القادة العمالقة “.. ومكانا تحت الشمس للامة (1/2) / عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود

نتيجة بحث الصور عن عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود

*عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود* ( الأردن ) الأحد 21/1/2018 م …




الحلول  الناجعة “للمسألة العربية” في العصر الحديث لن تكون فقط في إطار الدفاع عن الأمن القومي فحسب ،بل تتعدى ذلك إلى حسم الصراع الحضاري الانساني للبشرية في عالم متعدد الاقطاب والثقافات  بالانتقال الى مرحلة ” التعمير المتلازم مع الامانة للمساهمة في مشروع الاستنهاض الحضاري لقيادة الملة.

تحقيق المشروع  النهضوي العربي الحضاري ؛ يتطلب الى حركة استغراب كبرى لمواجهة مخرجات حركة الاستشراق لأنهاء زمن التطور غير الا متكافئ مع الاخر، واختراق حضر الغرب المتصهين المعرفة الانسانية عن العرب والمسلمين منذ الاستعمار المشروع الصهيوني في فلسطين المغتصبة والحروب الاقليمية والاحتلالية المباشرة وغير المباشرة و بالوكالة المتلاحقة والدائمة ،والنظام الاقليمي  العربي ” جامعة الدول العربية “، ونهب الثروات الوطنية الطبيعية ، ،وذلك بتعطيل فاعلية مبدأ الوراث للحضارة الانسانية المتراكمة.

وكما ان المهمة تتطلب كذلك نمطا من الرجال  “القادة العظماء” بدون أسياد ؛ كشرط اساس لتنفيذ مشروع الاستنهاض القومي لقيادة الامة ،” مهاتير محمد”  نموذجا في الحالة الماليزية للانتقال الى نمر اقتصادي في جنوب شرق اسيا . لكن الامر في “الحالة  العربية” معقد للغاية و  بحاجة ماسة الى هذه الطبقة السياسية من القادة العمالقة وشرائحها الثورية المتقدمة، وبدونها لا يمكن استيلاد “الكتلة التاريخية “من الزعماء العظام ،ولا يمكن أيضاً تحقيق التطابق بين قوتها الفكرية والمادية وبين مواصفات ومحتويات جغرافيتها السياسية الخاصة ؛ الا من خلال نمط القادة التاريخيين غير العملاء للأجهزة الاستخبارية الغربية.

الضرورة الحتمية ؛أن تكون النخب المتنورة في القيادة لبناء الدولة المدنية الديمقراطية العملاقة في بلاد الشام وارض الرافدين ذات المرجعية الدينية الاسلامية باعتبارها خطوة اولى للانتقال لمرحلة التعمير والبناء والانتاج ، والانعتاق من التبعية للغرب المتصهين .

الامة العربية  بحاجة ماسة الى هذه الطبقة السياسية من العمالقة من القادة وشرائحها الثورية المتقدمة، وبدونها لا يمكن استيلاد “الكتلة التاريخية “من القادة العظام ،ولا يمكن أيضاً تحقيق التطابق بين قوتها الفكرية والمادية وبين مواصفات ومحتويات جغرافيتها السياسية الخاصة ؛ الا من خلال نمط القادة التاريخيين غير العملاء للأجهزة الاستخبارية الغربية.

لقد دشنت البلاد العربية تجارب مريرة ،وحيث تأكد من خلالها سابقاً ولاحقا أكذوبة” الرأسمالية المسالمة “،وخاصة بعد احتضان الغرب المتصهين المشروع الصهيوني وأقامه إسرائيل في فلسطين المحتلة ، وانفراد الغرب بالمنطقة والسيطرة على ثرواتها والتحكم بمقدراتها، ومنعها من المساهمة في التراكم الحضاري الانساني للبشرية، بحضر المعرفة العلمية عن اجيالها المتعاقبة ،بحيث اصبحت الدولة العبرية تحت المظلة النووية الامريكية ليكون جيشها لا يقهر.، وغير مشمولة بالحضر العلمي والتقني خارج منظومة دول 5 +1.

فالدور الجوهري للنخب والقادة العظام ،يجب ان لا تخضع نهائياً لقوانين الصراع السياسي والاجتماعي في النسق القطري الاقليمي “جامعة الدول العربية، “رتبه و راتب”، وعدم الارتهان لإسرائيل والتواطئي مع الغرب المتصهين ، ويكمن في انهم رجال بدون أسياد ؛هم “الكاريزما” لزعماء النخب السياسية والاجتماعية الذين ينفردون بخصائص نادرة في تحرير الارض والانسان العربي  من أوهام الماضي وأحلام المستقبل لبناء الدولة العربية المركزية في الشرق .

وفي التحليل ؛ تاريخيا واجهت البلاد العربية منعطفين تاريخيين ،هما ؛ضروريان لاستكمال تطور “الامة” الاقتصادي، وتقدمها الفكري والثقافي ،وتوافر الاسباب الموضوعية والعوامل المساعدة ،لانتقال الامة العربية من اسفل السلم الحضاري الى اعلاه ،ومن مرحلة النمط الاستهلاكي إلى النمط الانتاجي الصناعي الرأسمالي ،لولوج الدورة الحضارية الانسانية، والوصول الى العقد الاجتماعي ل”دولة مدنية ديمقراطية اتحادية عملاقة تتناوب مكونات السياسية والاجتماعية السلطة سليما ،ولها مرجعيتها الدينية الاسلامية ” ليكون للعرب مكانا تحت الشمس بين الامم والشعوب .

