الشرق الاوسط محطات انتظار / عبد الحليم المجالي

عبد الحليم المجالي ( الأردن ) الإثنين 21/5/2018 م …




الحرب العالمية الاولى المنتهية عام  1918 ، التي وصفتها الكاتبه مارغريت ماكميلان بالحرب التي انهت السلام  ، رسمت ملامح الشرق الاوسط متجاهلة تقرير المصير لشعوبه ورسمت حدودا جديدة للمنطقة تتفق ومصالح المنتصر المتوحش الاستعماري بطبعه، بريطانيا العظمى كانت خلف مقود القيادة ورثت امريكا القيادة باكثر وحشية ونفاق سياسي  ، اذ تخالف تصرفاتها كل مبادئها المعلنة بالحرية وتقرير المصير للشعوب . عبرت معاهدة لوزان 1923 عن نوايا المنتصرين بتغليب مصالحهم على سواها من مصالح شعوب العالم وعلى الخصوص شعوب الشرق الاوسط وهم بذلك تركوا المنطقة ناقمة تتحين الفرص لرفع الحيف الذي لحق بشعوبها .

تركيا ، ورئيسها اردوغان ، كقوة رئيسية في الشرق الاوسط ، هي في محطة انتظار ، لم يستقر قرارها ، اردوغان ينتظر عام 2023 مرور مئة عام على معاهدة لوزان لينفذ وعيده لاوروبا والحلف الاطلسي حيث ينتهي مفعول الاتفاقية . تركيا في مخاض سياسي تنتظر ولادة عهد جديد ، علاقاتها مع امريكا الحليف التقليدي في مد وجزر ، علاقاتها مع روسيا الاتحادية تبدو في انتعاش متزايد ، علاقاتها مع الكيان الصهيوني تزداد توترا ، علاقاتها في محيطها العربي والاسلامي في مرحلة تشكيل في انتظار استقرار المنطقة واخذها لشكلها المستقر وكل من حولها ينتظر معها ..تركيا بموقعها وامكانياتها وتاريخها ما قبل الحرب العالمية الاولى تنتظر دورا اكثر بروزا من دورها الحالي .

ايران ، هي في محطة انتظار شرق اوسطية ايضا ، برنامجها النووي بين مؤيد ومعارض ، بين اداراتين امريكيتين ديموقراطية  مع الاتفاق وجمهورية انسحبت منه ، فهي تنتظر ان يجود الزمان عليها ب(أوباما ) جديد يجعل منها شريكا مقبولا  للعالم ولو بادنى درجات القبول . ايران مختلفة الصورةعربيا بين من يعتبرها عدوا وبين من يعتبرها صديقا وبين من يعتبرها حليفا موثوقا به . ايران تنتظر يوما تكون فيه جارة مسلمة للدول العربية بكل ما تعني هذه من معنى ، تنتظر ان يشارك رئيسها اجتماعا عربيا على مستوى القمة كما شارك رئيسها السابق لتبدأ حقبة جديدة متصالحة مع جيرانها مطمئنة لهم .

الاكراد  ، الذين يتوقون لوطن قومي يجمعهم ، هم في محطة انتظار  منذ  نسيهم او تجاهلهم الغرب المنتصر في الحرب العالمية الاولى ، عن قصد اوغير ذلك ،  منذ ذلك الزمن وهم يعبرون عن ذلك بشتى وسائل التعبير  ، ودفعوا اثمانا باهضة من الارواح ، وما زالوا يتعرضون لحروب على ارضهم  . مسألتهم معقدة  لانهم موزعون على تركيا والعراق وسوريا وايران ، مطالبهم تتعارض مع مصالح تلك الدول ، في العراق تحالفوا مع امريكا منذ غزت العراق 2003 ، بشكل اثار السخط العربي والتركي، مازالت تركيا تقطع الحدود العراقية بقواتها موجهة ضربات موجعة لهم ، عملوا استفتاء للانفصال والغوه وهم جاهدون اليوم لتحديد وجهتهم القادمة ومحطتهم المقبله .

الكيان الصهيوني ، الذي يبدو للبعض وليس الكل  ، مزهوا بما حققه وخاصة في مجال التطبيع مع البعض القليل من العرب  ، والدعم اللامتناهي من ادارة ترامب  ، هو في محطة انتظار ايضا ولم يستقر له قرار . حدوده مفتوحه وما يعتقد انها من ارضه يعتبرها المجتمع الدولي والامم المتحدة اراضي محتله . يقوم على الفصل العنصري والاحتلال والاستيطان وضم الاراضي بالقوة  المرفوض في العرف الدولي ، ينكر حق العودة المقدس من اصحاب القرار في فلسطين . عسكريا تراجعت قوته وزمن الحروب الخاطفة ونقل المعركة الى الداخل العربي ولى الى غير رجعه ، تغيرت قواعد الاشتباك وتغيرت البيئة المحيطة حوله وليس لصالحه . حماس المؤسسين للكيان الصهيوني خفت وتيرته في الاجيال الحالية . المنطق التاريخي لزوال كل احتلال وان طال يلاحقهم  ، صورتهم كيهود ضحايا تغيرت الى يهود قتله ، المدركون منهم والعاقلون يدركون انهم في محطة انتظار استعدادا للتوجه الى المحطة المقبلة  وقد تكون خارج الشرق الاوسط .

الامة العربية من محيطها الى خليجها في محطة انتظار ، اكثر الاطراف حقدا على الغرب المنتصر لانهم اكثر الاطراف استهدافا من بريطانيا وحلفائها  قديما وامريكا والصهيونية حديثا.

العرب اكثر شعوب المنطقة تفاعلا سرا وعلانية واكثرهم انقسامات افقية وعامودية . يتهم العرب من داخلهم وخارجهم.

انهم لحد الان لم يحددوا ما يريدون منقسمون حتى على تحديد من هم الاعداء ومن هم الاصدقاء.

الاغلبية والواقع يرون في الصهيونية العدو الاوحد  ، مقتضيات الاوضاع الراهنة واصطفافاتها تحرف البوصلة عند قسم من العرب عن الصهيونية الى ايران مثلا ، الامة العربية بامكانياتها الهائلة يستطيع جزء منها القيام بمهام الامة المطلوبة كما – كعبلت  – المقاومة العراقية امريكا وثنيها عن تنفيذ بقية مشروعها  ، مجموعات قتالية عربية غير رسمية مازالت تحافظ على ادامة التماس مع العدو الصهيوني وعدم جعل احتلاله بدون كلفة …الامة العربية تنتظر ولكن مستقبلها يتشكل ومحطتها القادمة تكاد تكون الوحدة العربية الضرورة والتي بدونها لايمكن تحقيق اي تطلع او طموح عربي مهما صغر……

المؤمنون والزاهدون في الشرق الاوسط  ، في محطة انتظار هي الدنيا  ، وجهتهم القادمة الاخرة ونعيمها الدائم ….مجموعة شرق اوسطية لايمكن تجاهلهم  ، يمكن للمنتظرين الاستفادة من سلاجهم ….الصبر والمصابره  ….

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا