الايثار … والمشارع ! / م. هاشم نايل المجالي

م. هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الأحد 15/10/2017 م …




كثير من الاشخاص لا يعرفون معنى ومفهوم الايثار ولا اثره على الاخرين ولا ثوابه عند رب العالمين فنجدهم يقيمون الولائم متفاخرين اكثر من حاجة الحاضرين والتي تكفي لسكان قرية جائعة ويتباهون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما قدمه لضيوفه من طعام وشراب وفير كل هذا يعرضه على الفقير والمحتاج عبر الكثير من الوسائل الاعلامية بلا وجل ولا خجل لانه لا يعرف معنى الايثار فهو يعرف كيف يحصل على المال وكيف ينفق هذا المال وكيف يتباهى به .

ان الايثار هو ان يفضل الشخص راحة الاخرين المحتاجين على الذات (على نفسه) وهي وردت بالاديان وتناقلتها الثقافات وهي تعتبر من احد ركائز الاسلام التي تحدد شخصية الرجل التقي الزاهد المعطاء العادل المنصف ومن القصص في الاسلام ان انطلق حذيفة العدوي في معركة اليرموك يبحث عن ابن عم له ومعه شربة ماء وبعد ان وجده جريحاً قال له اريد ان أسقيك فاشر اليه بالقبول والموافقه على ذلك وقبل ان يسقيه سمع رجلاً يئن ويتأوه فاشار ابن عم حذيفة اليه فذهب حذيفة ليشربه الماء وعندما ذهب اليه وجده هشام بن العاص ولما اراد ان يسقيه سمعا رجلاً اخر يقول آه ويتألم فأشار هشام اليه لينطلق حذيفة نحوه ليسقيه الماء وما ان وصله حتى وجده قد مات فرجع بالماء الى هشام فما ان وصله حتى وجده قد مات فرجع بالماء الى ابن عمة فوجده ايضاً قد مات فلقد فضل كل واحد فيهم اخاه على نفسه وآثره بشربة ماء ومن القصص ايضاً ان جاء رجل جائع الى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد وطلب منه طعاماً فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم ليبحث عن الطعام في بيته فلم يجد الا الماء فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( من يُضيف هذا الليلة ) فقال رجل من الانصار انا يا رسول الله واخذ الضيف الى بيته وما ان وصل حتى قال لزوجته هل عندك شيء فقالت لا الا قوت اولادي فأمرها ان تشغل اولادها عن الطعام وتنومهم وعندما يدخل الضيف تطفيء السراج وتقدم كل ما لديها من طعام للضيف وفي الظلام حتى يشعر الضيف انه يأكل معه واكل الضيف حتى شبع وبات الرجل وزوجته واولاده جائعين وفي الصباح ذهبا الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل ( قد عجب الله من صنعكما بضيفكما الليلة ) ونزلت فيه الآية القرآنية قال تعالى ( ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم حصاصة ) الحشر      والحصاصة هي شدة الحاجة فالايثار ان يقدم الانسان حاجة الآخرين من الناس على حاجته فقد يجوع ليشبع آخرين اشد جوعاً ويعطش ليروي سواه من هو اشد عطشاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) (متفق عليه ) بينما نجد في وقتنا هذا ان هناك من يحب نفسه وذاته على الآخرين المحتاجين وهي صفة ذميمة فما اقبح ان يكون الانسان انانياً وعندما يوجه جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه المعنيين باعداد خطة شاملة للتنمية في المشارع فهذا رسالة ليست فقط للجهات الحكومية بل على كافة الجهات في القطاع الخاص وعلى الاتحاد العام للجمعيات الخيرية وعلى المنظمات الدولية وغيرهم ان يكونوا جزءاً من هذه الخطة الشاملة ليقدموا ما يستطيعون ان يقدموه لتلك الاسر المحتاجة من طعام وشراب وملابس وما يحتاجونه ومن دعم لمشاريع تنموية وخدماتية وعلاجية كذلك هو الامر الى رجال الاعمال والمقتدرين من خلال اعداد صندوق دعم خاص للمناطق الفقيرة ليمول احتياجاتهم الاساسية انه صندوق العوز والصدقة لتلك المناطق وان يكون هناك تواجد ودعم لبنك الطعام وبنك الملابس وكل ما تقدمه الاسر المقتدرة من اجهزة صالحة ليست بحاجة لها او اثاث وغيره حتى هدايا من طفل الى طفل داخل علب خاصة بذلك تحتوي على قرطاسية او العاب وغيرها انها بادرة حسنة ان يتم ذلك الى ابناء تلك المناطق بدل ان نبقى نتغنى بالفنادق بانجازات خيرية لم تخرج خارج العاصمة وليكن لدينا بعض الايثار ان لم يكن الايثار نفسه لنشعر بالراحة النفسية لما نقدمه خاصة ان تلك المناطق قد حرمت لسبب او لآخر من التنمية الحقيقية للاساسيات وليس للكماليات وحرمت من زيارة المسؤولين والمعنيين كونها مناطق لا تليق بمستواهم الشخصي فليكن لدينا عدالة اجتماعية وحس وطني ونخطو كما خطا جلالته نحو تلك المناطق ليقدم لهم ما يحتاجونه .

وعلى المقتدر اعارة الوجود نظرة البصير وان يهذب نفسه بتحليتها بالمحاسن والفضائل وتطهيرها من المساويء والرذائل ليصبح محمود الاقوال والافعال ومثالاً للفضيلة وعلى المقتدر ان يكرم اخوانه من ابناء شعبه ويكثر من الخلان ويحمل نفسه على معالي الامور من خلال التشبث بأحسن اعمال العطاء فهي من الامور العظام فالوقت الذي تمضيه في اداء الواجبات الاجتماعية والخدماتية ليس بوقت ضائع لان حب الغير ومعاونته وتقليل وطأة الفقر والحاجة لمن هو محتاج كلها من دلائل السعادة فان اسعاد الناس المحتاجين اسعاد لنفسك لانه اذا سعى كلٌ لنفع غيره توفر النفع للجميع انه وطن التكافل والتضامن وان كنا نخاطب البعض من المقتدرين الغائبين عن تلك المناطق النائية فاننا نظهر عيوبهم من اجل تهذيب انفسهم ومن عرفك بنقصك ارشدك للفضيلة وليكن ذكرك دائماً بالخير لما تقدمه من عطاء فهو زكاة اموالك وستجده في آخرتك إن شاء الله فنحن لا نطلب من المقتدر ان يحرم نفسه مقابل الآخرين المحتاجين بل نطلب ان يتبرع بالفائض عن الحاجة للمحتاجين وهناك طرق وسبل عديدة من اجل تحقيق ذلك .

المهندس هاشم نايل المجالي

[email protected]     

قد يعجبك ايضا