هل تفجر أمريكا المنطقة بعد الهزيمة الإستراتيجية في الغوطة؟ / راسم عبيدات

هل تفجر أمريكا المنطقة بعد الهزيمة الإستراتيجية في الغوطة؟ بقلم: راسم عبيدات
راسم عبيدات ( فلسطين ) الجمعة 13/4/2018 م …
يقول القائد الثوري لينين التحليل الملموس للواقع  الملموس،وفي تحليلنا للواقع الملموس وطبيعة الأوضاع في سوريا بعدما تحقق من نصر استراتيجي في الغوطة الشرقية،بالقضاء على المجاميع الإرهابية،والتي  هي عناوين ويافطات لقوى ودول خارجية تمولها وتسلحها وتقدم لها كل الدعم والإسناد اللوجستي والإستخباري والمعلوماتي والسياسي والإعلامي،خدمة لمصالحها واهدافها،وإجتثاثها وإخراجها من الخاصرة الرخوة للعاصمة دمشق،الغوطة الشرقية،من شأنه ان يفقدها الكثير من الأهداف ذات البعد الإستراتيجي،وفي المقدمة منها إطالة امد الحرب على سوريا واستنزاف جيشها،وتحويل سوريا الى دولة فاشلة عبر التقسيم الجغرافي والمذهبي لها.

ومن هنا فإن هول الهزيمة في الغوطة الشرقية ذات الطابع والبعد الإستراتيجي،أخرج قادة الحلف المعادي عن طورهم وعن كل  ما يجب ان يتمتع به رئيس دولة او مسؤول من لياقة دبلوماسية واخلاق،حيث  وصف المتصهين ترامب الرئيس السوري ب ” الحيوان” والمتصهينة الحمراء مندوبته في الأمم المتحدة نيكي هايلي قالت بان امريكا ستعمل ضد سوريا بقرار من مجلس الأمن وبدون قرار.

مسألة الإستعدادات والحشود العسكرية من بوارج ومدمرات حربية وصواريخ وطائرات من قبل الحلف المعادي الأمري صهيوني والبريطانيين والفرنسيين،ومروحة واسعة من التوابع في مقدمتهم مشيخة آل سعود، لا يحركهم استخدام السلاح الكيماوي في دوما من قبل النظام،فهذه قضية باتت لا تنطلي على طفل رضيع،حيث الفبركة اعداداً وإخراجاً،كلما حقق الجيش السوري المزيد من الإنتصارات،ولا ذرف دموع التماسيح على اطفال الغوطة ،فهؤلاء سجلهم حافل في القتل والإرهاب،ولعل من يفاخر بان قناصته يستحقون اوسمة على قتل المواطنين العزل في قطاع غزة،وهناك من يوفر له الحماية في مجلس الأمن الدولي من الإدانة على مثل هذه الجرائم،خير مثال على وحشيتهم.

من بعد الهزيمة الإستراتيجية في الغوطة الشرقية،صرح الرئيس ترامب  بان القوات الأمريكية المحتلة في شرق سوريا ستنسحب من هناك،،واذا ما أراد حلفاء امريكا بقاءها فعليهم دفع التكاليف والتي لا تقل عن 4 مليارات من الدولارات،ومن هنا اندلع الصراع في الإدارة الأمريكية بين الرئيس القادم من الكارتيل الإحتكاري الريعي،والذي يتعاطى مع الأمور والعلاقات مع الدول بلغة المال والصفقات والربح والخسارة والوكالات والعمولات،وبين   الدولة الأميركية العميقة وبنيتها الاستراتيجية القائمة على منطق السيطرة والنفوذ والإمساك بقرار العالم بصرف النظر عن التكلفة،ولذلك هي رفضت قرار الرئيس بالإنسحاب الأمريكي من شرق سوريا،واعتبرت ذلك هزيمة امام سوريا وحلفها الروسي والإيراني،ولذلك هي بالشراكة مع تابعها بن سلمان بحثتا عن مسرحية الكيماوي تمثيلاً وإخراجاً لمنع قرار الإنسحاب.

هي أسباب داخلية وخارجية تدفع نحو التصعيد العسكري في سوريا،فمفاعيل هذا النصر الإستراتيجي السوري،يجب وقفها بأي شكل ،فهذا النصر يعني بان الجيش السوري سيتفرغ لتحرير ما تبقى من الجغرافية السورية جنوباً،وهنا الخطر الجدي والكبير على ربيبة امريكا وحليفتها الإستراتيجية اسرائيل،وكذلك سيتمدد نحو الشمال الشرقي،ولن تبقى القواعد الأمريكية ولا صنائعها من القوى العميلة في أمان.

ولذلك الإدارة الأمريكية التي أصبحت تعج بالمتصهينين وأخرهما جون بولتون،الذي عين كمستشار للأمن القومي الأمريكي بدلاً من مكماستر،ومايك بومبيو وزيراً للخارجية بدلاً من ريكس تيلرسون،وهؤلاء من قادة التطرف والمعادين لروسيا وسوريا والمطالبين بإلغاء الإتفاق النووي مع طهران،وبولتون يدعو الى توجيه ضربة عسكرية الى سوريا ذات طابع استراتيجي،أي ضربه تدمر الأسلحة النوعية من الدفاعات الجوية والمطارات وتخرجها من الخدمة العسكرية،وبما يضعف من قدرات الجيش السوري،ويمنعه من استكمال إستعادة الجغرافي جنوباً وشرقاً .

أمام هذا الواقع والمعطيات،نحاجج على النحو التالي التهويل والتجييش والتهديدات واستنفار كل الأسلحة ووسائل الإعلام  وشيطنه روسيا وسوريا وايران وتوجه الإتهام المباشر لبوتين بتحمل المسؤولية مباشرة عن مسرحية الكيماوي،ربما يهدف للضغط على روسيا من اجل التوصل الى تسوية سياسية،لا تراعي الإنتصارات والإنجازات المتحققة في الميدان،وتمنح دول العدوان ما لم يتحقق لها عسكريا وميدانياً،ولذلك الإحتمال يكاد يكون معدوماً،بأن توافق سوريا ومحورها عليه.

والإحتمال الأخر ان تذهب أمريكا وحلفها الى حرب شاملة ومفتوحه مع روسيا وحلفها،ولا اعتقد بان هذا الخيار وارد،ولو أرادت امريكا هذا الخيار،لربما ذهبت اليه قبل تحرير الغوطة كونها،تشكل المدخل للإنقضاض على العاصمة دمشق ولتواصل مع قاعدة التنف لاحقاً،وبما يبقي  يبقي مشاريع تقسيم سوريا حية وقائمة،ولكن لا اعتقد بان المشاريع التي جرى دفنها في زملكا وجوبر وعين ترما  ودوما يمكن احياءها،ولذلك امريكا ومعها محورها الدولي والإقليمي والمشيخاتي العربي،يدرك تماماً بان أي حرب شاملة ومفتوحة مع روسيا وطهران وسوريا،سيكون ثمنها باهظاً ومكلفاً،ثمنها ضرب وتدمير مصادر الطاقة الأمريكية في الخليج العربي،ثمنها اغلاق مضيق هرمز،ثمنها ضرب قاعدتها المتقدمة في المنطقة اسرائيل،ولذلك أعرف ان ضواري الرأسمالية المعولمة “متوحشة” وربما تقدم على حماقات كبرى،ولكن في ظل قوة ردع  وتهديد مصالح استراتيجية لها،فانا أرجح ضربة عسكرية محدودة،لكي تقول امريكا نحن هنا ولن نخرج من “المولد بلا حمص”.وسيستمر التفاوض على صفيح ساخن،ولكن دون الإنزلاق الى حرب شاملة،ولكن المرجح هو نصف مواجهة على حافة الهاوية لفتح مسارات التفاوض.

ولن تنجح لا مليارات بن سلمان ولا تهديدات وضغوط نتنياهو في جر امريكيا الى حرب تخسر فيها مصالحها الإستراتيجية في الخليج والمنطقة ومضيق هرمز.

قد يعجبك ايضا