سمات ومسلكيات المناضل الطليعي تجسيد لقيم الاشتراكية العلمية / محمد الحنفي

نتيجة بحث الصور عن محمد الحنفي

محمد الحنفي  ( المغرب ) الخميس 14/6/2018 م …




تنـــــويــــه:
حتى لا نسقط في فخ المزايدات فإنني لا أعني بالمناضل الطليعي إلا مناضل حزب الطبقة العاملة، أنى كان هذا الحزب الذي يدعي ذلك، وحتى لا يستغل بعض من يكلف نفسه عناء حادا، ما يرد في هذه الحلقات، لممارسة الحصار المبالغ فيه ضدي، على مستوى الممارسة اليومية التي تتناقض مع ما يدعيه.
الإهداء إلى:
ـ كل مناضل طليعي اقتنع بأيديولوجية الطبقة العاملة، وانخرط في حزبها، وناضل إلى جانبها، ممسكا عن كل الممارسات التي تسيء إليها، وناضل من أجل تغيير الواقع لصالحها.
ـ كل ساع إلى صيرورته مناضلا طليعيا.
ـ كل حريص على نفي القيم المتخلفة في المجتمع الرأسمالي التبعي، مقابل الحرص على التحلي بقيم الاشتراكية العلمية.
من أجل مجتمع متطور، ومتقدم، ومتحرر، وديمقراطي، واشتراكي.
من أجل إنسان بسمات اشتراكية، يسعى، باستمرار، إلى تغيير الواقع لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
سمات المناضل الطليعي:
وإذا كنا قد حددنا مفهوم المناضل الطليعي، حسب ما تبين لنا، فإننا نجد أنفسنا، وانطلاقا من ذلك التحديد، أمام طرح السؤال:
ما هي سمات المناضل الطليعي؟
إننا، لا نشك في أن كل شخص يحمل معه في شخصيته سمات محددة، تصير لها أهمية معينة، على مستوى العلاقات التي تنسجها تلك الشخصية في المجتمع، أو على مستوى المسؤوليات التي يتحملها في الحياة العامة، أو على مستوى الممارسة الجماهيرية، أو النقابية، أو على مستوى الممارسة السياسية. وتلك السمات هي التي تجعل شخصيته ذات تأثير إيجابي، أو سلبي في الواقع، من خلال تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
والمناضل الطليعي، لا يختلف عن الشخصيات المذكورة في المجتمع، ولا يتميز عنها، بكونه مجردا من السمات. فهو أيضا يحمل في بناء شخصيته سمات محددة، قد تكون إيجابية، وقد تكون سلبية. إلا أنه، وباعتباره مناضلا طليعيا، ينتمي إلى حزب الطبقة العاملة، فإننا نرى أن طليعيته، تفرض أن تصير شخصيته متميزة، بسمات محددة.
وهذه السمات، كما تبين لنا، تتمثل في:
1 ـ القطع مع الفكر الخرافي، الذي لا ينتج إلا فكرا خرافيا، يقود إلى الابتعاد عن الواقع، وعدم التفكير فيه، والالتزام بالاستغراق في مجال الخرافة، التي يعتمدها الإقطاع، والتحالف البورجوازي / الإقطاعي، لبناء أيديولوجيته التي يبني على أساسها حزبه، أو أحزابه، التي تسعى إلى دعم الاستبداد القائم، والوصول إلى أجهزة السلطة، للاستغراق في تكريسه، ليصير إطارا يعتمد فرض الاختيارات الرأسمالية / التبعية، المكرسة للاستبداد في شموليته. وهو ما يعني: أن القطع مع الفكر الخرافي في شموليته، يجب أن يكون من سمات المناضل الطليعي، حتى يصير ذلك وسيلة للقطع مع الإقطاع، ومع التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف.
