هل يخسر أردوغان الرهان في الانتخابات القادمة؟ / فوزي بن يونس بن حديد

Image result for ‫فوزي بن يونس بن حديد‬‎

فوزي بن يونس بن حديد ( الأحد ) 24/6/2018 م …




[email protected]

في الوقت الذي يعتقد فيه أردوغان أن الشعب التركي سينتخبه لا محالة في الانتخابات المبكرة التي ستجرى يوم 24 يونيو الجاري، يبقى هامش الخسارة قائما ولو كان ضعيفا حسب المراقبين، فلا شيء جازما اليوم بعد الذي حدث في أمريكا في الانتخابات الماضية، فهل سنشهد تحولا  وتغييرا في اتجاهات الشعب التركي بعد الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة وتركيا، خاصة أننا نعلم أن شعبية أردوغان آخذة في التناقص شيئا فشيئا بعد توجهاته السياسية الأخيرة وانخفاض الليرة التركية  إلى مستوى مخيف، وفتور علاقاته مع عديد الدول التي ترى فيه عدوّا لدودا كالإمارات والسعودية وغيرهما من البلدان.

الانتخابات الرئاسية في تركيا على الأبواب، ولم يترك أردوغان بابا إلا وسدّه في وجه خصومه، وقد يغفل عن باب يظن أنه لا فائدة من سدّه رغم علمه أن دائرة المعارضة بدأت تتسع وقد ينفذ منه التغيير، وأن الشعب التركي بدأ يمل من توجهاته السياسية الجديدة بعد التعديل الدستوري التاريخي الذي حوّل صلاحيات رئيس الوزراء إلى الرئيس، رغم تذمّر العديد من المعارضين في الداخل والخارج الذين يرون فيه أنه بدأ يرسّخ الدكتاتورية في تركيا من جديد ويمنع المعارضة من أي  صعود محتمل، كما أن سياسته الخارجية آخذة في التدهور مع العديد من الدول الأوروبية كألمانيا وهولندا وفرنسا وغيرها والدول العربية كالإمارات والسعودية والبحرين وربما مصر أيضا، والولايات المتحدة الأمريكية التي ترى فيه الحليف العدو في الوقت نفسه خاصة في قضايا تمس الطرفين مباشرة كالقضية الكردية والأحداث في سوريا.

ورغم الاستعداد الجيد لأردوغان والثقة العمياء في شعبه أنه سينتخبه إلا أن القلق ينتابه من تقدم المعارضة في هذه الانتخابات أو زيادة أصوات المعارضين لسياساته في الداخل مما يجعله أمام حسابات جديدة ومعقدة نوعا ما، فالمعارضة وإن فشلت في توحيد صفوفها وإثبات قدراتها في الداخل إلا أنها تقوم بمحاولات هنا وهناك لتشتيت نظرأردوغان في ملفات ساخنة كالقضية الكردية التي باتت تؤرقه في كل المحافل الدولية، وكذلك الانخفاض الملحوظ لليرة التي بدأت تتعافى من السقوط المدوي، وقد تظهر مفاجآت خلال الأيام القليلة القادمة التي تسبق الانتخابات تقلب الطاولة، أو تخالف التوقعات والاستطلاعات جميعها كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية حينما كانت الأنظار تتجه إلى كلينتون وإذا به يظهر ترامب فجأة ويحتفل بفوزه.

ولو قرأنا المشهد السياسي في تركيا بنظرة واقعية، لوجدنا أن تركيا سقطت في فخّ الدكتاتوية الأردوغانية، بعد الإصلاحات الدستورية حسب زعمه التي أقدم عليها أردوغان بإيعاز من حزبه العدالة والتنمية وكأنه يريد لنفسه الخلود في الحكم، لا سيما السلطات الواسعة التي صارت بين عشية وضحاها في يد أردوغان وأكاد أجزم، أن الحزب نفسه سيطالب بإلغائها فيما لو خسر أردوغان الرهان أو أقدم أحدهم على اغتياله أو مات ميتة طبيعية، فالتغييرات التي حصلت في السياسة التركية ليست ديمقراطية وإنما كانت فرضية بمعنى فرضها أردوغان على شعبه بحكم القوة التي يمتلكها.

وفي المقابل ترى المعارضة أن أردوغان يختال سياسيا ويغدر بشعبه الذي ظن أنه يقيم إصلاحات في البلاد وأنه كان السبب في انهيار العلاقات مع دول متعددة أبرزها الجار السوري الذي تأذت تركيا كثيرا من قطع علاقاتها مع سوريا في وقت كانت العلاقات بين البلدين تدرّ أرباحا هائلة على الطرفين، كما خسرت تركيا حليفيها الإمارات والسعودية مما جعلها تتقرب إلى روسيا وطهران وأبقت على مسافة أمان مع الولايات المتحدة الأمريكية رغم أنها في خلاف عميق معها، أما حليفها الصهيوني فلم تستطع الفكاك منه رغم الألم الذي وجهه الاحتلال الصهيوني للعرب والمسلمين خاصة في غزة حيث عقد أردوغان مؤتمرا إسلاميا ظل شكلا لا جوهرا، ولم يخرج من المؤتمر منتصرا حيث لا قرارات على الأرض تردع الصهاينة، ولا قرارات على الأرض ترفع معنويات الفلسطينيين في غزة، بل المشكلة ظلت قائمة وتتفاقم يوما بعد يوم بوتيرة متسارعة.

ويبقى الرهان على الشعب التركي الذي سيختار من يحكمه وسيختار رئيسه المقبل، ورغم يقين المتعاطفين مع أردوغان أنه سيربح وسيفوز في هذه الانتخابات إلا أن هامش الخسارة وارد، وقد يصنع الشعب التركي المفاجأة حينما يقلب نتائج الاستطلاعات والتوقعات، لننتظر ما تسفر عنه النتائج وبعدها لكل حادثة حديث.

قد يعجبك ايضا