لنتعلَّم الدَّرس للأبَد.. كيف انتَصر بشار الأسد! / خالد الجيوسي




خالد الجيوسي ( الأردن ) الخميس 3/1/2019 م …

ها هِي قناة “الجزيرة” مُحتارةٌ بكَيفيّة اختيار الطًّريقة المُثلَى، حتى تُعلِن للعالم، والعالم العربيّ تحديداً، تراجعها.. اعترافها.. أو التفافها على “انتصار الأسد”، فعبر صفحتها “ميدان” وفيلمها الوثائقيّ حول الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لخَّص وقائع وتفاصيل الأزمة السوريّة مُنذ اندلاعها حتى الآن، احتارت القناة القطريّة، في اختيار عنوانٍ ثابتٍ للفِيلم “المُثير للجَدل”، فكان العُنوان الترويجيّ الأوّل للفيلم الذي عادت وحذفته “: “لنتعلَّم الدًّرس للأبد.. كيف انتصر بشار الأسد..”!

قناة “الثورة” كما كان يُسَمِّيها السوريون المُوالون للمُعارضة والثورة إذاً تعترف للرئيس الأسد بالانتصار، ثمّة جدلٌ، وثمّة اعتراض، الجميع يهرول نحو دمشق سياسيّاً، وعليه المفروض، والمطلوب إعلاميّاً، البعض مُنزعجٌ من هذا “الاعتراف الوثائقي”، لا بُد إذاً للقناة من بعض التراجع، يتغيّر العُنوان بعد سُويعَات، وكاتب هذه السُّطور يحتفظ بالمَنشورين اللذين حملا العُنوانين المُختلفين، وكلاهما كأنهما “بوستر” دعائي لفيلم هوليودي، حملا صورة الرئيس الأسد، ورجل بزي عسكري يضع على كتفه علم الثورة المُفترض، يتغيّر العنوان إلى لنتعلَّم الدرس للأبد.. لماذا بقي بشار الأسد؟”

لم تُغيّر بعض التوصيفات المُستخدمة داخل الفيلم أمراً من واقع الانتصار، فالرئيس السوري كما وصفه الفيلم “طويل”، وهذا من صفات القادة العِظام بالمُناسبة، وليست لغةً موضوعيّةً للنقد وإنّما لغة تشويه هابطة لا تفي بالغرض، أمّا عن استعانته بالميليشيات الإيرانيّة، وحليفه الروسي، فهذا جاء بطلب من الحكومة السوريّة، واكتمل الانتصار بدعمهم، أمّا في وصفه بالدهاء، وحتى المكر، ففي الحروب، والمُؤامرات، يحتاج المرء هذه الصفات، للانتصار على الأعداء المُتآمرين، أمّا بخصوص حرصه على عاصمته دمشق، فهذا أساس الصمود والانتصار، حتى استعادة البلاد بأكملها، وتحريرها من “الجميع”.

الثَّابِت اللافت، هو إشارة الفيلم إلى تراجع التدخّل القطري في الأزمة السوريّة، ودعم المُعارضة بالتحديد، وهذا بحسب فيلم الجزيرة، جاء بعد “إلهاء” سعودي تمثّل في حرب اليمن، ثم فرض “الحِصار” على قطر، وأميرها، ومُحاولة الانقلاب الفاشلة التي دبّرتها دول خليجيُة بعينها، ضِد الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، أمّا القول الأصدق بحسب الفيلم، فكان لوزير الخارجيّة القطري، حمد بن جاسم حين أشار إلى اختلافهم و”هوشتهم” على الفريسة السوريّة التي شردت نهاية الأمر.

نحن لا نُريد أن نزيد من حال المُستائين من الفيلم وعُنوانه سُوءاً، لكن قناة “الجزيرة” في الأيّام القادمة فيما يبدو، ليس فقط ستُحدِّثنا عن انتصار الأسد ضِمْناً، وتتراجع حياءً، بل ستعود للبث من العاصمة السوريّة دِمشق، بعد مُصالحة سوريّة- قطريّة تفرض على الجميع التعامل مع رئيس الجمهوريّة العربيّة السوريّة بعد أن كان رئيساً للنظام، وقوّاته تحمل اسمه، وسيحاور أبرز مُذيعيها بشار الأسد الذين وصفوه بالديكتاتور والدموي، وسيطلبون ودّه ورضاه، بل لعلّهم سيقصّون علينا، كيف سطَّر رجال الجيش العربي السوري انتصارهم، فأيّ قصّة يُمكن أن تروى غير هذا، فسورية انتصرت، وبقاؤها وحضارتها لا جِدال فيه، باقٍ للأبد.

قد يعجبك ايضا