2 ـ القطع مع الفكر الغيبي، في صيغته المؤدلجة للدين، وفي صيغته المثالية، باعتبار أدلجة الدين، هي التعبير الأيديولوجي، عن مصالح مؤدلجي الدين بصفة عامة، وعن مصالح مؤدلجي الدين الإسلامي بصفة خاصة، الذين تمرسوا على تضليل المؤمنين بالدين الإسلامي، عن طريق إقناعهم، بأن أدلجة الدين الإسلامي، هي الدين الإسلامي نفسه، وبأن مؤدلجي الدين الإسلامي هم المسلمون الذين يحرصون على سلامة الدين الإسلامي، في الوقت الذي لا يتجاوزون فيه أن يصيروا مستغلين للدين الإسلامي، في الأمور الأيديولوجية، والسياسية، وباعتبار الفكر المثالي، منطلقا لأيديولوجية البورجوازية، التي تسعى إلى تضليل جميع أفراد المجتمع، بتلك الأيديولوجية، الذين يصيرون معتقدين: بأن البورجوازية، هي التي تعمل على إيجاد الحلول، لجميع المشاكل، التي يعاني منها المجتمع.
والقطع مع الفكر الغيبي، في صيغته المؤدلجة للدين، ومع المثالية، هو قطع مع مؤدلجي الدين الإسلامي، ومع البورجوازية، باعتبارهما مضللين للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن أجل أن لا يتسرب الفكر الغيبي، إلى فكر، وممارسة المناضل الطليعي، الذي تصير منطلقاته مادية / واقعية، لبناء منهج اشتراكي علمي، يوظف من خلاله قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية، وصولا إلى صياغة نظرية اشتراكية علمية.
3 ـ الالتزام ببناء الاشتراكية العلمية، الذي يعتبر مسألة أساسية، بالنسبة للمناضل الطليعي؛ لأنه بدون ذلك الالتزام، يفقد المناضل الطليعي هويته الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، حتى وإن كان منظما في إطار حزب الطبقة العاملة، حتى وإن كان محسوبا جماهيريا على هذا الحزب.
فالمناضل الطليعي، هو الذي يلتزم، ويلزم نفسه، باحترام مبادئ الاشتراكية العلمية، وهو الذي يحرص على تفعيلها، على مستوى تنظيم حزب الطبقة العاملة، من أجل المحافظة على تكريس الوحدة الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، في أفق تفعيل البرنامجين: المرحلي، والإستراتيجي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق تحقيق التحرير، والديمفراطية، والاشتراكية، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
4 ـ الالتزام بحزب الطبقة العاملة، الذي يعتبر مقياس انتماء المناضل الطليعي، إلى حزب الطبقة العاملة. وهذا الالتزام، يشمل الجانب الأيديولوجي، والجانب التنظيمي، والجانب السياسي.
فالجانب الأيديولوجي، يقتضي من المناضل الطليعي، العمل على استحضار أيديولوجية الطبقة العاملة، التي تعتبر، وحدها، ايديولوجية علمية، دون سائر الأيديولوجيات الأخرى، لانبنائها على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، والعمل على تطويرها، وتفعيلها في التنظيم الحزبي، وعن طريقه، في التعامل مع الواقع، في تجلياته: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والحرص غلى إشاعتها، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعلى المستوى العام.
والجانب التنظيمي، الذي يقتضي من المناضل الطليعي، الحرص على مبادئ الاشتراكية العلمية، التي لها علاقة، في حزب الطبقة العاملة، وخاصة ب:
ا ـ المركزية الديمقراطية، التي تعتبر، كمبدأ، ضرورية لديمقراطية اتخاذ القرار، على جميع المستويات التنظيمية، ومركزتها بين يدي الأجهزة التنفيذية، من أجل تفعيلها على جميع المستويات: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، حتى تأخذ مجراها إلى الواقع، عن طريق الأجرأة العملية.
ب ـ النقد، والنقد الذاتي، في الأطر التنظيمية المسؤولة في حزب الطبقة العاملة، التي لها وحدها الحق، في توجيه النقد للمناضل الطليعي، فيما يتعلق بممارسات، يكون قد قام بها، إما كمبادرات فردية، أو كتنفيذ غير مناسب للقرارات المتخذة، في إطار تنظيمي معين.
