صفقة القرن.. صفقة زوال (إسرائيل) / علي الدربولي




.نتيجة بحث الصور عن علي الدربولي

علي الدربولي ( سورية ) الثلاثاء 12/6/2018 م …

إن الحديث الصاخب عن (صفقة القرن) ودهاليزها السرية التي ضمت، برعاية أميركية-إسرائيلية، من الرموز السياسية ذات الصلة ، ما يكفي لطمأنة (إسرائيل) في مضيها على طريق تهويد القدس وإماتة القضية الفلسطينية، يشي بأنه:

بات واضحا في الأجواء السياسية العربية أن دول الاتفاقات السرية والعلنية مع (إسرائيل) وحكام دول الخليج الطامحين إلى تثبيت مواقعهم فوق عروش السلطة، لم يعترضوا اعتراض الرافض في الحقيقة لخطوة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، فمرت خطوة الرئيس الأميركي “ترامب” بسلاسة ترضي (إسرائيل) من حيث كونها مقدمة أساس للخطوة الكبرى المتعلقة بتصفية القضية الفلسطينية، تحت مسمى(صفقة القرن)، وذلك على ضوء ما آل إليه الوضع السياسي العربي من ضعف في القوة والتماسك والوعي، من تداعيات (الربيع الأحمر العربي).

(صفقة القرن) وضعت في الميزان فما الذي يعدلها فيه؟:

لا يمكن أن يعدلها سوى رفع لواء صفقة لها أنصارها  التاريخيين من شعوب المنطقة وأنصارها المستجدين من شعوب العالم والتي هي لا يمكن إلا أن تكون:

*صفقة زوال (إسرائيل)

علامات تشكل هذه الصفقة الحيوية تلوح متجددة في الأفق الفكري الذي يستمد حيويته من التاريخ المناهض لوجود كيان صهيوني غريب في المنطقة العربية. المشروع الصهيوني في المنطقة كان حلما تحول إلى واقع يتمدد جغرافيا، بينما التاريخ يقول أن للعرب والمسلمين واقع لا يمكن أن يتحول إلى حلم من حيث تحقق ذلك الواقع ماديا وتجسده الجغرافي-الديموغرافي الذي تمثله أرض فلسطين وشعبها عبر تاريخ طويل، لكن الضعف العربي وسياسة الحكام ذات المصالح الشخصية، وزرع الشقاق بين القوى الفلسطينية، كل ذلك شكل، وبات يشكل، ورقة ضغط يستخدمها صناع (إسرائيل) باستمرار ضد عودة الحق إلى أصحابه، وأكثر من ذلك ضد حتى عودة نصف الحق أو أقل من ذلك إلى أصحابه الفلسطينيين، برغم كون ذلك من ضمن قرارات الأمم المتحدة، وأهمها قرار التقسيم الذي قاد في أنابيب الاختبار إلى حل (الدولتين)…الحل الذي وجه إليه الرئيس “تر امب” الضربة القاضية بجعل القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، ضاربا بعرض الحائط لذلك القرار ذي الصلة، ومعه مقاصد الشعوب العربية والإسلامية الإيمانية.؟!

ـ العلامة الأولى:

سريان الفكر المقاوم بلا انقطاع، بين الأجيال المتعاقبة من الشباب وما ذاك إلا لارتباطه بالحق. فما أرادته أميركا والصهاينة من إيقاد نيران (الربيع الأحمر العربي) خدمة للمشروع الصهيوني، لم يتحقق بعد الانتصار على خلاصة الإرهاب في سورية والعراق.

ـ العلامة الثانية:

مسيرات العودة الشعبية الفلسطينية السلمية، تأكيدا للعلامة الأولى، والشهداء العزل الذين يسقطون على هذه الطريق.(أكثر من مئة شهيد وإحدى عشر ألف صابة).

ـ العلامة الثالثة:

 إحياء يوم القدس في هذه الجمعة 8/6 من شهر رمضان، من قبل دول عربية وإسلامية بارزة ومقاومة،  كما في سورية والعراق واليمن وإيران، وفي مقدمة ذلك بروز الدور الفلسطيني الذي بات رائدا على مستوى القدرة على تحريك الضمير الشعبي في جميع الدول العربية، والإسلامية وحتى في بقية دول العالم الحر، والحشدالشعبي غير المسبوق في مواجهة التعنت الإسرائيلي، فـ(إسرائيل) لا تريد أن تخضع لأي حل سلمي في المنطقة برغم تلك الأجزاء الكبيرة التي حققتها من حلمها على الأرض وفي السياسة، إبان مرور سبعين عاما على إنشائها بقرار دولي، وذلك خلافا لما درجت عليه حال تشكل الدول في العالم.

