نتنياهو يترنح / د. فابز رشيد

د. فايز رشيد ( الأحد ) 18/2/2018 م …




”رأي عام في كيان الاحتلال يدور ويتصاعد بأن بداية نهاية نتنياهو قد أزفت, وأن محاولات المراوغة التي بدأها لن تنقذه, بل ستكون لمجرد كسب الوقت, وأن حديثه عن ماضيه وسجله “الناصع” في خدمة إسرائيل في الجيش والأمم المتحدة لن يشفع له بأنه مرتشٍ, وهو رغم ما قاله, لم ينف أنه طلب وحصل على هدايا ومنافع بمبالغ طائلة, كما لم ينف صفقة “البيع والشراء” مع ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت، ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــقرار الشرطة الصهيونية بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في قضيتين فقط من القضايا الأربع, التي تحقق فيها منذ ما يزيد عن السنة , ستؤثر على مستقبله السياسي, سواء استقال أو أقيل من منصبه أم لم يستقل! معروف أنه منذ أشهر, فإن مظاهرات يومية تجري في تل أبيب والقدس المحتلة ومدن أخرى كل يوم سبت, تطالبه بالاستقالة. من أهم تلك التظاهرات, هذه التي تجري قبالة منزل المستشار القانوني لحكومة الاحتلال أفيحاي مندلبليت, وهو الذي بيده القرار الأخير في توجيه التهم لرئيس الوزراء الصهيوني, فالشرطة توصي, لكن النائب العام هو صاحب القرار. الأخير مدين لنتنياهو بتعيينه في منصبه الحالي, ولذلك فهو يعمل على إطالة مدة الامتناع عن توجيه أي من التهم لرئيسه. بالفعل, بعد اتهامات الشرطة لنتنياهو, طالبت بعض الصحف الإسرائيلية مندلبليت بالإسراع في توجيه الاتهامات لرئيس الوزراء, فمثلاً كتبت “هآرتس”الأربعاء 14 فبراير/ شباط الحالي”,مقالة بعنوان “لا تتلكأ يا مندلبليت” . ألوف بن كتب في ذات الصحيفة, مقالا بعنوان “العد التنازلي لنتنياهو بدأ”. بدورها اعتبرت البرفيسورة سوزي نافوت في مقالتها “أن الطريق إلى تقديم لائحة الاتهام لنتنياهو طويلة, بسبب من عدم رغبة النائب العام في تقديمها”.
كالعادة, فإن الجدل يدور حاميا في الكيان الصهيوني حول استقالة نتنياهو, فالیمین الديني المتطرف, يدافع عن رئيس الوزراء بأقصى ما لديه من طاقات, من أجل استمرار حكومته, من هؤلاء وزيرة العدل الفاشية العنصرية إيلي شكيد والكثيرين من رؤساء الأحزاب المتطرفة الأخرى, أما يائير لبيد, رئيس حزب “ييش عتيد”(يوجد مستقبل) وهو وزير المالية السابق, الذي تلقى الأوامر من نتنياهو لمساعدة رجل الاعمال ارنون میلیتشین, لتمدید فترة “الإعفاء الضریبي” بحیث یستفید الاخیر بتوفیر مبالغ مالیة تقدر بملایین الشواقل, فقد ادّعى أنه “رفض تمریر القانون الذي اراد نتنیاهو تمریره”, وقد صرح مؤخرا : “حتى وإن كان القانون لا یفرض على رئیس الحكومة الذي وجه له ھذا الكم من التُهم والتي لم یُنكرها الاستقالة, لكنه لا یستطیع العمل.. كرئیس لوزراء الدولة, وعليه الاستقالة”. وھو موقف شاطره الرأي ذاته زعیم حزب العمل آفي غباي بالقول:”یتوجبِ على كل الشخصیات العامة المتوازنة, تعزیز .هذا الرأي”. أقوال لبيد أوحت للشرطة باستدعائه كشاهد مركزي في القضية التي تحمل الرقم (1000). نتنياهو تنتظره لائحة اتھام اخرى في قضیة الغواصات الالمانیة التي تحمل الرقم (3000). ثم هناك ملف آخر لا یزال موضع تكتم في الشرطة یحمل الرقم (4000). نتنياهو لن یستسلم بسهولة في الاتهامات التي یحملها الملفان 1000 و2000 حیث تتوفر تسجیلات صوتیة خاصة بالملف 2000 ,فیما هناك شهود مركزیون في الملف1000 , تتحصر في طلب رشوة والإحتیال وخیانة الامانة, وقیل في تفاصیل الرشوة انه حصل على ملیون شیكل من رجل الاعمال میلیتشین, وربع ملیون انتقلت الیه بواسطة رجل الاعمال الاسترالي جیس باكر. فیما تسجیلات تواطئه مع ناشر “ییعوت احرونوت” نوني موزیس, تفضحه وتُدینه من المسؤولين الإسرائيليين الذين أدينوا بتهم مختلفة, موشيه كاتساف الذي كان رئيساً لـ “الدولة” عام 2000 بعد أن قضى خمس سنوات في السجن بتهمة الاغتصاب, وسبقه في الخروج من السجن رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت الذي أطلق سراحه بعد أن قضى فيه 16 شهرا إثر إدانته بالفساد، وكان من المقرر أن يحل ضيفاً على السجن أيضاً آرييل شارون بتهمة الفساد, لكن القضاء قرر عدم فتح تحقيق رسمي معه بسبب حالته الصحية, حيث ظل بعدها لسنوات في غيبوبة, قبل أن يموت. رأي عام في كيان الاحتلال يدور ويتصاعد بأن بداية نهاية نتنياهو قد أزفت, وأن محاولات المراوغة التي بدأها لن تنقذه, بل ستكون لمجرد كسب الوقت, وأن حديثه عن ماضيه وسجله “الناصع” في خدمة إسرائيل في الجيش والأمم المتحدة لن يشفع له بأنه مرتشٍ, وهو رغم ما قاله, لم ينف أنه طلب وحصل على هدايا ومنافع بمبالغ طائلة, كما لم ينف صفقة “البيع والشراء” مع ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت أرنون موزيس للحصول على التغطية الإخبارية, مقابل تقليص انتشار صحيفة “يسرائيل هيوم”.
يحاول نتنياهو الإفلات من المحاكمة, كما فعل في مرتين سابقتين في العامين 1990 و2000، لكنه هذه المرة يواجه تهما ثابتة لا يستطيع نفيها, كما يقول بن كسبيت في صحيفة “معاريف”, الذي دعا نتنياهو لأن يخرج حافظة نقوده من جيبه في بعض الأحيان كي يدفع ثمن ما يريد, لا أن يعتمد على الرشى فقط. لن يعمد نتنياهو إلى تقديم استقالته بنفسه حرصاً على بقايا سمعته, فهو ليس من طراز هؤلاء الرجال, بل سيعمد إلى المناورة للبقاء في السلطة أطول وقت ممكن, خصوصاً أن النائب العام لا يقدم إليه أية تهم حتى هذه اللحظة. ولكن إلى متى سيستمر ذلك؟ لننتظر ونر! في مطلق الأحوال, فإن الوضع السياسي لنتنياهو قد بدأ يترنح.

قد يعجبك ايضا