أي وحدة وطنية فلسطينية؟ / د.ابراهيم علوش

 

د.ابراهيم علوش ( الأردن ) الخميس 7/5/2015 م …

الوحدة الوطنية الفلسطينية لا تكون مع من ينسقون أمنياً مع العدو الصهيوني، أو من تقوم مشروعيتهم على اتفاقية أوسلو الخيانية، لكنها لا تأتي أيضاً عبر آل سعود، ولا عبر “الدردشات” السرية مع العدو الصهيوني للحصول على إمارة في غزة!  وإذا كان ما ينقص الساحة الفلسطينية اليوم هو الفرز الواضح بين مشروعي المقاومة والتسوية، فإن الواقع هو أن كل من ينتسب لبرنامج “الدويلة الفلسطينية” أو “الدولة الواحدة” هو جزء من مشروع التسوية بشكل أو بآخر، وأنه يدعو فعلياً لشكلٍ من أشكال التعايش مع العدو الصهيوني.  ولهذا فإن الصراع الذي يجري ما بين دعاة التعايش والتسوية لا يعدو عن كونه صراعاً على سلطة غير موجودة على أرض غير محررة بعد.  وهذا كله لا علاقة له بتحرير فلسطين أو بعروبتها.  ولا يمت للمقاومة بصلة من قريبٍ أو بعيد، ولو وظف المقاومة كورقة في مشروع تصعيد نفسه لطاولة المفاوضات بنفس الشروط التي تعمل السلطة الفلسطينية ضمنها فعلياً.

لتكون الوحدة وطنية فعلاً، لا بد لها من شرطين: 1) أن تقوم على أساس برنامج وطني، أي برنامج التحرير والمقاومة والعودة، 2) أن تكون لها قيادة وطنية.  فليس من المعقول أن نطلق صفة “وطنية” على أية وحدة كيفما اتفق، أو أن تكون الوحدة مع المتعهدين الأمنيين والسياسيين للمشروع الأمريكي-الصهيوني، أو مع من رهنوا الدم العربي الفلسطيني لتنظيف المشروع الإخواني في الإقليم، “وحدة وطنية”….

فمنظمة التحرير ليست إطاراً صالحاً للوحدة الوطنية إلا على أساس الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل، وتحت قيادة تيار المقاومة…  وحماس عليها أن تخرج من عباءة الإخوان المسلمين ومن توظيف القضية الفلسطينية في سياق المشروع القطري-التركي في الإقليم، لكي يصبح الحديث معها وعنها مرتبطاً بوحدة وطنية حقيقية.

إن الوحدة الوطنية لا تقوم مع غير وطنيين يرتبطون بمشروع غير وطني يتظلل بالطرف الأمريكي-الصهيوني ويعادي فكرة التحرير والعمل والمسلح والاستشهادي من حيث المبدأ، ولا تقوم مع من يرتبطون بمشروع تدمير الأقطار العربية بالفتنة الطائفية من اليمن لسورية مما يخدم العدو الصهيوني في المحصلة.  الوحدة مع من ينسقون أمنياً وسياسياً مع العدو الصهيوني لا يمكن أن تكون وطنية، والوحدة مع من يحملون برنامجاً “ربيعياً” ليست فلسطين فيه أولوية لا يمكن أن تكون وطنية أيضاً.  فالوحدة برنامج تحرير لا تجميعٌ توفيقي للقوى الفلسطينية القائمة في الساحة.  فالوحدة، أية وحدة، يتحدد مضمونها بشيئين: 1)  برنامجها السياسي، 2) طبيعة قيادتها.  فإذا كان برنامجها تسووياً، ويقوم على إيجاد موطئ قدم في المشروع الأمريكي-الصهيوني في الإقليم، وقيادتها معادية للمقاومة، وتعلن ذلك صراحة، فإن أي وحدة من هذا الصنف تؤدي إلى خلط الأوراق وتشويش أنصار المقاومة وحرف بوصلتهم، كما تؤدي لمد أنصار الطرف الأمريكي-الصهيوني في الساحة الفلسطينية بالمشروعية و”وحدانية التمثيل” ليمارسوا من خلفهما المزيد من التنسيق مع الطرف الأمريكي-الصهيوني كما حدث منذ بدأ الانحراف في مسيرة الثورة الفلسطينية مع النقاط العشر عام 74 ثم مع الاعتراف الجماعي بالكيان الصهيوني بالجزائر تحت علم “الوحدة الوطنية” عام 88.

الحل؟  الحل هو الميثاق القومي لعام 64، ثم الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل لعام 68: فلسطين عربية من البحر إلى النهر، اليهود فيها غزاة، وهي لا تحرر إلا بالكفاح المسلح كجزء من مشروع قومي عربي.

 

 

 

قد يعجبك ايضا