غارة وطيارة و”غزوة”… وكيف نجت السويداء من مجزرة كبرى بهجوم كيميائي مروع؟! / سمير الفزاع




سمير الفزاع ( سورية ) الأربعاء 8/8/2018 م …

الغارة الصهيونية على مركز البحوث في مصياف، وإسقاط السوخوي-22 السورية، وغزوة داعش على مدينة السويداء وريفها… هل من رابط؟!. منذ فترة ليست بالقليلة، ظهرت أحاديث عن هجوم كيميائي مرتقب في سورية، تنفذه الجماعات المسلحة إنطلاقاً من منطقة التنف تحديداً، ليعيد عجلة الميدان السوري إلى الوراء وبشدة… وقد كان لافتاً، تحذير البحرية الإيرانية قبل اسبوعين تقريباً، عندما شخصت سفينة نقل أمريكية في الخليج العربي محملة بالمواد الكيميائية… السويداء، وعلى الرغم من المصاب المهول، إلا أنها نجت بوعي أهلها، وسرعة تحرك القوى الرديفة والجيش العربي السوري، من مذبحة كبرى، تتوزع أدواتها بين: 1-غزوة داعشية تسيطر على قرى محيطة بالمدينة، والأهم أحياء داخل المدينة. 2- هجوم كيمائي تنفذه داعش داخل المدينة، ويُتهم فيه الجيش العربي السوري. 3- فتنة عمياء؛ طائفية ضد أهل حوران من جهة، وضد الجيش العربي السوري من جهة ثانية… إلى جانب رزمة من الأهداف، وهذا أهمها:
1- يرغب الكيان الصهيوني بإعادة التفاوض والقراءة لإتفاقية فك الإشتباك 1974، على نحو يمكنه من فرض شروط وتفاصيل لم يلحظها هذا الإتفاق، مثل: وجود قوات غير سورية -حليفة لسورية- تضمر العداء لكيان العدو وتتموضع قريبا من المنطقة الفاصلة… وما هذا العدوان إلا أحد الوسائل العسكرية “لإقناع” سورية بهذا الأمر.
2-الإنتقام للطائرة الصهيونية أف-16 صوفا التي أسقطتها الدفاعات الجوية السورية داخل الأراضي المحتلة -عمق الكيان- قبل أشهر.
3- الإيحاء بقدرتها على حماية “حدودها” بقواها الذاتية، وفي نفس الوقت الحدّ من حرية حركة سلاح الجو العربي السوري بالقرب من الحدود، وترسيخ مفهوم الخطر المحقق في أذهان الطيارين السوريين ولاشعورهم، خصوصاً وأن هذه الطائرة الحربية الثالثة التي يسقطها كيان العدو بعد طائرتين مروحية وأخرى نفاثة.
4- التعمية على فشل منظومة مقلاع داوود وعجزها عن رصد مسار وإعترض صاروخي “توشكا” أطلقهما الجيش العربي السوري قبيل ساعات من إسقاط الطائرة… حيث تم تفجير أحدهما ذاتياً فوق الجولان المحتل، وسقوط الآخر في الأراضي السورية… والحفاظ على الجيب الداعشي الذي لا يمكن نقله إلى أي مكان بالمقارنة مع ما تبقى من المجموعات الإرهابية ليكون النافذة التي يدخل منها إلى معادلة-إقليمية تلبي مصالحه… فكان الردّ السوري المباشر بتوجيه سرب من المقاتلات السورية لسحق مواقع وتحصينات داعش في حوض اليرموك.
5- يرغب كيان العدو بالحفاظ على هامش الحركة والإغارة على أهداف في الأراضي السورية عند حدوث أي طاريء، دون أن يحمله ذلك تبعات إنتظار أو التعامل مع ردّ سوري… وفي هذا السياق تندرج غارة مصياف الأخيرة.
6- حرف النظر عن فضيحة دعم ثمّ تجميع وأيواء وتهريب “أصحاب القبعات البيضاء” إلى داخل كيان العدو، والتي مثلت وبحق الضربة القاضية لكل من يدعي بأن هناك ثورة في سورية من جهة، وفضحت الدور الصهيو-أمريكي والغربي والرجعي العربي في هذه الحرب عبر إستخدام أدوات غزو إرهابية تعدّ بمئات الألآف.
