار الحكومة بوقف العمل بملحقي الباقورة والغمر من وجهة نظرنا خطأ وليس في اللحظة التاريخية وقرارسياسي غير رشيد ،وكان استجابة لمطالب الحراك الشعبي المتنامية .

–   لقد كان قادة التيار الاسلامي والقومي والوطني حينما اقر هذين الملحقين ووادي عربة برمتها ومخاطرها في غفلة من الامر قبل ربع قرن!!!،لقد ارتكب قادة التيار الاسلامي خطيئة كبرى في التصويت السلبي على وادي عربة وعدم الاستقالة من مجلس النواب باللجؤ الى الشارع لمناهضة” الوادي” ،لكنهم ارتضوا بان يكونوا ” حصان طروادة ” بالقبول بالقيام بالدور والمهمة عن علم ودراية وليس عن قصد  لعدم ادراكهم مآلات الامور في النهاية.

–   طرح قرار الرباط 1974،واعلان وتعليمات فك الارتباط القانوني والاداري مع الضفة الغربية المحتلة 1988، واتفاق “وادي عربة” 1994 ، للاستفتاء الشعبي  لتحرير “الوديعة ” من المغتصب سواء بالتفاوض او الحرب ؛ امر  لامفر منه بعد سراب ما اطلق عليه حل الدولتين . لان “الضفة الغربية” وديعة عند ” الهاشمين ” الى حين تحرير فلسطين المحتلة ، الامر الذي يوجب اعادة الوديعة لاصحابها ، لكن اصرار ” قيادة فتح” على قرار الرباط 1974؛جعلت من الضفة الغربية المحتلة ؛ اراض متنازع عليها مع الاحتلال بموجب اوسلو، الذي اعترف بيهودية الدولة العبرية مقابل ادارة مدنية ذااتية مؤقتة  تتحول الى دائمة في الاتفاق النهائي “صفقة القرن” .

*  صحافي ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا