ما بين العرب وإيران, مصالح مشتركة أم عداء؟ / شاكر زلوم

شاكر زلوم ( الأردن ) الأربعاء 20/6/2018 م …




قبل بدء العدوان الكوني على اليمن بأسبوعين, كتبت بتاريخ 2\\3\\2015 مقالاً بعنوان (صراع المشاريع في منطقتنا ,, الخلفيات والأبعاد..). المقال كان موجهاً للأخوة اليمنيين في حينه, حذرت فيه الأخوة اليمنيين الوطنيين في الجنوب من ناصريين ويساريين من الإنجرار نحو فتنة تُعد لتفتيت اليمن بهدف سيطرة الإستعمار وقوى التبعية عليه, كان ذلك قبل بدء العدوان الكوني على اليمن بأسبوعين, منذ عدة أيام قرأت ما كتبه القائد الجنوبي العقيد (عثمان سالم صويلح) وهو يستغيث ويحذر من مؤامرة على الجنوبيين, هنا وبمقام هذا المقال أقتبس نص ما ورد بإستغاثته للأهمية واليكم النص كما ورد:

(القائد العسكري الجنوبي العقيد عثمان سالم صويلح يجيب على السؤال:

يعني ان:

-90  الية عسكرية متنوعة متوقفة.

– حوالي 700 مقاتل على اقل تقدير يتصفح وجههم الموت في كل لحظة,

– عشرات الشهداء والجرحى,

– إنخفاض كبير للمعنويات والتي تكون في مثل هكذا حالات منهارة.

– مئات الجنود بحاجة الى العلاج والدواء و الاكل والشراب.

– نقص في الذخائر والمحروقات وتوقف الكثير من الاليات.

– عجز كامل عن التراجع وانعدام خيار التقدم ومواصلة القتال !!

لا يحتاج الموضوع الى محللين عسكريين ولا لخبراء استراتيجيين !!

ببساطة وبالعودة الى المنطق والبديهيات في العلوم العسكرية

قطع طريق الإمداد عن عدد هائل بهذا الحجم وتعريضهم لخطر الموت او الاستسلام في ظل نفاد مؤنهم معناه ان هناك امرين لا ثالث لهما:

الامر الاول: القيادة متهورة وغير مؤهلة وفشلت فشلا ذريع في التحكم والسيطرة!  !

الامر الثاني: وجود خيانة ومؤامرة خطيرة تهدف الى زج الوية العمالقة الى محرقة وخذلانها للقضاء على القضية الجنوبية وكسر عمودها الفقري لإنهاكها وتجريدها من عوامل قوتها,

شخصيا اميل الى الرأي الثاني لانه اقرب الى المنطق ويتوافق مع المعطيات

يكفي اننا لم نسمع بتاتا عن محاصرة اي كتيبة لطارق عفاش او استشهاد احد قياداته او حتى احد أفراده؟

ابنائنا في خطر ويعيشون في غربة, الان والموت يتربص بهم

والموت يتهدد حياتهم في إي لحظة في ظل تجاهل وخذلان كبير ولولا ان صحيفة نشرت الخبر لقضي عليهم بصمت ودون اكتراث من احد كما حصل لمن قبلهم بخيانات متكررة من قوات طارق ومتحوثي تهامة وبعد كل هذه التضحيات نتفاجئ بتصريحات صادمة من قيادات في التحالف على لسان وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور انور قرقاش يقول فيها :(انباء سارة من صنعاء ونشجع جهود المبعوث الاممي) ,كل هذا بالتزامن مع  هذه الكارثة !!

مئات العوائل الجنوبية يدها على قلوبها تترقب الاخبار بقلق عن مصير ابنائها وعلى القيادة ان تشعر بهذا الامر) .

انتهى الإقتباس ,

نعم لم تكن تجربة الوحدة اليمنية جيدة بل شابها الكثير من العوار, لكن العهد الجديد في اليمن وعد بتصحيح النهج والمسار بما يضمن الحقوق للجميع وبما يبشر ببناء يمن جديد بتحالفاته الجديدة, في هذا السياق لا بد من الإشارة لما كتبه وزير الخارجية اليمني الأسبق (أبو بكر العطاس) عن الإتفاق مع ايران, ذكر ما يلي:

الاتفاقية الاخيرة  بين اليمن وإيران جعلت الخليج يجن جنونه ويتخوف من أن تتحول اليمن إلى دوله قويةوهذه الاتفاقية أفضل اتفاقية في تاريخ اليمن، لانها اقتصادية بامتياز منها:

– بناء مصافي نفطية كافية لتصفية النفط وسد حاجة الشعب.

– بناء محطتي كهرباء تعمل على الغاز بقدرة كبيره تكفي لسد حاجة البلاد من الكهرباء.