7- وقد يقول البعض صدقاً وآخرين تندراً، أين الردّ السوري على إسقاط طائرته المقاتلة؟. بصراحة، ما معنى أن يقوم كيان العدو بترحيل 800 إرهابي في ليلة واحدة عبر الحدود، وبإستخدام باصاته، وتحت حماية جنوده؟ وما معنى أن تعلن الأردن عن وصول 442 منهم فقط إلى الأردن؛ أين ذهب البقية، ومن هم، ولماذا يهتم لأمرهم كيان أعلن على لسان وزير حربه “ليبرمان” قبل أيام بأن الكيان لن يستقبل لاجئاً واحداً؟!!! ماذا لو كان العدد الحقيقي كما تقول بعض المصادر بأنه يتجاوز الـ3000 إرهابي؟!!! ألم يقل الرئيس بشار حافظ الأسد بأننا نحارب جيشاً إسرائيليّاً على الأرض السورية؟!.
8- في خضم الحديث عن عودة اللاجئين السورية لطي ملف الحرب على سورية وإنتزاع هذه الورقة من التداول الرخيص في هذه الحرب… يُعد الجنوب السوري من المناطق الأقل تضرراً، وهو مرشح لإستقبال مئات ألآف اللاجئين العائدين، وتحديداً من الأردن… لذلك، يجب ضرب الإستقرار في هذه المنطقة، وتسعير التوتر والمحرقة الطائفية والمناطقيّة… لمنع هذه العودة، وهو ما حاولت داعش القيام به بالضبط لو ترك الأمر لها للإستمرار بغزوتها الإجرامية.
9- إجبار القيادة السورية على إعلان موقفها من إتفاقية فك الإشتباك 1974، حيث ما زالت حتى اللحظة، تتقصد سورية إبداء الغموض تجاه جبهة الجولان وإتفاقية فك الإشتباك 1974، وليس تجاه تحرير ما تبقى من أراضيها مع الجولان المحتل، لتحقق جملة من الشروط، من أهمها: أن ليس هناك من أحد قادر على التحدث بإسم سورية في قضاياها السيادية الكبرى مهما كان متحالفاً قريبا أو قويا متجبراً… لن تسمح سوريّة لكيان العدو أن يكون شريكاً في نسج تحالفات سورية العسكرية والأمنية والسياسية… كما أن سورية تسعى لإنجاز هزيمة عسكرية لهذه الأدوات إما بالعمل العسكري أو بالإخضاع السياسي لتحقق إنتصارها البائن على مشروع الغزو، ما يؤهلها لفرض إرادتها السياسية التي سعى حلف الحرب عليها لإستلابها… ولكن ماذا لو كان الهدف السوري من هذا الصمت خروج الكامل للإحتلال الأمريكي من سورية دون قيد أو شرط وعودة الجولان السوري المحتل في مشهد مماثل لما جرى في جنوب لبنان، خصوصاً وأن سحب أدوات الغزو الإرهابية –الخوذ البيضاء- في سورية، يستدعي تذكر تفاصيل ذلك الإنسحاب الصهيوني المهين، وتدافع عملائهم من جيش لحد نحو الحدود في مشهد مماثل إلى حدّ بعيد؟!.
ختاماً، يحاول العدو الصهيوني الإيحاء بأن مشاكله تنحصر فقط في القلق من وجود المستشارين الإيرانيين وقوات من حزب الله وتشكيلات من فصائل مقاومة على مقربة من الجولان المحتل، وأنّ هذه القوات هي سبب تقدم الجيش العربي السوري في جنوب وغرب سورية… . يتناسى العدو والمطبلون معه، بأن الجيش العربي السوري قد سرّح الدفعة 102 المكونة من قرابة عشرة ألآف جندي وضابط قبيل معركة جنوب-غرب سورية تحديداً، وهذا يؤكد بأن لديه فائض قوة ليس لتنفيذ هدفه في تلك الجبهات؛ بل وصد هجوم خارجي قد يأتي من خارج الحدود على تلك الجبهات… كما قد يقول أحدهم؛ أيعقل بأن تختفي كل هذه الأهداف والرسائل خلف غارة صهوينة وإسقاط طائرة سورية وهجوم إرهابي؟! الجواب: نعم. كل فعل ميداني يحمل رسالة سياسية وأكثر في الغالب؛ وما فعله العدو يحمل كل هذه الدلالات وزيادة. لنتخيل فقط؛ أن تنتهي الحرب على سورية وفي جعبتها كل هذه الإنتصارات الميدانية والسياسية والأمنية، مع جيش خبر أقسى وأعقد أنواع الحروب، وحلف مقاوم هائل القدرات يضع تحرير الجولان وطرد واشنطن وأدواتها من المنطقة على رأس أولوياته… دون إبرام أي تفاهم يضمن وجود وأمن كيان العدو ، ومصالح واشنطن والغرب الإستعمارية في المنطقة… حتماً، إنّه الزلزال الذي سيفضي إلى تشكل عالم جديد لن تكون لأمريكا وأذنابها فيه اليد العليا.

قد يعجبك ايضا