ملف خاص … على طريق تحسين الأداء في إمتحان الثانوية العامة في الأردن / د.غالب الفريجات

 

 

د.غالب الفريجات* ( الأردن ) الأحد 4/1/2015 م …

*خبير التربوي

*امتحان الثانوية العامة

يعتبر امتحان الثانوية العامة مهمة رئيسية من مهمات وزارة التربية والتعليم يجب المحافظة على مصداقيته بكل ما تستطيع ، وهو ليس مهمة الوزارة فحسب ، بل هو مهمة وطنية ، ولكن عاتق المسؤولية الأولى تقع على الوزارة ، لانه يعد مقياساً لنجاح العملية التربوية ، ويتوقف على مخرجاتها العمل على إعداد المواطن من خلال التعليم الجامعي والتدريب المهني ، لاحتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية ، ومن هنا فان اهميته الوطنية تتجاوز مسؤوليات الوزارة ، فيما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، من خلال نجاحها في أن تكون مخرجات التعليم لديها بعيدة عن أي شبهة أو تشكيك .

إهتمت وزارة التربية والتعليم بالامتحانات اهتماماً كبيراً ، من خلال العمل الدؤوب والتطوير المستمر في آلياتها وإجراءاتها ، ضمن مشروع التطوير التربوي نحو اقتصاد المعرفة (ERFKE) ، وانصب تطوير الامتحانات على مستوى المهارات التي يقيسها الامتحان ، ووزن هذه المهارات في ورقة الامتحان ، وعلى الدوام فان وزارة التربية تقوم على تقديم المقترحات ، لتحديث امتحان الثانوية العامة ، وتطويره بجميع عناصره ، والمحافظة على مصداقيته في نظر المجتمع .

ان المحافظة على مصداقية الامتحان ، وعدالته والعمل على تخفيف حدته على الطلبة والأهالي والمجتمع، يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار كافة الاجراءات المصاحبة لعملية الامتحان ، والتي لها انعكاسات سلبية على سير العملية ، وتؤثر بشكل سلبي كبير على اداء الطلبة ، وعدالة النتائج المترتبة على ممارسات هذه الاجراءات ، وما يعتري بعض الاختناقات في آلية التطبيق والمتابعة في قاعات الثانوية العامة من حيث الغش .

عند إجراء الامتحان في كل دورة تبرز بعض المشكلات والعقبات ، والتي لابد من العمل على معالجتها ، والمتابعة المستمرة ، لوضع الحلول اللازمة لاقناع المجتع بالمصداقية التي يتمتع بها ، الى جانب تحقيق العدالة بين ابنائنا الطلبة ، مع اعتبار الامتحان معيار وطني لا يمكن الاستغناء عنه ، لتقويم مسيرة العمل التربوي ، وكمعيار أساسي للقبول في مؤسسات التعليم العالي والالتحاق بسوق العمل .

ولانه يجب الوقوف عند كل مرحلة ، والعمل على تقييم العمل ، فانه من الضروري عند نهاية كل دورة من دورات الامتحان ، ان تكون هناك وقفة للمراجعة والتقويم ، ومن خلال متابعتي وحواراتي المتعددة مع المشاركين في مسيرة الامتحان ، فقد توصلت الى بعض الملاحظات ذات العلاقة بمراكز الامتحان ، وجاهزية القاعات ، وعمل الفريق الوزاري ، الى جانب الحلول المقترحة ، للمساهمة في وضع حد لهذه المشاكل ، واضعاً اياها أمام معاليكم لابداء توجيهاتكم فيما ترونه مناسباً ، من اجل العمل على تعزيز الايجابيات ، وتلافي الوقوع في ممارسة السلبيات على امتداد اجراء الدورات الامتحانية .

اولاً : المشكلات والعقبات

أ ـ مراكز الامتحان :

1ـ كثرة القاعات وتوزيعها على العديد من المدارس .

2 ـ تشتيت المسؤولية أمام مدراء التربية وضعف الرقابة .

3 ـ تأخر رؤساء القاعات في الوصول الى الامتحان في الوقت المحدد .

4 ـ بعد المسافة بين القاعات المختلفة ووجود وسيلة نقل واحدة تقوم بنقل رؤساء القاعات.

5 ـ وجود قاعات امتحان في أحياء سكنية أو قريبة منها .

6 ـ ضعف في أداء بعض رؤساء القاعات والمراقبين .

7 ـ غياب العقوبة الرادعة في حق المتساهلين في الأداء .

ب ـ جاهزية القاعات :

1 ـ النقص في بعض الخدمات مثل التدفئة والاضاءة والنظافة .

2 ـ كثرة المقاعد التالفة في الممرات ,

3 ـ عدم توفر / عدم كفاية وجود مستخدم واحد لكل قاعة .

4 ـ عدم كفاية الحماية الأمنية والخدمات الصحية .

ج ـ الفريق الزائر:

1 ـ الاسلوب الفوقي من قبل بعض أعضاء الفريق .

2 ـ عدم وضوح دور أعضاء الفريق

3 ـ تدخل بعض أعضاء الفريق المباشر في الطلاب المتقدمين للامتحان .

4 ـ سلب رئيس القاعة صلاحياته .

5 ـ التواجد المستمر في غرف محددة .

6 ـ تجريد مدير التربية صلاحياته .

7 ـ العشوائية في إختيار نوعية أعضاء الفريق الزائر.

8 ـ مفاجأة اعضاء الفريق بمشاركته اليومية وبالوجهة التي يكلف بالذهاب اليها .

ثانياً : الحلول المقترحة :

1 ـ التقليل من عدد القاعات واللجوء الى القاعة المركزية .

2 ـ الحماية الأمنية المسبقة للقاعات المركزية ، واعتبار منطقتها منطقة أمنية محضور الدخول اليها قبل وبعد وأثناء الامتحان .

3 ـ ضرورة عقد ورش عمل لتوضيح مهام الفريق الزائر قبل وقت كاف .

4 ـ ضرورة فهم كل من رئيس القاعة والفريق الزائر أنهم يعملون لتحقيق هدف واحد .

5 ـ ضرورة التنسيق مع مدير التربية ومعرفته المسبقة بأعضاء الفريق الزائر من خلال برنامج عمل مسبق .

6 ـ التأكد من جاهزية القاعات بكل احتياجاتها اللازمة .

7 ـ التعاون مع شركات الاتصالات الجوالة بتوفير اجهزة لمنع استخدام هذه الجوالات أثناء أداء الامتحان.

8 ـ الاختيار الدقيق لرؤساء القاعات والمراقبين والتأكيد عليهم بحدود المسؤوليات الملقاة عليهم / كما في ثواب هناك عقاب .

9 ـ تركيب زجاج مزدوج في جميع شبابيك القاعات مع أبواب معزولة داخلياً على غرار مدارس الكرامة والثامنة والعاشرة في العقبة .

10 ـ عدم مناقشة أسئلة الامتحان في وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة ، لانها تخلق حالة من البلبلة والقلق الاجتماعي .

11 ـ أن يتم التقليل من الأسئلة الموضوعية والتي تكون وسيلة سهلة للغش .

12 ـ يشترط فيمن يتقدم للامتحان من ابناء مدارس المنطقة ممن قضى ما لايقل عن سنتين في هذه المدارس الا في الاسباب المقنعة .

13 ـ يؤكد لجميع الطلبة الممتحنين الذين لهم ملاحظات على الاسئلة ، أن يقومو في نفس يوم الامتحان أو اليوم الذي يليه بتسجيل ملاحظاتهم ، عن طريق رئيس القاعة الذي يقوم برفعها الى مدير ادارة الامتحانات في نفس الوقت .

14 ـ تقدير ادوار رؤساء القاعات المتميزين من قبل الوزارة بحوافز مادية او معنوية .

