علم وحلم وحيمرة ! / أحمد عبدالله الشاوش

 




أحمد عبدالله الشاوش ( اليمن ) الإثنين 4/12/2017 م … 
دونت سجلات التاريخ عبقرية اليمنيين في شتى العلوم الإنسانية ، وتحدثت عن مناقبهم وصفاتهم وسجاياهم الحميدة المتمثلة في العروبة و الشجاعة والاصالة والذكاء ورقة القلب وكرم الضيافة والنخوة ونصرة المظلوم ، ماجعل اليمانيون جديرون بالاحترا.كما أفردت صفحات التاريخ الناصعة الكثير من العلوم التي أبدع فيها الأجداد في مجالات الفكر والثقافة والمعرفة والفقة والادب والشعر والقصة والفلك والتاريخ والجغرافيا والطب والرياضيات والسياسة والفلسفة وغيرها من العلوم الإنسانية التي رفدت المكتبات العالمية ، و أشاد القرأن الكريم بقوة وبأس اليمانين وجنات سبأ ، وسجل ديمقرياطتهم المتمثلة في الشورى والحكمة التي تفردت بها الملكة بلقيس وغير ذلك من الاحداث والصور العظيمة ، وما هدهد النبي سليمان إلا شاهداً على ذلك العصر الذهبي والزخم الكبير والعقل الفريد الذي كان العامل المشترك بين الملكة وأبناءها من أبناء سبأ الذين ذاع صيتهم في الافاق.

وبمرور الزمن وعظمة الإباء والاجداد أشتد عود حضارتنا وصار العلم هو مفتاح المستقبل ونهاية كابوس الجهل والخرافات بعد ان اُطلق للعقل العنان وصار العلماء محل تقدير وتوقير العامة وصار الناس في دروب المعرفة والحكمة والحق والعدل والرشاد ، وبرعوا في الكثير من مجالات الحياة بعد ان أسسوا ” الدولة” وأداروا شؤون الحياة وتحولت حياتهم الى مناره للفكر الإنساني الخلاق منذ بداية التاريخ مروراً بمعاصرة الديانات السماوية الثلاث التي أرتشفوا من رحيقها وشربوا عصارة فكرها ، وواصلوا النهل من روافد وجداول ثقافات الاخرين حتى صار لليمن السعيد وزناً.

ولذلك تحول اليمنيون الى نجوم مضيئة في سماء المعمورة وأقلامه المدونة وسيوفه الفاتحة ومدارسه الثقافية المثمرة وماحضرموت وزبيد وجبلة والجامع الكبير بصنعاء وتعز وصعدة وغيرها من حواضر اليمن إلا دليلاً على إلا خير شاهد على تلك العلوم الغزيرة والسيول الجرارة من مدارس الفقة والمؤلفات العظيمة والنفائس الفريدة والعلماء الاجلاء والسياسيين المشهود لهم بالحنكة ، بالإضافة الى الاثار العجيبة وعظمة سد مأرب وغيره من الدرر التي أدخلت اليمنيين من أوسع أبواب التاريخ .

ورغم ذلك الرصيد العظيم لايزال وسيظل اليمنيون أكثر حلماً واملاً وحُلماً وحكمة لاستحضار ماضي الأجداد وسمعتهم الطيبة التي جعلتهم جديرين بالاحترام في الاندلس والمغرب وليبيا واندونسيا وماليزيا وبريطانيا وامريكا وغيرها من بقاع الأرض الذين ساهموا في بناء وتعمير تلك الأمم وأضافوا لها الكثير من المعارف والعادات المتميزة.

وتظل المشكلة الكبرى في تقبل البعض منا ان يستنسخه بعض الحمقاء لجعله حاملاً صفات غباء “الحمير ” او على الارجح تحويله الى مجرد قطيع خاضع أو دميه يحركها اراجيز السياسة وكهنة الدين ، ما يدعو الى طرح أكثر من 1000 علامة استفهام بعد ان تحول من مواطن له الكثير من الحقوق وعليه الكثير من الواجبات الى عبد لايعرف مصلحته أين تكمن ، لاسيما بعد ان كشفت الأيام نتيجة سياسة التجهيل المبرمج والجهل المتعمد التي مارسها ” الائمة” قبل الثورة مقابل البقاء في حكم اليمن ، والكثير من رموز التجهيل المتمثلة في بعض مراكز القوى اليمنية بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر رغم آلاف المدارس والمعاهد والجامعات إلا ان مخرجات التعليم ضعيفة ، وأقرب دليل على ذلك ان محافظة صعدة التي رفعت فيها اعلام الجمهورية وبنية فيها المدارس لم تؤتي ثمارها وقام بمليء الفراغ ظل الدولة بعد ان ترك العنان لبعض حاملي فكر الامامة لانتاج مخرجات متخلفة مؤدلجة تؤمن بالعنصر والسلالة وكذلك الحال بالنسبة لحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي ركز على الريف ، الذي أتخذ من الريف قاعدة ومنطلقاً لعجن العقل القبلي وأدلجته ، كما ان ذلك لايعفي الاشتراكي والناصري والبعث والمؤتمر في سياسة الاغواء والانتقام من كل مبدع ورجل صالح ، وما فوضى الربيع الصهيوني إلا جزء من ذلك السلوك ونتيجة لحسابات معينة ، الوطن والثوابت الوطنية ابرأ اليها من قميص دم يوسف.

ومايدعو للألم والاسى والحسرة ان دولا إقليمية ساهمت في عمليات تفخيخ التعليم في اليمن، واثارة الجدل البيزنطي واذكاء الفتنة وتمزيق النسيج الاجتماعي وتتجلى تلك الشواهد المأساوية لأحفاد سبأ ، في عدم احترام ساحات العلم والمعلمين الشرفاء وتحويل المدارس والمعاهد والجامعات الى معارك وثكنات حزبية ، وتعيين وزراء ومسؤولين ومدراء ومعلمين واكاديميين يغلب عليهم طابع الحزبية المقيت والهاجس الامني ، ما جرنا الى كارثة سقوط التربية والتعليم وضياع الأجيال وتحويلها الى قطيع أشبه بالحمير يقودها عدد من السياسيين والعسكريين والمثقفين ورجال الدين المتهورين الذين لايملكون من المؤهلات إلا مشاريع الدمار والافراط في التبعية لكل ناعق والخروج الى ساحات الفوضى ، ولنا في فوضى ودمار ودماء وفقر وحرائق وتفجير وتشريد وتهجير وحصار الربيع وماتلاه من احداث مأساوية حتى كتابة هذه الحروف درساً قاسياً يفرض على الجميع مراجعة النفس ووخز الضمير والعودة الى الدولة التي في ظلها وتحت سقفها يعيش جميع اليمنيين بعيداً عن كافة الامراض والاحلام والخرافات القاتلة.

قد يعجبك ايضا