ورقة تقدير موقف بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين المصادف في 18 كانون الأول من كل عام

نتيجة بحث الصور عن المرصد العمالي الأردني  الإثنين 17/12/2018 م …




الأردن العربي –

اعداد : المرصد العمالي الأردني … التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية

تعد ظاهرة الهجرة من أقدم الظواهر الإنسانية، ولا تكاد توجد بقعة من الأرض تخلو من بشر هاجروا من مناطق جغرافية اخرى اليها، ونشأت هذه الظاهرة كحاجة انسانية أساسية تتطلبها استمرارية الحياة، لذلك فإن تنقل البشر داخل حدود دولهم وخارجها هو حق انساني، إذ نص الإعلان العالمي لحقوق الانسان على حق الفرد في حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة، وحقه في أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليها.[i] إلا أن الصراعات الدولية والتوجهات الوطنية والقومية وتفاوت مستويات التنمية حرمت الغالبية الساحقة من البشر من التمتع بهذا الحق.

وتأتي الهجرات البشرية اما لأسباب شخصية يقرر فيها الفرد مسار حياته تبعا لمصالحه، ومنها من كان جماعياً للبحث عن الحياة الافضل بالبحث عن الرزق، ومنها ما كان هربا من الحروب والموت ومنها من كان بسبب الاحتلالات التي تتسبب تهجير شعوب عن أراضيها واوطانها. وتنامت ظاهرة الهجرة في العقود الأخيرة كطريقة انسانية لمواجهة تحديات واختلالات اسواق العمل وارتفاع مستوى التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة في داخل الدولة الواحدة وبين الدول. وتفيد المؤشرات الاحصائية أن غالبية الهجرات التي تتم في العالم تكون بهدف البحث عن عمل. ويقصد بالعامل المهاجر “الشخص الذي زاول أو ما زال يزاول أو سيزاول نشاطا مقابل أجر في دولة ليس من رعاياها”[ii].

وحسب الإحصاءات الدولية المتعلقة بالهجرة للعام 2017، فإن هنالك ما يقارب 164 مليون عامل مهاجر في العالم. غالبيتهم من الرجال بنسبة 58.4%، وغالبيتهم أيضا ينتقلون من دول الجنوب الى دول الشمال يبحثون عن مستويات معيشية أفضل واجور أعلى. وتبلغ قيمة التحويلات المالية للعمال المهاجرين الى بلدانهم الأصلية حسب تقديرات البنك الدولي ما يقارب 445 مليار دولار في العام 2016.

واستنادا الى ذلك، فإن فوائد العمالة المهاجرة تنعكس ايجابا على البلدان الأصلية للعمال المهاجرين من خلال تحويلاتهم المالية التي تساهم في تمويل الجهود التنموية فيها من جانب، وتخفف من عجوز موازين المدفوعات من جانب آخر، وتخفف من حدة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن البطالة من جانب ثالث، وتنعكس كذلك ايجابا على البلدان المستقبلة للعمالة، لأنهم يعملون في القطاعات الاقتصادية التي لا يتوفر لدى هذه الدول عمالة وطنية للعمل في هذه القطاعات.

وبشكل عام فإن هجرة الأيدي العاملة تساهم في حل مشكلة اختلال توازنات أسواق العمل في الدول المرسلة والمستقبلة للعمالة، بالتالي فإن هجرة الأيدي العاملة ظاهرة إنسانية وطبيعية، وسوف تستمر في المستقبل المنظور وبمستويات مضطردة، نتيجة العديد من العوامل، منها: عدم الاستقرار السياسي وتعمق مسارات العولمة، الى جاني اتساع مساحات الفقر والبطالة وضعف تطبيق معايير العمل اللائق في العديد من البلدان.