ـ العلامة الرابعة:

تشكل محور المقاومة وقدرته على الإسهام وحلفائه في عملية إزاحة الستارة عن كذبة (الربيع الأحمر العربي) وبنفس الوقت رفع الغطاء عن الأصيل الذي وقف ويقف خلف الإرهاب الذي عصف في دنيا العرب وقاد إلى التدمير المنهجي للقوى الممانعة للمشروع الصهيو-أميركي. الأصيل الذي يريد أن يتحول، بعد انتصار محور المقاومة على الإرهاب، إلى مستعمر جديد للأرض العربية وعلى رأسه تأتي “أميركا”، أميركا التي لا تريد أن تغادر قواعدها في المنطقة العربية حتى يتحقق حلم الكيان الصهيوني في تجسيد مرتسم علمه على الأرض من النيل إلى الفر ات، الأمر الذي أضاف تحفيزا حيويا موقظا للمشاعر الوطنية والقومية والإسلامية، في التحرير والتلاحم على قاعدة الانتصار لفلسطين، لأنها تمثل الحق العربي-الإسلامي المغتَصب.

ـ العلامة الخامسة:

سقوط الأقنعة التاريخية التي كانت تخفي وجوه بعض الساسة العرب، وارتمائهم في المصيدة الصهيوـ أميركية بكل رضى،  بعد أن أداروا علنا ظهورهم لفلسطين. تكمن هنا المأساة في دفع ثمن ذلك الارتماء من قوت شعوبهم، على عكس ما هو مفترض، وهو أن يقبضوا ثمن ذلك. صار جليا أن الثمن هو حمايتهم من شعوبهم وتثبيتهم على كراسي حكمهم، كما لا يستحي من التصريح بذلك الرئيس الأميركي”ترامب”؟! هذا ما حدا بمحور المقاومة والشعب الفلسطيني إلى إعادة تقييم المقدرات ومتطلبات المقاومة، وإعادة التمركز في المحور العالمي المناهض للتعددية القطبية، الأمر الذي يصب في النهاية في مصلحة الشعب الفلسطيني.

ـ العلامة السادسة:

صمود محور المقاومة خصوصا في سورية، واسطة العقد، بدوله وأحزابه ومنظماته وحركاته، الأمر الذي يجعل منه عمقا آمنا لتحرك الشعب الفلسطيني في مسيرة عودته. فتكون بذلك هذه العلامة علامة استقطاب لمعظم العلامات.

سر التحول

إن الرابط الحيوي الذي يصل الإنسان العربي المعاصر بتاريخه يتشكل من  الظلم الذي تعرض له في تاريخه ، وقدرته على رفعه ذلك الظلم واستعادة العدل التاريخي لحقوقه أكثر من مرة. لم تكن حال الأمة في زمن “صلاح الدين الأيوبي” بأفضل مما هي عليه الآن، فقام كقائد تاريخي، بما يؤمن من حق تاريخي في الوجود، بلم شمل المتفرق من البلدان، فكان المثل الأعلى الذي وحد البلاد الشامية المصرية ووقف في وجه عدوان (الفرنجة) على بلاد الإسلام ودرة تاجهم القدس الشريف فكان التحرير، وكان زوال الغمة.

صفقة زوال (إسرائيل)

إنهم يضعون، لا (صفقة قرن واحد)، بل صفقات قرون لزوال العرب ، أفلا يجوز، والحال كذلك، للشعوب العربية والإسلامية المعنية أن تضع، ونخبِها، صفقة لزوال (إسرائيل)؟!

مؤيدات

*يقول “ميكيافيللي”:

إن الدول التي تأتي فجأة، ككل الأشياء التي تولد وتنمو بسرعة، لا يمكن أن تكون لها تلك الجذور والسيقان القوية القادرة على حمايتها، لذلك تمحوها أول زوبعة

*تقول وزيرة الخارجية الإسرائيلية “تسيبي ليفني” بتاريخ 22/7/2008 أمام حشد من حزب /كاديما/:

إن الوضع الذي تجد إسرائيل نفسها فيه الآن أصبح أكثر صعوبة ، وكأنها ما تزال تصارع من أجل بقائها بعد مرور ستين سنة على بقائها

*يقول المؤرخ اليهودي “شلومو زاند”:

” …لم يكن هنالك قط شعب يهودي بل كانت هناك فقط ديانة يهودية، والنفي لم يحصل قط، وبناء عليه لم تكن هناك عودة…”

*يقول الكاتب السياسي اليهودي “ليونارد فاين”:

إنني أشعر بالخوف والقلق الشديد من مستقبل إسرائيل في العقود المقبلة، ومن المناسب الإعلان عن ذلك منذ الآن..”

* في حزيران من عام 2008م وفي محاضرة له في المركز الثقافي الفرنسي في دمشق يقول الفيلسوف الفرنسي “جان ماري مولر” مقتبسا عن “المهاتما غاندي”:

حين لا خيار أمامنا إلا بين الجبن والعنف أنصح بالعنف” (لتلجأ الهند إلى استخدام السلاح دفاعا عن شرفها )… ويتابع الاقتباس″أظن أن اللاعنف أسمى وهكذا نصبح بين خيارات الجبن والعنف واللاعنف وهذا الأخير يتطلب شجاعة أكبر وتلزمه قوة الروح…” (عندها اقترح المهاتما غاندي على الهنود اللاعنف وقد نجح بتحرير الهند.).

خاتمة

فكرة المقاومة أقوى من السلاح فهذا مهما كان دقيقا لا يقدر على إصابتها في مقتل، فما بالك عندما تتحول الفكرة إلى روح تسكن الإنسان؟!

 

قد يعجبك ايضا