محاولة تتريك الشمال السوري / د. فايز رشيد

د. فايز رشيد ( فلسطين ) الجمعة 17/8/2018 م …




”الجيش العربي السوري المنتصر في الحرب الطويلة التي فرضت عليه, لن يسمح باحتلال تركي لأرضه, وبخاصة بعد فتح قنوات اتصال بين سوريا والحزبين الرئيسيين الكرديين مؤخرا, بعد إدراكهما عقم المراهنات التي توقعاها من أطراف خارجية عديدة, ومعرفتهما أن الهدف التركي من إنشاء هذا الجيش العميل هو في أحد أهدافه يستهدف الأكراد قيادة ووجودا, ”
بالنسبة لموضوع عنوان هذه المقالة, فقد قال أردوغان قبل أيام قليلة, إنه سيقوم بـ “تحرير” المزيد من المناطق السورية! بالتنسيق بالطبع مع بقايا ما يسمى بـ “المعارضة السورية” التي تتركز في الشمال وقد سبق له القول إن مدينة حلب في سوريا ومدينة الموصل في العراق تتبعان تركيا باعتبارهما ولايتين عثمانيتين. الطرفان عازمان على تأسيس ما يسمى بـ”الجيش الوطني”, وذلك إذا ما تمكنت المعارضات من إنهاء الخصومات الفئوية فيما بينها, لبسط سيطرتها على مناطق نفوذها شمال غرب سوريا, في محاولة منها لمنع الجيش العربي السوري من دخول المنطقة, باعتبارها منطقة عربية سورية, ومن الطبيعي أن يدخلها الجيش الشرعي كما بقية المناطق السورية. نعم, يمثل هذا المسعى عنصرا أساسيا في خطط المعارضة المدعومة أساسا من أنقرة, لتأمين شريط من الأرض يشكل جزءا من آخر معقل لهذه البقايا لفرض حكمها عليه. وقد أخر وجود قوات الاحتلال التركي على الأرض في حماية هذا الشريط , من الهجوم السوري المفترض حتما لتحريره. وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد تعهد باستعادة “كل شبر” من الأرض السورية, ورغم أنه استرد السيطرة على معظم أنحاء البلاد, فإن الوجود الاحتلالي التركي سيعقد بالطبع أي حملة عسكرية لجيش الشرعية في الشمال الغربي لسوريا.
لقد تجاوز دور تركيا دعم شراذم هذه الفصائل إلى إعادة بناء المدارس والمستشفيات. كما فتَح البريد التركي خمسة فروع له على الأقل في المنطقة. ويقول العقيد هيثم العفيسي قائد ما يسمى بـ “الجيش الوطني” إن إنشاء هذه القوة لم يكن بالمهمة السهلة خلال السنة الأخيرة. وقال في مقابلة ببلدة اعزاز قرب الحدود التركية “نحن ننتقل إلى مرحلة جديدة, ولكن ما زلنا نواجه مشاكل علينا تجاوزها”, وأواخر الشهر الماضي أصدر تعليمات لقادة جيشه اللا وطني والعميل لتركيا, تقضي …”بالتعاون الكامل مع قيادة الشرطة العسكرية التركية … فالشرطة العسكرية تمثل قوة القانون والعدالة وليست منافسا لأي فصيل”. أيضا وبأوامر من تركيا, تم منع بقايا الفصائل التي يتألف منها جيش المهزومين الانكشاري, من إدارة سجون ومحاكم خاصة بها ومن “اعتقال أي مواطن من قبل أي فصيل كان, إلا بموجب كتاب رسمي من القضاء وعن طريق الشرطة العسكرية حصرا”.
يتألف هذا الجيش التركي المنشأ من حوالي 35 ألف مقاتل من بعض أكبر الفصائل المهزومة في الصراع الدائر في سوريا, وبعد إفشال المخططات الصهيو- أميركية والبعض عربية لتفتيت سوريا إلى دويلات متنازعة من أجل خدمة الأمن الصهيوني أولا وأخيرا, ومثلما فشلت مساع عديدة لتوحيد مقاتلي ما يسمى بـ “المعارضة” إذ عرقلتها منافسات محلية, وفي بعض الأحيان تعارض أهداف الدول الأجنبية التي كانت تدعمهم (وبعضها لا يزال) في وقت من الأوقات, وبخاصة بعد الانتصارات الأخيرة للجيش العربي السوري بدعم ومساندة من حلفائه خلال السنتين الأخيرتين. معروف أن الجيش التركي كان قد توغل في الشمال الغربي لسوريا في حملتين. الأولى, ما أسماها بـ “درع الفرات” عام 2016 وأدت لطرد تنظيم داعش من المنطقة الواقعة بين اعزاز وجرابلس. والثانية تحت الاسم الكودي المعاكس لمضمونه “غصن الزيتون” التي انتزعت فيها تركيا السيطرة على منطقة عفرين من وحدات ما يسمى بـ “قوات حماية الشعب الكردية السورية” في وقت سابق من العام الجاري. وللمنطقة أهمية خاصة لأنقرة ,لأنها ترى فيها, خطرا أمنيا عليها, من وحدات حماية الشعب التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني, الذي يخوض قتالا منذ أكثر من ثلاثة عقود في تركيا.
يبقى القول, إن الجيش العربي السوري المنتصر في الحرب الطويلة التي فرضت عليه, لن يسمح باحتلال تركي لأرضه, وبخاصة بعد فتح قنوات اتصال بين سوريا والحزبين الرئيسيين الكرديين مؤخرا, بعد إدراكهما عقم المراهنات التي توقعاها من أطراف خارجية عديدة, ومعرفتهما أن الهدف التركي من إنشاء هذا الجيش العميل هو في أحد أهدافه يستهدف الأكراد قيادة ووجودا, وأن تيارات كردية عديدة تنادي بالعودة إلى حضن الوطن الأم سوريا, بالتالي, فإن المخطط الكولونيالي التركي لاحتلال الشمال السوري وتتريكه.. ستفشل حتما.

قد يعجبك ايضا