15 ـ التبادل في الاداء بين رؤساء القاعات والمراقبين .

16 ـ رفع رسوم التسجيل لطلبة الدراسات الخاصة المعيدين لجميع المواد .

17 ـ التنوع في نماذج الاسئلة الموضوعية والمقالية .

الخبير التربوي

الدكتور غالب الفريجات

6 / 2 / 2012 م

**نعم لامتحان ثانوية نظيف من الغش (1)

24/12 /2013

كلنا يعي أهمية امتحان الثانوية العامة في نظامنا التعليمي ، فهو حصيلة سنوات قضيناها على المقعد الدراسي ، وهو بوابة الولوج إلى المقعد الجامعي الذي نطمح للوصول إليه ، لتحديد مستقبلنا ، ونسج مشاريع حياتنا المقبلة ، ومنه تفتح الابواب رحبة امامنا ، لنبني حياة الغد التي نتمناها لانفسنا ، ولابنائنا فيما بعد ، ولا احد يقبل أن يبدأ حياته وهو موسوم بالفساد ، ولا احد يقبل أن يبني حياته بالغش .

كلنا يعي أن هذا الامتحان معيار وطني ، وعندما نستهين بقيمته وأهميته ، ونعمد إلى ثلمه بأي وسيلة رديئة كوسيلة الغش ، فإننا نستهين بالوطن ، ونقيم علاقة سلبية مع المجتمع ، لأن الغش يُخرج مواطناً فاسداً في كل مناحي الحياة ، ولا يستطيع به أن يصل الانسان إلى الطريق السوي الذي نبني من خلاله مجداً نفتخر به ، ولا حياة كريمة نقدرها ونعتز بها ، لأنها بنيت على باطل ، فمن غشنا ليس منا تعني أن صاحب الغش منبوذ من المجتمع ، ولا توكل له أية مهمة وطنية ، ولا يتقدم  الصفوف ليبني لأن مسعاه في الهدم يتجاوز حدود الآخرين ، ولا يجوز أن يشارك الوطن والمجتمع في عملية الهدم بدلاً من عملية التعمير والبناء المطالب بها كل مواطن .

امتحان الثانوية العامة ليس ملكاً لوزارة التربية ، ولا لوزيرها ومدير امتحاناتها ، فإن نجح قد نجح هؤلاء فيما يسند إليهم ، وإن فشل ، كان الفشل منسوباً للقائمين عليه ، لأن فشله بمثابة فشل لاجهزة التربية والتعليم ، وللوطن ومؤسساته ، وللدولة بكل أجهزتها ، ولكل مواطن لديه انتماء وطني ،  فالمعيار الوطني يهم الجميع ، ويعني الجميع ، وسمعة الامتحان تمس الجميع من وزارة التربية والتعليم حتى ذاك  الانسان الذي يبيح لنفسه أن يتجاوز حدود التعليمات ، التي تقف حائلاً في طريق الغش وممارسته ، من قبل ذوي النفوس المريضة والصغيرة ، التي لا يهمها إلا نفسها ، حتى وإن كان في هذه المصلحة تدمير للمعايير والقيم الوطنية والاخلاقية، التي نتغنى بها  .

باتت سمعة الوطن على المحك ، فإما أن ينسجم المواطن مع ذاته في احترامه للمعيار الوطني  من خلال وعيه أنه لا يحق لانسان أن يعمد لسرقة جهد الآخرين ، وإما أن تعود له نفسه الأمارة بالسوء ليحدثها اللهم نفسي وليذهب الآخرون للجحيم ، وهنا عليه أن يتحمل تبعيات افعاله التي تؤذي الوطن والمواطنين، وهو ما يجب أن يوضع له حد من خلال القوانين والانظمة التي تضع حداً للفاسدين والمجرمين ، فهل هناك فساد أسوأ من اغتصاب حق ليس لك ؟ ، وهل هناك اجرام اقبح من ان تعتدي على وطن ؟ .

قيمنا تأبى أن نعتدي على حقوق الغير ، لأن الحصول على علامة دون وجه حق فيه اعتداء على حق لغيرك افضل منك في مقعد جامعي ، وديننا يتنكر لكل من يقدم على غش ” من غشنا فليس منا ” ، فلماذا ندوس على قيمنا وأخلاقنا وديننا ؟ ، ولماذا نؤذي وطننا على اعتبار أن امتحان الثانوية معيار وطني ، ولماذا نعمد على تشويه صورة مجتمعنا على اعتبار أن لنا قيمنا التي نعتز بها ، وأخيراً لماذا نحمل معاول الهدم في جدراننا التي تحمينا، من خلال الاستهانة بمؤهلاتنا التي نفاخر الدنيا بها ، وبمنجزاتنا التي حققناها بعرق جبيننا، ووصلنا بها إلى كل حدود الارض ، وقدمنا ثمرتها لكل محتاج ، من خلال ابنائنا الذين يعملون في كل انحاء الدنيا .

نظامنا التربوي بات على المحك ليس في الداخل بل وفي الخارج ، من خلال رعونة نفر لا يستحقون أن ينتسبون لوطن يتطلع إلى المجد ، ولا يتورعوا عن السعي لتدمير وطن يسعى لأن يكون له دور في هذه الدائرة الكونية ، فمثل هؤلاء لامكان لهم بين ظهرانينا ، لاننا لا نأمنهم غداً على ما يمكن أن يسند لهم  من عمل في أي زاوية من زوايا الوطن ، ومن هنا فان محاربة الفساد في نفوسهم مهمة وطنية ، والوقوف في طريق رعونتهم مهمة دينية ، فهل نحن فاعلون في الدورة الامتحانية القادمة ؟ .

***ظاهرة انتشار الغش في الامتحانات (2)

27/12/ 2013

يعتبر امتحان الثانوية العامة مهمة رئيسية من مهمات وزارة التربية والتعليم يجب المحافظة على مصداقيته بكل ما تستطيع ، وهو ليس مهمة الوزارة فحسب ، بل هو مهمة وطنية ، ولكن عاتق المسؤولية الأولى تقع على الوزارة ، لانه يعد مقياساً لنجاح العملية التربوية ، ويتوقف على مخرجاتها العمل على إعداد المواطن من خلال التعليم الجامعي والتدريب المهني ، لاحتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية ، ومن هنا فان اهميته الوطنية تتجاوز مسؤوليات الوزارة ، فيما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، من خلال نجاحها في أن تكون مخرجات التعليم لديها بعيدة عن أي شبهة أو تشكيك .

إهتمت وزارة التربية والتعليم بالامتحانات اهتماماً كبيراً ، من خلال العمل الدؤوب والتطوير المستمر في آلياتها وإجراءاتها ، ضمن مشروع التطوير التربوي نحو اقتصاد المعرفة (ERFKE) ، وانصب تطوير الامتحانات على مستوى المهارات التي يقيسها الامتحان ، ووزن هذه المهارات في ورقة الامتحان ، وعلى الدوام فان وزارة التربية تقوم على تقديم المقترحات ، لتحديث امتحان الثانوية العامة ، وتطويره بجميع عناصره ، والمحافظة على مصداقيته في نظر المجتمع .

ان المحافظة على مصداقية الامتحان ، وعدالته والعمل على تخفيف حدته على الطلبة والأهالي والمجتمع، يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار كافة الاجراءات المصاحبة لعملية الامتحان ، والتي لها انعكاسات سلبية على سير العملية ، وتؤثر بشكل سلبي كبير على اداء الطلبة ، وعدالة النتائج المترتبة على ممارسات هذه الاجراءات ، وما يعتري بعض الاختناقات في آلية التطبيق والمتابعة في قاعات الثانوية العامة من حيث الغش .

