الأرهاب فى سيناء…وقضية القرن / عمرو سمبل




عمرو سمبل ( مصر ) الثلاثاء 28/11/2017 م …
انتشر الإرهاب فى سيناء بطريقة مريعه بعد قيام ثورة يناير ثم كان انتشاره الأقسى والأكثر تأثيرا بعد 2013 ..وتعددت التصريحات التى تؤكد ان سيناء تحت السيطرة..وخرقت مصر بالإتفاق مع اسرائيل بنود معاهدة السلام فسمحت لنا اسرائيل بإستخدام الطائرات وزيادة قوات الجيش العاملة فى المنطقة الحدودية مع غزة…ولكن ربما فشلت كل تلك الإجراءات فى القضاء على الإرهاب الذى اطل مرة اخرى بأكبر مذبحة بشرية تشهدها مصر منذ زمن بعيد…ولمدة نصف ساعة ظل الإرهابيين يحصدون ارواح الشهداء البريئة داخل وخارج مسجد الروضة فى منطقة بير العبد التى تبعد عن مدينة الإسماعيلية بحوالى 122 كيلومتر فقط ولكنها لا تبعد عن بحيرة البردويل سوى ببعض الكيلومترات.
فإذا نحينا الكلام عن الأرهاب جانبا ونظرنا الى مستوى اخر من التفكير, ربما لنحاول ان نقرا ما وراء الإرهاب لانه من المعروف انه حيث يوجد إرهاب ..توجد اهداف ومصالح سياسية ونوايا اقتصادية ..

فى عام 2010 صدر تقريرا هاما كتبه جيورا إيلاند وهو جنرال كان يوما ما مديرا لمجلس الأمن القومى الإسرائيلى ثم مديرا لإدارة التخطيط الإستراتيجى فى وزارة الدفاع الإسرائيلية..ويشغل منذ فترة منصب كبير باحثين فى معهد الأمن القومى الإسرائيلى, هو إذن ليس شخصية عادية..نعود لنقول ان جيورا إيلاند اصدر عام 2010 تقريرا هاما بعنوان البدائل الإقليمية لحل الدولتين..وهو لم يناقش فى تقريره سوى حلين لا ثالث لهما
1- اقامة فيدرالية بين الأردن وفلسطين
2- اقامة دولة فلسطينية على جزء من أرض سيناء تقتطعها اسرائيل بالإتفاق مع مصر على ان تعوض اسرائيل مصر بجزء من صحراء النقب.
واستفاض جيورا إيلاند بشرح مزايا الحل الثانى وفوائده المتعددة على الفلسطينيين وعلى اسرائيل بل وعلى مصر أيضا حيث قال ان مصر سوف تعطى الفلسطينيين ( وليس إسرائيل ) مساحة 720 كم مربع وسوف تستعيض مصر نفس المساحه من صحراء النجف ( النقب) كذلك يعدد التقرير المزايا ستحصل عليها مصر بعد تنفيذ هذا الإتفاق منها

1- موافقة اسرائيل على انشاء نفق يربط مصر بالأردن ويكون تحت السيادة المصرية وذلك لربط مصر ( المقطوعة بريا عن الشرق الأوسط بحسب التقرير) بالجزيرة العربية وبقية دول المشرق العربى مثل العراق وسوريا.
( يقول التقرير ان فكرة الربط هذه هى فكرة البروفيسور يهوشوا بن ارييه من الجامعة العبرية بالقدس )

2- مساعدة اسرائيل لمصر فى حل مشاكلها المائية عن طريق تسهيل تمويل المؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولى وصندوق النقد لإقامة محطات تحلية حيث يستفيض التقرير فى شرح ازمة المياه فى مصر نتيجة الزيادة السكانية ونقص الغذاء والتناقص المستمر فى مياه النيل, كما تعانى من نقص التمويل.
3- لإن معاهدة السلام تكبل مصر فى حرية نشر قواتها المسلحة فى سيناء فسوف يتم تعديل بعض بنود ملحق معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لتعطى إسرائيل لمصر بعض الحرية فى وضع قوات مسلحة فى سيناء كما يعطى جيورا إيلاند مبرراً لمصر للاستهلاك المحلى (بحسب التقرير حرفيا) بأن مصر تضحى بنسبة 1% من أرض سيناء كى تفرض سيادتها الكاملة على 99% من سيناء.
4- مساهمة اسرائيل فى عمل ميناء بحرى دولى ومطار دولى وخط انابيب وطريق سريع على احدث النظم العالمية ليكون هذا الطريق هو الحدود الجديدة بين دولة مصر واسرائيل وستكون هذه الإمكانيات الجديدة..( الميناء والمطار وخط الأنابيب) بجانب النفق الذى يربط مصر بالأردن ذات فائدة اقتصادية هائلة لمصر .
5- عدم ممانعة اسرائيل فى قيام مصر ببناء مفاعل نووى ( لأغراض سلمية) وسوف تقوم الدول الأوروبية بمساعدة مصر فى ذلك الشأن.
6- انهاء صراع القرن الذى شغل العرب واسرائيل لمدة مائة عام..وقد فتحت معاهدة السلام التى ابرمها السادات مع اسرائيل عام 1979 الباب للسادات للحصول على جائزة نوبل للسلام..وسوف تفتح هذه الإتفاقية الجديدة نفس الباب مع ضمان عودة مصر لوضعها الدولى التى حازته قبل حرب 1967.
كانت تلك ترجمة حرفية لما ورد فى مشروع جيورا إيلاند المكتوب فى تقرير لمعهد بيجين السادات لدراسات السلام ( وهو معهد أسسه ويقوم بتمويله رئيس اللوبى الصهيونى فى كندا)..ومن يدقق فى تفاصيل النقاط المشروحة سابقا سيجد انها تكاد تتطابق مع المشروع السعودى لتنمية سيناء ومع مشروع مدينة نيوم ومع الجسر الذى سيربط بين مصر والسعودية ومع المشروع الإسرائيلي الشهير التى يتحدث عن تفاصيل إنشاء ميناء دولى فى غزة..وايضا مع ما قاله بنيامين نيتنياهو فى منتصف عام 2010 للرئيس السابق حسنى مبارك وهو ما رفضه مبارك بشده….
تلك هى الرؤية الأخرى للإرهاب من زاوية السياسة….ومن زاوية التخطيط للمستقبل..فكما كانت القاعدة هى السلاح التى حاربت به أمريكا فى معركة القضاء على الإتحاد السوفييتى منذ عام 1979 وكان تنظيم داعش هو السلاح التى حاربت به أمريكا ومعها اسرائيل ضد العراق وسوريا فى معركة تدمير أهم دولتين عربيتين ..يصبح الإرهاب فى سيناء هو السبيل الوحيد لصنع المستقبل الصهيونى…

قد يعجبك ايضا