اليمن : لحظات حاسمة / احمد الحياسي

احمد الحباسي ( الأربعاء ) 13/12/2017 م …




مثلما كان متوقعا للمتابعين دخلت الجبهة الداخلية اليمنية الرافضة للاحتلال الصهيونى السعودى فى أزمة  بين بعض مكوناتها الاساسية  رغم  بعض التصريحات المتناثرة التى سعت  الى تطويق هذه الخلافات التى تلت مقتل الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح  باعتبار أن هناك خطة واضحة لدول العدوان الخليجى و بالذات المملكة العربية السعودية  لتعويض خسارتها العسكرية المذلة باستهداف الجبهة الداخلية محاولة تفكيكها قدر الامكان و السعى الى شرذمتها ، المتابعون  للشأن اليمنى و بالذات للحرب الدموية الوحشية التى شنتها السعودية  خدمة للأغراض الصهيونية فى تلك المنطقة  كانوا ينتظرون مثل هذه الازمة الطارئة  خاصة و أن هناك قنوات اعلامية باغية قد اشتغلت ليلا نهارا على هذا الموضوع  فى نطاق ما يسمى بالحرب المعنوية ، بطبيعة الحال النظام السعودى فشل فى تحقيق كل أهداف العدوان البربرى و النجاح الوحيد الذى يحسب اليه هو دفع الشعب اليمنى  الحر بكل أطيافه السياسية للوقوف صفا واحدا ضد هذه المؤامرة  الخبيثة و الحرب القذرة  لذلك كان تركيز النظام السعودى و بعض أدواته الداخلية و الخارجية على محاولة كسر هذا الصمود المعنوى و العسكرى بكل الوسائل المغرضة المتاحة ، فالنظام السعودى المتآمر يعيش اليوم حالة من الارتباك القصوى خاصة أن جماعاته الارهابية التكفيرية قد هزمت فى سوريا و العراق و لبنان   و معها ضاعت الاحلام و الاموال و الهيبة و المستقبل الموعود كما كان يبشر به سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية الاسبق ، لكن من الواضح أن صمود الشعب اليمنى الاعزل ضد كل هذه القوات العسكرية التى تستعمل أحدث الطائرات و الاسلحة و الدبابات و غيرها من وسائل التدمير المقصود للبنية التحتية اليمنية الهشة قد جعل القيادة السعودية  فى موقف لا تحسد عليه .

الملف اليمنى يعيش اليوم فترات عصيبة بسبب الهجمة السعودية “السياسية ” المركزة على بعض مناطق الخلاف داخل مكونات اطياف المقاومة للعدوان و رغم قناعة المتابعين بأنه من الوارد دائما أن يحدث  مثل هذا  الانزلاق  الخطير و الغير المحسوب العواقب خاصة أن اللعبة فى اليمن لعبة سياسية بامتياز تتصارع فيها قوى و قيادات و رموز يمنية و اقليمية كثيرة   فان ما حدث  من الرئيس الراحل  من مواقف  انتهازية كان  سيؤدى بالثورة اليمنية الى المجهول  بحيث تصبح اليمن  مجرد محمية سعودية صهيونية  و يصبح الشعب اليمنى مجرد  شاهد على كثير من المؤامرات القذرة التى ستحاك ضد الامة العربية و ضد مصلحة هذا الشعب المنكوب نفسه ،  نحن نعلم ان الثورات  لا تتحمل وجهات النظر الخائنة و من يخرج عن الاجماع الثورى عليه أن يدفع فاتورة الدم  و هو ما حصل فى الساعات التى تلت  تصريح الرئيس القتيل و هو ما فاجأ كثير من المتابعين لكن المفاجأة  الكبرى كانت فى جانب الجهات الخائنة و الجهات التى ساعدت على نشر تصريح الخيانة و التهليل اليه فى الساعات الموالية لسماعه باعتباره المنجز التاريخى الذى سيقضى على الثورة اليمنية و يطيح بتطلعات الشعب اليمنى نحو التخلص من الهيمنة السعودية  بالخصوص و الخليجية المتآمرة بالعموم .

الخلافات فى وجهات النظر و فى التخطيط للمواجهة و فى كيفية الخروج من الحرب المفروضة على اليمن و خاصة فى مسألة التفاوض لإيقاف هذه الحرب الدموية المجنونة ، هذه الخلافات حصلت دائما بين الفصائل و المكونات المقاومة للاحتلال على مر التاريخ مثل الجزائر و فلسطين و تونس و مع ان  هناك  دائما حالة من الخوف تفرزها بعض التصريحات  الاعلامية من أن يتطور الخلاف الى حالة من الاشتباك الساخن بين اطراف المقاومة  من شأنها أن تبعث رسائل سلبية تماما للشعب اليمنى  الرافض للاحتلال  السعودى  و تعيد للسعودية   الامل فى كسب معركة تدمير اليمن فان المقاومة اليمنية قد اثبتت منذ بداية العدوان قدرتها على التصالح مع نفسها و رد الفعل  تجاه كل المخططات الدنيئة  بل اثبتت للعالم قدرة  فائقة على مواجهة العدوان الوحشى السعودى بحشد كل القوى القادرة عن الدفاع عن اليمن  بصرف النظر عن الخلافات الظرفية السياسية و بصرف النظر عن  مخلفات الماضى و ما انتجه حكم الرئيس القتيل طيلة سنوات  من تفكيك الوجدان اليمنى و انهاكه فى صراعات  و مواقف لا تخدم المصلحة اليمنية العليا  ، فى هذا السياق و بعد اكثر من ثلاثة سنوات من العدوان الوحشى السعودى على اليمن استطاع الشعب اليمنى بالتوازى مع اقتلاع انتصارات عسكرية مهمة ضد العدو السعودى الغاشم  انتزاع اعجاب الوجدان العربى و العالمى الرافض لهذه الحرب الدموية التى تعرض اليها الابرياء و سالت بموجبها كثير من الدماء .

