في ذكرى إستشهاده: وصفي التل رجل المواقف / سلامة مداد الفقهاء

نتيجة بحث الصور عن وصفي التل

سلامة مداد الفقهاء ( الأردن ) السبت 1/12/2018 م …




الإنسان بعقله و خلقه و شرفه، و بغض النظر عن حجمه الجسدي، و جاهه الاجتماعي، و سطوته السياسية يعتبر موقفاً، و المواقف تختلف بإختلاف البشر، فعندما نبحث في تاريخنا عن رجال و مواقف، يقفز إلى القمة رجل ليس ككل الرجال لأن حياته العامة و الخاصة تشكل مجموعة ماسية من المواقف الرجولية لرجل إسمه وصفي التل. فقناعاته السياسة و نظرياته الاجتماعية و قوة مشاريعه الاقتصادية و فلسفته الفكرية كانت كلها مواقف ثابتة و واضحة و راسخة، تتجذر و لا تتعثر.

هذا الرجل الفذ إتصفت كل أقواله و أفعاله و أعماله بطابع الصدق و الصراحة و الواقعية، فهو يستحق وقفة احترام و تقدير و إجلال من الشعب الذي أفرزه قائداً، و من الأرض التي صبغت فلسفته، و من الأفراد الذين عملوا بمعيته، و عرفوه على حقيقته عن كثب.

فإذا كان الإنسان يعترف بالجميل لطبيب أنقذ حياته من موت محقق، أو لكريم قضى له حاجة ماسة، أو لسائق أوصله إلى مراده في الوقت المناسب، فإن الأردنيين هم أكثر الناس دينا لوصفي التل، لكنهم أكثر الخلق ظلما له، و تجن عليه، و تجاهلا لمآثره،و ما كانوا هكذا في عهده، و لكنهم تاهوا بعد رحيله، فوصفي لا ينتظر من الأردنيين شيئاً أكثر من الإرتباط بالأرض التي أسماها البقرة الحلوب، و الإنتماء للأردن آرضا و إنساناً كما غرسه في أعماقنا تضحية و فداء”، و قول الصدق بجرأة و ثبات.

و في هذا اليوم تطل علينا ذكرى غياب وصفي عن ساحة الأحداث المحلية و العربية و العالمية التي كانت تستحوذ على تفكيره بشيء من التوازن المدروس، و كان يواجهها بدبلوماسية هادئة، معززة بأوراق عمل مستوفية حججها، فالقضية الفلسطينية التي تواجه خطر الزوال بعد إنهزام منظممة التحرير الفلسطينية في أوسلو، و إرتماء قادتها في أحضان الصهاينة، بعدما أشبعونا وطنية زائفة،و قبولهم صفقة القرن، هذه القضية كان لها عند وصفي التل أوراق عمل كثيرة تدعوا إلى بناء مجتمع القوة و الحرب -مجتمع قرطاجة- ثم تثوير الأرض المحتلة، لذلك أصر على وجوب الإنتقال بالجيوش العربية من النمط الكلاسيكي إلى النمط الديناميكي، و تبني فكرة التجنيد الإجباري،و إقامة و إدامة المعسكرات الشبابية، و بسبب هذه الروئ تم إغتيال وصفي لضمان شطب فلسطين أرضاً و شعبا و قضية من الوجود، و نحن الآن نشاهد عيانا المشاهد النهائية لهذا المسلسل المأساوي الذي ما كان له أن يرى النور إلا بإغتيال وصفي.

قد يعجبك ايضا