يا جلالة الملك: بعض كبار البلد هم الذين دمّروا البلد / نجم الدين الطوالبة

 نجم الدين الطوالبة  ( الأردن ) الإثنين 10/12/2018 م …




يا جلالة الملك : انت تعرف ونحن نعرف أن كبار البلد هم الشهداء وليس الوزراء … لكن البعض يحرف وهو يعرف … هذا يقول أن أبناء شوارعنا اصبحوا وزراء ، وذاك يتقول بأنه من كبار البلد وكاننا نحن صغار البلد ، وقد فاتهم أن أبناء هذا البلد كلهم كبار ، ولكن العبرة فيمن قدم للوطن اعمالا كبار … وتضحيات كبار … أو فيمن قدم مزايدات وخطابات بلا تضحيات ، ومراهنات ناقصات وناقصات وناقصا … يا أخي من انتم حتى تجيروا تضحياتنا لحساباتكم، ومن أنتم حتى تجيروا انجازاتنا لتجمييل اسمائكم …
كبار البلد … هم الذين اصبحوا وزراء من رحم الشوارع وليسوا الذين اصبحوا وزراء من رحم المزارع ، كبار البلد هم الذين يلتحفون الشجر ويَسندون رؤوسهم على الحجر في هذه الليالي الماطرة الثلجية الباردة الان ، وليس الذين يستدفئون على الفيبر جلاس والتدفئة المركزية في الفلل والقصور .
كبار البلد هم الجنودُ والمتقاعدون العسكريون الذين هم امتدادٌ للأباء والجدود لحماية الحدود … كبار البلد هم معشرُ الفقراء واليتامى الذين تقرحت اياديهم ونزفت اصابعُهم وهم يجمعون الحطب لأمهاتهم اللواتي تحرّقت كفوفهن لخبز الطابون … كبار البلد هي ابنتي وليست ابنتك يا صاحب الدولة والمعالي … ابنتي التي حصلت على الاول في الثانوية العامة شتوية 2011 على مستوى الاردن 99،8 وتنقلت من سرفيس الى سرفيس ومن باص الى باص سبع سنوات في جامعة العلوم والتكنولوجيا لتفرض نفسها من أوائل الدفعة على 800 طبيب وطبيبة ، وليس ابنتكم يا من تدعون انكم كبار البلد التي يوصلها السائق الخاص وينتظرها السائق الخاص ويؤمن لها حاجتها من الكورن فليكس سائقُها الخاص … ومعدلها لا يتجاوز الستين … كبار البلد هم الحراثون والمزارعون والمتقاعدون العسكريون والمدنيون وليس كبار البلد هم الحكواتيون والمهرجون والمتنقلون من مضافة الى مضافة ومن ديوان الى ديوان لخطبة العرائس في آخر الزمان …
كبار البلد هو وصفي التل الذي دُفن في الكمالية ولم يزره في الاعياد أحد… …
كبار البلد هو ابن الجزازة الذي أصبح قائدا شريفا ونظيفا وعفيفا بعرق جبينه دون ان يكون محسوبا على احد … كبار البلد هم وصفي التل وموفق بدر السلطي وفراس العجلوني ومعاذ الكساسبة وراشد الزيود وعلي القواقزة ومعاذ الحويطات وهشام العقاربة ومحمد العزام ومحمد الهياجنة واحمد الزعبي وهاشم زيادات العبادي وغيرهِم الذين دفعوا حياتهم ثمنا من اجل الوطن في اربد والبقعة والركبان وقلعة الكرك ونقب الدبور في السلط وفي البحر الميت وغيرها .
هذا وطن اردني لا تنحني ولن تنحني هاماته الا لله جلت قدرته … لأنه اردن القوة والمنعة والمبدأ والشموخ والكبرياء … وهو الوطن الذي لا يقبل الا ان يقدم شهداءه بالجملة لأنهم هم كبار البلد … ولأنه وطن تعود على محبة الاخر … وعلى حماية الاخر … وعلى احترام حقوق الاخر …وعلى احترام ثقافة الاخر التي تصون انسانية الانسان وليس ثقافة البعض التي تقسم المقسم وتجزء المجزء وتصنّف الشعب الاردني على ان بعض وزرائه ولدوا من رحم الشوارع ، وأن أبناءهم وأنسباءهم الوزراء ولدوا من رحم المزارع …
لقد نسي هؤلاء أو تناسوا أن هذا الوطن الاردني المقدس الذي فيه نحيا ولأجله نعيش هو كل شيء في حياتنا لا بديل له ولا مثيل … واستكثروا علينا أن هذا المواطن الاردني الشجاع الذي يقف خلف جيشه ومؤسساته الامنية بعضهم كان من شهداء الامس القريب وبعضهم ما زال ينتظر، يستكثؤون أن بعضا من أبنائه أصبحوا وزراء أو مدراء … والله معيب ما سمعناه وما نسمعه هذه الايام من البعض الذين اختفت المنابرُ والمايكروفونات من أمامهم وراحوا يشطحون ويتهامسون عبر الندوات والمحاضرات ووسائل التواصل الاجتماعي من انهم هم كبار البلد … ومن ان بعض الوزراء هم من ابناء الشوارع ، يا أخي قبل ان تقذفوا بهذه الحمم الصفراء والسوداء من افواهكم بحق الغير ، ألم تتذكروا ان جميع الاردنيين الشرفاء يحملون رقما وطنيا لا يذيبه المطر ولا يحمله غيرُنَا من البشر ، لأن كبار البلد الذين هم نحن قد استيقظنا منذ طفولتنا على هدير الدبابات واصوات الطائرات ، ولأننا من عائلات كل بيت فيه مجند أو اثنان أو شهيدٌ أو شهيدان … ولآن الذي ليس بمثلنا كمواطنين اردنيين ، ليس لهم رأس يرفع ولا صوت لهم يسمع ..
فهذا وطن نحن الذين كتبنا حروف قصائده بدم الشهداء لأننا نحن كبار البلد ولستم انتم ، واكسبنا رايته الخفاقة لونها الاحمر من دم أبنائنا الشهداء لأننا نحن كبار البلد ولستم انتم … ولأننا نحن الذين نؤمن بان الرؤوس التي لا تُرفع بدمائها وكبريائها لا تصنع مجدا ولا تكتب تاريخا لأننا نحن كبار البلد ولستم انتم …
ولهذا قل لهم يا جلالة الملك اننا اردنيون حتى العظم واننا هاشميون حتى النخاع واننا عروبيون منذ ذلك الزمن الذي كَتب التاريخ فيه على صفحاته ان الاردن صخرةٌ لا تلين لو تكالب عليها الملايين .
افهموا يا من تدعون انكم كبار البلد أن هذا وطن مقدراته اكبر مما لديه ، والشعب الاردني اذا جاع لا يأكل بثدييه ، لاننا شعب لا هموم لدينا ولا خوف علينا ما دامت رايتنا الاردنية الخفاقة تاجا على رؤوسنا ، وما دامت كرامتنا مرصعة بكبرياء الشرف الذي توارثناه عن ابائنا واجدادنا ، إن اكثرَ ما نحتاج اليه هذه الايام هو تمتين الجبهة الوطنية الداخلية بوجه المتربصين الذين لا يريدون خيرا لهذا البلد ، ولهذا فلسنا بحاجة للمهاترات والتنابز بالالقاب … وكان الاولى ببعض اصحاب الدولة والمعالي أن يكونوا دعاة خير للمجتمع والتصدي على الاقل لتلك الصور المفبركة والفيديوهات الهدامة التي انتشرت خلال هذا الاسبوع والتي تسيء للأردن وللأردنيين والى القامات الوطنية وخصوصا لدولة رئيس الوزراء بان ارحل ارحل يا رزاز … كبار البلد لا يقبلون بان تُهان أية شخصية رسمية حتى لو اختلفنا معها ، بهذه الطريقة من الانحطاط اللغوي المفبرك عبر وسائل التواصل الاجتماعي …
هل فهمتم الان من هم كبار البلد … اذا كنتم ما زلتم تعتقدون أنكم كبار البلد … اعطوني اسم واحد من ابنائكم قدم نفسه شهيدا لهذا الوطن … فاتركونا من المزايدات الناقصة … بعد أن انتهى الزمن الذي كنتم فيه تتسلحون بقاعدة : ما بتعرف مين اللي بحكي معاك … لا يا اخي بنعرف … وبنعرف كمان أن الصالونات والمزارع لم تعد مؤهلة لتخريج وزراء بكفاءة ونظافة وعدالة الوزراء الذين ولدوا من رحم الشوارع …
البلد يمر في ظروف اقتصادية صعبة للغاية ، وانتم تتزاحمون لتنصبوا انفسكم بانكم كبار البلد … والبلد يمر بحالة من الاستهداف المقيت من قبل دول ومن قبل منظمات ومن قبل جماعات … وأنتم لا عمل لكم سوى تقسيم الناس الى ابناء شوارع وابناء مزارع …
أرجوكم ترفعوا قليلا عما انتم فيه وتذكروا أنكم وقفتم ذات يوم بين يدي الملك وأقسمتم اليمين الدستورية بأنكم ستخدمون الامة ، يا من دمرّ بعضكم هذه الامة وما زال يسعى على تدمير ما تبقى لخير امة اخرجت للناس .

قد يعجبك ايضا