من كولن باول إلى هيلي .. الحرب والأكاذيب مستمرة / م. ميشيل كلاغاصي

نتيجة بحث الصور عن كولن باول وهيلي

م. ميشيل كلاغاصي ( الأحد ) 17/12/2017 م …




مهزلة أمريكية جديدة في مجلس الأمن.. لعبت فيها نيكي هيلي دور “البطولة” على خطى كولن باول الذي سبق وعرض أدلةً وصورا ً مزيفة وقال بعد إحتلال العراق وتدميره :”أنا كاذب”, ماذا عساها ستقول المندوبة “هيلي” مندوبة مستقبلاً ؟ , بعدما كررت ذات السيناريو وعرضت ما دعته ب”الأدلة الدامغة”, حول “سلوك إيران السيء في اليمن وسوريا ولبنان والعراق” – بحسب هيلي- , وتأكيدها على خرق إيران كافة الإتفاقيات الدولية بما فيها النووية والقرار 2231 , ونقلها للحوثيين صواريخ بالستية قاموا بإطلاقها على السعودية والإمارات , ووعدت بالمزيد من الأدلة والصور لمخزن أسلحةٍ إيرانية “غير قانونية” تضم صواريخ بالستية ومضادات للدبابات وزوارق ملغّمة وطائرات بدون طيار ….إلخ , في معرض تأكيدها أن “إيران تتحدى المجتمع الدولي”.. المشهد الذي سارعت بعثة إيران في الأمم المتحدة للتأكيد على زيفه وبإعتبار الإتهام “غير مسؤول واستفزازي ومدمر”.

في الوقت الذي كان المبعوث والميسر الأممي ستيفان ديمستورا يدلي للتلفزيون السويسري بجملة أكاذيب وتصريحات تتخطى مهامه ودوره , ويتحدث بلسان ترامب أو تيلرسون ويحمّل الدولة السورية مسؤولية فشل جولة جنيف الثامنة ويؤكد أن : “المعارضة السورية أبدت استعدادها للتفاوض المباشر لكن الوفد الحكومي غير جاهز لذلك”, لكنه سارع بعد المؤتمر الصحفي لمندوب سوريا ورئيس وفدها الدكتور بشار الجعفري الذي فضحه وعرّى مواقفه المشبوهة , ليتراجع المبعوث المنحاز ويبرر تصريحاته بالقول أنا كمن يفكر بصوت عالٍ ولست سوى “مفكر إيجابي”.

مالذي يحدث ! ولا بد من العودة قليلا ً إلى الوراء … فقد تحدث البنتاغون مؤخرا ً بأن:”الوجود العسكري الأمريكي في سوريا سيبقى طالما كان ذلك ضروريا ً” , فيما أكدت الخارجية الأميركية “أن مهمة التحالف الدولي في سوريا لم تنته بعد”، وسبق لوزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا  أن بشّر في العام 2014 بحربٍ  ستستمر نحو ثلاثون عاما ً, تحت ذريعة محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي , أما اليوم وبعد القضاء على التنظيم في سورية و العراق , عدّلت واشنطن من حجتها لتصبح خشية ً أمريكية من ظهور التنظيم بأشكال ٍ مختلفة أو لمنع إنتشارهم في العالم ومنع عودتهم إلى بلاد المنشأ.

سبع سنواتٍ كانت كافية لسوريا ولحلفائها لضعضعة المشروع الأمريكي وخللة الأرض تحت أقدامه , سنواتٌ بدت فيها الولايات المتحدة الأمريكية عاجزةً عن قبولها تجرّع مرارة الهزيمة , ولا زال في داخلها “صقورٌ” يرفضون الإعتراف بنتائج الحرب الميدانية , ومن يرفضون الإستسلام ويدفعون لإنعاش مشروعها عبر الهروب إلى الأمام بالإعتماد على “مهارات”ومغامرات الأخرق ومجنون العصر الرئيس دونالد ترامب , الذي لم يتورع عن إرتكاب الأخطاء و الخطايا وكافة المعاصي السياسية والدبلوماسية والجرائم الإنسانية .