بدأ امتحان الثانوية العامة والذي يشمل عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات الذين يتوقون للحصول على أعلى المعدل الذي يؤهلهم للحصول على المقعد الجامعي الذي يحلمون به من أجل بناء  مستقبل زاهر يحققون من خلاله طموحاتهم واهدافهم الحياتية ، الا ان ما ينغص حياة الكثيرين من هؤلاء الطلاب ظاهرة الغش التي زادت حدتها ، واصبحت تؤشر على فساد اخلاقي ينتزع حقوق من يثابر ويجد ويجتهد ، لصالح من لا يقوم بأداء دوره في الاستعداد للامتحان والحصول على العلامة التي يستحق في ظل التنافس الشديد على المقعد الجامعي .

يتمثل الغش في الاختبارات وأداء الواجب في حصول التلميذ على الاجابة دون اعتبار لتعلم المادة ، او شعور شخصي بأهميتها لحياته ومستقبله ، والغش بالاضافة الى ما يؤديه من ضعف في التحصيل الاكاديمي هو سلوك غير اخلاقي ينم عن نفس غير امينة او غير سوية لا يصلح صاحبها للقيام بأية مهمة تخص المجتمع مهما كان نوعها سياسية او ادارية او اجتماعية او تربوية .

تعد  مشكلة الغش من اخطر المشاكل التي يواجهها النظام التعليمي وأوسعها تأثيراً على حياة التلميذ والمجتمع حوله ، وعلينا أن نحث المعلم والمشرف  الطلابي والادارة المدرسية على معالجة هذه المشكلة لدى التلاميذ ، وعدم تركهم لها الا بعد التأكد من الخلاص منها .

تعود ظاهرة انتشار الغش في الامتحانات الى انخفاض مستوى التحصيل الدراسي للطالب ، والرغبة في النجاح بأية وسيلة ، والرغبة في الحصول على الدرجات المرتفعة  ، وعدم التركيز اثناء الشرح والاتكالية والتكاسل وتقليد الزملاء وعدم الاستعداد الجيد للامتحان والتهاون في تطبيق عقوبة الغش وتقارب المقاعد في صفوف الامتحان ، كما أن اغلب الامتحانات تقيس المستويات المعرفية البسيطة مثل التذكر والفهم ، وتتجاهل المستويات العليا للتفكير كالتحليل والتركيب والتمييز والتقويم ، والامتحانات بوصفها الحالي لها انعكاسات سلبية على العملية التعليمية بأكملها ، لانها ترفع روح التنافس وتشجع الطلاب على الغش بدلاً من روح التعاون والبحث ، نظراً لاعتمادها على الكتاب المقرر فقط ، وتؤثر سلباً على المعلم ايضاً لانه يهمل قياس المهارات الاخرى للطالب وتنميتها ، مثل الملاحظة وسرعة البديهة .

الغش ظاهرة خطيرة و سلوك مشين  ،  و أصبح يشكو كثير من المدرسين و التربويين من انتشاره ،

واخذت ظاهرة الغش تأخذ في الانتشار، ليس على مستوى المراحل الابتدائية فحسب ، بل تجاوزتها إلى الثانوية و الجامعة ، فكم من طالب قدم بحثا ليس له فيه إلا أن اسمه على غلافه ، و كم من طالب قدم مشروعا و لا يعرف عما فيه شيئا ، و قد تعجب من انتكاس الاخلاق عند بعض الطلاب ، فيرمي من لم يغش بأنه مقعد   و متخلف  و جامد الخ .. تلك الألقاب، و لربما تمادى أحدهم فاتهم الطالب الذي لا يساعدعلى الغش بأنه لا يعرف معنى الأخوة و لا التعاون .

هذه الظاهرة التي أنتجها الفصام  الذي يعيشه كثير منا في مجالات شتى .

عاش كثير من طلابنا فصاما بين العلم و العمل ، ترى كثيرا منهم يحاول أن يغش في الامتحانات ،  و هو قد قرأ حديث الرسول صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا ) ، بل ربما أنه يقرأه على ورقة الأسئلة ، و لكن ذلك لا يحرك فيه ساكنا ، لأنه قد استقر في ذهنه أنه لا علاقة بين العلم الذي يتعلمه و بين العمل الذي يجب أن يأتي به بعد هذا العلم .

ان من أخطر أنواع الغش هو الغش في الأمور التعليمة ، و ذلك لعظيم أثره و شره ،

و من ذلك :

1- أنه سبب لتأخر الأمة ، و عدم تقدمها و عدم رقيها ، و ذلك لا ن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم و بالشباب المتعلم ، فماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون ؟ ، وما هو الهم الذي يحمله الواحد منهم ؟ ، وما هو الدور الذي سيقوم به في بناء الأمة ؟ ، لاهم الا وظيفة  بشهادة مزورة .

2- أن الغاش غدا سيتولى منصبا ، أو يكون معلما و بالتالي سوف يمارس غشه للأمة ، بل ربما علّم طلابه الغش.

3- أن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات –إضافة إلى جريمة الغش – منها السرقة ، و الخداع ، و الكذب ، وغيرها من معايير اللااخلاقية . 

 4- أن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزورة ، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراما ، و أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به .

ان انتشار ظاهرة الغش واستفحالها يعود الى فشل النظام التربوي في العمل على غرس مجموعة من القيم والعايير التربوية ، فالواقع التعليمي تغيب عنه هذه القيم

واذا اتينا على القيم ، فان الواقع التعليمي تغيب عنه هذه القيم ، مما نشهده في الممارسات التي يتسم بها المرتبطون بالتعليم ، من طلاب ومعلمين واداريين بشتى مستوياتهم وتنوع مواقعهم ، وكذلك فيما يبدو واضحاً في المخرجات التعليمية ، وتدني مستواها في هذا الجانب ، الى جانب بحكم الملاحظة ان كثيراً من القيم التربوية غائبة في محيط مؤسسة صناعة القرار، وهو ما يدفع بالمرء ان يجد عذراً مشروعاً لغياب القيم في الميدان ، فيما بين صفوف المتعلمين والمعلمين ، لان المسؤول عن السياسات والتخطيط لا يتمتع بهذه القيم ففاقد الشيئ لا يعطيه .

عندما نقول فقدان القيم في المؤسسة التعليمية نعني ان قيم الحرية والعدل والصدق والانتماء والامانة والكثير ايضاً لاتجد له وجود في الميدان التربوي، وهو مفقود في السلوك والممارسات ، ومن هنا تبدو ظاهرة الكذب طبيعية وغير مرفوضة ، او مستحبة على لسان العاملين في هذا القطاع من الطالب حتى صاحب القرار ، وكذلك عندما نشاهد حالة الغش في الامتحانات سواء اكانت مدرسية او وطنية ، فان الامانة غير متوطنة في النفوس ، والانتماء يبدو في ادنى مستوياته ، وباقل النسب التي تتمتع به ، وهكذا دواليك في جميع القيم ، مما يؤشر على خلل في المسيرة التعليمية، وعدم القدرة على تحقيقها لاهدافها ، وفي المقدمة من هذه الاهداف غرس قيم في نفوس المتعلمين .

المعايير والقيم هدف رئيسي من اهداف اي نظام تربوي، لانها معنية بتهذيب الانسان، واذا كانت التربية صناعة الانسان ، فان هذه الصناعة تتأتى من خلال تهذيب النفس وانسجامها مع الآخر ، فما الفائدة من تربية لا تتمتع مخرجاتها بالمعايير والقيم المساندة لتقدم المجتمع ، وتطويره والوصول به الى الرقي، فالحضارة التي ينشدها المجتمع في جانبيها المادي والمعنوي ، وما القيم الا تعبيراً صادقاً عن الجانب المعنوي الذي يجب ان يفرزه التقدم الحضاري ، فالانسان لا يتقدم بالمنجزات المادية ، بل فيما يجب ان تفرز هذه الانجازات من قيم ايجابة ، والتمدن هو الجانب المعنوي من الحضارة   .

