وداعا سفيرة العدالة فيليتسيا لانجر / فايز رشيد

د. فايز رشيد ( الأحد ) 24/6/2018 م …




” فيليتسيا لانجر يهودية من أصل ألماني, ولدت في عام 1930 في تارنوف ببولونيا باسم فيليتسيا فايت, هاجرت عام 1950 إلى دولة الاحتلال مع زوجها ميتسيو لانجر الناجي من معسكرات الاعتقال النازية, وكانت تنتمي إلى اليسار الشيوعي, وحصلت على شهادة في القانون من الجامعة العبرية عام 1965. بعد حرب يونيو/حزيران سنة 1967,”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكان ذلك في موسكو عام 1988 أثناء المؤتمر العالمي للمرأة, الذي عقد صيف ذلك العام في العاصمة السوفياتية, كان كاتب هذه السطور يتخصص في العاصمة البيلاروسية مينسك آنذاك, والمسافة بينها وبين موسكو بالطائرة ساعة واحدة فقط. كنت قد تلقيت اتصالا من رئيس تحرير مجلة الهدف الشهيد الصديق صابر محي الدين بضرورة تغطية أعمال ذلك المؤتمر, وقد كنت أمتلك بطاقة صحفية جرى اعتمادها لحضور مطلق مؤتمر صحفي يعقد في الاتحاد السوفييتي. حضر كاتب هذه السطور إلى العاصمة السوفياتية, سيما وأن زوجته المناضلة ليلى خالد كانت من جملة المشاركات في المؤتمر. فوجئت بالطبع بوجود المحامية التقدمية اليهودية فيليتسيا لانجر, التي يعرفها كلّ المعتقلين الفلسطينيين في الأرض المحتلّة, وقد توّلت الدفاع عن معظمهم مجانا, وفوجئت أيضا بوجود غيرها من القيادات النسائية العالمية مثل أنجيلا ديفيز وفاطمة أحمد إبراهيم, وويني مانديلا وفالنتينا تيروشكوفا وعصام عبدالهادي وأم جهاد وميّ صايغ وغيرهن من القيادات النسائية العالمية.افتتح المؤتمر الرئيس السوفييتي ميخائيل جورباتشوف صاحب مبدأي: البيريسترويكا والغلاسنوسنت حينها ( إعادة البناء والعلنية), وهما شعارا حقّ أريد بهما باطل كما تبين بعد ثلاث سنوات فقط من ذلك التاريخ, إذ أديّا إلى انهيار الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية.
تخلل المؤتمر الذي عقد على مدار عدة أيام, خطابات للمشاركات, من بينهن فيليتسيا لانجر, التي تحدّثت عن الفاشيّة الإسرائيلية والعدوان الصهيوني الدائم على الشعب الفلسطيني والأمة العربية, وعن عدالة القضية الفلسطينية, وعن طرق تعذيب المخابرات الإسرائيلية لهم, وصمودهم في وجه جلّاديهم, كما فصّلت في العراقيل التي تضعها دولة الإجرام الفاشي( كما وصفتها بالضبط آنذاك) أمامها لعدم دخول المحاكم إلّا بشق الأنفس, وسط تحريض عنصري مقيت من كل أجهزة الإعلام الإسرائيلية (بما فيها الصحافة) عليها, وصولا إلى تلقيها تهديدات بالقتل, وتسميتها بـ “اليهودية الكارهة لنفسها” وغير ذلك من المضايقات. رأيتها بالطبع على انفراد عدة مرّات وصولا إلى إجراء مقابلة صحفية معها, كما مع غيرها مثل, إنجيلا ديفيز, فاطمة إبراهيم, ويني مانديلا وفالنتينا تيريشكوفا وغيرهن, نشرتها الهدف على حلقات, ساعدني في ذلك طالب الصحافة آنذاك الصديق زكريا جابر.ما لفت انتباهي حينها في مقابلة لانجر قولها, أنها ستترك إسرائيل نهائيا خلال مدة قصيرة, وقد خصّت الهدف كأول وسيلة إعلامية لتعلن هذا القرار. نعم, كما كنت شاهدا على الآتي: مدى تصفيق لانجر بحرارة, والتي بادرت إلى الوقوف ( وتبعتها كل الحاضرات والحاضرين) طيلة حفلة عرض الأزياء التقليدية الفلسطينية, التي نظمتها المشاركات الفلسطينيات في المؤتمر, الآتيات كالعادة من أجزاء الوطن الثلاثة ومن مناطق مختلفة من الشتات.
فيليتسيا لانغر يهودية من أصل ألماني, ولدت في عام 1930 في تارنوف ببولونيا باسم فيليتسيا فايت, هاجرت عام 1950 إلى دولة الاحتلال مع زوجها ميتسيو لانجر الناجي من معسكرات الاعتقال النازية, وكانت تنتمي إلى اليسار الشيوعي, وحصلت على شهادة في القانون من الجامعة العبرية عام 1965. بعد حرب يونيو/حزيران سنة 1967, أعربت عن معارضتها للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة, وذلك بإنشاء مكتب خاص لها في القدس للدفاع عن المعتقلين السياسيين الفلسطينيين في سجون الاحتلال. بعد تركها وعائلتها للدولة الصهيونية إلى ألمانيا, ترأست لانجر اللجنة الفخرية للتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين, وقبل أشهر من وفاتها, وجهت نداء مفتوحاً للتضامن مع النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني الأسيرة خالدة جرار, وطالبت المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وحركات التضامن والأحزاب الصديقة للشعب الفلسطيني وأعضاء البرلمان الأوروبي المناصرين للقضية الفلسطينية, بأوسع حملة تضامن مع النائبة الفلسطينية جرار وكافة المعتقلين الفلسطينيين , وفضح ممارسات دولة الاحتلال الصهيوني, وقالت لجرار في رسالتها: أنت يا عزيزتي معتقلة سياسيا من قبل دولة تسمي نفسها بالديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط.أنت عضو في البرلمان الفلسطيني واعتقالك فقط لأنك تتضامنين سياسيا مع أخواتك وإخوانك المعتقلين في السجون الإسرائيلية بسبب نضالهم المشروع ضد الاحتلال.نالت لانجر عام 1990 جائزة الحق في الحياة (المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة) للشجاعة المثالية في نضالها من أجل الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني, وحصلت لانغر في عام 1991 على جائزة “برونو كرايسكي” للإنجازات المتميزة في مجال حقوق الإنسان. ألّفت لانجر العديد من الكتب حول الحقوق الفلسطينية وهي: “بأم عيني”, “هؤلاء إخواني” ,”من مفكرتي” “القصة التي كتبها الشعب”, “عصر حجري” ,”الغضب والأمل”,السيرة الذاتية”, “الظاهر والحقيقة في فلسطين” “تقرير ميتسيو الشباب بين الغيتو وتيريز ينشتادت” , “الانتفاضة الفلسطينية الجديدة”… وداعا فيليتسيا لانجر.

قد يعجبك ايضا