هل كان الفشل أم النجاح مصير هذين المنعطفين؟!!. فالجواب انه  في استحضار الماضي البعيد والقريب ،نجد  ان الفشل كان مصيرهما لسببين هما ؛

الأول:- ، العامل الذاتي كان ،هو ؛السائد و الطاغي قبل سقوط بغداد الاول  في العام 1258 ، وجاء العامل الخارجي ليساعد هذا الفشل ويكرس الهزيمة الكاملة للامة ويخرجها من معادلة الصراع الحضاري الانساني  في دوراته المتعاقبة .

الثاني:- العامل الخارجي  كان هو السائد والطاغي ؛ سايكس- بيكو ، والمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ومخرجاته  قبل سقوط بغداد الثاني والاحتلال الامريكي للعراق في عام 2003، ،ليأتي العامل الذاتي ليكمل الفشل والهزيمة والانتكاس للمشروع  النهضوي العربي المعاصر.

ان هناك تطابقاً  في كل النماذج التاريخية الكبرى بين الحل التاريخي الموضوعي والأدوات الاجتماعية السياسية الذاتية، لاستنهاض الامة العربية لإقامة دوله مدنية ديمقراطية عملاقه تتناوب مكونات السياسية والاجتماعية السلطة سلميا ولها مرجعية دينية إسلامية في بلاد الشام وارض الرافدين ، تعتمد مبدأ ” ثقافة فن الحياة ” الديمقراطية كمنهاج في الحكم. فالتجربة التاريخية للامة تؤكد بأن الجغرافية السياسية العربية، وفي قلبها بلاد الشام، وجناحيها بلاد الرافدين وأرض الكنانة ، هي ؛ محطة الانطلاق الجديدة والمتجددة نحو الدولة العربية المدنية الديمقراطية العملاقة في زمن الربيع العربي المقبل .

كيف تعثر الامة على “كتلتها التاريخية” المؤهلة لقيادة نسقها  المتجدد العام ،لأحداث نقلة نوعية في ميزان القوى النسبي المحلي لصالح مشروع التحرير وقيام دولة مدنية ديمقراطية عملاقه في بلاد الشام والرافدين لها مرجعية دينية اسلامية ؟!!!،فالجواب على السؤال ، هو؛ ان استيلاد هذه القيادة في الحاضر غير المرتبطة بالأجنبي ، جاءت في بلاد الشام قيادة الرئيس السوري الراحل “حافظ الاسد” وامتدادها قيادة  الرئيس الدكتور بشار الاسد ، فأسست محور المقاومة العربي الاسلامي” الهلال المقاوم” الممتد من طهران الى دمشق لاستكمال مشروع التحرير ،وتأسيس  دولة عربية ” مدنية ديمقراطية عملاقه في المشرق عاصمتها دمشق ،لها مشروعها النهضوي ولها حلفها في الاقليم، وًفي الفضاء” الدولي” المكتظ بالصراعات السياسية المحتدمة ،لتصبح “سورية القلعة “،هي؛ الامتداد الطبيعي لسورية” علي الصالح “. . و”سلطان باشا الاطرش”.. وابراهيم هنانو” ،والضلع الاساس للمحور المقاوم  لاستكمال مشروع التحرير الشامل.

ونجد انه في مرحلة تأريخيه سابقة ؛ كانت أوهام قيادة “منظمة التحرير الفلسطينية” منذ العام 1969 الى الان، وفي المقدمة قيادة حركة فتح ،في الاصرار على القرار الفلسطيني المستقل ،الذي ،هو؛ معطوب افتراضيا وتابع عملياً للنظام الاقليمي العربي الذي زاد الطين بله بعد الانخراط في المسار الاستسلامي لإقامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967 في اطار” وعد اوسلو” الكارثة الجديدة، التي حلت بعرب فلسطين. بالاعتراف بيهودية الدولة في فلسطين المحتلة والتنازل عن 90% منها لإسرائيل مقابل ادارة مدنية ذاتية مؤقتة على 10% من ارض فلسطين  تتحول في الا تفاق النهائي الى  دائمة.

فكانت النتيجة الاولية لهذا المسار ؛النجاح المؤقت في تعطيل موضوعتين مترابطين في البرنامج الناصري هما ؛

ألأول:- فلسطين المحتلة ؛ القضية المركزية للامة العربية والاسلامية، والصراع مع المشروع الصهيوني ؛ صراع وجود وليس نزاعا  حدوديا بين الفلسطينيين  واسرائيل، كما جاء في مبادرة  ” حل الدولتين ” بحدود 67 ،في اطار مسار السادات  الاستسلامي” ثقافة التسوية ” وصفقة العصر. الثاني: – استكمال مشروع التحرير” للأرض والانسان العربي في فلسطين المحتلة ،الذي بدأت فصول المرحلة الاولى  في العام 1970،بالشراكة السورية المصرية، وتوجت بحرب اكتوبر/ تشرين1973،التي كان فيها الانتصار والانكسار معا ،مما احتاج الامر الى استكمال المشروع من قادة عظام يتمتعون بالفكر الاستراتيجي والدهاء السياسي وغير مرتبطين بدوائر الاستخبارات  الاستعمارية .

 *   صحافي ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا