“المسألة الاردنية”… وحكومات تصريف الاعمال / عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود

نتيجة بحث الصور عن عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود
عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود * ( الأردن ) الخميس 21/6/2018 م …
أصبحت حالة عدم الرضا العام السائدة في البلاد عن الاداء الحكومي والبرلماني ، ظاهرة  سلبية وغير مرغوب فيها في الحياة العامة ،لا تحتاج الى بيان أو دليل  من قبل  العامة والنخب ودوائر القرار والمؤسسات الموازية، بعد مرور 30 عاما من العودة الى التحول نحو “الدمقرطة” ، و25عاما على توقيع  معاهدة الوادي “حقبة البزنس السياسي”. نتيجة الاختراق الخارجي للجبهة الداخلية في الاردن لمصلحة النفوذ الاسرائيلي.



لقد نجمت هذه الظاهرة الخطيرة وتنامت في البلاد عن طريق أخطاء قاتلة في تقدير الموقف العام تجاه  مستقبل تسوية  الكامب، وانعكاساتها السلبية والايجابية على تحقيق مطالب الجماهير الحياتية في العدل والامان والعيش الكريم، حتى يكون لها مكانا تحت الشمس، لان الطرف المقابل عقلية توراتية تلموديه متحجرة ومتصلبة، لا تؤمن بآراء الغير، ضانة بهذه السياسة غير المنطقية ، انها تخدم شعبها ، لكن الحقيقة المنهجية تؤكد بانها مضرة بها وتؤذيها وجلبت لليهود المصائب عبر العصور والادلة على ذلك ، منها الاحداث الكبرى التي  شهدها اليهود عبر العصور من  السبي والتدمير والحرق.
فالمعالجة السلبية لحالة عدم الرضا العام السائدة عن الأداء الحكومي والبرلماني ألقت بظلالها على المشهد السياسي في البلاد ، وعلى العلاقات الأفقية والعمودية بين مكونات النسيج الاجتماعي في  البلاد، حتى باتت الأوضاع العامة متردية وغير قابلة للإصلاح ، وتنذر بأوضاع كارثية، وأصابت هيبة الدولة في مقتل . وبالإضافة عدم إيجاد حلول ناجعة لمشاكل الفقر والبطالة والفساد السياسي والمالي ، وتغيير المسار السياسي العام ” الوظيفة  الاقليمية ” والمنهاج الاقتصادي المستورد وفق منهاج الليبرالية الجديدة ، وأثار التضخم وإدارة الأنفاق العام والتوزيع غير العادل للثروة الوطنية والثراء غير المشروع والفساد والافساد المالي والاداري والسياسي، واستئثار  ائتلاف العوائل الحاكمة الموازية وفئة “البزنس السياسي” في مقدرات البلاد والعباد ، تحكمه في مصير ومستقبل النسق لخدمة مصالحة وأرباب الاجندة الخارجية، أصابت النسق بالحجر والعقم السياسي .
لقد جاء التوجه السياسي العام نحو “الدمقرطة ” في  سياق تمرير” المعاهدة   وليس في إطار الاصلاح العام للنسق وتحويله الى دولة منتجة تحتضن التنوع ، حقيقة مرة تجرعها الرعية بعد مرور وما يقارب ثلاثة عقود  من الزمان /1989-2019 / عندما اكتشف الحقيقة المرة بان ثمار المعاهدة أصبحت سرابا ، وحملا ثقيلا على كاهله ، ووزرا تتحمله فئة “البزنس والاقطاع السياسي” ، ومقدمة لمؤامرة دولية لتصفية قضية فلسطين على حساب مستقبل الاردن السياسي .
