من “زنوبيا” ملكة تدمر إلى “بلقيس” ملكة سبأ: لا ذل و لا سل و لا جرب! / ديانا فاخوري

نتيجة بحث الصور عن ديانا فاخوري

ديانا فاخوري ( الأردن ) الخميس 25/10/2018 م …




و ها هو عبدالله البردوني يعيد صياغة قصيدته المعروفة “أبو تمام و عروبة اليوم” فيقول:

ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي؟

مليحة شامخة رغم العصف والحزم ..

رغم الغزو والكوليرا والنوى والكرب!

هم هدروا دمنا  .. ونحن من دمنا نشرب ونحتلب  ..

“سحائب الغزو تشوينا و تحجبنا”

“يوما ستحبل من ارعادنا السحب”

“إلا ترى يا أبا تمام بارقنا”

“ان السماء ترجى حين تحتجب”

من دمشق فبغداد الى اليمن فالقدس .. ومن “الكم” الى “الكيف” ..  من التراكمات الكمية الى التغييرات الكيفية!  و”زنوبيا” تحيي الانتصارات الاستراتيجية التي مافتئت تتراكم على أيدي الجيش العربي السوري ورجال الله في الميدان .. اما مشروع الشر الصهيواعروبيكي فما فتئ يتهاوى .. من هزيمة الى سقوط لتجدد قوانين المادية الجدلية والمادية التاريخية صدقيتها وتؤكد مصداقيتها بانتصارات ما فتئت تتوالى من سوريا فالعراق الى اليمن ففلسطين (الخان الأحمر، مؤخراً)!

وهكذا يمكننا فهم المعنى التاريخي للمعارك والحروب والانتفاضات بوصفها تراكمات كمية تؤدي الى تغيير كيفي ينطوي على ازالة العدوان برمته لا مجرد اثاره .. وهذا ما بات يدركه المحور الصهيواعروبيكي متيقنا ان انتكاساته المتراكمة ليست مسألة سوء حظ وحسب، بل مسار سيصل ذروته وتبدأ عملية التطور النوعي فتزول اسرائيل وتعود فلسطين بكليتها من البحر الى النهر ومن الناقورة الى ام الرشراش، وتعود للأمة كرامتها .. وفي الطريق يتساقطون من اليمن الى العراق بعد سوريا بصرف النظر عن قضية “الخاشقجي” واستثماراتها المتنافسة والمتباينة وارتداداتها المتضاربة كأننا في مزاد سريالي (غير) علني، او لعبة شطرنج لا يكش لها او بها ملك (بالمضارع المبني للمجهول)!

وها هي إدلب، بمعاركها السياسية والعسكرية من سوتشي الى اسطنبول فباريس، تؤدي بالضرورة، وربطا بالبصرة، لسحق الإرهاب الامر الذي يفسّر التخبّط الذي تعانيه دول المحور الصهيواعروبيكي ويؤكد تراجعها امام دول المحور الروسي الإيراني السوري العراقي ..   انه التراجع التدريجي للجيوبوليتيك الأميركي في المنطقة: يريدون إيقافه فخسارة إدلب تشكل انكشافا عسكريا لاحتلال أراض سورية شرق الفرات (الأميركيون والأوروبيون) وشمال سوريا (الأتراك) .. مهزومون لا يريدون الاستسلام فيتوسلون حصار ايران ويعرقلون إتمام السيادة السورية، ومنتصرون من حقهم حصاد النتائج .. ولعلهم جميعا باتوا يدركون أنّ مشروع الرئيس الأسد للتعاون والتشبيك تحول من مجرد رؤية استراتيجية الى أمر واقع .. تذكرون هذا المشروع الذي اقترحه الرئيس بشار الأسد في مطلع العقد الأول من القرن الحالي (أبيض، أحمر، خليج، قزوين، أسود – منظومة البحار الخمس) استثمارا لموقع سوريا الجغرافي، ووضعها في مركز شبكة الطاقة والنقل الإقليمية.. مشروع يضم روسيا وايران وتركيا ومصر والسعودية والعراق وسوريا والجزائر واليمن تكاملا مع اوروبا المتوسطية .. أرادها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تعمل بالتفاوض لحل النزاعات وبالتعاون للتنمية والتقدم الاقتصادي ولضمان أمن الطاقة والملاحة .. مشروع يقوم على شراكة استراتيجية في الشرق الجديد!

أما “زنوبيا” ملكة تدمر فقد بعثت إلى “بلقيس” ملكة سبأ تبشر الا ذل و لا سل و لا جرب بعد اليوم .. بعد الف ليلة و٣٠٠ ليلة في المستنقع اليمني، ولم تهتز لهم، في معسكر الشر الصهيواعروبيكي، قصبة .. وبعد ان تهيأ لهم ان خبرتهم في المستنقع الفيتنامي قد أكسبتهم بعض المناعة فعمدوا الى سحائب الغزو لتشوي اليمنيين بأكثر من عشرات أضعاف ما ألقي على هيروشيما .. بعد كل ذلك ومعامل الموت ومطاحن العظام  تدور حتى في القبور وكأننا قد عقدنا صفقة استراتيجية مع عزرائيل – وهنا أعود واستدعي البردوني:

الـحاكمون و”واشـنطن”حـكومتهم //

 الـقـاتلون نـبوغ الـشعب تـرضيةً //

  لـلـمعتدين ومــا أجـدتهم الـقُرَب //

بعد ذلك كله، أصر ان السحب ستحبل من إرعاد أهل اليمن وهم يرسمون المعادلات الجديدة، واذكر أنهم رواد بناء ناطحات السحاب والسدود وهم أصل العرب!

وبعد، تسألني عن صنعاء يا ولدي؟ “مليحة” طردت “عاشقيها: السل والجرب”! وسبق لي ان قلت، يوم اطلق اصحاب  “عاصفة الحزم” عملية “اعادة الأمل”، ان اعادة الأمل تكون باعادة فلسطين .. ففلسطين هي الأمل الذي نرجو اعادته ..

لتتكثف جهودنا ولتكن بوصلتنا في الاتجاه الصحيح .. نحو فلسطين .. باطل جهادنا وملغى كأنه لم يكن اذا انحرف عن بيت المقدس وفلسطين من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى ام الرشراش!

ديانا فاخوري

كاتبة عربية اردنية

 

قد يعجبك ايضا