وثيقة الوصاية الاميركية على سورية / ناجي الزعبي

ناجي الزعبي ( الأردن ) الأحد 28/1/2018 م …  




عام ٢٠٠٣ حمل كولن باول وهو بذروة انتشاء بلده بالعدوان الهمجي على العراق طلباته الثلاث لسورية وحاول استخدام سطوة بلدة وقدراتها العسكرية التي  أشاعت مناخات الهزيمة والاحباط والأفق المسدود معتبرة ان التراب السوري فضاءً اميركياً حيويا ينبغي ان يرضخ للسطوة والطغيان والعنجهية الاميركية

لكن طلباته  جوبهت  بالرفض برغم المساومات و اختزال الاملاءات للتخلي  عن المقاومة ثم التخلي عن التحالف السوري الايراني الاستراتيجي .

بعد كل الانتصارات السورية تعيد الادارة الاميركية تكرار الدور لكن بعد فوات الاوان وبعد نهاية عهد القطب الاوحد وصعود قوى  عظمى  تلعب بها روسيا دوراً محورياً صاعداً على المستوى العسكري والاقتصادي والسياسي والدبلوماسي .

وبعد صمود سورية وتشكل  محور المقاومة الذي اصبح رقماً صعباً يعتد به ولاعباً على المسرح الإقليمي والدولي  ، و نهاية مشروع دولة الخلافة الاسلامية  وانهيار خطوط ترامب الحمراء بكسر التحالف ومنع التواصل الجغرافي الايراني العراقي ,  السوري ,  اللبناني ، واقامة منطقة عازلة ممتدة من دير الزُّور الى السويداء ودرعا ثم الجولان ووصول الحرس الثوري والمقاومة اللبنانية للحدود مع الجولان المحتل .

بعد كل ذلك تتواصل المساعي الاميركية  وتعمل على بعث  دور قاعدة التنف لتدريب قوات قسد ودعم اقامة الكيان الكردي بشرق سورية  ، في الوقت الذي تتورط به تركيا في عدوانها على عفرين ومجابهة الاكراد وتهدد بتوسيع عدوانها ليمتد الى منبج وبالتالي التطور لمواجهة تركية اميركية بشكل ابو بآخر بسبب الدعم الاميركي المتعاظم للاكراد .

الميدان السوري يشهد تحولات في صالح الدولة السورية ومحورها على المستوى العسكري والسياسي ويقترب مؤتمر سوشي الذي سيتوج الإنجازات الميدانية بإنجازات دبلوماسية وسياسية على شكل اتفاق يكرس الحل السلمي ويمهد لتسوية شاملة .

القراءات في المجمل في المشهد الدولي والاقليمي تؤشر للمزيد من الانحسار والأفول والارباك الاميركي وتعاظم قوة محور المقاومة وتحالفاته الدولية

وفي غمرة التحولات الاستراتيجية  تخرج علينا واشنطن بمشروع الوثيقة السياسية التي تتحدث عن وصاية دولية على سورية ودستور جديد وتقسيم لها مستبقة مؤتمر سوشي في محاولة لتخريبه اسوة بكل مؤتمرات التسوية  وكأنها تتحدث عن عالم آخر وليس  عن معطيات موضوعية  تعترف بالمتغير الدولي ولا عن دولة ذات سيادة وشعب من حقه ممارسة خياراته وارادته السياسية وتقرير مصيره .

وتتذيل سياساتها التي تعالج الظروف الموضوعية بعقلية سلفية مجموعة الدول التي اعتادت لعب الادوار التي تناط بها برغم ازماتها والمخاطر التي تهدد أمنها ووجودها برمته ومن ضمنها الاردن الرسمي الذي يدفع بسياسات الاذعان لوصفات صندوق النقد والاملاءات الادارات الاميركية للمزيد من التأزيم والاحتقان وتضع الوطن على فوهة بركان  وخيار الصفر بسبب سياسات الافقار وتذيل السيناريوهات الاميركية الحمقاء .

ان القراءة الحصيفة للمعطيات تفرض اعادة قراءة المشهد بدينماكية وحيوية  والتكيف مع المستجدات .

وليس الانصياع للاملاءات الاميركية التي  لا ترى التحولات ولا تضع في اعتبارها سوى مصالح الطغمة الراسمالية.

والتي تندرج  المساعي  الدؤوبة لافشال مؤتمرات المفاوضات من سوشي لفينا  لجنييف واستأنة الخ تحت مظلتها .

لكن من غير المفهوم الادوار للدول للدول الاخرى وتجاهلها لمصالح شعوبها  وإغفالها للمخاطر والمحاذير في الالتحاق وتذيل الدور الاميركي.

جانغ جو المدير العام لادارة الاقتصاد الدولي في وزارة الخارجية الصينية لخص الصعود الصيني الحالي والأفول الاميركي  بكلمات مختصرة، ولكنها بليغة، عندما قال :

“اذا كان هناك من يقول ان الصين ستلعب دورا قياديا في العالم، فأنا أقول ان الصين ليست هي من يندفع الى الصدارة، بل ان من هم في الصدارة يتقهقرون، ويخلون هذا الموقع للصين”

هناك تقهقر اميركي  لا يخفى على احد وتراجع بالقدرات العسكرية واستعصاءسياسي ودبلوماسي وعقم في ادارة الملفات الاستراتيجية كانت اخر تجلياته مجابهة مالية ديمقراطية وجمهورية على الصعيد المحلي الاميركي

وعجز عن ترجمة ضجيج التصعيد الاميركي ضد كوريا الديمقراطية ، صاحبه اعلان جيمس  ماتيس وزير الدفاع الاميركي باعتبار  روسيا والصين العدو الاميركي الاول والدولتين –  ايران  , وكوريا الديمقراطية – دولتين   مارقتين

وكأن اميركا تحمل تفويضا إلهيا ً بتوزيع صكوك الغفران وفتاوى التكفير في الوقت الذي تزداد بِه  عقماً وعجزاً   وتحاول إشعال المنطقة بافتعال خلافات عربية عربية كالخلاف القطري السعودي والتركي الكردي والروسي والمصري وحتى الايراني  الذي يهدف لجر ايران وتركيا وروسيا  لحروب  بينية , في ذات الوقت يصعد  المعسكر  الاخر المناهض لهيمنتها ويزداد قوة ورسوخا” ا

منطق الضجيج الاعلامي المجرد من المخالب والأنياب والسطوة العسكرية والهيمنة الاقتصادية ماعاد قادراً  على تحقيق نتائج حاسمة حتى وان وضع العصي في الدواليب وهو في انحسار متزايد  يتناسب طردياً مع ارتفاع الضجيج  والجعجعة فهل يدرك من في الصف الخلفي ذلك .

قد يعجبك ايضا