****ثقافة المجتمع والغش في الامتحان (3)

5/1/2014

لقد عرّى امتحان الثانوية مجتمعنا من كثير من القيم التي كانت سائدة فيه ، فلم تكن مثل هذه السلوكيات والممارسات التي تعبر عن اللااخلاقية موجودة في اوساط المجتمع ، ولم يكن المجتمع بهذا الاصرار على ممارسة الفساد بالقوة  ، ولم تكن ثقافة المواطنين  تصر على تجاوز الحرمات ، سواء أكانت دينية أو اخلاقية أو قانونية ، فالدين لا يقر التجاوز على حقوق الآخرين ، وهو واضح في الحديث النبوي الشريف ” من غشنا فليس منا ” فمن يغش أو يساعد على الغش يسهل عليه أن يكذب أو يسرق أو يخون وظيفته وعمله ، ولا يؤتمن على اي مهمة يكلّف بها في المستقبل ، ولا يمكن أن يربي أبناءه على القيم الايجابية، ولا يمكن أن يقدم على خدمة وطن ، ومن يبني حياته على فساد لا يحصد إلا الفشل ، فهؤلاء لن يكونوا إلا في مقدمة الفاشلين حتى لو وصلوا .

الاخلاق لا تقبل أن تزاحم الغير على حقوقهم ، فمطلوب احترام حقوق المتنافسين ، فمثل هذا الطالب الذي يصر على الغش ، يعني أنه مصر على انتزاع مقعد طالب قد سهر الليالي لينال هذا المقعد ، وفي هذا المقعد مستقبله وبناء حياته ، ومثل هذه الاسرة التي تساعد ابناءها على اتباع وسائل الغش ، بمثابة تعويض عن فشلها في تربية هؤلاء الابناء على أن يكونوا مواطنين صالحين ، فالطالب الذي يقدم على الغش مريض في نفسه ، ومخترق في اخلاقه ، وكذلك هي الاسرة التي تساهم في دعم ممارسة ابنائها على الغش ، فمثل هؤلاء لا يكونوا إلا معول هدم في بناء المجتمع  .

لم يعد البعض يقيم وزناً لقانون ، ولا يهتم لعقوبة ، فهؤلاء الطلاب على الرغم انهم على يقين ان عقوبة الغش في الامتحان ، الحرمان من الامتحان لمادة او دورة أو دورتين ، ولكنهم يمارسون دورهم في الغش ، ونلاحظ من يتمادى في التجاوز على حرمة الامتحان في مهاجمة المدارس / المال العام ، والقيام بالاساءة  للمعلمين المراقبين الذين يمارسون وظيفة وطنية وواجباً رسمياً ، ومع ذلك لانجد أن هؤلاء الطلبة أو اولياء أمورهم يقيمون وزناً  في ممارساتهم لرادع يردعهم ، أو لعقوبة تقع عليهم .

التسيب وعدم اقامة الحد للتجاوزات من قبل أجهزة الدولة وراء كل هذه التجاوزات ،  التي يقوم بها نفر مارق ، سواء أكان من بين الطلبة أو أولياء الأمور، على الرغم أن هذا الفعل جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون ، ويجب أن تقوم أجهزة الدولة المعنية في تغليض العقوبة ، على كل من تسوّل له نفسه أن يمارس التجاوز على حرمة الامتحان ، بالغش أو الاعتداء على المدارس ، أو المراقبين .

وزارة التربية لم تألو جهداً ، ولم تترك باباً إلا طرقته لحماية الامتحان ، فجميع اجراءاتها كانت تصب في خدمة الطلبة المجدّين الذين يتطلعون للحصول على مقعد جامعي ، لتحقيق اهدافهم وبناء حياتهم ، وفي سبيل تحقيق العدالة فيما بين الطلبة جميعهم ، فحصّنت ورقة الامتحان من التسرب ، وصانت القاعات من أن يصل إليها أصوات المارقين من الخارج ،  و حسّنت من نوع الأسئلة التي يمكن أن تكون وسيلة للغش ، وشددت من العقوبات في حق الذين يعمدون إلى ممارسة الغش ، وناشدت المواطنين أن اتقوا الله في أبنائكم ومجتمعكم ووطنكم ، على إعتبار أن الامتحان معيار وطني يجب أن يعمل كل المواطنين على حمايته ، كما أجهزة الدولة كلها معنية على المحافظة عليه.

 الامتحان مهمة وطنية كما هومعيار وطني ، والاساءة اليه هي اساءة إلى الوطن ومنجزاته، فالتعليم بمخرجاته الجيدة فيه اعتزاز بالوطن ومنجزاته ، والذين يمارسون الغش هم مجرمون خارجون على القانون ، يجب أن تتخذ بحقهم كل السبل الرادعة ، وأن تكون هناك عقوبات صارمة في حق الطالب ، وولي أمره إن ثبت أنه شريك له بالغش ، وبحق كل من يساهم أو يساعد على احداث الغش ، والمجتمع الذي يفقد قيم الامانة والانتماء ، ويسعى للتجاوزعلى حقوق الآخرين ، هو مجتمع عار من الاخلاق ، وهو مجتمع لايمكن له أن يتقدم إلى الامام ، فالأخلاق أساس من أسس تقدم الشعوب ، وقد  صدق الشاعر عندما :

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت   فان همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فهل ذهبت أخلاقنا ، وبتنا عراة أمام الله والوطن والعالم ، لنلج بوابة التلاشي إلى غير رجعة؟ ، أم مازال  هناك أمل في أن تكون لدينا قيمنا الايجابية التي تفتح لنا أبواب المستقبل، وتأخذ بأيدينا نحو ما نتطلع إليه من أهداف .

 *****لماذا استهداف امتحان الثانوية العامة ؟ (4)

8/1/2014

امتحان الثانوية العامة معيار وطني لايعني وزارة التربية فحسب ، بل يعني جميع مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع ، ولهذا فإننا لا نقبل أن يجري الامتحان في غياب مسؤولية الحاكم الإداري ، و غياب رعاية رجال الأمن ، لان الامتحان يعطي سمعة وطنية وخارجية لنظامنا ونحن نفاخر بما وصلنا إليه من مستوى تعليمي ، رغم ما في مسيرتنا التربوية من هنات وعجز وتقصير هنا أو هناك ، لابد من العمل الجاد على معالجتها من داخل النظام التربوي نفسه .

ان محاولات الغش في الامتحان عمل غير أخلاقي بسبب غياب المعايير والقيم التربوية، يتحمل مسؤولية هذا الغياب المؤسسة التعليمية والأسرة ، لان الإنسان الذي لا تتمثل فيه قيم الصدق هو عديم الإخلاص في ما يقوم به أو يكلف به ، فكيف بهذا الطالب الذي أباح لنفسه أن يسرق جهد الآخرين ان يكون أميناً على مقدرات وطن ؟، وكيف لأسرة تشجع أبناءها على ممارسة الغش يمكن ان تكون حاضنة لإعداد الإنسان الصالح ؟ .

يهدف التعليم إلى خلق المواطن الصالح ، فهل الطالب الذي يمارس الغش يمكن أن يكون مواطناً صالحاً ؟ ، وهل مثل هذا النوع من البشر يمكن أن يؤتمن على مقدرات وطن ؟ ، وهل النظام التربوي الذي يفتقد غرس القيم والمعايير التربوية يمكن ان يكون قادراً على إعداد المواطن الصالح ، الذي تهدف التربية  إلى صنعة تحقيقه؟ .

الغش ظاهرة لا أخلاقية ولا دينية لأن “من غشنا فليس منا ” أليست ممارسة الغش في الامتحان تسمح بان يكون هذا في عداد المواطنين ؟ ، والطالب الذي تمكن من خلال الغش من الحصول على علامة بطرق غير مشروعة لا يكون قد اعتدى على حقوق غيره من الطلبة الذين سهروا الليالي في الحصول على مقعد جامعي ، هو غير مؤهل له ولا يحق له تحت أي مبرر أن يعتدي على حقوق الآخرين الذين بذلوا الجهد في سبيل الوصول إلى  مبتغاهم ،  في تحقيق الأهداف التي يصبون الى تحقيقها بأساليب وطرق مشروعة.

الصدق والأمانة والإخلاص في العمل وحب الآخرين ، وعدم التجاوز على حقوق الغير، واحترام الرأي والرأي الآخر كلها قيم ومعايير يجب ان تكون في صلب منظومتنا التربوية والأسرية ، وإلا فقدنا الانتماء للوطن والمجتمع ، وقد أكدنا على فشلنا في الحياة فقد قال الشاعر :

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت      فان هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فأين هي أخلاقنا التي ورثناها عن امتنا العربية الإسلامية ؟ ، لقد كان للعرب أخلاقهم قبل الإسلام ، فقد قال الرسول (صلعم) إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، فقد كانت الأخلاق موجودة لديهم، لان المعنى انه سيضيف القليل الى الكثير، فهل ضاعت من بين أيدينا حتى بتنا بلا قيم وبلا أخلاق وبلا انتماء ، وما هو مبرر وجودنا إذن ؟ ، لقد أسلمت شعوب دول جنوب شرق آسيا / اندونيسيا وماليزيا …الخ  تأثراً بأخلاق المسلمين وليس بالسيف ، فأين نحن من هؤلاء الذين بنوا حضارة ، وأقاموا مجداً وعزاً عمّ الإنسانية ؟.

من يمارس الغش ، ومن يتصيد هفوات تقع هنا أو هناك لا يخدم إلا أعداء الوطن ؟، ومن يسعى لتدمير معيار وطني لا ينتمي للوطن ؟ ، ومن لا يقوم بتربية أبنائه على قيم الحق والخير والعدالة فلا خير فيه ؟، وتفشي ظاهرة الغش سواء في الامتحان العام ، أو في المعاملات والسلوك اليومي لأي إنسان ، يشير إلى انه  ليس مواطناً يمكن أن يتخندق في خندق الوطن عندما يحتاجه الوطن ، فالوطن دوماً بحاجة إلى أبنائه، وإذا كانت هذه نوعية الأبناء ، فهل تظنون الوطن بخير، وانه قادر على الوقوف على قدميه ، ويستطيع النهوض للحاق بركب الذين سبقوه في العلم والتقدم ؟ .

النظام التربوي وحتى النظام الحياتي في وطننا بمجمله بحاجة إلى إعادة النظر في تربية الإنسان ، فإذا كان الإنسان أغلى ما نملك ، فما هي نوعية هذا الإنسان ؟ ، لابد من التأكيد على غرس المعايير والقيم التربوية التي افتقدناها ،  وهذا يعني إعادة النظر في منهاجنا التربوي والحياتي  ، فالتربية بوابة الإصلاح وهي مصنع الرجال ومن هنا علينا أن نبدأ من بوابة التربية ، علينا أن نلج باب الحياة نحو الرقي والتقدم ، نحو الإنسانية والمحبة ، نحو احترام الذات واحترام الآخر ، دون ان يكون علينا رقيب ، فديننا يؤكد أن اتق الله فان لم تراه فإنه يراك .

النظام التربوي بات بحاجة إلى مراجعة وإعادة نظر ، وباتت المادة الدراسية غير القابلة للتطبيق مضيعة، وباتت مخرجات التعليم إن لم تحقق أهداف التربية خسارة ، ليست فردية بل وطنية ومجتمعية ، فالتربية وسيلة لتربية الإنسان الصالح ، ولقد قال الفيلسوف الألماني نيتشة عندما احتلت فرنسا مقاطعتي الإلزاس واللورين أعطوني التربية لأحررهما ، والأمريكيون في مطلع الثمانينات عندما تدنت مستويات طلابهم في العلوم والرياضيات أصدروا وثيقة (أمة في خطر) ، هكذا هو دور التعليم بناء وطن وترسيخ أسس المجتمع وتقدم نحو العلا ، فهل نحن راغبون في ذلك ، أم أننا نريد أن نعيش على الهامش ، خاصة والوطن يعتبر أن ثروته البشرية هي نفطه الذي يعوّل عليه ، وان التنمية لا يمكن أن تحقق أهدافها بدون هذه الثروة ، فلماذا إذن نسعى لتدمير مؤسساتنا التي نعتمد عليها في التنمية بأيدينا ؟ .

التربية والمجتمع معنيان بالعمل على إصلاح النظام التربوي المترهل ، ومن مظاهره التراجع في سلوك أبنائنا الطلبة ، ومخرجات التعليم وتدني مستوياتها ، وهو ما يعني إعادة النظر في جميع مفاصل العملية التربوية من إدارة وتخطيط ومنهاج وكتاب مدرسي وان تكون هناك خطة وطنية لتطوير التعليم . أخيراً فإن الترهل الذي أصاب النظام التربوي ، وفقدان القيم والمعايير التربوية لدى الجميع، سببها أننا نسينا دورنا في الحياة ، وركنّا إلى ما حققته الأجيال التي سبقتنا ، فتجاوزتنا الحياة ، وبات علينا أن نبذل قصارى جهدنا لنلحق بالآخرين، وخير لنا ألا نستهدف معاييرنا الوطنية ، وألا نسعى لتدمير ما تبقى لنا منها ، وبدلاّ من ذلك أن نحاول البحث عن  الدواء من اجل أن نشفى من أمراضنا .

******ظاهرة الغش ، مشكلات وحلول في امتحان الثانوية العامة (5)

12/ 1/ 2014

يعتبر امتحان الثانوية العامة مهمة رئيسة من مهمات وزارة التربية والتعليم يجب المحافظة على مصداقيته  بقدر الاستطاعة ، وهو ليس مهمة الوزارة فحسب ، بل هو مهمة وطنية ، ولكن المسؤولية الأولى تقع على الوزارة ، لانه يعد مقياساً لنجاح العملية التربوية ، ويتوقف على مخرجاتها العمل على إعداد المواطن من خلال التعليم الجامعي والتدريب المهني ، لاحتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية ، ومن هنا فان أهميته الوطنية تتجاوز مسؤوليات الوزارة ، فيما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، من خلال نجاحها في أن تكون مخرجات التعليم لديها بعيدة عن أي شبهة أو تشكيك .

لقد إهتمت وزارة التربية والتعليم بالامتحانات اهتماماً كبيراً ، من خلال العمل الدؤوب والتطوير المستمر في آلياتها وإجراءاتها ، ضمن مشروع التطوير التربوي نحو اقتصاد المعرفة (ERFKE) ، وانصب تطوير الامتحانات على مستوى المهارات التي يقيسها الامتحان ، ووزن هذه المهارات في ورقة الامتحان ، وعلى الدوام فان وزارة التربية تقوم بتقديم المقترحات ، لتحديث امتحان الثانوية العامة ، وتطويره بجميع عناصره ، والمحافظة على مصداقيته في نظر المجتمع .

إن المحافظة على مصداقية الامتحان ، وعدالته والعمل على تخفيف حدته على الطلبة والأهالي والمجتمع، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كافة الاجراءات المصاحبة لعملية الامتحان ، والتي لها انعكاسات سلبية على سير العملية ، وتؤثر سلباً على أداء الطلبة ، وعدالة النتائج المترتبة على ممارسات هذه الاجراءات ، وهناك ما يعتري بعض الاختناقات في آلية التطبيق والمتابعة في قاعات الثانوية العامة من حيث الغش .