لقد لمس الشخص العادي والنخبوي الدور السلبي للانتخابات العامة خلال الثلاثين عاما الماضية  كمدخل  في تفتيت النسيج الاجتماعي في البلاد، وتحجيم القوى الوطنية في العمل السياسي الى دور معارضة ديكوريه ، بدلا من توظيفه في تقوية الموقف العام في تحقيق مكتسبات جديدة في اللعبة الدولية والاقليمية ، لكن النسق لجأ الى استغلال توظيف  الدور السياسي التقليدي  للعشائر والاقليات الطائفية ةالعرقية والمقاطيع والمهمشين من ابناء الرعيان والفلاحين و اللاجئين في إذكاء صراعات  دائمة مع قوى سياسية فاعلة على النفوذ والحصول على حصة في “مجالس النسق السيادية ” التي اصبحت هياكل سياسية بدون مضمون  والوظائف العامة التي مهمتها استيلاد الفئة الحاكمة ، بهدف إبقاء الاحرار على الهامش في المعادلة السياسية الداخلية.
كيف السبيل للخروج من هذا المأزق ألذي يواجه مستقبل الاردن السياسي ،الذي  أصبح على الحافة ؟!!، الجواب ؛ لقد اصبح لا زاما اجراء استفتاء شعبي عام حول مشروعية المعاهدة ومدى تعارضها مع المادة الاولى من الدستور الاردني النافذ حاليا، والغاء مخرجات “الدمقرطة ” منذ العام 1989 وحتى الان ،وليس الحل اسقاط حكومة اوحل مجلس نواب ، لكن الحل بالبحث عن مخرج مقبول لمعالجة المأزق الحرج الذي يواجه النسق بعد انكشاف مشاريع أمريكية – إسرائيلية لتصفية قضية فلسطين على حساب مستقبل الاردن السياسي من خلال تفعيل دور العشائر السياسي، وإعادة الاعتبار للمعارضة الوطنية، وإنهاء حقبة “البزنس السياسي والعوائل الحاكمة الموازية”، وتمتين الجبهة الداخلية من الاختراق الخارجي ،والنفوذ الإسرائيلي والتحالف  مع الولايات المتحدة من خارج الناتو ، وصون هيبة الدولة، ومعالجة الوهن في الاداء العام .
عمّ يتساءلون في الأردن عن صفقة العصر، ومن يواجه التصدع والانهيار والانشطار الافقي والعامودي بين المكونات الاجتماعية ،فالاحتقان الداخلي غير المسبوق في الأردن ،هو ؛ من إفرازات حقبة “البرنس السياسي ” وانعكاسه سلبا أم إيجابا على متطلبات الاستحقاقات الدولية والإقليمية والمحلية!!!. وهو في كل المعايير يهدد الجبهة الداخلية بالتصدع والسلم الأهلي بالانهيار، وقد ينذر بالفلتان الأمني في مراحل لاحقة ،ويحتاج إلى معالجة سريعة وفاعلة من لدن صاحب” الولاية العامة”!!!، بعد خطوة اقصاء الملقي ، لان عملية الإقصاء ؛ بالرغم من أهميتها غير كافية في معالجة الاحتقان الداخلي ،ومطلوب إتباعها بخطوات لاحقة حتى يتمكن النسق، من إزاحة العربة من أمام الحصان الجامح ،أو وضع القاطرة على السكة، وإزالة المعوقات من أمام المسيرة ، للسير بخطوات ثابتة نحو مستقبل سياسي  ، حتى لا تصل الأوضاع إلى حالة مرضية لا علاج لها.
هناك دلالات واضحة في تركيبة النسق وعناوين مرحلة في حقبة “البرنس السياسي”، باتت تؤكد وجود مخطط، ضمن سيناريوهات الحلول النهائية لتصفية قضية فلسطين، أوكل تنفيذها من قبل هذه الأنماط من النماذج الجديدة ،التي تبوأت مواقع متقدمة واحتلت مواضع القيادات التقليدية المحالة على المعاش السياسي لانتهاء دورها في المرحلة المقبلة ،للتمهيد لقيام مشروع  صفقة العصر ” شراكة أردنية – فلسطينية ” ، في إطار مشروع الحل النهائي لقضية فلسطين ” النظام البديل ” .