وتشير العديد من التقارير الدولية والعالمية أن العمال المهاجرين هم الأكثر تعرضا للانتهاكات والتعدي على حقوقهم الإنسانية الأساسية، وغالبيتهم يتعرضون لأنواع متعددة من الانتهاكات تصل في العديد من الدول الى مستوى الاتجار بالبشر، والذي يعد أحد أشكال العبودية الحديثة. وقد أشار تقرير مؤشر العبودية للعام 2016 عن وجود 45.8 مليون شخص يواجهون شكلا من أشكال العبودية في 167 دولة من دول العالم، وتشمل العبودية الحديثة: الاتجار بالبشر والعمل بالسخرة والزواج القسري وعبودية الدّين والاستغلال الجنسي في الأعمال التجارية.[iii]

معايير دولية

لهذه الأسباب ولغيرها، جاء الاهتمام بوضع معايير خاصة لحماية العمال المهاجرين في عملهم، واستمرت الجهود الدولية في هذا المجال مع استمرار تعرض هؤلاء العمال الى الاستغلال، وتطورت الرؤية ليصبح المطلوب حماية العمال المهاجرين واسرهم، الى أن تم تطوير اتفاقية دولية اصبحت جزءا لا يتجزأ من الشرعة الدولية لحقوق الانسان، وتتمثل في “الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد اسرهم، 1990″، والتي شملت في نصوصها خلاصات جملة من الاعلانات والمعاهدات والاتفاقيات الإنسانية الدولية المتمثلة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية منظمة العمل الدولية المتعلقة بالهجرة من أجل العمل رقم 97 لسنة 1949، واتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمال المهاجرين (احكام تكميلية) رقم 143 لسنة 1985، واتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة رقم 111 لسنة 1958، وتوصيات منظمة العمل الدولية رقم 86 ورقم 151، والاطار متعدد الاطراف لمنظمة العمل الدولية بشأن هجرة الأيدي العاملة، 2005. ومؤخرا في مراكش/المغرب وفي بداية شهر كان الأول 2018 قامت الأمم المتحدة بإصدار مشروع الوثيقة الختامية للمؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.

الأردن والعمالة المهاجرة

في الوقت الذي يعد فيه الأردن من الدول المستقبلة للعمالة المهاجرة والتي يطلق عليها في الأردن “عمالة وافدة”، اذ يعمل فيه مئات الآلاف من العمال المهاجرين في العديد من القطاعات الاقتصادية، فإن هنالك مئات الآلاف من الأردنيين يعملون خارج الأردن وخاصة في دول الخليج العربي، وبالتالي فإن الأردن أيضا من الدول المرسلة لهم.

ويضم سوق العمل الأردني أعدادا كبيرة من العمالة المهاجرة، وتقدر أعدادهم في الأردن بما يقارب المليون ومائة ألف عامل مهاجر، منهم ما يقارب (341) ألف عامل مسجلين لدى وزارة العمل[iv]، وما يقارب 700 ألف عامل آخر غير مسجلين لدى وزارة العمل، ويعملون في الاقتصاد غير المنظم وبشكل غير نظامي، تشكل العمالة المصرية الجزء الأكبر من هذه العمالة، تليها العمالة السورية التي تزايدت بشكل ملموس خلال السنوات القليلة الماضية.

وتشير البيانات الاحصائية أن قيمة التحويلات المالية التي يرسلها العمال المهاجرين من الأردن الى بلدانهم الأصلية تقارب الـ (425) مليون دولار سنويا، حسب ارقام البنك المركزي 2017، في حين بلغت قيمة التحويلات المالية للعمالة الأردنية المهاجرة الى الأردن خلال عام 2017 (2.37) مليار دولار.[v]

واقع العمالة المهاجرة في الأردن        

بالرغم من عدم مصادقة الأردن على “الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وافراد اسرهم 1990″، فإن المنظومة التشريعية الأردنية تتضمن عددا من القوانين والانظمة والتعليمات ذات العلاقة بأوضاع العمالة المهاجرة، فالتشريعات العادية مثل القانون المدني وقانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي وقانون العقوبات وقانون منع الاتجار بالبشر وقانون الاقامة وشؤون الاجانب وقانون إبطال الرق إلى جانب تشريعات وقوانين أخرى توفر حماية قطاعية أو جزئية للعمال المهاجرين في بعض المجالات، وتحرمهم منها في مجالات أخرى. هذا بالإضافة الى عدد من الأنظمة والتعليمات التي ترتبط بصورة او أخرى بأوضاع العمال المهاجرين منها: نظام العاملين في المنازل ونظام تنظيم المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام غير الاردنيين العاملين في المنازل، ونظام رسوم تصاريح عمل العمال غير الاردنيين ونظام مفتشي العمل، وتعليمات شروط وإجراءات استخدام العمال غير الأردنيين وتعليمات شروط واجراءات استقدام واستخدام غير الاردنيين في المناطق الصناعية المؤهلة والقرارات المتعلقة بالحد الادنى للأجور والقرارات المتعلقة بالمهن المغلقة على الاردنيين دون سواهم من العمال.

وبمراجعة سريعة للمنظومة التشريعية الأردنية المعمول بها، يتضح أن هذه المنظومة تفتقر إلى إطار قانوني شامل يقر بالمساواة الكاملة بين العمال الوطنيين والعمال المهاجرين في مجال الحقوق الانسانية، وبالرغم من وجود النصوص التي تقر شكلا بالمساواة، فإن العديد من الاستثناءات الواردة في بعض الأنظمة والتعليمات والقرارات تؤدي الى التمييز ضد العمال المهاجرين، وبالتالي تعزز عدم المساواة، وتشكل أرضية ومدخلا لاتساع رقعة الانتهاكات. ومنها على سبيل المثال قرار الحد الأدنى للأجور الذي يطبق على الأردنيين فقط، وحرمان عاملات المنازل من الانتفاع من الحماية الاجتماعية في إطار منظومة الضمان الاجتماعي، بالرغم من شمول فئة العاملين في المنازل تحت مظلة قانون العمل الأردني. ومؤخرا تم حرمان العاملين السوريين الذين يحصلون على تصاريح عمل حرة في قطاع الإنشاءات من الاشتراك في الضمان الاجتماعي. هذا الى جانب العديد من الممارسات على أرض الواقع ضد قطاعات من العمالة المهاجرة التي تصل حد الانتهاكات.

وفيما يخص العاملات المهاجرات، فهن الحلقة الاضعف فيما يخص تعرضهن لأشكال اوسع وأكبر من الانتهاكات، خاصة عاملات المنازل اللواتي يصعب التفتيش ورصد ظروف عملهن، حيث عادة ما يعانين من انتهاكات متعددة، مثل حرمانهن من استلام الأجور بشكل منتظم، وحرمانهن من إجازة نهاية الأسبوع والاجازات السنوية، فضلا عن تعرض العديد منهن لبعض اشكال العنف. ويبلغ عدد العاملات المنزليات في الأردن وفقاً للتقرير الإحصائي السنوي لوزارة العمل لعام 2016 ما يقارب (46) عاملة ممن يحملن تصاريح عمل رسمية سارية المفعول. وهنالك تقديرات تشير الى أن اعدادهن تقارب 90 الفا، منهن حوالي 50 الفا لا يحملن تصاريح عمل.

والى جانب ذلك يعاني العديد من العاملين الأردنيين في دول الخليج من سياسات وممارسات تمييزية مرتبطة بنظم الكفالة التي تخل بمنظومة الحماية والمساواة التي يجب أن يتمتع بها العامل المهاجر، ومنها حق التملك والتنقل، وكذلك هنالك تمييز في مستويات الأجور لصالح أبناء البلد الأصلي خاصة العاملين في القطاع العام.

ومن المفيد الاشارة الى أن الثقافة السائدة في الأردن ولدى مجتمعات الدول المستقبلة للعمالة الأردنية المهاجرة وخاصة في دول الخليج العربي لديها قبول لمبدأ عدم المساواة بين أبناء البلد الأصليين والمهاجرين في الحقوق الانسانية الأساسية.