 نعيش هذه الأيام بداية امتحانات الثانوية العامة التي تشمل عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات الذين يتوقون للحصول على المعدل الذي يؤهلهم للحصول على المقعد الجامعي الذي يحلمون به من أجل بناء  مستقبل زاهر يحققون من خلاله طموحاتهم وأهدافهم الحياتية ، الا ان ما ينغص حياة الكثيرين من هؤلاء الطلاب ظاهرة الغش التي زادت حدتها ، وأصبحت تؤشر على فساد أخلاقي ينتزع حقوق من يثابر ويجد ويجتهد ، لصالح من لا يستعد للامتحان والحصول على العلامة التي يستحق في ظل التنافس الشديد على المقعد الجامعي .

يتمثل الغش في الاختبارات وأداء الواجب في حصول التلميذ على الإجابة دون اعتبار لتعلم المادة ، أو شعور شخصي بأهميتها لحياته ومستقبله ، والغش بالإضافة إلى ما يؤديه من ضعف في التحصيل الأكاديمي هو سلوك غير أخلاقي ينم عن نفس غير أمينة أو غير سوية لا يصلح صاحبها للقيام بأية مهمة تخص المجتمع مهما كان نوعها سياسية أو ادارية أو اجتماعية أو تربوية .

تعد  مشكلة الغش من أخطر المشاكل التي يواجهها النظام التعليمي وأوسعها تأثيراً على حياة التلميذ والمجتمع حوله ، وعلينا أن نحث المعلم والمشرف  الطلابي والإدارة المدرسية على معالجة هذه المشكلة لدى التلاميذ ، وعدم تركهم لها إلا بعد التأكد من الخلاص منها .

تعود ظاهرة انتشار الغش في الامتحانات الى انخفاض مستوى التحصيل الدراسي للطالب ، والرغبة في النجاح بأية وسيلة ، والرغبة في الحصول على الدرجات المرتفعة  ، وعدم التركيز أثناء الشرح والاتكالية والتكاسل وتقليد الزملاء وعدم الاستعداد الجيد للامتحان والتهاون في تطبيق عقوبة الغش وتقارب المقاعد في صفوف الامتحان ، كما أن أغلب الامتحانات تقيس المستويات المعرفية البسيطة مثل التذكر والفهم ، وتتجاهل المستويات العليا للتفكير كالتحليل والتركيب والتمييز والتقويم ، والامتحانات بوصفها الحالي لها انعكاسات سلبية على العملية التعليمية بأكملها ، لانها ترفع روح التنافس وتشجع الطلاب على الغش بدلاً من روح التعاون والبحث ، نظراً لاعتمادها على الكتاب المقرر فقط ، وتؤثر سلباً على المعلم أيضاً لأنه يهمل قياس المهارات الأخرى للطالب وتنميتها ، مثل الملاحظة وسرعة البديهة .

الغش ظاهرة خطيرة و سلوك مشين  ،  و أصبح يشكو كثير من المدرسين و التربويين من انتشاره ،

واخذت ظاهرة الغش في الانتشار، ليس على مستوى المراحل الابتدائية فحسب ، بل تجاوزتها إلى الثانوية و الجامعة ، فكم من طالب قدم بحثاً ليس له فيه إلا الاسم على الغلاف ، و كم من طالب قدم مشروعاً و لا يعرف شيئاً عما فيه ، و قد تعجب من انتكاس الأخلاق عند بعض الطلاب ، فيرمى من لم يغش بأنه معقد   و متخلف  و جامد … الخ  من تلك الألقاب، و لربما تمادى أحدهم فاتهم الطالب الذي لا يساعدعلى الغش بأنه لا يعرف معنى الأخوة و لا التعاون .

هذه الظاهرة أنتجها الفصام  الذي يعيشه كثيراً منا في مجالات شتى .

عاش كثير من طلابنا فصاما بين العلم و العمل ، ترى كثيرا منهم يحاول أن يغش في الامتحانات ،  و هو قد قرأ حديث الرسول صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا ) ، بل ربما يقرؤه على ورقة الأسئلة ، و لكن ذلك لا يحرك فيه ساكنا ، لأنه قد استقر في ذهنه أنه لا علاقة بين العلم الذي يتعلمه و بين العمل الذي يجب أن  يحصل عليه بعد هذا العلم .

 ويعتبر الغش في الأمور التعليمية من أخطر أنواع الغش ،و ذلك لعظيم أثره و شره ،و من ذلك :

1- إنه سبب لتأخر الأمة ، و عدم تقدمها و عدم رقيها ، و ذلك لأ ن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم و بالشباب المتعلم ، فماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون ؟ ، وما هو الهم الذي يحمله الواحد منهم ؟ ، وما هو الدور الذي سيقوم به في بناء الأمة ؟ ، لاهم إلا وظيفة  بشهادة مزورة .

2- إن الغاش غداً سيتولى منصباً ، أو يكون معلماً و بالتالي سوف يمارس على الأمة غشه ، بل ربما علّم طلابه الغش.

3- إن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات –إضافة إلى جريمة الغش – منها السرقة ، و الخداع ،        و الكذب ، وغيرها من المعايير اللاأخلاقية . 

 4- إن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزورة ، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراما ، و” أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به ” .

ان انتشار ظاهرة الغش واستفحالها يعود إلى فشل النظام التربوي في العمل على غرس مجموعة من القيم والمعايير التربوية ، فالواقع التعليمي تغيب عنه هذه القيم .

وعلى الجانب القيمي ، فإن الواقع التعليمي تغيب عنه هذه القيم ، وذلك من خلال  ما نشهده من  ممارسات يتسم بها المرتبطون بالتعليم ، من طلاب ومعلمين وإداريين بشتى مستوياتهم وتنوع مواقعهم ، وكذلك فيما يبدو واضحاً في المخرجات التعليمية ، وتدني مستواها في هذا الجانب ، إلى جانب أنه و بحكم الملاحظة أن كثيراً من القيم التربوية غائبة  عن محيط مؤسسة صناعة القرار، وهو ما يدفع بالمرء أن يجد عذراً مشروعاً لغياب القيم في الميدان ، فيما بين صفوف المتعلمين والمعلمين ، لان المسؤول عن السياسات والتخطيط لا يتمتع بهذه القيم ففاقد الشيء لا يعطيه .

إننا عندما نذكر فقدان القيم في المؤسسة التعليمية نعني أن قيم الحرية والعدل والصدق والانتماء والأمانة والكثير أيضاً لاتجد له لا وجود له في الميدان التربوي، وهو مفقود في السلوك والممارسات ، ومن هنا تبدو ظاهرة الكذب طبيعية وغير مرفوضة ، أو مستحبة على لسان العاملين في هذا القطاع من الطالب حتى صاحب القرار ، وكذلك عندما نشاهد حالة الغش في الامتحانات سواء أكانت مدرسية أو وطنية ، فان الامانة غير متوطنة في النفوس ، والانتماء في أدنى مستوياته  وأقل نسبة ،  وهكذا دواليك في جميع القيم، مما يؤشر على خلل في المسيرة التعليمية، وعدم القدرة على تحقيقها لأهدافها ، وفي المقدمة من هذه الاهداف غرس قيم في نفوس المتعلمين .

إن المعايير والقيم هدف رئيس من أهداف أي نظام تربوي، لأنها معنية بتهذيب الإنسان، وإذا كانت التربية صناعة الإنسان ، فان هذه الصناعة تتأتى من خلال تهذيب النفس وانسجامها مع الآخر ، فما الفائدة من تربية لا تتمتع مخرجاتها بالمعايير والقيم المساندة لتقدم المجتمع  ، وتطويره والوصول به الى الرقي، فالحضارة التي ينشدها المجتمع لها جانب مادي وآخر معنوي ، وما القيم الا تعبيراً صادقاً عن الجانب المعنوي الذي يجب ان يفرزه التقدم الحضاري ، فالإنسان لا يتقدم بالمنجزات المادية ، بل فيما يجب أن تفرز هذه الإنجازات من قيم ايجابية ، والتمدن هو الجانب المعنوي من الحضارة   .