سنواتٌ بدت فيها واشنطن متأخرة  وتحتاج دائما ً الوقت لتعويض بطئ أو تعثر تقدم مشروعها , فالمشاركة الروسية في الحرب على الإرهاب والزخم القوي الذي أبداه حلفاء سورية وبالوقوف إلى جانبها بالإضافة إلى حكمة القيادة السورية و بسالة الجيش العربي السوري , شكلت مجتمعة ً عوامل صادمة للإدارة الأمريكية ولحلفائها ولجيوشها الإرهابية , جعلتها تراهن دائما ً على عامل الزمن عسكريا ً وسياسيا ً علّها تكسر جدار الصمود الفولاذي وتتمكن من تعويض تأخرها , ولجأت إلى كل ما من شأنه الحفاظ على سخونة المعركة على أرض سوريا , عساها تستطيع قلب موازين القوى على الأرض , خصوصا ً بعدما تأكدت من ضعف إعتمادها على المسار السياسي الذي لم تستطع فيه كافة النسخ التي أنتجتها على منحها الشعور بإمكانية الإنتصار , نتيجة ضعفهم وفضائحهم وإفتقادهم الحد الأدنى من التأييد الشعبي على الأرض .. ويمكن لمتتبعي السياسة الأمريكية ملاحظة لجوئها إلى الهدن وإفشالها المصالحات الوطنية والشعبية , ومراهنتها على سياسة التجميد والمناطق العازلة والاّمنة وبالإحتلال  المباشر , حتى قبولها لمناطق خفض التوتر لم يكن بهدف تحقيق السلام ووقف الحرب , بل كان من بوابة كسب الوقت والحفاظ على من يحمل السلاح بوجه الدولة السورية.

حتى إقليميا ً ودوليا ً.. سعت لخلخلة وهزّ استقرار حلفائها , ولفتح أكبر عددٍ ممكن من الجبهات الساخنة , مستغلةً إنبطاح أدواتها وعملائها وما تدعوهم “شركائها” , فدعمت الإنقلاب في تركيا , ودفعت السعودية نحو العدوان على اليمن , وإفتعلت حربا ً خليجية – خليجية , لجرّ مصر وتركيا والسعودية وإيران لصدامٍ خطير , كما حاولت إقحام “إسرائيل” بحروبٍ مباشرة  في لبنان أو في سوريا وإيران متجاهلةً صراخ نتنياهو وكوابيسه المستمرة منذ عام 2006 , ولم تتوقف عن فتح الصفحة تلو الصفحة , وكادت تصطدم مع إيران وروسيا عسكريا ً والشيء ذاته مع كوريا الشمالية , ولجأت إلى هزّ العالم كله عبر التحرك نحو تصفية الدولة الفلسطينية عبر ما سمي بصفقة القرن , وما انتهت إليه مؤخرا ً بإعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لليهود وبتوقيعه قرار نقل سفارة بلاده إليها…

أي ضوضاء و فوضى تسعى إليها واشنطن لتحرف أنظارها عن هزيمتها في الشرق الأوسط وتحديدا ً في سوريا , وهي مستمرة في وجودها اللاشرعي وبتدعيم قواعدها العسكرية في الشمال والشمال الشرقي لسوريا , وبدعم بعض الأكراد وبعض من يلهثون وراء مالها .. فما يدور في ذهنها رفضٌ وسعيٌ كبير للتسليم بنفوذ روسيا في المنطقة , ولتقليص نفوذ إيران ووصولها إلى البحر الأبيض المتوسط عبر سوريا , وعيونها شاخصة على تمرير خطوط الغاز الأمريكية – الخليجية المعترضة والمنافسة للخطوط الروسية والإيرانية , دون أن يغيب عن ذهنها التروات النفطية والغازية الجديدة المكتشفة على طول الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في سوريا و لبنان وفلسطين المحتلة.

يبدو أن واشنطن تعيش هاجس تعويض فارق الخطوة لتغيير واقع هزائمها العسكرية واستبداله بواقعٍ جديد تحاول فرضه على الأراضي السورية , وبرفع مستوى تهديدها لإيران والإقتراب من حدودها أكثر فأكثر , أو بالمغامرة والتلويح بمواجهتها عسكريا ً بما من شأنه أن يمنحها فرصة الفوز – وهذا ما لا ننصحها به إلاّ إذا قررت الإنتحار- .

لقد أفلست واشنطن ولم تعد تستطيع إخفاء نواياها بعيدا ً عن أكاذيب ترامب وبإعلانه المثير للسخرية بإنتصاره على”داعش” في سورية , ليبرر بقاء قواته في أكبر عملية إحتيال على المجتمع الدولي – بحسب وزارة الدفاع الروسية –  وسط ضغطٍ سياسي ٍ روسيٍ رهيب يسلط الأضواء على وجود القوات الأمريكية بصورة لا شرعية , وبما يحمله هذا الموقف من قرع أجراس تحوّل الدولة السورية في الوقت المناسب نحو مقاومة وطرد المحتل الأمريكي بالقوة إذا لزم الأمر , وبما يتوافق ويتماهى مع وعد الرئيس الأسد “بتحرير كل شبر”.

قد يعجبك ايضا