سيُقهر الفساد ويُهزم، ويبقى الأردن وطناً بهيا شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا! / ديانا فاخوري

ديانا فاخوري ( الأردن ) الثلاثاء 8/1/2019 م …




 سيُقهر الفساد ويُهزم، ويبقى الأردن وطناً بهيا – بانتظام ولايته الدستورية، ومأسسة الدولة، وتحصين القانون – شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا!

من نافل القول ان “الويلات المحتدة الأميركية”، امريكا زعيمة الدول المارقة (CRS) تعمل على ضبط النظام العالمي بتوسل ادواتها كمنظمة التجارة الدولية (WTO) والبنك الدولي (WB)، وصندوف النقد الدولي (IMF)، وغيرها من المؤسسات والاتفاقات التي حولت التجارة الحرة والخصخصة لدين اقتصادي كوني  .. ولعل هذا ان يفسر شكوى الاردن وما به من داء يتجسد ارتهانا سياسيا للراسمالية المالية العالمية وآلياتها الامر الذي يؤدي بالضرورة لاغراقه بالعوز والفقر وحرمانه او تجريده من الموارد واعاقة التنمية الوطنية فالحيلولة دون بناء المجتمع المنتج لتتوالى الأزمات وتتزاحم، فيستسلم الشعب ويرحب بالسيناريوهات التي تخدم العدو في المحور الصهيواعروبيكي .. وهكذا ُتستهدف الجبهة الاردنية الداخلية لتنوء تحت عبء النفط (الرأسمال المالي) من ناحية، وسهام الصهيونية (خدمةً للامبريالية) من الناحية الاخرى فتغدو قابلةً او ُمعدةً للانفجار.
اما الحرب العالمية التي تدور رحاها في المنطقة العربية بالسلاح والتكفير والإرهاب والاستبداد فتستدعي التفكير الجدي سيما وان الأنظمة والنخب السياسية والاقتصادية والعشائرية والنقابية والعسكرية هم الأقدر على استخدام ذلك مضحين بالشعوب والمجتمعات العربية .. وهنا لابد من التحليل العلمي للانفتاح والطبقات وأساليب الإنتاج ووسائل الإنتاج .. تحليل القيمة، وفائض القيمة، والحد الأدنى للأجور، والربح المتحقق بقوة العمل، والطبيعة المسيطرة للرأسمال المالي؛ انها وسائل تقنين القتل وتحويل البشر الى أدوات للنظام السياسي المالي!
وما الربح والريع والفائدة الا مسَميات مختلفة لأمر واحد. فالربح الرأسمالي ان هو الا ريع يتم اقتطاعه من غير جهد او عمل، والفساد من أسمائه الحركية .. اما في الأردن فلم يكن الفساد يوما مجرد ظاهرة، بل هو نهج حكم ما فتئ يتوسع ويتعمق عموديا في الصف الاول على نحو دسم ومغطى ومحمي حيث يكون الاستثمار كلمة السر فيوزع المال نفسه حسبما يعتقد أنه يحقق ربحاً أكبر، أو ريعاً أكثر، أو فائدة أعلى. ونظرا لافتقارالأردن لموارد أساسية كالنفط او الغاز تصب في تغذية الخزينه وتسديد عجز الموازنة، تلجأ الدولة لثلاثية الديون، وبيع ما تيسر من المقدرات الوطنية، والضرائب على المواطنين .. هنا مرتع الفساد ومصنع السماسرة – منظومة مقننة بيدها وسائل الانتاج وأساليبه وأدواته، والاستيراد والتصدير وآلياته! الفساد في الأردن  يتجاوز الأفراد والقضايا الأخلاقية والمثاليات .. انه جزء لا يتجزأ من النسق السياسي المفروض في محاولة  لحصار الأردن و حشره في دور وظيفي خدمة لمشروع المحور الصهيواعروبيكي متوسلين الضغوط الاقتصادية لدفع الدولة الى الحائط فالانهيار لتعود على مقاسهم منحنية ومنكسرة!