وفي سياق الاستعراض الدوري الشامل الثالث الذي جرى للأردن في شهر تشرين الثاني 2018 الماضي، قدم أعضاء مجلس حقوق الانسان مجموعة من التوصيات بلغت 13 توصية قبل الأردن منها تسعة توصيات ذات طبيعة عامة مثل مواصلة تعزيز أطرها القانونية والمؤسسية الهادفة الى ضمان تعزيز وحماية حقوق العمال المهاجرين ومتابعة الجهود الرامية إلى مكافحة التمييز ضد الأشخاص من غير الأردنيين والعمال المهاجرين، ومواصلة الجهود لمكافحة الاتجار بالبشر لا سيما في حالة العمال المهاجرين، وتعزيز التدابير الرامية إلى حماية حقوق العاملات المنزليات الأجنبيات، وتعزيز الحماية العمالية مع التركيز على العمال المهاجرين وعاملات المنازل والأطفال، ومواصلة الجهود من أجل سن تشريع العمل الذي يحمي المهاجرين، ومواصلة الجهود لحماية العمال المهاجرين عن طريق تهيئة بيئة صحية ومواتية من خلال تعديل التشريعات المتعلقة بتعزيز حملات التفتيش على المنشآت، وتعزيز الحماية القانونية للعمال المهاجرين عن طريق زيادة عمليات التفتيش على العمل وتدريب القطاع العام، ومقاضاة أرباب العمل الذين يصادرون جوازات سفر الموظفين. وعلقت الحكومة الموافقة على توصيتين لغايات دراستها تمثلت في ضمان وصول عاملات المنازل المهاجرات إلى العدالة بفعالية، وتعديل قانون العمل الأردني وفقا للمعايير الدولية. في حين لم توافق على توصيتين تمثلتا في معاملة العمال المهاجرين وأفراد أسرهم وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان ومواصلة تدابير الإصلاح لضمان رفاه جميع العمال المهاجرين.

توصيات

1.     ضرورة تطوير سياسات وطنية توفر اطارا معياريا شاملا تجاه العمال المهاجرين تعتمد نهج حقوق الانسان، بهدف تحقيق العدالة والمساواة والحياة الكريمة، بحيث تطبق على العاملين الجانب في الأردن، والعمل مع الدول المستقبلة للعمالة الأردنية للاسترشاد به وتطبيقه عليها. تأخذ بعين الاعتبار مصالح العمالة الوطنية والمهاجرة بعين الاعتبار على حد سواء، على اعتبار أن وجود سياسات عادلة وواضحة للعمل سينعكس ايجابا على ظروف العمل لمجمل العاملين وطنيين ومهاجرين.

2.     ضرورة تنظيم وضبط سوق العمل في الأردن لوضع حد للفوضى الكبيرة التي يعاني منها سوق العمل حيث اتساع رقعة العمالة المهاجرة غير النظامية (التي لا تحمل تصاريح عمل)، والتي تضر بمصالح العمال الأردنيين من جهة وتفتح الباب أمام قوع العديد من الانتهاكات ضدهم.

3.     الموافقة على التوصيتين المتعلقتين بالعمل والعمالة المهاجرة التين قدمتا للأردن خلال الاستعراض الدوري الشامل الثالث، والتي علقت للدراسة وهما: وعلقت الحكومة الموافقة على توصيتين لغايات دراستها تمثلت في ضمان وصول عاملات المنازل المهاجرات إلى العدالة بفعالية، وتعديل قانون العمل الأردني وفقا للمعايير الدولية.

Salah Taher
Admin & Finance Officer

Phenix Center for Economic and Informatics Studies                              www.phenixcenter.net

Amman –Jordan                                                                            [email protected]

Tel:                   00962 6  516 44 90                                                [email protected]

                        00962 6  516 44 91                                               

Fax:                  00962 6  516 44 92

Mobile:               00962 (79) 563 98 93
P.O.Box: 304 Amman 11941 Jordan

P Please consider the environment before printing this email.


[i]الاعلان العالمي لحقوق الانسان، المادة 13.

[ii] الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال الوافدين (المهاجرين) وأفراد اسرهم، 1990، المادة 2.

[iii]http://www.globalslaveryindex.org/findings/

[iv] وزارة العمل، التقرير السنوي 2017.

[v]http://www.cbj.gov.jo/Pages/viewpage.aspx?pageID=66

 

قد يعجبك ايضا