اتفاق فيينا النووي ,, والاستدارة الكبرى / عبدالحفيظ سليمان ابو قاعود

نتيجة بحث الصور عن عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود
 عبدالحفيظ سليمان ابو قاعود* ( الأردن ) الأحد 8/7/2018 م …
*رئيس تحرير ” الأردن العربي ” …



الإنجاز النووي الايراني بشقيه السلمي والاستراتيجي ؛  توازن نوعي قوي و سيراكم المزيد من قدرة الجمهورية الاسلامية الإيرانية ومحورها المقاوم ، رغم التصميم الصهيو أميركي على متابعة الاستهداف بأدوات القوة الناعمة والعقوبات الاقتصادية لعرقلة المشروع النهضوي العربي حليف الجمهورية الاسلامية، الإيرانية لولوج “الامة والملة” الدورة الحضارية الانسانية الثالثة..
تداعيات الانسحاب الامريكي من اتفاق فيننا النووي سواء بالعقوبات الاقتصادية الامريكية متعددة الاهداف والاليات  على ايران وحلفائها بخاصة وعلى حلفاء الولايات المتحدة بعامة على حد سواء ؛ تهدد السلم العالمي ، وتنذر بحرب عالمية ثالثة نتيجة ازمة طاقة عالمية محتملة في حال اغلاق مضيق باب المندب امام تجارة النفط العالمية.
فالاتفاق  رسخ الاعتراف بإيران ؛ قوة اقليمية كبرى ، وعضو بالمنتدى النووي العالمي كخطوة اولى  في التوازنات الدولية  يوازي في مضمونه وشروطه ونتائجه ومالاته ؛ صلح الحديبة / اتفاق الرسول الاعظم مع قريش/ ، الذي مهد الطريق لفتح مكة سلما بعد ثلاث  سنوات من إبرامه ، وان “الامة والملة ” في صلب هذا الانجاز التاريخي ،ويفتح افاقا للحوار بين قوميات ” الملة” فيما بينها في اطار مشروع التكوين السياسي والتشابك الاقتصادي، لحل الخلافات الحدودية والمذهبية ، وانهاء الصراع بينها وبين الغرب في مصالحة تاريخية مقبلة في اطار نظام دولي متعدد الاقطاب والثقافات،
 كما تمكنت إيران “الثورة الاسلامية والدولة المدنية “من تحقيق اختراق نوعي في الاستراتيجية العدوانية المتوحشة، والتي استهدفت حظر المعرفة العلمية على العرب والمسلمين، وذلك من خلال التوجه الى مشروع ” فن الحياة” ، وثقب جدار الحظر الغربي المتصهين على “الامة والملة” لامتلاك “تكنولوجيا الناتو” وتعميمها.
فالإبعاد السياسية والاستراتيجية لهذا الاتفاق ؛ كان الإعلان الرسمي عن قبول عضوية إيران في نادي القوى الاقليمية العظمى ، والمنتدى النووي العالمي .حيث احتلت إيران في العقد الأول من الالفية الجديدة،  المرتبة التاسعة عشرة عالمياً في الإسهامات البحثية المنشورة .لأنها مهتمة بالمعرفة الانسانية وعلوم “تكنولوجيا الناتو” في اطار مشروعها علوم ” فن الحياة“.
 .لقد تمكنت الثورة الاسلامية الايرانية من بناء أجيالا من المهندسين والخبراء والمنتجين المؤهلين علميا وتقنيا لبناء قاعدة علمية متقدمة ،و قوة عسكرية عملاقة مؤهلة للدفاع عن قلعة مهمة من قلاع التحرر مقاومة الاستعمار في العالم، وقدمت  إمكانات ومساهمات جليلة في دعم مستمر ومتواصل للدولة الوطنية السورية ولحركات المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة والمستضعفين في الارض.
وقادت القيادة الإيرانية بزعامة قائد الثورة الإمام أية الله الخميني ومن ثم بقيادة رفيقه وخليفته صاحب العقل الاستراتيجي الراجح آية الله علي الخامنئي مقاومة مبدعة وتحركت وفقا لقاعدة تحويل التهديد والحصار إلى فرصة . ورسخت شراكة مصيرية مع الجمهورية العربية السورية  توأم الجمهورية الإسلامية الايرانية في مشروع تحرير الشرق من الهيمنة الاستعمارية الصهيونية ،والمشروع التكفيري الارهابي .
معارك وتحديات سياسية واقتصادية وعسكرية زرعها الحلف الاستعماري الصهيوني لإيران ومحورها المقاوم، من خلال الحروب الاقليمية والاحتلالية والحروب بالوكالة،  الصراع المذهبي عبر المشروع التكفيري  الارهابي”الدواعش”،ومنظومة التحالف الامني الاقليمي لاستنزاف فائض قوة إيران الاقتصادية والعسكرية خدمة للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة.
الوقائع والمعطيات ؛
عند دراسة ظروف مناخ وشروط صلح الحديبة في العهد النبوي وظروف مناخ وشروط “الاتفاق” في العصر الحديث نجد انهما متشابهان في الظروف والشروط والاهداف والمخرجات، وان المفاوض الايراني بقيادة مرشد الثورة الاسلامية حوُل التهديد والحصار الى فرصة تاريخية ، حيث اقتدى بالرسول الاعظم في اقامة التحالفات مع “القبائل العشائر” في الجزيرة العربية ،وبالمفاوضات والحوار السلمي مع قريش ؛ القوة العظمى في ذاك المكان والزمان.
واستطاعت إيران من تحقيق اختراق نوعي في الاستراتيجية العدوانية المتوحشة، والتي استهدفت حظر المعرفة العلمية على العرب والمسلمين، وذلك من خلال التوجه الى مشروع ” فن الحياة” ، لإيجاد ثقب كبير في جدار الحظر الغربي المتصهين على “الامة والملة”؛ تمهيدا لهدمه للنفاذ لامتلاك “تكنولوجيا الناتو” وتعميمها.
فخرجت ايران من دائرة الاستهداف الرأسمالي المتوحش عبر الاتفاق النووي في فيينا للانضمام الى مجموعة الدول الكبرى 5+1 ،ولرسم مستقبل المنطقة والاقليم وفق تفاهمات لإدارة الازمات تمهيدا لتقاسم النفوذ في المنطقة.
 لكن النفوذ الصهيوني في الادارة الامريكية ، التي تنفذ السياسات الاسرائيلية ضغط باتجاه الانسحاب من الاتفاق من جانب واحد ، مما خلق ارباكا في اوساط اطرافه بعد العقوبات الاقتصادية الامريكية على ايران وعملائها التجاريين والتهديد الايراني بالمقابل في حال عدم ضمان مصالحها الحيوية من بقية الاطراف بإغلاق مضيق هرمز امام ناقلات النفط حول العالم. ليكون الرد بحجم العقوبات الاقتصادية والتحريض الممنهج .
 
الادارة الامريكية والاتفاق
فقد لجأت ادارة اوباما الى الوساطة العمانية لدى القيادة الايرانية لأقناعها بالقبول بالمفاوضات حول مشروعها النووي للوصول الى اتفاق مرض لأطرافه السبع . فقد تمكنت إيران ؛ الثورة الاسلامية والدولة المدنية ؛ من كسر طوق الحصار العلمي ، الذي فرضه الغرب المتصهين على الامة والملة ، بامتلاكها ناصية العلم والتكنولوجيا المحضورة ، والسلاح النووي والاستراتيجي الكاسر بالانضمام للنادي النووي العالمي بزمن قياسي ابهر العالم .
وكان الهدف الامريكي من الاتفاق الحد من القدرة العلمية الايرانية في تخصيب اليورانيوم لمنعها من امتلاك الخيار الاستراتيجي السلاح النووي ، بعدما اصبحت قوة اقليمية لها وزنها الدولي ، وتمكنت من إيجاد ثقب كبير في جدار الحظر الغربي المتصهين على المعرفة العلمية المتقدمة ل”الامة والملة” في أطار” مشروعها الحضاري .. تعلم علوم ثقافة ” فن الحياة”، ورعاية العلم والعلماء المؤدي الى ولوج الدورة الحضارية الانسانية الثالثة ل”الامة والملة“.
واللافت للنظر ان الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما قد نصح مملكة” ال سعود ” خلال زيارته الاخيرة الى الرياض في نهاية ولايته بان تتقاسم النفوذ في المنطقة مع إيران ، لكن اعمى البصيرة لدى حكام ” نجد والحجاز” التقاط فكرة اوباما في تقاسم النفوذ في المنطقة  ؛ انهم سيربحون معركة سورية والعراق عبر” الدواعش ” ، فالناصح الامين” اوباما ” كان على معرفة تامة الى اين تتجه الجمهورية الاسلامية الايرانية في قدرتها  العلمية في  امتلاك السلاح الاستراتيجي الكاسر مع الغرب المتصهين .
لم تحظ نصيحة اوباما لحكام مملكة “ال سعود” بتقاسم النفوذ مع إيران  في الاقليم والمنطقة، وكذلك موقف نتنياهو المعارض للاتفاق من ادارة اوباما، التي ابرمت اتفاق العصر من اجل امن إسرائيل باهتمام المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين والباحثين في المجالات الامنية والعسكرية الاستراتيجية  بالقدر الكافي من البحث والدراسة لرسالتها ودلالاتها على مستقبل العلاقات الدولية .