وها هم، كما بينت في اكثر من مناسبة، يسترسلون بخدعة منطق “ما بعد الأيديولوجيا – زمن العلم والإنسانية” .. ها هم يتشبثون بالمنطق الميكانيكي الليبرالي الذي يركز على الأفراد بوصفهم “أقل او اكثر شرا” وكأن المشكلة تكمن في قادة “أخيار او أشرار” .. انه ذات المنطق الرومانسي الداعي الی المحبة والتسامح والزهد والتفاهم والسلام بين بني البشر (الفلسطينيين و الصهاينة مثلا) بمجرد توسل الحوار والانفتاح علی الاخر وتغيير العقلية .. انه يلاقي المنطق القبائلي العشائري العائلي الأبوي ذاته – المنطق الذي يكرس ويعمق النزعة الفردية والنفعية بتلقين ثقافي مبرمج يربط الهوية الوطنية والانتماء السياسي بالشخص لا بالوطن، بالحاكم لا بالدستور او المؤسسة!

ليس منا من يغتر بهذا المنطق، و”اللبيب اللبيب” – بالاذن من المعري – يدرك ان الامر “للدولة العميقة” او “الدولة الخفية” بمجمع مؤسساتها داخل الأجهزة الادارية والعسكرية والأمنية واﻻعلامية شاء من شاء، وأبى من ابى .. ونشر من نشر، وخنق من خنق، وأذاب من أذاب سواء بني الفعل للمجهول او للمعلوم! وهنا لا يفوتنا التذكير ان “اللبيب اللبيب” يرفض تحويل “مملكة العرب” (الحلم – حلم الشريف حسين ونخبة من القوميين العرب ضمن مسار ازالة الاحتلال العثماني في مطلع القرن الماضي) الي “محمية عائلية” تدفع “الجزية (للطرنيب) عن يد وهم صاغرون”!

كما يدرك “اللبيب اللبيب” ان التبعيّة ليست قدرًا، وأن الثورةَ ضرورةٌ وحتميّة – ربما برايات صفراء لا مجرد سترات صفر او زرق او اي من ألوان قوس القزح – رغم جدران الفصل ومسرحيات الانفاق والنفاق ودروع الشمال وتهريج أدرعي والقواعد والقاعدة وداعش والنصرة وأخواتهم والمشتقات والملاحق الأخرى .. نعم خسئوا فالأردن اكبر من الدور المرسوم، وهو قادر، قيادة وشعبا، على احباط “القدر المرسوم” وسيبقى وقف الله، أرض العزم .. وطنا بهيا بانتظام ولايته الدستورية ومأسسة الدولة وتحصين القانون، شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا! ولن تقوى قوى “الزندقة” او “الصهينة” و”الصندقة” بخشنها وناعمها على تحويل الاردن من وطن الى جغرافيا والاردنيين من مواطنين الى سكان .. تعالى الله والأردن العربي .. ولتسقط “صفقة القرن” بقرونها!

نادوا بالويل والثُّبور.. هدّدوا بالشرِّ والهلاك .. بالمصائب الشَّديدة والنَّوائب الكبيرة .. أنذروا بعظائم الأمور! لن نساوم، لن نوقع، لن نصالح .. والى اخر نبض في عروقكم يا اهل المحور الصهيواعروبيكي، يميناً، سنقاوم! ومرة اخرى، بالإذن من المعري .. “غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي” نواحكم وبكاؤكم .. ولا ترنمكم بالتطبيع او شدوكم بصفقة القرن!

نعم أكرر ما قلته في مقالات و منشورات سابقة: لن تفلح محاولات المحور “الصهيواعروبيكي” اليائسة البائسة كما ينفذها وكلاء الداخل – بدفع الأردنيين لتلقي “صفعة القرن” صاغرين .. فكما على ثرى الأردن كذلك في السماء، و لن تحتمل السماء “صفقة القرن” التي يصفعها الأردنيون لينال الفلسطينيون، كل الفلسطينيين، حقهم بالعودة وإزالة النكبة بإزالة أسبابها وآثارها – ازالة اسرائيل .. وها هم لاجئو ونازحو الأردن ولبنان والدول العربية يتأهبون للعودة الى الجمهورية العربية الفلسطينية، وعاصمتها القدس!
وهكذا تسقط كل محاولات الترغيب، ولن تجدي محاولات الإذلال والترويع والترهيب والتضليل والتهويل والقهر والتجويع فلا فلسطين, ولا الأردن، ولا سوريا، ولا العراق، ولا اليمن قابلة للقسمة او الذوبان .. والاسكندرون عائد – نقطة على السطر!

ديانا فاخوري

كاتبة عربية اردنية

قد يعجبك ايضا