– توسعه وتطوير الموانئ اليمنية بحيث يسمح للسفن التجارية العملاقة أن ترسو على موانئنا بدل أن ترسو على ميناء جدة ومن ثم تفرغ حمولتها إلى باخرات صغيرة لايصالها إلى اليمن بضريبة أكبر.

– توسعة المطارات وتطويرها.

– عمل محطتين تحلية للمياه في عدن وتعز..

– دعم القطاع الصحي.

– دعم اليمن بالمشتقات النفطية لمده عام مجانا حتى يستطيع تشكيل حكومة والبدء ببناء البلاد.

– دعم القطاع الزراعي بالمعدات والبرامج حتى يكتفي ذاتيا بزراعة القمح وغيرها.

– دعم القطاع الصناعي والاكتفاء مثل الغزل والنسيج وغيره.

لو تم تنفيذ الإتفاقية مع ايران لنهض اليمن واتحد, لكن كيف يحدث هذا وقوى الشر تتربص باليمن وتكيد له المكائد؟, ثم لم لَم يقرأ الأخوة الجنوبيون خصوصاً واليمنيون عموماً نا أعد من خرائط لتفتيت اليمن ودور (عبد ربه منصور هادي) المشبوه لتفتيت اليمن لستة أقاليم؟ ولمصلحة من يتم تفتيته؟

الصراع في المنطقة قائم وهو على هيئة مشاريع, يوجد مشروع أطلسي بمسمى الشرق الأوسط الكبير أي مشروع (برنارد لويس) لتفتيت المنطقة وآخر مشروع صهيوني بمسمى الشرق الأوسط الجديد وضع خطوطه (شمعون بيرز) ومشروع ثالث هو المشروع الإيراني, تعمل السعودية ومعظم دول الخليج على تنفيذ مخطط (شمعون بيرز) الذي محوره تبعية التوابع في الإقليم للكيان فالكيان هو مركز المحور وما تبقى من (دول) تدور في فلكه,أموال دول النفط ستؤول اليه وعمالة غيرها من الدول الفقيرة ستوظف لخدمته بعد أن تتم تصفية القضية الفلسطينية لصالحه, المشروع الأطلسي عنوانه تفتيت المنطقة حيث لم تعد خريطة سايكس بيكو تفي بالغرض وأصبح تقسيم مقسمه لفتات متصارع ضرورة تُرسم حدودها بالدماء إعمالاً لما سمى بمخطط (برنارد لويس) وبالمخطط التنفيذي لتلميذه الجنرال (رالف بيترز ) وعنوانه ( حدود الدم), نُشر المخطط بصيغة مقال على موقع عسكري امريكي “Armed Forces Journal” بتاريخ 1\\6\\2006, المشروعان الأول والثاني يتماهان وان اختلفت غاياتهما بالجزئيات فاختلافهما يندرج في باب التنسيق الذي تتطلبه الضرورة ويصب بخدمة الهدف العام والرئيس للمشروعين, أي فرض الهيمنة الإستعمارية وتعزيز دور الوكيل المسمى (اسرائيل) في السيطرة والتحكم على الكنتونات الجديدة بمسمياتها المختلفة كالأقاليم أو الإمارات أو المشيخات والخ من المسميات, يهدف المشروعان لتفتيت المنطقة لكيانات صغيرة متصارعة لتتحول (اسرائيل) للقوة العظمى التي ترسم السياسات وتفصل في النزاعات بين أمراء تلك الكيانات في المنطقة وهنا تتكرس الغايات  الوظيفية التي حددها الغرب المستعمر حين قرر انشائها بمؤتمر دول الإستعمار السبعة للعام 1907  أي مؤتمر (كامبل بنيرمن).

عودة على بدء, لقد تمحورت دول الإقليم والقوى السياسية نحو المشاريع الثلاث.., فقوى التبعية انحازت للمشروعين الأمريكي والإسرائيلي, أما القوى الوطنية العربية فلقد انحازت للمشروع الإيراني لتقاطع مصالحها معه يما يتعلق بمحاربة الهيمنة الإستعمارية ومحاربة الكيان الصهيوني فتم تشكيل محور المقاومة كتعبير عن وحدة الإستهداف من جهة وللتصدي للمشروعين الأمريكي والصهيوني للهيمنة على المنطقة, هذا الأمر طبيعي فحيث تتقاطع المصالح تلتقي القوى, من المهم التاكيد على أن قادة الثورة الإيرانية كانوا من أنصار المشروع الناصري العربي وان مشروعهم يتطابق معه بمعظم مكوناته. فالمشروع الإيراني هو مشروع نهضوي تقدمي وطني يعاديٍ الإستعمار وينتصر للحركات الوطنية التحررية على امتداد العالم تماماً كما المشروع الناصري التحرري النهضوي. لقد قال الإمام على خامنئى مرشد الثورة الإيرانية: “كنت معتقلا فى سجون الشاه الذى كان يكن لعبد الناصر كراهية شديدة ، ولاحظت فى اليوم الحزين لوفاته حالة إبتهاج فى السجن بين الضباط والحراس وعندما سألت عن السبب علمت بوفاة الرئيس عبد الناصر ، وأقسم بالله أننى بكيت عليه كما لم أبكِ على أبى وأمى ، لقد كان الزعيم الوحيد الذى ساعد الإمام الخومينى وأمد الثورة بالمال والسلاح وقواعد التدريب، مثل رحيله خسارة فادحة للعالمين العربى والإسلامى وللعلاقات بين مصر وإيران الثورة”.