ادارة اوباما اعتبرت الاتفاق جاء في الاساس لمصلحة إسرائيل ، حينما كشف اوباما نفسه عن انضمام “عضو إسرائيلي ” ضمن الوفد الامريكي المفاوض للاطلاع على سير المفاوضات اولا بأول، ولم ترض إسرائيل بالاتفاق . لكن  ان  المستغرب في هذه المسألة معارضة “السعودية ” للاتفاق بحجج واهية ،وافتقارها الى  البراهين والادلة في ان ايران تهدد امنها الاقليمي  بامتلاكها “النووي ” السلمي . في حين لجأت” ادارة ترامب “  الى اسلوب المراوغة مع ايران الى عدم اتمام التصديق على الاتفاق من قبل الكونغرس ليصبح نافذا بعد استكمال مراحلة الدستورية ، بإخضاع البرنامج الصاروخي ” السلاح الاستراتيجي ، ضمن بنود الاتفاق بزعم تهديده الوجود الاسرائيلي، والسلام الاقليمي بالخطر ،ودعم المنظمات الارهابية ،وتغيير قواعد الاشتباك ،واحياء الجبهة الشرقية ضد اسرائيل لاستكمال مشروع التحرير لفلسطين المحتلة واسقاط مسار كامب ديفيد استسلامي بعد ان استعاد الصراع مع المشروع الصهيوني مساره الطبيعي ” دورات حروب
واعلنت ادارة ” ترامب ” الانسحاب من الاتفاق من جانب واحد وفرضت عقوبات اقتصادية على ايران ومن يتعامل معها بالمقابل اشترطت ايران على بقية الاطراف ضمان مصالحها للبقاء في الاتفاق ، وهددت بالانسحاب في  حال امتثال الاتحاد الاوروبي بالإملاءات الامريكية والالتزام بالعقوبات على ايران ، ومازالت المفاوضات جارية حول ضمان المصالح الايرانية ، لكن المكتوب يقرأ من عنوانه ؛ عدو جدك ما يودك . لكن مفاوضات  فيينا تشئ بالمراوغة الاوروبية والتماهي الخجول مع الموقف الامريكي .
اهداف  الانسحاب الامريكي
وجاء انسحاب  ادارة “ترامب” من الاتفاق بحجة عدم قبول ايران بتعديله ؛ بطلب  من ادوات الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة الامريكية و إسرائيل ، بهدف :-
  الضغط على ايران وحلفها المقاوم للدخول بمصالحة مكشوفة مع إسرائيل والتقاهم مع مملكة ال سعود على النفوذ في الاقليم ،واستعادة النفوذ الامريكي في الشرق ، كما كان الحال في عهد الشاه بالسماح لها بإقامة القواعد العسكرية الثابتة والمتحركة.
  ان تكون سوقا استهلاكية لمنتجاتها ،والانضمام الى منظومة التحالف الامني الاقليمي ،والاشراف على المشروع النووي، كما هو الحال في باكستان، واخضاع  سلاحها الاستراتيجي لأشراف البنتاغون ، وذلك بالعودة  للمربع الاول .
  التفاهم مع ” مملكة ال سعود ” على النفوذ في المنطقة لضمان المصالح الامريكية الحيوية ، التواجد العسكري الثابت والمتحرك في الاقليم .
وجاء الرد الايراني المتدرج على لسان قائد الحرس الثوري سريعا على الموقف الجديد لإدارة ” ترامب “  قبل اعلانه سواء  الانسحاب من الاتفاق من طرف واحد او تعظيم العقوبات الاقتصادية او في حال اعتبار الحرس الثوري منظمة ارهابية ، بان عليها نقل القواعد العسكرية الامريكية الثابتة والمتحركة في الاقليم والمنطقة  الى مسافة لا تقل عن الفي كيلومترا من حدود إيران الدولية ،باعتبارها قواعد تغذي الارهاب .
فتجدد الرد الايراني سريعا  بالتهديد بأغلاق مضيق هرمز امام الملاحة الدولية لتجارة النفط ، في حال فرض عقوبات على تصدير النفط الايراني الى اسواقه التقليدية . فالعين بالعين والسن بالسن  والبادي اظلم، وعلى الباغي تدور الدوائر.
فالإنجاز النووي الايراني السلمي توازن قوي متغير سيراكم المزيد من قدرة إيران ومحورها المقاوم وحلفها الدولي المتنامي رغم التصميم الصهيو أميركي على متابعة الاستهداف بأدوات القوة الناعمة والصلبة للمشروع النهضوي  العربي حليف الجمهورية الاسلامية، الإيرانية لولوج “الامة والملة” الدورة الحضارية الانسانية الثالثة.
بالنتيجة هناك ؛ استدارة كاملة لمسار “الاستسلام ” الذي قاده الرئيس المصري انور السادات واسلافه من الحكام ومنظومة التحالف الامني الاقليمي  في اطار الخطة الجيوسياسية الاسرائيلية لعام 1976 ؛ في الاتجاه المعاكس نتيجة النصر العظيم للجيش العربي السوري وقيادته المجاهدة  والمحور المقاوم  في الذكرى الاربعين للثورة الاسلامية الايرانية ،والتي تتزامن مع الذكري الاربعين “لاتفاق الكامب  ” ومحلقاته ؛ “اوسلو والعربة ” في العام  2019 “عام الاستدارة الكبرى” .للبحث صلة
·      *صحافي وباحث سياسي

قد يعجبك ايضا