يشكل فادي السلامين الكابوس الأحلك لدى أبو مازن، وهو يعرف هذه الحقيقة. لديه في صفحته على الفيس بوك ملايين المتابعين وتظهر فيها تحديثات دورية يومية، وفي أحيان كثيرة، يصبح جزءا منها حديث الساعة في الضفة الغربية، رغم أن السلامين يعيش في واشنطن. يطرح نفسه كإنسان حكيم ومطّلع ، ويبدو أن لديه مصادر معلومات في كل مكان في الضفة الغربية.

تحدث فادي السلامين عن المعلومات الأخيرة التي عرضها في مقطع فيديو عن الوضع الصحي لأبي مازن وعلاقاته المتوترة مع قيادة السلطة الفلسطينية، وعن توقعاته إزاء مستقبل الفلسطينيين السياسي.

وعندما سئل السلامين ماذا يفعل في واشنطن، وأية مهنة يمارس لكسب الرزق، أوضح أنه يعمل في صندوق استثمار خاص في واشنطن. “أجند الأموال واستثمرها في مشاريع مختلفة تتعلق بالبنى التحتية، الإعلام، وغيرها. أتعامل مع مبالغ تصل إلى ملايين الدولارات”، قال السلامين، وسريعا غيّر الحديث للقضية التي تهمه الأكثر وهي قضية الفساد في السلطة الفلسطينية.

فادي السلامين (5)

وعندما قيل له : هناك الكثير من الشائعات حول الدافع السياسي لديك وراء نشاطاتك في الفيس بوك. ما هو توجهك السياسي في الواقع؟ ما هي أجندتك؟

“ليس لدي توجه سياسي”، قال السلامين. “يدعي أعضاء السلطة الفلسطينية أنني مقرب من دحلان، الرجوب، حماس، وأنني عميل في وكالة CIA، والموساد والشاباك. ينعتونني بألقاب وفق ما يحلو لهم. هذا لا يهمني. إنهم يبذلون جهودهم لإسكاتي. كان في وسعي أن أعيش في واشنطن وأنسى بلدي المنشأ، أو حتى أنه كان في وسعي التقرب من مقربي أبو مازن الفاسدين وإقامة مصالح تجارية في الضفة، ولكن هذه الأعمال غير نزيهة. لو فعلت بهذه الطريقة، كنت خائنا حقا”.

تحدث السلامين ثانية عن سيرته الذاتية موضحا أنه لا ينتمي لأي تنظيم. “أنا فلسطيني فحسب، من عائلة فقيرة، وكان لدي حظ كاف عندما تعلمت في الولايات المتحدة، وعرفت كيف تسير الأمور، العلاقات، الديموقراطية، والنزاهة. لهذا أشعر أن واجبي تجاه شعبي هو إلقاء الظل على الفساد داخل السلطة الفلسطينية. هذه هي القصة ببساطة. وأنا لست الوحيد. كل الجهات في العالم مبنية بشكل يسمح لها أن تكون قادرة على التعرض لانتقادات، فيما عدا أبو مازن. فهو يعتقد أنه لا يخطئ وأن صحته جيدة. أعتقد أنه عندما يموت ستحدث كارثة. لأنه سيترك وراءه جهازا غير قادر على مواجهة الأحداث في عام 2018 بل هو مؤهل لمواجهة أحداث عام 1985 فقط”.

وأضاف ، “سيسعدني أن أعرف أن الفلسطينيين متجهون نحو إجراء انتخابات. لا أتمنى لأبو مازن المرض، أنا أعارض سياسته ببساطة. أعارضه سياسيًّا وليس شخصيا أبدا. أعتقد أنه آن الأوان أن يكف عن الإنكار، فيما يتعلق بالإخفاقات السياسية، ولكن أتساءل أيضا كيف يمكن أن يتجاهل حالته الصحية؟ عليه أن يتخلى عن الزعامة ويعيش بين أحضان عائلته، ويتلقى علاجات طبية. ولكنه قلق كثيرا من أن يطارده الكثيرون حول قضايا الفساد ولهذا أعتقد أنه ما زال يشغل منصبه حتى يدرك ما الذي عليه عمله مع كل هؤلاء الأشخاص غير الراضين عنه”.