وتوجيه النقد، في حالة ثبوت الفعل، الذي يستلزم من المناضل الطليعي، تقديم النقد الذاتي، الذي لا يعني إلا الالتزام بعدم تكرار الفعل، موضوع النقد.
ج ـ المحاسبة الفردية، والجماعية، عن المهام التي يتكلف المناضل الطليعي، بإنجازها، أو يتكلف الجهاز الذي ينتمي إليه بذلك الإنجاز. وهو ما يستوجب المحاسبة الفردية للمناضل الطليعي، والمحاسبة الجماعية للجهاز الذي ينتمي إليه، وفي الأطر التنظيمية المعنية بتلك المحاسبة.
د ـ خضوع الأقلية لإرادة الأغلبية، حتى لا تؤدي ممارسة الديمقراطية الداخلية، إلى تفكك حزب الطبقة العاملة، ومن أجل ضمان التماسك الحزبي، الذي يعتبر في حد ذاته، قوة لحزب الطبقة العاملة، ومن أجل أن لا يصير المناضل الطليعي مهووسا بذاته، وسعيا إلى تربية الأجيال الحزبية المتعاقبة، فإن التضحية، في أفق الحفاظ على وحدة الحزب الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، التي هي قوام وجود، واستمرار حزب الطبقة العاملة، في أي مكان من العالم.
والجانب السياسي، الذي يقتضي، من المناضل الطليعي، الالتزام بأجرأة البرنامج السياسي / المرحلي، من خلال ممارسته اليومية، ومن خلال علاقاته العامة، والخاصة، ومن خلال الأنشطة الحزبية، ومن خلال المنظمات الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والثقافية، ومن خلال المحطات السياسية الكبرى، التي يقتضيها السير العادي، أو الاستثنائي للدولة، أو من خلال المحطات النضالية العامة، أو الخاصة، التي يقررها حزب الطبقة العاملة بمفرده، أو في إطار تحالفات معينة، أو في إطار الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية.
والمناضل الطليعي، عندما يلتزم بالجانب السياسي، في إطار التزامه بحزب الطبقة العاملة، ينتظر منه أن يكون مستوعبا للمواقف السياسية للحزب، من مختلف القضايا الوطنية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن مختلف القضايا القومية، والدولية، وقضايا الطبقة العاملة، وحقوق الإنسان، انطلاقا من استيعابه للبرنامج المرحلي، والإستراتيجي لحزب الطبقة العاملة، حتى يلعب دوره لصالح الحزب، ولصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
والتزام المناضل الطليعي، بحزب الطبقة العاملة: أيديولوجيا، وسياسيا، وتنظيميا، هو العنوان الأبرز لطليعيته، التي تصير عنوانا له، ما دام ملتزما بحزب الطبقة العاملة.
5 ـ القطع مع الممارسة الانتهازية، أنى كان لونها؛ لأن المناضل الطليعي، يحمل في مسلكيته مصلا ضد الانتهازية، التي تتناقض تناقضا مطلقا، مع اعتماد مسلكية الممارسة الطليعية، في إطار حزب الطبقة العاملة.
والمناضل الطليعي الذي يوظف الممارسة الانتهازية، للوصول إلى تحقيق أهداف خاصة، يصعب القبول بانتهازيته، كما يصعب تصنيفه كمناضل طليعي، خاصة، وأن الجماهير المعنية بحزب الطبقة العاملة، تسجل كل شيء عن المناضل الطليعي، مما يجعلها تحترمه، أو تحتقره.