أما أن نعادي ايران بدعوى الحفاظ على العروبة فهو وهم وهراء ولا يصب إلآ في خدمة مشاريع الأعداء, لقد أدرك عبد الناصر أهمية الثورة الإيرانية فدعمها بالمال والسلاح وما تقوم به ايران في نصرة قضايانا العربية والإسلامية والإنسانية فهو ينطلق من عقيدة وايمان بمبادئ كلفت إيران الكثير من التضحيات وعانت بسببها من كيد الأعداء.

من المهم رصد موقف الثورة الفلسطينية من الثورة الإيرانية, قال الراحل جورج حبش حكيم ثورتها وضميرها عن الثورة الإيرانية ما يلي:

– أسجل تأييدنا المطلق للخميني من زاوية عدائه للامبريالية والصهيونية. ولكن لننتظر التجربة”. (“السفير” 9/7/1979)

– إن أي نظام عربي يحيك الدسائس والمؤامرات ضد الثورة الإسلامية في إيران هو خائن خارج على إرادة الشعب العربي”. (1980)

المشروع الإيراني لا يقارب بسابقيه ( مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي ومشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيوني) فايران مستهدفة معنا نحن العرب و مشروعها يسعى للمحافظة على وحدة أراضيها ومنع استباحة ثرواتها ومنع عزلها عن جوارها وما تقوم به ايران في العراق وسوريا وفلسطين واليمن هو حق مشروع لها يندرج في باب الدفاع الإستباقي عن الذات.

ان ينبري بعض العرب لنقد ايران فهو أمر مشروع ومبرر طالما كان النقد موضوعياً ويهدف لمحاربة المشروعين الإستعماريين (الغربي الإستعماري والصهيوني) ,اما ما تقوم به قوى وطنية وقومية بمعاداة لايران فهذا بعلم السياسة أمر غير مقبول ويدلل على عصبية عمياء بأحسن الأحوال يخدم من غير علم المشروعين الأمريكي والإسرائيلي .

ان التحالف مع ايران تفرضه الضرورة والمصالح المشتركه والجيرة والعداء المشترك لأمريكا وأسرائيل والإستهداف المشترك لكلينا ومن يشكك في ذلك فاليبحث بامانه علميه بالوثائق المنشورة والمتاحة وحينها لن يخطئ بخياره, ومساهمة مني بتسهيل البحث اليكم ما صرح به الجنرال الأمريكي (ويسلي كلارك) عن ما قيل له بتاريخ 20\\9\\2001 من قبل أركان قيادات البنتغون بعد حادثة البرجين المدبرة, ما قيل له يؤكد وحدة الإستهداف, اليكم ما قاله الجنرال ويسلي كلارك بالصوت والصورة:

كما أن تقرير إعادة المسار الذي نشر في نيويوركر بتاريخ 5\\3\\2007 يؤكد الإستهداف المشترك للقوى الوطنية العربية وإيران.

https://www.newyorker.com/magazine/2007/03/05/the-redirection

ما يحصل باليمن يتطلب من الأخوة اليمنيين التخلي عن عصبياتهم القبلية ومصالحهم الضيقة والتلاقي مع اخوانهم ومحاربة عملاء العملاء في الخليج المهرول للتطبيع مع الكيان الصهيوني والمتآمر على أقدس قضية عربية.

أختتم بأن غياب مشروعنا العربي هو ذنبنا وليس ذنب غيرنا فلو كان لدينا مشروعنا للتقى بعديد عناوينه مع المشروع الإيراني ولكان الحال أفضل, أنصح بأن نبتعد عن الترف الفكري في هذه المرحلة وأن نحالف ونعادي وفقاً لمصالحنا الوطنية وبخلاف ذلك سنندثر وننتهي, سيقودنا هذا الترف حتماً الى الهلاك وحينها ستلعننا الأجيال القادمة.

قد يعجبك ايضا