عند إجراء الامتحان في كل دورة تبرز بعض المشكلات والعقبات ، لابد من العمل على معالجتها ، والمتابعة المستمرة ، لوضع الحلول اللازمة لاقناع المجتمع بالمصداقية التي يتمتع بها ، الى جانب تحقيق العدالة بين أبنائنا الطلبة ، مع اعتبار الامتحان معياراً وطنياً لا يمكن الاستغناء عنه ، لتقويم مسيرة العمل التربوي ، ومعياراً أساسياً للقبول في مؤسسات التعليم العالي والالتحاق بسوق العمل .

ولأنه يجب الوقوف عند كل مرحلة ، والعمل على تقييم العمل ، فإنه من الضروري عند نهاية كل دورة من دورات الامتحان ، أن تكون هناك وقفة للمراجعة والتقويم ، ومن خلال متابعتي وحواراتي المتعددة مع المشاركين في مسيرة الامتحان ، فقد توصلت الى بعض الملاحظات ذات العلاقة بمراكز الامتحان ، وجاهزية القاعات ، وعمل الفريق الوزاري الذي كانت الوزارة تقوم بتكليفه لزيارة قاعات الامتحان ، الى جانب الحلول المقترحة ، للمساهمة في وضع حد لهذه المشاكل ، راجياً ان تساهم في معالجة العديد من المشكلات التي تصاحب إجراء الدورات الامتحانية  ، وتلافي الوقوع في ممارسة السلبيات .

أولاً : المشكلات والعقبات

أ ـ مراكز الامتحان :

1ـ كثرة القاعات وتوزيعها على العديد من المدارس .

2 ـ تشتيت المسؤولية أمام مدريري التربية وضعف الرقابة .

3 ـ تأخر رؤساء القاعات في الوصول إلى الامتحان في الوقت المحدد .

4 ـ بعد المسافة بين القاعات المختلفة ووجود وسيلة نقل واحدة تقوم بنقل رؤساء القاعات.

5 ـ وجود قاعات امتحان في أحياء سكنية أو قريبة منها .

6 ـ ضعف في أداء بعض رؤساء القاعات والمراقبين .

7 ـ غياب العقوبة الرادعة بحق المتساهلين في الأداء .

ب ـ جاهزية القاعات :

1 ـ النقص في بعض الخدمات مثل التدفئة والإضاءة والنظافة .

2 ـ كثرة المقاعد التالفة في الممرات  .

3 ـ عدم توفر / عدم كفاية وجود مستخدم واحد لكل قاعة .

4 ـ عدم كفاية الحماية الأمنية والخدمات الصحية .

ج ـ الفريق الزائر:

1 ـ  التعامل بفوقية من قبل بعض أعضاء الفريق .

2 ـ عدم وضوح دور أعضاء الفريق

3 ـ تدخل بعض أعضاء الفريق المباشر في الطلاب المتقدمين للامتحان .

4 ـ سلب رئيس القاعة صلاحياته .

5 ـ الوجود المستمر في غرف محددة .

6 ـ تجريد مدير التربية من  صلاحياته .

7 ـ العشوائية في إختيار أعضاء الفريق الزائر.

8 ـ عدم التخطيط المسابق مع أعضاء الفريق وتحديد الوجهة المقصودة

ثانياً : الحلول المقترحة :

1 ـ التقليل من عدد القاعات واللجوء إلى القاعة المركزية .

2 ـ الحماية الأمنية للقاعات المركزية ، واعتبار منطقتها منطقة أمنية محظور الدخول إليها قبل وبعد وأثناء الامتحان .

3 ـ ضرورة عقد ورش عمل لتوضيح مهام الفريق الزائر قبل وقت كاف .

4 ـ ضرورة  توجيه كل من رئيس القاعة والفريق الزائر إلى أنهم يعملون لتحقيق هدف واحد .

5 ـ ضرورة التنسيق مع مدير التربية ومعرفته السابقة بأعضاء الفريق الزائر من خلال برنامج عمل مجهز .

6 ـ التأكد من جاهزية القاعات بكل احتياجاتها اللازمة .

7 ـ التعاون مع شركات الاتصالات بتوفير أجهزة لمنع استخدام الجوالات أثناء أداء الامتحان.

8 ـ الاختيار الدقيق لرؤساء القاعات والمراقبين ، وتأكيد حدود المسؤوليات الملقاة عليهم إذ كما يوجد ثواب فهناك أيضاً عقاب .

9 ـ تركيب زجاج مزدوج في جميع شبابيك القاعات مع أبواب معزولة داخلياً على غرار مدارس الكرامة والثامنة والعاشرة في العقبة .

10 ـ عدم مناقشة أسئلة الامتحان في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة ، لانها تخلق حالة من البلبلة والقلق الاجتماعي .

11 ـ أن يتم التقليل من الأسئلة الموضوعية  وهي وسيلة سهلة للغش .

12 ـ أن  يشترط فيمن يتقدم للامتحان أن يكون قد أمضى ما لايقل عن سنتين دراسيتين في مدارس المنطقة التي سيتقدم فيها للامتحان .

13 ـ يؤكد لجميع الطلبة الممتحنين الذين لهم ملاحظات على الأسئلة ، أن يقوموا في يوم الامتحان أو اليوم الذي يليه بتسجيل ملاحظاتهم ، عن طريق رئيس القاعة الذي يقوم برفعها إلى مدير ادارة الامتحانات  فورياً.

14 ـ تقدير أدوار رؤساء القاعات المتميزين من قبل الوزارة بحوافز مادية أو معنوية .

15 ـ التبادل في الأداء بين رؤساء القاعات والمراقبين .

16 ـ رفع رسوم التسجيل لطلبة الدراسات الخاصة المعيدين لجميع المواد .

17 ـ التنويع في نماذج الأسئلة بين الموضوعية والمقالية .

18ـ قد يكون من الضروري إستخدام قاعات الجامعات الحكومية والخاصة في كل محافظة ، لتكون قاعات إمتحان ، نظراً لإستيعابها الأمثل والقدرة على تحصينها ، وقد يكون هناك تفكير لدى وزارة التربية والتعليم ببناء قاعات مركزية في كل محافظة ، تشمل جميع الطلبة المتقدمين للإمتحان ، ليسهل السيطرة عليها ، وتوفير الأمن الضروري لأداء الإمتحان دون أن تقوم أي فئة بتعكيره ، كما يجب أن تعي الأجهزة الأمنية والإدارات المحلية في كل أماكن قاعات الإمتحان أنها من مسؤولياتهم الوطنية ، ويجب بذل المزيد من الإهتمام لنجاح العملية التربوية التي تمس الوطن وسمعته في الداخل والخارج . 

*******الارتقاء بامتحان الثانوية العامة واجب وطني (6)

19 / 1/ 2014

                تعتمد التربية في أي بلد على الاهتمام بالقوى البشرية المتعلمة والمدربة ، والموارد البشرية أكثر أهمية من الموارد الطبيعية في تحقيق التنمية المنشودة ، لأن الانسان هدف التنمية وهو اداتها وهو صانع التتقدم والحضارة لما يمتلكه من قدرات عقلية ، وخاصة اذا كانت هذه القدرات قد تم الاهتمام والاعتناء بها ، وليس هناك من بوابة لتهذيب العقل البشري وتحفيزه على الابداع افضل من بوابتي التعليم والتدريب .