6 ـ القطع مع التطلعات الطبقية، التي تعتبر من سمات البورجوازية الصغرى، التي تدوس كل المبادئ، وكل القيم النبيلة، من أجل الوصول إلى تحقيق تلك التطلعات. والمناضل الطليعي، لا بد أن يقطع مع التطلعات الطبقية، مهما كان مصدرها؛ لأن المناضل الطليعي، عندما يمارس أي شكل من أشكال التطلعات الطبقية، ينزاح عن كونه مناضلا طليعيا، خاصة، وأننا عندما نرتبط بالمناضلين التاريخيين، الأوفياء للطبقة العاملة، وعندما نقرأ ما كتبوا، نجد أنهم أشد عداء لممارسة التطلعات الطبقية، ولممارسيها، أنى كانوا، ومهما كانوا: لأن التطلعات الطبقية، هي المدخل لأي ممارسة، في اتجاه ممارسة العمالة الطبقية، نظرا لكون المتطلع الطبقي، لا يسعى إلى تحقيق التطلعات الطبقية، التي تنقله من واقع إلى واقع آخر، ومن طبقة إلى طبقة أخرى، ليغادر بذلك، ولو على مستوى الممارسة فقط، حزب الطبقة العاملة، ونضاله من أجلها؛ بل إن عماه التطلعي، يجعله في الخانة الأخرى، المعادية للطبقة العاملة، حتى وإن ادعى أنه في حزبها، ويلتزم بالنضال إلى جانبها، ما دامت ممارسته تتناقض مع ادعاءاته.
والمناضل الطليعي، الملتزم بحزب الطبقة العاملة، وبالنضال إلى جانبها، لا يمكن إلا أن يكون معاديا لممارسة التطلع الطبقي، ونابذا له، ومنتقدا لممارسيه، من المتطلعين الطبقيين، الذين لا يهمهم إلا تصيد الفرص، لتحقيق التطلعات الطبقية، وعاملا على توعية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بخطورة ممارسة التطلع الطبقي، والمتطلعين الطبقيين، على مستقبلهم، باعتبار التطلع الطبقي، سلما لتحقيق التطلعات الطبقية، التي يدوس صاحبها كل شيء من أجلها.
7 ـ القطع مع العمالة الطبقية، التي لا يشرف المناضل الطليعي، أن يمارسها، ولا أن يفكر فيها؛ لأن العمالة الطبقية، لا تعني إلا شيئا واحدا، وهي التنكر لكل القيم النضالية، وللطبقة العاملة، وحلفائها، وللتاريخ النضالي، مادام العميل الطبقي، الذي انسلخ من جلد الطبقة العاملة، وعن حزبها، وعن الأيديولوجيا، وعن كل الروابط التي يعمل فيها المناضلون الطليعيون، الأوفياء للطبقة العاملة، ليصير في خدمة، ورهن إشارة الطبقة الحاكمة، وسائر المستغلين، مقابل مده بالوسائل، والإمكانيات، التي تجعله يحقق تطلعاته الطبقية، التي تنقله وبالسرعة الفائقة، إلى جانب الطبقات المستغلة، ليصير العميل الطبقي، بدوره، مستغلا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وليراكم المزيد من الثروات، على حسابهم.
والمناضل الطليعي، عندما يقطع مع العمالة الطبقية، فلأنه يدرك جيدا، خطورتها على وضعيته، كمناضل طليعي، وعلى انتمائه إلى حزب الطبقة العاملة، وعلى ارتباطه النضالي بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بأوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والنضال إلى جانبهم في النقابات، والجمعيات الحقوقية، والثقافية، والتنموية، وغيرها من الجمعيات الجادة، والهادفة. وإدراكه ذاك، هو الذي يحصنه، ضد السقوط في ممارسة العمالة الطبقية.
وبصفة عامة، فالسمات التي يتسم بها المناضل الطليعي، والمتمثلة في القطع مع الفكر الخرافي، والفكر الغيبي، والالتزام بمبادئ الاشتراكية العلمية، وبحزب الطبقة العاملة، والقطع مع الممارسة الانتهازية، ومع التطلعات الطبقية، ومع العمالة الطبقية، هي التي تحصنه، وتجعل منه مناضلا طليعيا، وتربطه بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتجعل الوسيلة التي تمكنهم من امتلاك وعيهم الطبقي، الذي يعدهم، لخوض المعارك النضالية، من أجل جعل ملكية وسائل الإنتاج الفردية، ملكية جماعية، ليزول بذلك الاستغلال الهمجي، الذي تتعرض له العاملات، ويتعرض له العمال، وباقي الأجيرات، والأجراء، وسائر الكادحات، والكادحين.

قد يعجبك ايضا