المرحلة ما بعد أبو مازن

“أيش خططك لمرحلة ما بعد غيابك عن المشهد الفلسطيني السياسي؟”، سأل السلامين أبا مازن في أحد مقاطع الفيديو الأخيرة في صفحته على الفيس بوك، بعد أن أنكر أبو مازن التقارير حول إصابته بسرطان المعدة. “من المؤكد أنه يعاني من سرطان المعدة”، قال السلامين لموقع “المصدر” في الأيام الأخيرة، “لم يظهر السرطان لديه فجأة، لديه ماض طبي من السرطان. أعتقد أن أبو مازن كان مصدوما عندما كشفت هذه المعلومات. لم يتوقع أن أحدا سيتحدث عن الموضوع. لأنه احتفظ بهذه المعلومات بسرية”.

راجعني الكثير من المقربين من أبو مازن بعد كشف هذه الحقيقة. وقد صادقوا عليها. حتى أن جزءا منهم كان من هؤلاء الذي أنكروا إصابته بالمرض علنا، أليس مفاجئا؟ في محادثات خاصة يقولون: “لا نفهم لماذا لا يريد أن يبلغ أحدا، ولكنهم يبلغون الجمهور بمعلومات مختلفة”.

يؤكد السلامين أن التقارير التي صرح بها تستند إلى معلومات وثيقة ويكشف مدى اطلاعه على ماضي أبو مازن الطبي. يعرف الجميع أن أبو مازن كان يعاني من سرطان البروستات في قمة كامب ديفيد الثانية في عام 2000، عندما كان موظفا في فترة عرفات. لقد خضع لعملية لاستئصال الورم في مركز “جون هوبكينز” في أمريكا، وخلال فترة طويلة كان يبدو كل شيء على ما يرام، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح يعاني من السرطان أكثر ولم يعد يقتصر السرطان لديه على البروستات بل انتشر إلى مناطق أخرى في جسمه. قبل سنة تحدثت عن أنه اعتاد على الوصول إلى مركز الحسين للسرطان الواقع في عمان بهوية مجهولة لتلقي علاج طبي، وكان يصل بسيارة عادية وليس بسيارة مدرعة، ويرافقه ثلاثة أشخاص بشكل ثابت”. حتى أن السلامين ذكر أسماء هؤلاء المرافقين الثلاثة أمامي فقط.

فيما يتعلق بالكشف الأخير حول أن أبو مازن تلقى علاجات في مركز لأمراض السرطان في جون هوبكنز الطبي، قال السلامين: “عندما وصل أبو مازن إلى أمريكا أراد أن يخضع لمتابعة طبية ومعرفة نوع المرض الذي يعاني منه. لقد خطط للبقاء لمدة خمسة أيام، ومن ثم للحصول على رأي طبي آخر، ولكنه تفاجأ عندما عرف أني عرفت بهذه المعلومات وقد غير برامجه”.

يرغب أبو مازن في أن يموت بينما يشغل منصب الرئيس، ويحاول التأكد من أن أحدا لا يكشف أمام الجمهور عن مرضه والعلاجات التي يتلقاها”، وفق أقوال السلامين، إضافة إلى ذلك أوضح السلامين أن الكثير من الموظفين في السلطة الفلسطينية غير المقربين من أبو مازن قد سئموا، لهذا بدأوا ينشرون معلومات محرجة خاصة بالقيادة الفلسطينية. وفق أقواله، تصل المعلومات الهامة حول الفساد في السلطة الفلسطينية من داخل السلطة ذاتها وهذا يؤكد أن القيادة تنكر الحقيقة”.