              لقد بات البحث العلمي وهو عصارة العلم والمعرفة وسيلة التقدم والتطور ، وهذه لن تكون دون توفر تعليم يمتاز بالجودة ، ويمتلك القدرة على توفير مخرجات تعليمية متميزة ، لذا فان الكثير من دول العالم تنظر الى نظامها التربوي بأهمية بالغة يحدوها في ذلك ان اي انجاز حضاري من خلال قدرة وفعالية هذا النظام، وفي العديد من دول العالم تتوجس خيفة عندما تشعر بتعثر نظامها التعليمي من خلال مقارنتها بقدرات ونتائج طلابها في ضوء المعايير الدولية لجودة التعليم ، وقد اعتبر النظام التربوي اكثر اهمية من الوسائل الدفاعية المادية ، نظراً لان اهم وسيلة للدفاع توفر الانسان القادر على استخدام العقل بطريقة فاعلة ومؤثرة في الطرف الآخر .

              لقدا هتم الاردن بالتعليم كراسمال بشري منذ فترة طويلة نسبياً ، واستطاع أن يوفر مقعد دراسي لكل طفل في سن القيد والقبول ، وحقق تعميم التعليم الكمي ، حيث بات من الدول الاقل نسبة في اعداد الامية ، وانتشرت المدارس في كل زاوية من زوايا الوطن ، وباتت التربية اكبرقطاع في الدولة والمجتمع ، ولكن في السنوات الأخيرة اخذت مسيرة التربية والتعليم تتراجع ، وتراجعت نوعية التعليم لحساب التعليم الكمي ، نظراً لعدم الاستقرا في الادارة العليا وموقع صاحب القرار الرئيسي وغياب التخطيط العلمي وتغييب ثقافة التخطيط اذ ان الارتجال في اتخاذ الموقف في مجمل صناعة القرار تعتمد على معايير واسس غير علمية ، كل ذلك وغيره ادى الى الى الحالة غير المرضية لمسيرة النظام التربوي ، مما يستدعي اعادة النظر في مجمل المسيرة في جميع مفاصل العملية التعليمية وبشكل خاص فيما يتعلق بالمنهاج والمعلم والادارة والتدريب والتأهيل والامتحانات والقياس والتقويم ، ولان هذه الاخيرة عملية قياسية للمنجز التربوي ولنوعية العطاء في البيئة التعليمية ،وخاصة في مفصل الامتحانات العامة ، وفي المقدمة منها امتحان الثانوية العامة الذي اخذت قيمته التربوية ومكانته الاجتماعيةتتدنى بشكل مشهود ، وشابه الخلل في كثير من محطاته ، وخاصة الاجراءات المصاحبة له ، وما اصاب المجتمع المدرسي من فقدان للقيم التربوية كالصدق والامانة التي غطى عليهما ممارسة الغش في الامتحان ، على الرغم ان الغش في الامتحان واحدة من مثلمات المجتمع والتي نهت عنه أخلاق المجتمعات وأديانها ، وقد نهت عنه جميع الأديان السماوية والفلسفات الاجتماعية التي  جاء المصلحون والمفكرون بها .

             ان غياب هيبة الامتحان وفقدان احترام الطالب والمجتمع لقيمته ، وعدم اعتباره معياراً وطنياًلابد من ان يكون كل فرد حريص على ادائه بشكل جيد ، ومحاربة كل عقبة في تحقيقه لدوره في القياس والتقويم ، ولما يؤدي الى حرمان كل ذي مجهود لجهده ، ومن حقه في السهر وبذل الجهد ، الى جانب ان ينال كل من لا يستحق ما ليس له تحت اي معيار من معايير الفساد التي باتت تنخر جسد المجتمع .

 ان علاج الخلل الذي أصاب مسيرة امتحان الثانوية العامة ، وان كان لوزارة التربية الدور الاكبر في اعداده والاشراف عليه الا أن المجتمع والدولة معنية بأن يكون هذا المعيار الوطني بما يمكّن من اعطائه حقه في أن يكون نظامنا التربوي يحظى بالسمعة الوطنية والدولية ترفع من قيمة  النظام التربوي ، وتجعله في مصاف الانظمة التربوية في الدول المتقدمة ، والتي ساهمت في تطوير الدولة والمجتمع التي تنشد التقدم ، وتحقيق انجاز التنمية المنشودة ، وفيما يلي الخطوات الضرورية واللازمة على طريق الارتقاء بامتحان الثانوية العامة.

              1ـ يعقد الامتحان لمرة واحدة في السنة .

              2ـ يتم فصل قاعات طلبة التعليم النظامي عن الطلبة المكملين / قاعات خاصة ، وطلبة الدراسة الخاصة / قاعات خاصة .

             3ـ يُعاد النظر في المساقات التعليمية والتشعيب في مجمل النظام التعليمي ، وبشكل خاص في المرحلة الثانوية .

             4 ـ يُعاد النظر في المناهج الدراسية وبشكل خاص في المرحلة الثانوية .

             5ـ يُسمح للطالب باجراء امتحان الاكمال لعامين متتاليين فقط وبعدها يُطالب باعادة الامتحان كاملاً .

            6ـ معدل الثانوية العامة ليس المعيار الأساس للقبول في الجامعة ، اذ يُؤخذ بعين الاعتبار علامة الطالب في مواد التخصص الدراسي .

            7 ـ تُعقد الامتحانات في قاعات مركزية تمتلكها وزارة التربية ، وفي الجامعات الحكومية والخاصة .

            8 ـ يتم تجهيز نوافذ وابواب قاعات الامتحان بالشكل الذي لا يسمح بسماع الصوت من الخارج أو او دخول او خروج اية مادة تعليمية .

            9 ـ يتم تقليل عدد اوراق الامتحان الى عدد محدود من الجلسات في ضوء ما يتم من تحديد للمساقات والتشعيب في النظام التعليمي .

           10 ـ يكون الامتحان وفق عدة نماذج توزع في القاعات بشكل متنوع .

           11ـ تحصر اجابات الطلبة على دفتر خاص يحتوي على اسئلة الامتحان .

           12 ـ يتم استخدام أجهزة تشويش على الاتصال في كل قاعة من قاعات الامتحان .

           13 ـ يُعتبر حرم قاعة الامتحان منطقة امنية يُ منع الاقتراب منها ، ولمسافة لا تقل (2) كيلو متر .

            14 ـ تتم مساءلة أي رئيس قاعة أو مراقب يقوم بممارسة الغش او يساعد عليه حد الفصل من العمل .

            15 ـ يتم فصل اي طالب يمارس الغش في اي مادة من مواد الامتحان حد الحرمان من دورتين متتاليتين .

            16ـ يتم التقليل ما امكن من الاسئلة الموضوعية والاعتماد بشكل اكبر على الاسئلة التحليلية .

            17 ـ تُعتمد الاسئلة لقياس التفكير والتحليل اكثر من قياس الحفظ .

            18 ـ عدم السماح لاي طالب بالتقدم للامتحان الا اذا كان ناجحاً في الصفين الاول والثاني الثانويين .

            19 ـ يُعاد النظر في عدد سنوات المرحلة الثانوية بحيث تكون ثلاث سنوات بدلا من سنتين .

            20 ـ تُعتمد شهادة الدراسة الثانوية المدرسية لغايات القبول في التعليم التقني (لمدة عامين ) ، ويُقبل حاملها في الجامعة في التخصص المقابل بعد خدمة عمل لا تقل عن ثلاث سنوات في مؤسسة معترف بها دون معدل الثانوية العامة ، وان لا يتجاوز عدد الساعات المقبولة (75%) من المساقات التي درسها .

            21 ـ يُسمح للجامعات وتشجيعها على مأسسة كليات تقنية لمدة عامين فقط ، يُقبل فيها الى جانب حملة الشهادة الثانوية العامة حملة الشهادة المدرسية وفق ما أشير اليه في البند السابق .

          22 ـ يُعتبر الامتحان معياراً وطنياً يجب على جميع اجهزة الدولة ان تساعد وزارة التربية على نجاح سيره بافضل الوسائل والطرق الممكنة .

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا