الخطر الداهم / عباس الجمعة

 نتيجة بحث الصور عن عباس الجمعة



عباس الجمعة ( فلسطين ) الأربعاء 14/3/2018 م …

المأزق السياسي الذي وصلت إليه القضية الوطنية الفلسطينية واثره على طموحات وآمال شعبنا وهو مأزق لا يمكن عزله عن المأزق الداخلي للمجتمع الفلسطيني الذي تراكم بصورة متسارعة بفعل الانقسام الفلسطيني، ونحن نرى الخطر الداهم الذي يترافق مع اتساع الهجمة العدوانية ووضوح اهدافها في ضرب وتصفية القضية الفلسطينية من خلال وعد ترامب ومواصلة الاستيطان والتوسع وضم الاراضي الفلسطينية ومحاولة خلق روح اليأس والاحباط في صفوف شعبنا.

وامام ما تقدم نرى ان التفجير الذي استهدف موكب رئيس حكومة التوافق الوطني رامي الحمد الله، هو بالتأكيد استهداف للتوافق الوطني وخدمة مجانية للعدو الصهيوني  ، مما يستدعي من سلطة غزة الكشف عن من قاموا بهذه الجريمة التي تأتي  في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ شعبنا، وفي ضوء هجمة إمبريالية واضحة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية.

على أي حال، إن استمرار هذا الصلف الامريكي الصهيوني ، سيعزز روح المقاومة التي ستتواصل رداً على كل عمليات القتل والتصفية والاذلال ومصادرة الارض والتوسع التي يمارسها العدو الإسرائيلي، بصورة كريهه وبشعة لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لها ، فالشعب الفلسطيني يواصل نضاله بعزيمة واصرار إلى تحقيق أهدافه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ، كشرط للسلام المنشود وفق قرارات الشرعية الدولية, ذلك هو الهدف الذي تسعى إليه القيادة الفلسطينية في صراعها مع الاحتلال وفي مواجهة ما يحاك ضد القضية الفلسطينية, وهذا يتطلب فلسطينيا وعربيا، بلورة إستراتيجية واضحة وصارمة بالنسبة للقضية الفلسطينية، يحدد فيها الموقف الفلسطيني والعربي مما يجري على اساس أن الصراع هو صراع عربي صهيوني بالدرجة الاولى، ونقل هذا الموقف للعالم، مصحوبا بحملة إعلامية توضح أن التزام العرب بالسلام العادل لا يلغي شرعية الكفاح الفلسطيني ضد “الاحتلال”، طالما ظل مصرا على رفضه الانسحاب الكامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة، كما ييستدعي ذلك من كافة القوى الفلسطينية مواصلة النضال واستمرار المقاومة بكل أشكالها ضد العدو الصهيوني هو المسار الرئيسي لشعبنا الفلسطيني في نضاله من أجل انتزاع حريته وطرد الاحتلال من ارض فلسطين .

وفي ظل هذه الظروف تسعى ادارة ترامب من اجل تمرير صفقة القرن بمشاركة الحلف الجديد، الذي يضم الولايات المتحدة الاميركية والعدو الاسرائيلي وبعض الدول العربية، وهذا يتطلب من الكل الفلسطيني النظر بخطورة المرحلة والكف عن لغة تزايد الانقسام مما يستدعي حضور كافة القوى والفصائل حضور المجلس الوطني الفلسطيني ، وخاصة ان القضية الفلسطينية تمر في اصعب وادق مرحلة في تاريخها منذ النكبة حتى الآن، تهدف إلى تصفيتها وانهائها،والتي تبدأ بتقزيم الحقوق الوطنية المشروعه وتصفية حق العودة من خلال وقف المساعدات عن وكالة الاونروا والعمل على حلها باعتبارها هيئة دولية معنية حسب نظامها الداخلي الذي ينص على حق العودة السياسية للاجئين الى أوطانهم حتى ولو بالقوة ، مما يستدعي استنهاض طاقات الشعب الفلسطيني والعمل على ان تاخذ اللجان الشعبية والمؤسسات الاهلية دورها للتصدي للمشروع الصهيو امريكي والدفاع عن وكالة الاونروا الشاهد العيان على نكبة الشعب الفلسطيني ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

من هنا نرى ان دعوة واشنطن لعقد مؤتمر لبحث (الأوضاع الإنسانية) في غزة تتناغم مع كيان الاحتلال في سياسة خلط الأوراق ومحاولة تضليل الرأي العام الدولي والتغطية على المشكلة الرئيسية وهي الاحتلال الإسرائيلي وما يجري في القدس والضفة من استيطان وتهويد وخصوصا أن هذا الاهتمام الأمريكي المتأخر بالأوضاع الإنسانية للقطاع يتزامن مع صفقة القرن التي تولي مكانا متقدما لقطاع غزة ويتزامن مع شبه القطيعة بين واشنطن والقيادة الفلسطينية ، ومن أهداف المؤتمر أيضا محاولة تجنب انفجار قطاع غزة في وجه االعدو ،لذلك لقد أدركت منظمة التحرير الفلسطينية خطورة وأهداف الدعوة الأمريكية لعقد مؤتمر واشنطن لبحث أوضاع غزة ولذا قررت مقاطعة المؤتمر والتنديد به ، ونحن نتطلع أن يكون موقف كافة القوى الفلسطينية الأخرى قاطعا في رفض هذا المؤتمر وليس مجرد الرفض الخجول والمتردد انتظارا لمخرجاته أو تعويلا على دور قادم في صفقة القرن وفيما يُخطط لقطاع غزة، لاننا نرى ان الموضوع الأساسي في غزة هو ليس موضوعا إنسانيا وإنما هو موضوع سياسي بالدرجة الأساسية وهو ما يعني الوحدة السياسية والجغرافية للأراضي الفلسطينية وان أزمة قطاع غزة هي نتيجة السياسة الأميركية بدعم كيان الاحتلال في فرضه الحصار على قطاع غزة ووضع الشروط لتعطيل المصالحة الفلسطينية.

ان تجرؤ ترامب، على ما يوصف به من رعونة وتهور، على المس بالقدس التي لها رمزية وطنية ودينية كبيرة في ضمير ووجدان شعوب المعمورة كافة، وليس الشعب الفلسطيني والشعوب العربية فقط ما يكفي من الدوافع لأن يعاد النظر في أساليب مقاومة ومواجهة المشروع الإستيطاني والاستعماري الصهيوني الذي لم يعد يحظى فقط بالدعم العلني والصريح من قبل الدوائر اليمينية المحافظة الدينية والعلمانية في الولايات المتحدة، بل بتبنيها الكامل وانحيازها السافر وغير المتحفظ له، وهذا يستدعي مواجهة الأطماع الإمبريالية الصهيونية في فلسطين والعالم العربي من قبل كل القوى الفلسطينية والعربية، رغم التضحيات الجسام والصمود والبطولة النادرة التي أبديت، في ثني الدوائر الإمبريالية الصهيونية عن تسجيل بعض النقاط المهمة لصالح أطماعهم ومشاريعهم، وإن امكن في بعض الأحيان عرقلة تنفيذ هذه المشاريع بصورة كاملة، وحتى افشالها في أحيان أخرى.

إن الواقعية الثورية تتطلب من القوى ،أن تتوصل عبر الحوار وإعمال العقل واستخلاص العبر والدروس من خلال تحليل تجارب الماضي وخبرات المتراكمة الى استنتاجات معللة تتعلق بأسباب الاخفاق، وبقدرة جبهة الأعداء على التمدد واكتساب المزيد من اوراق الضغط وتعطيل تطبيق العدالة في آخر بقعة من العالم لا زال يجثم عليها بكل ثقله احتلال يمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة، بما فيها الأسلحة النووية، لم يتورع عن استخدامها بصورة مفرطة ضد المدنيين العزّل ومنشآت البنية التحتية وممارسة القمع والتنكيل وامتهان الكرامة الإنسانية بِشكل غاية في الانحطاط والوحشية والقسوة.

وفي ظل هذه الظروف نؤكد ان الخطوات المطلوبة تتمثل في بلورة استراتيجية وطنية فلسطينية جديدة تستلهم روح المقاومة المتأصلة لدى الشعب الفلسطيني تقوم على تطبيق قرارات المجالس المركزية الفلسطينية، والتخلي نهائياً عن المراهنة على الولايات المتحدة لتحقيق تسوية سياسية متوازنة ومنصفة للشعب الفلسطيني.

ان هذه الاستراتيجية تفترض الاتفاق والالتزام بالموقف الجماعي الذي يتم التوصل اليه من أساليب مجابهة المخططات الصهيونية – الأمريكية ومقاومتها ولا يضع أي منها في مواجهة الآخر أو بديلاً عنه،كما يجب عدم الاستهانة أو الاستخفاف بالدعوات الرامية الى تفعيل أساليب المقاومة الشعبية، وحركة المقاطعة (BDS) وتأمين مستلزمات الصمود والثبات على الأرض، لأن الخطوة التالية في المخطط الصهيوني – الأمريكي تتمثل في فرض التهجير القسري على الشعب الفلسطيني، والعمل من اجل عقد مؤتمر دولي تحضره كافة الاطراف من اجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية.

ختاما : لا بد من القول فلا بد من حملة سياسية تستهدف مطالبة دول العالم، وخاصة تلك الدول التي رفضت قرار ترامب بخصوص القدس وعددها 128 دولة، بالاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية واعتبارها واقعة تحت الاحتلال، الى جانب الانضمام الى المنظمات الدولية المختلفة والتوجه الى محكمة الجنايات الدولية بدعاوى ضد قادة الاحتلال على الجرائم الموصوفة بجرائم حرب التي ارتكبوها ضد الشعب الفلسطيني.

قد يعجبك ايضا