ما تيجى نفكر … / احمد الجباسي

 

 

أحمد الحباسى ( الجمعة ) 2/1/2015 م

ما كل من يستخدم وسائل الاتصال الحديثة متعلم و فاهم لما يحدث حوله ، نحن “نلبس” شبكة الانترنت ، نحمل هاتفا نقالا ، نشاهد كل القنوات التلفزيونية المفتوحة و المشفرة و المشفرة ” الأخرى ” ، نحن نلبس كل هذه الوسائل كما نلبس حذاء أو سروال إحدى الماركات العالمية الشهيرة ، نحن نتباهى فقط ، لأننا نملك هاتف آخر صيحة أو نشاهد مطربة تدلع على شاشة عملاقة آخر صيحة ، هذه حالنا بدون مساحيق تجميل أو شفط دهون .

هل يفكر الياباني بمثل ما نفكر ، بالطبع لا و مع كل الأسف ، و إلا لما صنع كل هذه المعجزات الالكترونية ، و لما أصبحت اليابان بعد قنبلة هيروشيما من أكثر دول العالم تقدما ، نحن أضحوكة كل الأمم ، و مثار سخريتها و خوفها و انزعاجها في بعض الأحيان ، أكاد أجزم أن تلك الرسوم المسيئة للإسلام بصورة عامة هي نتاج عقل غربي ساخر من العرب و صاحب رغبة معينة لإيذاء مشاعرهم بدافع من سوء تصرفات هؤلاء في بلدانهم الأصلية أو بلدان الإقامة المؤقتة ، و لو عايش هؤلاء ” الرسامون ” فجر الإسلام لخروا راكعين سجدا لعظمة الإسلام ، أما و أن ظهر في هذه الأمة القرضاوى و داعش و من شابه نزولا أو صعودا فقد خرج قوم من العجم بلا حياء يستهزئون بهذا “الإسلام ” الذي يقتل بلا رحمة و يسخرون من “علماء المسلمين ” الذين وصموا هذا الإسلام المتسامح برداء الإسلام الإرهابي .

أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، هذا ما فهمه البعض في هذه الأمة خطأ ، فأعدوا لهم ، أعنى للكفار ، ما استطاعوا من فتاوى تكفيرية ، و من أدمغة محشوة بخطاب ديني مخلوط بالهيروين و حبوب الهلوسة ، و من قطع غيار آدمية تم انتقاءها بعناية من قاع المجتمع و أحيانا من بين أدمغته المتعلمة القابلة لخطاب الغلو و التكفير ، و عوض أن ندخل مع الغرب في حوار الحضارات و في حرب الحصول و التفوق في ميدان المعرفة دخلنا في حروب داخلية بين من يظنون أنفسهم ملاك هذا الدين و القائمون على وصيته و بين من وجدوا أنفسهم في موقع الاتهام بالكفر دون دليل أو محاكمة ، و في حين تنفس الكفار انقطعت أنفاس المسلمين و قطعت أجسادهم بفعل هذا الفيروس التكفيري السعودي المسموم .

يقول سماحة السيد حسن نصر الله عن الكيان الصهيوني أنه أوهن من بيت العنكبوت ، يقول التاريخ أن أمريكا نفسها أوهن من بيت العنكبوت بدليل أنها لم تربح و لم تحرز في تاريخها نصرا بائنا و هربت من حرب الفيتنام بما يسمى عقدة حرب فيتنام، على الجهة المقابلة يخرج من أفواه أصحاب القضية العرب أن إسرائيل لا تقهر و أن كل أوراق الحل في يد الإدارة الأمريكية ، من نصدق إذن ؟ حزب الله الذي هزم الإرادة العسكرية الصهيونية بكل عناوينها السياسية و الاقتصادية و النفسية و العسكرية في حرب تموز 2006 أم إعلام شارع محمد على المنافق الذي طبل للفوز في حرب 1967 فحصلت الهزيمة التاريخية و الذي سارع في إعلان الانتصار في حرب 1973 فحصلت ثغرة الدفرسوار الشهيرة وبعدها ثغرة زيارة الكنيست و ثغرة مفاوضات الاستسلام في كامب ديفيد ، هل تملك أمريكا أوراق الحل ؟ لماذا إذن لم تنفذ عويلها و صياحها ضد الجمهورية الإسلامية لفرض الحل في مفاوضات الملف النووي .

العلم يصنع القوة ، و الجمهورية الإسلامية الإيرانية تستثمر في العلم لتصنع القوة في كل المجالات و “تستثمر “في هذا الصبر الشعبي لتواجه العقوبات الاقتصادية الغربية الظالمة ، تقول وسائل الإعلام أن إيران تنجز الآلاف من الدراسات العلمية المتقدمة في كل المجالات سنويا ، بالمقابل ، لا يقدر المتابعون على إحصاء عدد الفتاوى المضحكة التي يؤثثها علماء و أذيال المؤسسة الدينية السعودية و التي تحولت إلى مناسبات شعبية للترفيه و السخرية من أصحابها ، أيضا ، تنتج السعودية بفضل أموال النفط أعدادا مهمة من قنابل التفجيرات التي تحصل في سوريا و العراق و تونس ، هناك أيضا من يعمل على أن يصبح العالم العربي مجرد ماخور كبير عريض تمارس فيه كل أنواع الزنا و اللواط و الأفعال الجنسية الشائنة تحت يافطة ما يسمى بجهاد النكاح صنع في السعودية .

يختلف الإنسان عن الحيوان بالعقل و التفكير ، هذا في الظاهر ، لكن على حد علمي لم نشاهد حيوانا يقطع رأس حيوان آخر تحت “شعارات” التهليل من بقية الحيوانات البرية الأخرى ، و لم نشاهد حيوانا يلتقط صورا لحيوان تم قتله بصورة شنيعة ، لم نسمع عن حيوان يتباهى بكونه يحب الدم ، لم نسمع عن جهاد النكاح ، و لا عن حيوانات يتم حشوها بالمتفجرات ، و لم نسمع أن للحيوانات شيوخا تؤثث لهم فتاوى القتل أو تدعوهم إلى الجهاد التكفيري ، و لم نشاهد في مملكة الحيوان و حتى على الناسيونال جيوغرافيك من يحث على الكراهية بين الحيوانات أو من يلقى خطاب التكفير ، لم نشاهد من يعتدي من الحيوانات على الأضرحة و بيوت العبادة ، لم نعثر على مدارس و لا على مصانع مهدمة ، الخ من مظاهر العنف السوريالى الذي يطبع المشهد في سوريا أو في بقية البلدان العربية التي طالتها أيادي التخريب و الموت السعودية ، نتساءل ، إذا كان الوحش بهذه الصورة المتحضرة فلماذا تحول الإنسان “المفكر” إلى وحش مسموم ؟ ثم لماذا نفكر أصلا و الحيوان سبقنا في الحضارة و في التفكير …ما تيجى نسكت

قد يعجبك ايضا