للشعوب العربية طريق نجاة.. والأردنيون يواجهون الإمتحان المصيري.. ولن يقايضون الجوع بالكرامة / فؤاد البطاينة

فؤاد البطاينة ( الأردن ) الثلاثاء 12/6/2018 م …




خاطرة أذكرها . وأقول لعل الشعب العربي في دوله المنكوبة أدرك متأخرا قيمة ونتائج عدم توحده مع الشعب العربي الفلسطيني قلبا وقالبا . لقد عانى الفلسطينيون من كل الأنظمة العربية سواء المتأمرة عليه أو التي أرادت إخضاعه لشروطها أو استخدامه لمصلحتها، وكلها تاجرت بقضيته وبدمائه ونكبته . وفي المحصله فقد رفع النظام الرسمي العربي يده عن القضية ولم تعد اليوم لا قضية وطنية ولا قوميه . وشعار “البلد أولا ” كان آلية ناجحة لفك ارتباط انظمة الدول العربية بالقضية وفك ارتباط شعوب تلك الدول بالشعب العربي الفلسطيني وبقضيته . والضغوطات الاقتصادية على الدول العربية مع قصة الارهاب والتحالف ضده جاءت كلها على نفس الطريق لصنع اولويات وطنية اقليمية الطبيعة لعزل اولوية القضية الفلسطينية عند الشعوب العربية ونسيانها. ولا أخلي هذه الشعوب من مسئوليتها وتقصيرها الذي ارتد عليها حتى اصبحت اليوم فرجة للعالم .

هذا الكلام هو اليوم شيء من الماضي ولكنه شئ جلل بنتائجه . ويجب أن تتعض الشعوب العربية منه في كل ظروفها السياسية مع حكامها، وأن تبني مستقبلها عليه . الغرب والصهيونية الخزريه كلهم يعتبرون الشعوب العربية في دولها شعب واحد ويتخذونه عدوا مفترضا من واقع هواجس التاريخ والخوف، نحن كعرب مستهدفين على نفس الدرجة . ونظرتهم الينا جميعنا واحده. وتجزئة وطننا الى دول هو في سياق استهدافها لا لشيء أخر، وعندما رضخنا للسياسة الاستعمارية ووكلاؤها من حكامنا وارتضينا أن تكون القضية الفلسطينية قضية للفلسطينين وحدهم وليست قضيتنا فقد ابتلعنا عندها الخنجر نحن كشعوب عربية، ولا يخرجه سوى إعادة التموضع بالاتجاه الصحيح  .

الشعب العربي فردا فردا في كل قطر عربي مطالب بالتوحد على فلسطين وإعلانها “الخط الأحمر” وستستمر استباحة حقوقهم ودمائهم وأقطارهم بصفتهم عرب فقط ولن تقوم لهم قائمة ما لم يفشل المشروع الصهيوني في فلسطين وعلى أرضها، حاضرنا ومستقبلنا مرهون بحاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني ومتماهي معه، المؤمرات والخيانات والجوع والذل والتشريد والمجازر وكل مصائبنا ستستمر وتتعاظم إذا نجح المشروع الصهيوني في فلسطين، وأقول أن الخائن من حكامنا ومن شعوبنا والجهوي والاقليمي والقبلي والوصولي لن ينجوا بما ذهبوا اليه بالمحصلة ما لم يتغيروا . وشيطنة حماس وحزب الله وايران وتركيا مسامير في نعوش الأمه، فالمقاومة طريق السماء والأرض لكل من تواجهه قوة غاشمه .

إن خط الدفاع الأول والأخير للأردن والأردنيين هو الدفاع عن فلسطين والفلسطينيين وعدم الرضوخ للمشروع الصهيوني . لقد أخذ ملعوب التفرقه الاستعماري بجهود اعوانه في الداخل دورا أساسيا فيما وصلنا اليه . وأناشد من يأنس بنفسه شيئا من الصفات غير المحمودة أن يضع وطنيته وقوميته وانسانيته ودينه جانبا إن شاء، ويعلم بأن حرصه على نفسه وأمنه ودولته لن يظفر بواحدة منها ولن ينجو في واحدة منها إذا لم يتخذ من القضية الفلسطينية اولويته وخطا أحمر . أن ما يحدث لفلسطين وللفلسطينيين هو مسار استعماري الى كل ركن في بلاد العرب والأردن أولا، فالإجهاز على القضية الفلسطينية يعني الإجهاز على الأردن دولة وقيادة وشعبا .

الأردن اليوم بشعبه وقيادته أمام امتحان لا يحتمل إلا الموت او الحياة . والسؤال هو، هل يقبل الشعب بشكل من الأشكال المباشرة وغير المباشره أن تمرر القيادة صفقة التصفية للقضية الفلسطينية بشكل مباشر أو غير مباشر ؟ . وأناشد هنا القيادة الهاشمية أن تتذكر وتدرك بأن المستعمر وأعوانه في الجزيرة الذين نعلم هويتهم السياسية ولا نعلم هويتهم الدينية والإثنية قد انتزعوا منها شرعيتها الدينية في مكة، وأنها أي القيادة الهاشمية قد خرجت من الحجاز لبلاد لشام بشرعية قومية لا وطنية ولا عائلية . وهي اليوم تواجه خطر تحدي انتزاعها منها أيضا . إن الأردنيون ومعهم كل الشعوب العربية يطالبون هذه القيادة بالحفاظ على الأمانة ومواجهة التحدي والتمسك باستحقاقات هذه الشرعية ورفض المقايضة عليها وعلى الأمانه.

وعلى قيادتنا الهاشمية أن لا تخلط الأوراق في مسألة مصيرية لا في لقاء مكة التي استبدلت بالرياض وجاء على خلفية هم صانعوها، ولا في واشنطن ولا في عمان نفسها . الأردنيون لا يقايضون الجوع بالكرامة وبالحقوق الأصيلة، ولا يقايضون دولتهم وكرامتهم الوطنية وفلسطين والمقدسات بالمال . إن الخيار السياسي الذي يضعه أمامها تحالف الصهيونية والخيانة ليس من حق القيادة أن تبت فيه وحدها بمعزل عن الشعب وحقوقه الأصيله . فهذه حقوق ليست قابلة للتصرف دستوريا ولا مشمولة بحرية قرارها . ولا ينوب فيها حكومة ونواب عن الشعب فهم ليسوا من صنعه ولا خياره والأمر يندرج تحت ولاية الشعب المباشره .

قد يعجبك ايضا