عملية استبدال فئة “سياسية “حاكمة في الأردن، بأنماط من “نماذج أشخاص “جدد، تمكنوا من التسلل إلى مفاصل رئيسية قي النسق عبر الوظيفة العامة، وبالمظلات ،والمحاصصة الجهوية و الإقليمية والفئوية والأقليات والمصالح والأصهار والمقاطيع ، وليس من خلال الزعامات السياسية الوطنية والبعد الجماهيري الواسع ،بل وبإقصاء الإصلاحيين من “الوطنية الأردنية ” ،في مرحلة الإعداد  لمعاهدة” الوادي” ومتطلبات إبرامها وتنفيذها؛ هي عملية قديمة جديدة ومستجدة ، تأخذ إشكالا ومعايير متنوعة وحسب متطلبات الاستحقاق .لكن المرحلة دقيقة وصعبة، وتحتاج إلى شخصيات سياسية من وزن ثقيل، تحظى بتأييد شعبي واسع ذات رؤى استراتيجية، وليس نوع الفئة الحاكمة  التي أنتجتها برامج” متوردة”، لأنها ليست رافعة لقواعد اجتماعية لنسق يستند إلى شرعية دينية تمتد إلى أربعة عشر قرنا.
العملية الاحتلالية المنظمة للفئة “السياسية “الحاكمة التقليدية /الحرس القديم /، عبر توريث بعض أبنائها المواقع المتقدمة قي النسق ، بعد إحالتها إلى المعاش السياسي  ليست بالمستحدثة والاستغناء عن خدماتها وإنهاء دورها في إطار حرق المراحل والشخوص، بأنماط جديدة من” نماذج عقلية وظيفية “تسللت إلى مفاصل النسق الرئيسية ،من متطلبات مراحل الاستحقاقات الدولية والإقليمية والمحلية ،استهدفت تمرير الشق ألمطلوب من الأردن الرسمي ضمن سيناريوهات تصفية قضية فلسطين بسلاسة ، منها تفتيت بقايا الترابط العشائري إن وجد ، وتحجيم القوى السياسية ذات الحضور في الحلبة السياسية ،حيث حل وزراء من عوائل كانت مهمشة وأخرى” حرمت من الوزرنه” محل وزراء وزعماء جهويين من عشائر كبرى كانت حليفة للنسق، منذ العهد الأول .
وفي خطوة محسوبة بدقة ،أصبحت الظاهرة لا تحتاج إلى تمحيص وتمعن ، حيث حل ” أصحاب المنابر في المزابل وأصحاب المزابل في المنابر”، ضمن استراتيجية توليد فئة “سياسية “حاكمة جديدة بأساليب مغايرة عن توليدها في الوضع القائم  في الحكم ،بهدف إعطاء دورا قيادي أكبر لعناصر” شبابية “جديدة ليس لها قاعدة جماهيرية واسعة مهمتها إقصاء مجموعات الإصلاحيين من “الوطنية الأردنية” ، وإضعاف قدرة أبناء العشائر في السيطرة على مؤسسات القطاع العام ، وتحجيم القوى السياسية الفاعلة . لكن؛ تنفيذ هذه الاستراتيجية العدوانية  ” صفقة العصر ” لتنفيذ مبدأ الديمقراطية وحق الأكثرية المعمول به في الديمقراطيات الغربية لصالح الاغلبية السكانية الجديدة بعد عمليات التجنيس الممنهجة غير المعلنة الى لاجئي الحروب الاحتلالية المباشرة الاقليمية وبالوكالة ؛ تصطدم يوما بعد أخر ، بهيكلية المنظومة العسكرية والامنية والسياسية، التي يشكل الاردانة (99%) من قوامها ،التي تقف  عائقا في  تلبية متطلبات صفقة العصر. لان السير في هذا الاتجاه في الأردن ، يأتي استجابة إلى استحقاقات دولية وإقليمية ومحلية ،تعرض النسق إلى مخاطر، هو؛ في غنى عنها  ولا يقدر عليها في المرحلة المقبلة.
