أعاصير النار تقترب .. وإدلب حرة قريباً ولو اجتمع الكون كله / نارام سرجون

دام برس : دام برس | أعاصير النار تقترب .. وإدلب حرة قريباً ولو اجتمع الكون كله




نارام سرجون ( سورية ) الأربعاء 29/8/2018 م …

صرت على يقين ان الزهايمر لايقتصر في اصابته على بعض الرؤساء الامريكيين مثل ريغان وبوش الاب بل انه صار يصيب الطبقات السياسية في الولايات المتحدة مثل وباء شامل جماعي يتمدد افقياً وعمودياً .
فالسياسة الاميركية تجاه سورية تعتمد معلومات وملفات قديمة وذاكرتها هشة وبعيدة وليست تملك ذاكرة قريبة .. من يمسك ملفاتها سيصاب بنوبة من الربو من شدة الغبار الذي يعلوها .. وبعض صفحاتها قديمة بالكاد تظهر سطورها .. ويبدو من خلال السياسة الامريكية أن الدراسات التي تقدم عن سورية توقفت منذ رحل الاسد الأب ووضعت تلك الدراسات خلاصتها عام 2000 وتوقفت منذ تلك الخلاصة التي قالت ان سورية وصلت الى ذروة مايمكنها ان تصله في عهد الأسد الأب وانها بدأت اليوم في حالة فقدان التوازن بسبب حالة عدم الرضى عند بعض السياسيين المخضرمين الذين وجدوا انهم رحلوا عمليا مع رحيل الأسد الأب عن السلطة لصالح جيل جديد يقوده الأسد الابن .. الذي لايقدر له الاستمرار طويلا خاصة مع وجود تناقضات داخلية كبيرة عليه مواجهتها .. وكانت دراسات اميريكا دقيقة حول الوضع السوري حتى عام 2000 فقط .. ولكنها لم تتقدم بعد ذلك العام واصابها جهل حديث بالعدو القديم لأنها لم تقم بتحديث دراساتها واستقصاءاتها واعتمدت على مايبدو على اجهزة المخابرات العربية التي تولت مراقبة الوضع السوري بتكليف من الاميريكي ..

ومنذ ان خرج كولن باول شبه مطرود من لقائه الفاشل مع الأسد الابن اثر سقوط بغداد فان اميريكا أخرجت ملفاتها القديمة عن سورية ونفضت عنها الغبار ودفعتها الى المختصين للبدء باجراءات اسقاط الأسد .. وكان الربيع اللبناني (ربيع الحئيئة) هو أول محاولة لاسقاط الأسد .. وعندما فشل ربيع الحئيئة وربيع جنبلاط والحريري وجعجع .. تم اطلاق الربيع العربي الكبير والاسلامي الاخواني .. وكانت النتيجة هي ان كل المعلومات التي استعملتها الولايات المتحدة عن سورية كانت مفيدة ولكن نقصتها المعلومات بعد عام 2000 .. وهي تصرفت بناء على معلوماتها قبل عام 2000 .. ولذلك فانها نجحت نسبيا في كتابة السيناريو ولكنها لم تستطع كتابة الخاتمة السعيدة التي كتبتها لنفسها في ليبيا ومصر وتونس واليمن .. ولاتزال عالقة في وسط القصة مع حبكة لم تعد هي من يكتبها ..

طوال 8 سنوات تصرفت الولايات المتحدة بناء على معرفتها بالعدو قبل عام 2000 .. فهي كانت تعلم ان الأسد الاب ترك جيشا يحتاج الى ترميم منذ زمن بوريس يلتسين .. وتعلم ان الارياف السورية حبلى بالفقراء والبسطاء .. وتعلم ان الاخوان المسلمين حملوا ثاراتهم من هزيمة الثمانينات وخبؤوها في خزائنهم ينتظرون من ينصرهم من الغرب ويقايض معهم بضاعة سياسية .. ولذلك نجد ان اميركا كانت دقيقة في كل معلوماتها فنجحت نسبيا لأنها استعملت معلوماتها القديمة وفشلتفي اتمام المهمة لأنها لاتملك بقية المعلومات منذ رحيل الأسد الأب .. وماحدث منذ عام 2000 حتى عام 2010 في سورية دون علم أميريكا تفوق على مخزونها الثري من المعلومات القديمة .. وماحدث منذ عام 2011 وحتى اليوم لاتعرف اميريكا الا أجزاء غير مفهومة منه .. ولذلك فان هناك درجة من الصدمة وعدم التصديق في أوساط صناع القرار في الدولة العميقة الاميريكية من فشل توقع ماحدث .. حيث أخرج الأسد مفاجأة روسيا من قبرها السيبري الذي دفنت فيه الى جانب الماموث .. وترك القوة الضاربة لجيشه محايدة في الحرب الى أن اتخذ قرار التحرير بعد أن استنفذ الارهابيون كل طاقتهم وانتشارهم .. ثم كشف عن كنوزه المخبأة في المقاومة الوطنية اللبنانية التي وقفت الى جانبه دون حرج او تردد ..

حتى اللحظة لاتعرف كل الدراسات الاميريكية سبب تماسك الجيش السوري رغم ماتعرض له من حرب شرسة معنوية وعسكرية .. ولاتزال كل المحاولات لمعرفة سبب هزيمة القاعدة والاخوان المسلمين رغم انها قوى لاتهزم كما تبين في افغانستان لاتصل الى استنتاج كامل وهي تحير مراكز البحث ..
اليوم يتبرع جون بولتون بمحاولة انقاذ القاعدة التي تلفظ أنفاسها في سورية .. ويتصرف على أنه يعرف كل شيء .. ولكنه في الحقيقة لايزال يتصرف بناء على ملفات السي أي ايه القديمة حول سورية .. فهو يظن ان السوريين سيعتمدون سياسة امتصاص الضربات لأنهم لايريدون توسيع الاشتباك أو تغير قواعده منذ عام 1974 .. وهم فوق هذا في حالة حرب مع الارهاب وأن خياراتهم محدودة باستثناء اعلان الرد في المكان المناسب والزمان المناسب ..

النصيحة التي يعمل بها السوريون ستفاجئ جون بولتون ومن وراءه .. فهي نصيحة ثمينة للرئيس الاميريكي دوايت ايزنهاور وهو الذي قاد اميريكا الى النصر في الحرب العالمية الثانية: وهذه النصيحة الصارمة تقول: (في الحرب يجب عليك ان تعرف عدوك لتنتصر عليه) .. واضاف لها السوريون من خبرتهم (قبل ان تعرف عدوك اعرف نفسك .. واياك ان تجهل أي شيء عن عدوك وعن نفسك .. ولكن أقنع عدوك انه يعرفك وانك لاتراه ولاتسمعه ولاتحس به ولاتعرفه ولاتعرف نفسك .. فالعدو المطمئن هو العدو المثالي) .. وفي هذا السياق لايعرف الاميريكيون الى أي حد يمسك السوريون وحلفاؤهم بمصير جنود بولتون على الاراضي السورية العراقية دون أن يظهر ذلك للاميريكيين على نحو كامل ودقيق .. والاميريكيون لايعرفون حتى اللحظة ان كان السوريون سيطلقون صواريخ اس 300 التي قيل انها لم تسلم للجيش السوري ولكن الاميريكيين يقدرون ان الصواريخ بحوزة السوريين ولكن لاعتبارات كثيرة لم يتم الاعتراف بها رسميا .. ولكن قد يتم اطلاقها لتكون مفاجأة المعركة اذا كان القرار السوري الروسي الايراني هو احراج الاميريكيين واهانتهم .. وهذه القوى الثلاثة صارت اليوم تواقة جدا وأكثر من اي وقت مضى لتغيير قواعد الاشتباك والاميريكون في حالة تخبط وقرار بالانسحاب من الانفاق العسكري .. لأن اي تغيير في هذه القواعد لن يكون في صالح الاميريكيين .. فالسوريون وحلفاؤهم يعرفون صعوبة الوضع في الادارة الاميريكية بتفاصيله وهم يدركون ان الاميريكيين هم الذين لايقدرون على توسيع الرد اذا ماحدثث احتكاك أصاب الاميريكيين اصابة مباشرة .. لأنهم لايريدون العودة بقوات كبيرة الى الشرق الاوسط لتجنب سيناريو العراق الدموي بحق جنودهم .. وهنا ستنقلب الطاولة على الاميريكيين الذين سيدخلون لعبة لايريدونها البتة ..

ومختصر الكلام أن محاولات بولتون والمحافظين الجدد للابقاء على جيب ادلب لأي مفاوضات ومساومات لاطائل منها حتى لو أطلق النار .. اننا نعرف حدود القوة الاميركية وأزماتها ونعرف مالدينا من مناروات في أي مواجهة ونعرف الحد الذي نؤلم به أعصاب اميريكا القوية .. ولذلك لاالصواريخ ولاالمدمرات ولاالتهديدات قادرة على ان تحمي ارهابيي ادلب من أعاصير النار القادمة اذا مارفضوا الاستسلام دون قيد او شرط .. ولو جمعوا حولهم بولتون وعائلة بولتون وكل الناتو .. فما يقال هنا هو عبارة للسيد حسن نصر الله عندما قام بعملية الوعد الصادق واسر الجنديين الاسرائيليين .. وأعيدها بصياغة ملائمة للوضع الراهن لتقول: (لو اجتمع الكون كله لمنعنا عن دحر الارهابيين عن ادلب فلن ينجح .. وليس هناك الا خياران للارهابيين .. اما الموت أو الاستسلام بالطريقة التي يرونها مناسبة .. ونقطة على السطر

قد يعجبك ايضا