سقطت المؤامرة المحمومة على الشعب اليمنى  و هناك اليوم أصوات عاقلة كثيرة تسعى لوئد الخلافات فى المهد و كلام السيد عبد الملك الحوثى فى خطابه لحكماء و عقلاء اليمن كان المقصود منه  اعادة حالة الوعى الى النفوس و تفويت الفرصة على العدو السعودى باعتبار أن هناك خطة  واضحة للنظام السعودى ترمى لإشعال البيت اليمنى سياسيا ، أيضا لا بد من التذكير ان محاولات الفتنة السعودية ليست وليدة الساعة بل هى قد بدأت مع انطلاقة العدوان الوحشى على اليمن .لا شك و لا خلاف عند العارفين و المتابعين أن النظام السعودى قد فشل فشلا مذلا و ذريعا فى حربه على اليمن ، بل لنقل أن المقاومة اليمنية قد كبدت العدو السعودى خسائر كبيرة فى الارواح و المعدات  و لا شك أن هناك أصوانا كثيرة باتت تتعالى داخل البيت السعودى مطالبة القيادة المتآمرة  بمراجعة كل حساباتها الخارجية الخاطئة  فى اليمن و سوريا و العراق و لبنان و هى عناوين فشل معلن منذ فترة الملك السابق ، أيضا هناك من يتحدث عن عجز غير مسبوق فى الميزانية السعودية يحدث لاول مرة منذ الطفرة النفطية مما يقيم الدليل على أن صمود الشعب اليمنى قد تكون له تبعات و ارتدادات  اقتصادية فى المستقبل القريب .

مع الوقت و مع كثرة التدخلات الخارجية كان من المتوقع أن يحدث  ما حدث منذ ايام  لكن العبرة أن الثورة اليمنية قد استطاعت فى وقت وجيز القضاء على الفتنة النائمة و المسمومة ليتخلص الجسد اليمنى من كثير من العلل و الملابسات المشبوهة و هذا لم يكن بالأمر السهل  خاصة و أن أطراف المؤامرة قد  وزعوا حلوى الانتصار قبل الاوان ،  بطبيعة الحال من المنتظر أن يتبع مغادرة الرئيس القتيل الساحة اليمنية  حالات من الهزات و العواصف لكن من الواضح من خطاب السيد عبد الملك الحوثى  الذى تلى الساعات الاولى لمقتل الرئيس السابق  أن الصورة واضحة و ان الثورة اليمنية قادرة على انتزاع الانتصار من العدو السعودى بالاعتماد على قوة العزيمة و الصبر و حسن التخطيط السياسى و العسكرى لمـــــعركة الوجود و كسر عظم التحالف الهجين الذى يقود هذه المعركة من الجانب الخليجى المتآمر على الامة العربية و على اليمن كقاعدة للصمود و المقومة العربية ، هنا يجب التوضيح أنه لم يعد ممكنا للشعب اليمنى الذى دفع فاتورة دم رهيبة  أن يرضى بالفتات  أو أن يرضى بحل  لا يحمل النظام السعودى المسؤولية الجزائية امام المحاكم الدولية و المسؤولية المادية عن  هذه الارواح البريئة و هذا التدمير  المتعمد للبنية التحتية اليمنية و على كل فهناك بشرى تتعلق بتكوين لجنة أممية مستقلة للنظر فى جرائم الحرب التى ارتكبها هذا النظام النازى و إذا تجاوزت المقاومة هذه المحنة الظرفية بسلام  فانه بإمكانها اليوم أن تضع  كل شروطها على طاولة المفاوضات للحصول على أقصى ما يمكن من التنازلات السعودية ، من الممكن أن يرى البعض أن النظام العدو سيستنفر كل ضغوطه المالية على بعض الدول الغربية  حتى لا تتم محاكمته دوليا  لكن من الواضح أنه فى عهد وسائل الاتصال الفضائى يمكن اليوم  ” محاكمة ” النظام  اعلاميا و شعبيا و العمل على كشف جرائمه ضد الانسانية  و قيامه بمذابح وحشية فاقت الوحشية الصهيونية و هذا التصرف المطلوب لا يمكن أن يتحقق إلا بتكاتف الجميع و نبذ الخلافات و اذا تحقق هذا الامر فيمكن القول أن الشعب اليمنى قد استحق جائزة الصمود فى وجه العدوان  و يستحق الحرية التى حاول نظام ال سعود أن يحرمه منها منذ بداية الثورة اليمنية .

قد يعجبك ايضا