الخلاصة والاستنتاج؛
  المسألة الاردنية” اكبر واعقد من تغيير حكومات تصريف اعمال ، وحل مجالس برلمانية واجراء انتخابات على قوانين مؤقتة مستوردة ،ومعالجة الفقر والبطالة ،وعجز موازنة وخدمة مديونية عالية ،والعجز في الميزان المدفوعات ،وتصاعد العبء الضريبي عى المكلفين فحسب ، بل يتعدى الامر الى تحويل الارادنة الى اقلية لها حقوق في اطار مبدأ حق الاكثرية في الديمقراطيات الغربية .
  العودة إلى العرف والتقاليد السياسية في استيلاد ” الفئة  الحاكمة” ؛ مسألة حيوية وذات إبعاد سياسية مهمة ؛ تحتاج الى عملية اصلاحية كبرى في ابعادها الثلاث ؛ اصلاح النسق ، والموروث المجتمعي ، والدين في البعد السياسي للوصول الى عقد اجتماعي جديد. لكن مخرجات المشروع الصهيوني وأثارها السلبية ، والصراع بين “النسق والمنظمة ” على مشروع تطوير النسق إلى دولة منتجة والتناوب السلمي على السلطة ، لم تجنب البلاد والعباد أزمات محتملة مقبلة ، ولا يتعافى  النسق من أثار وتداعيات ألازمات  التي  تخلقها فئة “البرنس السياسي “والعوائل الحاكمة الموازية في ادارة البلاد في اطار الوظيفة الاقليمية له.
  الإبقاء على صيغة النسق الريعي بوظيفة إقليمية ، هي ؛ المأزق الحاد للارادنة والنسق معا باعتبارها ليست حلا ناجعا لمستقبل الاردن السياسي . فالتحول الى دولة مدنية ديمقراطية منتجة مدخلا للحل .يوجب عقد اجتماعي جديد بين مكونات النسيج الاجتماعي ؛ هو المدخل للخروج من المأزق الحاد ،الذي يواجه النسق والرعية معا ، يجرى الاتفاق عليه في  مؤتمر شعبي  وطني عام ، لان التعديلات المتوالية على دستور 1952، وقرار مؤتمر الرباط 1974وتعليمات فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية المحتلة1988 ؛اخلت بالمرتكزات الاساس  للعقد الاجتماعي لدولة مدنية ديمقراطية منتجة تتناوب مكونات السياسية والاجتماعية السلطة سليما. لذا اصبح لا زاما اجراء استفتاء شعبي عام حول مشروعية معاهدة “الوادي ” ومدى تعارضها مع المادة الاولى من الدستور الاردني النافذ حاليا، والغاء مخرجات ” الدمقرطة ” منذ العام 1989 ،وحتى الان ، للخروج من هذا المأزق ألذي يواجه مستقبل الاردن السياسي .
  الاكتفاء بإسقاط حكومة اوحل مجلس نواب او سحب مشروع قانون واسترداد اموال عامة منهوبة ، وقصاص اللصوص ومحاربة الفساد ليس حلا ناجعا للمأزق الذي تشهده البلاد .لان البحث عن مخرج مقبول لمعالجة المأزق الحرج الذي يواجه النسق بعد انكشاف مشاريع أمريكية – إسرائيلية لتصفية قضية فلسطين على حساب مستقبل الاردن السياسي ؛ يوجب تفعيل دور العشائر السياسي، وإعادة الاعتبار للمعارضة الوطنية، وإنهاء حقبة “البزنس السياسي والعوائل الحاكمة الموازية”، وتمتين الجبهة الداخلية من الاختراق الخارجي ، والنفوذ الإسرائيلي والتحالف  مع الولايات المتحدة من خارج الناتو ، وصون هيبة الدولة، ومعالجة الوهن في الاداء العام .
* صحافي ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا