لأكثر من مرة … موت محقق ، لم يحصل رغم توفر كل الشروط … (1) / عاطف زيد الكيلاني

عاطف زيد الكيلاني*  ( الأردن ) الخميس 9/8/2018 م …




* مدير عام شبكة ” الأردن العربي ” الإخبارية الإلكترونية …

أتساءل : أهو الحظ؟  أهو شيء آخر غير الحظ؟  أم هو إعطاء الأقدار لي فرصة أخرى لإصلاح ما يتوجّب إصلاحه؟

وأتساءل أيضا : كم مرة يجب أن يعيش المرء تجربة الموت ، ولا يموت ؟

وإلى متى هذه ( اللعبة ) ؟

أم أنها الأقدار تمارس السخرية من محاولاتنا التشبث بالحياة لترينا أنها ( الأقدار ) هي فقط من تستطيع منحنا فرصة جديدة للعيش ؟

أسئلة كثيرة دون إجابات شافية ، وتساؤلات أكثر دون  قدرة من أيّ نوع على العثور على أيّ مبرر لعدم حدوث الموت الفعلي مع وجود كلّ ( مستلزماته المادية ).

سأبدأ من أكثرها ( طزاجة ) وأحدثها من حيث التسلسل الزمني .

أكتب هذا المقال اليوم الخميس 9/8/2018 م ، …

ليل الأحد / الإثنين الماضية ، كنت عائدا إلى بيتي مع أخي الأصغر مني بسيارته بعد أن أدّينا واجب العزاء بوفاة إحدى قريباتنا في العاصمة الأردنية عمان .

كان ذلك حوالي التاسعة والنصف ليلا .

الطرق المؤدية إلى بيتي كثيرة ومتعددة ، اخترت منها أكثرها هدوءا وأقلّها ازدحاما بالسيارات والمشاة .

في منتصف الطريق تعرّض أخي ، وكان هو من يقود السيارة إلى نوبة سعال استمرت ( ربما ) لأكثر من نصف دقيقة .

كنت أنظر أمامي ، خاطبته وأنا ما زلت أنظر إلى الأمام : أرى أن سعالك قد ازداد حدة يا أبا فادي ، أرى أنه يجب عليك التقليل من السجائر ومراجعة الطبيب … لم يردّ أبو فادي .

التفتّ إليه لأجده ملقيا برأسه على مقود السيارة ، وكان من الواضح أنه إما فارق الحياة فجأة أو أنه دخل في غيبوبة مفاجئة .

كانت السيارة ، وحسب الأصول تسير على يمين الشارع ، ولكنها في اللحظة التي أنهيت بها حديثى الى أبي فادي انحرفت يسارا لتذهب الى أقصى يسار الشارع بزاوية منفرجة وليس بزاوية قائمة .

جرى ذلك بينما كنت أصرخ بأخي دون أيّ تجاوب منه ، فقد كان فعلا في غيبوبة بسبب حدة السعال وانقطاع الأوكسجين عن الدماغ كما أخبرنا الطبيب فيما بعد.

كلّ ذلك وما سيليه حصل في أقلّ من عشر ثوان أو خمسة عشر ثانية على الأكثر.

أخذت بالصراخ : يا ناس ، يا عالم … أوقفوا السيارة ، ولكن أصلا لم يكن هناك أحد يسير بالشارع وقتذاك ليسمعني … إذن لا مجيب .

كانت رجل أخي ثقيلة على دوّاسة الوقود مما زاد في سرعة السيارة وجعلها تصعد على الرصيف الأيسر للشارع ، علما أته بارتفاع أكثر من 20 سنتمترا .

لم أستطع فعل شيء سوى انتظار الإصطدام المتوقع بأيّ شيء لإقاف السيارة .

وأيّ شيء هذا ، قد يكون إنسانا أو حيوانا أو مركبة مصفوفة على الرصيف … أو عمود كهرباء ، وهو بالضبط ما حصل.

بعد أن صعدت السيارة على الرصيف الأيسر ، اعتدلت تماما وازدادت سرعتها مرة أخرى بعد أن خففها الإصطدام بالرصيف .

أخي غالب ( ابو فادي ) ما زال في غيبوبته رغم كل ضجيجي ومحاولاتي اليائسة لإزاحة أو رفع قدمه عن دوّاسة البنزين .

وبسرعة لا تقل عن 40 أو ربما 50 كيلومتر / الساعة اصطدمت السيارة بعمود الكهرباء الذي ( عانق ) منتصفها تماما.

فجأة ، وعلى إثر الإصطدام المروّع ، صحا أخي من غيبوبته ليسألني بمنتهى الهدوء : ماذا هناك؟ ما الذي يجري ؟ أين نحن؟

هدّات من روعه وخلال أقل من نصف دقيقة تجمّع الكثير من الناس الطيّبين حولنا وأنزلونا من السيارة ، واطمأنّوا ( ونحن أيضا ) على أن لا إصابات قاتلة أو كسور قد تعرّضنا لها .

لم يتضر ر عمود الكهرباء والحمد لله ، أما السيارة فقد تضررت بشكل كبير جدا.

أما نحن ( أنا وأخي غالب ) ، فقد انطلقنا فورا إلى طواريء مدينة الحسين الطبية  لنتلقّى العلاج اللازم ، ولذلك قصّة أخرى سأرويها في مقال لاحق.

ثلاثة أيام مرّت على الحادث ، وما زلت غير مصدّق أن النتيجة اقتصرت على بعض الرضوض والخدوش والجروح البسيطة .

سيارة يقودها سائق في غيبوبة ، ويخرج الراكبان أحياء … هذا في حدّ ذاته معجزة .

الحمد لله على كل حال .

قد يعجبك ايضا