ما الذي يدبر للاردن

تزايدت مؤخرا أحداث العنف والجريمة والسرقة والشجارات حتى داخل العشيرة والعائلة الواحدة ، وإشتراك أردنيين في أعمال إرهابية وغير إرهابية خارج الأردن وإشراك أجانب وعربا في أحداثٍ داخل الأردن.. وتعاظم تهريب السلاح والمخدرات والأغنام باتجاهات مختلفة فضلا عن تسلل الإرهابيين والمهربين الى داخل وخارج الأردن ، وتكشف بدايات تسلل عبر منافذعربية جديدة بالإضافة للمنافذ غير الشرعية مع سورية .

ونقلت شبكة أخبار البلد ، ان الاجهزة الامنية ضبطت مؤخراً خلايا نائمة واسلحة مهربة، وقد رفعت من درجة الحذر والخطر الى مستويات عالية، وباتت ترقب الوضع المحلي بعيون مفتوحة على مدار الساعة.

وفي المعلومات ان هناك من يعمل جاهداً على تصعيد اعمال العنف والشغب الجامعي والمشاجرات الاهلية والعشائرية، الى عنف دموي تخريبي وارهابي يستهدف الدولة المدنية والوحدة الوطنية..

وبالتزامن كشفت وسائل اعلام غربية و(إسرائيلية)عن ضغوط سعودية تتصل بدور بندر وشقيقة سلمان في توريط الأردن بما لا ينسجم ومصالحه وأمنه واستقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي الراهن والاستراتيجي، تحت وطأة ديونه وتحريك خلايا نائمة في الأردن .

وبالتزامن تم توقيع اتفاقية ناقل البحرين الأحمر ـ الميت، التطبيعي، قبل أيام ، والذي يحمل مخاطر ماثلة تحدّث عنها العديد من الخبراء السياسيين والاقتصاديين والبيئيين.

وأكدت مصادر إسرائيلية مسؤولة بأنه تم الاتفاق مع الأردن على إقامة منطقة صناعية مشتركة مع الأردن على مساحة 2000 دونم على جانبي الحدود إلى الجنوب من جسر الشيخ حسين (المعبر الشمالي قرب مدينة بيسان الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1948 ) بكلفة 52 مليون دولار وأن المنطقة ستشغل الاف الأردنيين الخ .

وهوما أكدته جريدة الشرق الأوسط  اللندنية أمس الخميس من أن الإتقاق قد تم خلال اجتماعات لجنة المتابعة الأردنية ـ الإسرائيلية المنعقدة في عمان مطلع الأسبوع المنصرم.

لكن الدستور الأردنية قالت أن مؤتمرا صحفيا لوزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي ران كوهين ونظيره الأردني محمد عصفور عقد أمس في عمان (  12 كانون أول الجاري 2013  قالا فيه أن تل أبيب وعمان اتفقتا على إقامة منطقة صناعية مشتركة في منطقتي العقبة وإيلات ( وليس في منطقة جنوب جسر الشيخ حسين ) !

ورغم التضارب المعلوماتي أو الإعلامي حول المكان الذي سيقام عليه المشروع ، ونفي رئيس مجلس مفوضي هيئة المناطق التنموية والحرة مها الخطيب، وجود اتفاق أو خطط مستقبلية مع الجانب الإسرائيلي لإقامة منطقة صناعية مشتركة ضمن المنطقة الحدودية بين البلدين.” بات من المؤكد أن مشروعا من هذا النوع سيقام بين الكيان الصهيوني والأردن .

وبالتزامن أيضاً أبلغ وزير خارجية واشنطن ؛ كيري ؛ الرئيس الفلسطيني عباس ، أن قوات إسرائيلية سترابط في منطقة الأغوار الفلسطينية على الحدود مع الأردن . فضلاً عن إقامة مطار عسكري في منطقة الأغوار . وبغض النظر عن الموقف الفلسطيني من الطرح الأمريكي المتبني كلياً لما ترغب به إسرائيل ، فقد سربت وسائل إعلام إسرائيلية قبل نحو اسبوعين أن (الأردن يعمل على إقناع واشنطن بتبني وجهة إسرائيل من مرابطة قوات إسرائيلية على حدوده مع الكيان الصهيوني!؟)

بالتزامن مع ذلك كله خرج في شريط مسجل على اليوتيوب من يقول أنه مواطن أردني معارض، متوسلا الكيان الصهيوني لاحتلال الأردن لتخليصه على حد تعبيره من العائلة المالكة  ومن فساد واختلاف شعبه بين شمال وجنوب واصفاً الشعب الأردني بـأقذع الصفات ( هامل وحرامي ) رافضاً تدخل اي يد عربية غير ( إسرائيل ) مستغلاً كذريعة ما عليه الأردن من مصاعب وفساد واتساع ظاهرة العنف والجريمة.

ويزعم هذا كالذين دعوا أمريكا لغزو العراق أن نساء الشعب الأردني سيستقبلن الاحتلال (الإسرائيلي) بالزغاريد وان الجيش  الأردني الأبي لن يتصدى لقوات الاحتلال الإسرائيلي .

لكن السؤال الصعب ما الذي يدبّر للأردن وشعبه في ضوء كل ما سبق ، حيث يتبين عبور ارهابيين ونقل اسلحة أو اكتشاف مخازن أسلحة في الأردن، في وقت تنشط فيه اجهزة استخبارات إقليمية ودولية لتجنيد المزيد من الإرهابيين لمقاتلة الدولة الوطنية السورية، وعندما يتم طردهم أو جرح بعضهم فإنهم يرتدون إلى الأردن بعد ان اغلقت تركيا الحدود في وجوههم ، وسد العراق المنافذ في وجوههم وطاردتهم قوات الجيش العربي السوري في مناطق الحدود السورية مع لبنان ولم يعد تسللهم ممكناً إلى الكيان الصهيوني عبر الجولان ، بذلك لم تعد من طرق فرار ممكنة أمامهم غير الأردن .

بهذا المعنى يمكن فهم توسل ذاك المأفون لقيام (إسرائيل)باحتلال الأردن، لضمان استمرار الجبهة الأردنية مفتوحة على سورية خلافاً لتفاهمات عقد جنيف 2 وإسقاطاً له قبل انعقاده ، وهو الأمر الذي ينسجم مع الاتفاق السعودي الإسرائيلي للعمل المشترك ضد سورية وإيران ومحور المبقاومة بعامة .

وحيث أن الأردن يحد العراق والسعودية ( فضلاً عن سورية ) فإن اختراقه سيجعل من امكانيات الاختراق باتجاه الخليج وإيران أكثر يسراً على غير صعيد ، وقد يكون ممكناً إعادة فتح جبهة العراق في وجه عصابات بندر وسلمان من قاعدة ونصرة وجاحش وغيرها .

بكلمات لا ينبغي أخذ شريط ذاك المأفون على غير محمل الجد لتهيئة الأجواء نحو القبول بالمشروع الخياني العدواني هذا ضد الأردن، ومعرفة ردود الفعل عليه الرسمية والشعبية ليس فقط من قبل الأردن وشعبه ولكن من قبل المنطقة برمتها .

إن مواجهة هذا المشروع الذي لا يستهدف الأردن فحسب لا يكون بالاستسلام الأردني له ولكن بمواجهته ، وبالتأكيد ليس مطلوباً ان يشن الأردن حرباً على أحد ولكن بتجنب جره إلى حرب أو التورط في حرب ، وبخلق حالة من التوازن في علاقاته تجنبه مآزق هو في غنى عنها ، فالعالم لم يعد أحادي القطبية ، وبات في مقدور بلدان العالم الثالث مواجهة الضغوط بيسر ما رغبت الدول وتوفرت  لدى قياداتها الإرادة لمواجهتها .

ليس من فرصة أوفر من الآن في تاريخ الأردن للخلاص من قيد استمر نحو قرن من الزمن ،  من دور وظيفي إلى دور اردني حقيقي،مستفيداً من جملة تغيرات تعصف بواقع بات من الماضي، حكم المنطقة الى حدٍ بعيد بقواعده ، وها هي الآن تتداعى اركانه من طائفية ومذهبية وهابية تكفيرية جهالية إخونية مغلقة ، بصمود سورية ومحور وتيار المقاومة في المنطقة العربية ومحور المقاومة العالمي ( الروسي الصيني الإيراني الفنزويلي الكوري الديمقراطي الخ) بمواجهة أحادية القطبية والنيتو والهيمنة الغربية الإوروبية الأمريكية الصهيونية .

إن دور الأردن الحقيقي المشرّف بكونه مع أمته ، مع الصامدين في وجه أعدائها من صهيونية وإمبريالية ، بالإمساك بقوة بمصالحه في إطار مشرق عربي يضم بلاد الشام والعراق أولا على غير صعيد اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واجتماعيا، بما يحميه من غوائل الطامعين والمرجفين والخونة وكل من يريدون به شراً.

قد يعجبك ايضا