هل تتجه البوصلة الأردنية شرقا ؟! / د. عبدالله القضاة

د.عبدالله القضاة ( الأردن ) الثلاثاء 25/12/2018 م …



بعد انسحاب القوات الامريكية من سوريا ؛ بات هناك خللا استراتيجيا في ميزان القوى بمنطقة الشرق الاوسط ، من المنظور الاستراتيجي الاسرائيلي ؛ ترامب تخلى عن حماية اسرائيل وترك ظهرها مكشوفا أمام الدولة السورية التي خرجت منتصرة من صراع السنوات السبع الاخيرة ، كما أن الدب الروسي والذي اثبت وفاءه لاصدقاءه في المنطقة لن يسمح بالتفوق الاستراتيجي الاسرائيلي في قادم الأيام .
الانسحاب الامريكي ؛ يشكل ضربة قاسية للإسرائليين ، ففي الوقت الذي يشهد التواجد العسكري الروسي قوة متنامية في المنطقة ؛ يرافق ذلك اسناد استراتيجي ايراني خارج الهيمنة الامريكية ، وتنمر قوى ميدانية لا تتوقف عن مشاغلة الجيش الاسرائيلي والمتمثلة بحزب الله وحركة حماس ؛ ناهيك عن الفتور في العلاقة السياسية بين تركيا وامريكا.
المعطيات السياسية على الأرض ؛ باتت تمهد لميلاد حلف عسكري جديد بقيادة الروس وعضوية ايران وسوريا وتركيا ؛ اضافة الى حركات التحرر الحالية والقادمة في المنطقة.
اللوبي الصهيوني ؛ لن يقف متفرجا أمام هذا التمدد ” الخرشوفي ” في منطقة الشرق الاوسط ؛ فمن المتوقع ان يوظف نفوذه اما لاعادة ترامب للمنطقة او تصفيته جسديا كما حدث لسلفه جون كنيدي ، وفي غير ذلك فالقادم أسود أمام “دولة اسرائيل”، وجيشها الذي سيقهر لامحالة.
على الصعيد العربي ؛ لن تكون الدول العربية الصديقة للغرب بوضع أفضل من صديقتها “اسرائيل ” ، وهذا الوضع سيكون دافعا كافيا لظهور حركات وطنية وشعبية في هذه الدول تدعوا للتحرر من التبعية الأمريكية ؛ وهذا ما سيشكل فرصة للحلف الآخر لإستثمار هذا التحرك ودعمه ؛ وبالتالي يمكن أن نستشرف تحولا في مواقف بعض الدول العربية حول تبعيتها للغرب والإلتحاق بالحلف الجديد لتحقيق مكاسب استدامتها واستجابة لمطالب شعوبها ، وتغييرا في بعض انظمة الدول الأخرى.
اردنيا ؛ الملك عبدالله الثاني ؛ يدرك تماما حتمية هذا التحول ؛ وربما انه قرأ جيدا المستقبل القادم في الوقت الملائم ، وما يؤكد ذلك ، الرسائل التي اوصلها بحديثه للكتاب الصحفيين الاردنيين في لقاءه الاخير ، وتوجيهاته للحكومة للسير قدما في الإنفتاح على العراق وسوريا لتوثيق العلاقات الاقتصادية مع الدولتين المجاورتين ؛ اضافة الى حرصة الى استدامة العلاقة الإيجابية مع تركيا وروسيا ؛ وإعتقد ان البوصلة الأردنية ستتجه تدريجيا نحو الشرق.
كاتب ومحلل سياسي اردني
[email protected]

قد يعجبك ايضا