هل جامعة الدول العربية على سرير الموت؟! / فؤاد دبور

فؤاد دبور* ( الأردن ) الإثنين 18/9/2017 م …




* أمين عام حزب البعث العربي التقدمي …

تم انشاء جامعة الدول العربية في الثاني والعشرين من شهر آذار عام 1945م، وحدد ميثاقها الأهداف التي أقيمت من اجلها والدور المناط بها تأديته تجاه الأمة العربية، والمتمثل بشكل أساسي تثبيت العلاقات الوثيقة بين الدول العربية وتقوية الروابط التي تربط بينها ودعمها وتوطيدها على أساس الاحترام المتبادل وكذلك احترام استقلال تلك الدول وسيادتها، وتوجيه جهودها إلى ما فيه خير هذه الدول وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها وتحقيق أمانيها وأمالها، مثلما حددت المادة الثامنة من الميثاق الغرض والهدف من جامعة الدول العربية هو توثيق الصلات أيضا بين دولها وتنسيق خططها السياسية تحقيقا للتعاون بينها وصيانة استقلالها وسيادتها والنظر بصفة عامة في شؤونها ومصالحها وكذلك تعاون هذه الدول تعاونا وثيقا بحسب نظم كل دولة وأحوالها في الشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية.

ورغم أهمية هذه المنظمة الإقليمية العربية ودورها ومنذ نشأتها قد خلت من أي محتوى قومي نضالي وحدوي والدلالة على ذلك اسمها الذي حملته، جامعة الدول العربية وليس الجامعة العربية من جهة والتعاطي مع اعضائها كدول قائمة بذاتها إضافة إلى الاتجاه القطري الانعزالي الذي انتصر في أروقة الجامعة وكواليسها وقرارات الجامعة البعيدة كل البعد عن العمل باتجاه التكامل العربي والدفاع المشترك، حيث أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي تم التوقيع عليها من دول الجامعة عام 1950 بقيت حبرا على ورق محشور في ادراج الجامعة، كما بقيت الاتفاقيات الأخرى وبالأخص الاتفاقية الاقتصادية التي تم التوقيع عليها عام 1957م نائمة أيضا في الأدراج إضافة إلى العديد من الاتفاقيات الأخرى.

تعرضت جامعة الدول العربية وعبر تاريخها لحركة التفافية من الدول الاستعمارية التي عملت على ابقاء الجامعة بعيدة عن النضال القومي الوحدوي وسعت من اجل إيجاد أدوات وصيغ عربية رسمية تعبث بالعديد من دولها وحرفها عن دورها لاستخدامها لصالح مخططاتها المعادية للأمة ومن المؤلم أن نقول بأنها نجحت في ذلك سواء ما تعلق الأمر بالتراجع عن مقاطعة العدو الصهيوني والتطبيع معه أم بشل حركة الجامعة عندما يتعلق الأمر بالصراع العربي – الصهيوني أم بالعدوان الأمريكي الاستعماري على دول عربية كالعراق وليبيا وسورية على سبيل المثال والتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الأقطار العربية الأخرى بما يخدم مشاريع ومخططات الدول المعادية التي تقف على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والشريك الاستراتيجي الكيان الصهيوني ومن ابرز مواقف الجامعة التي شكلت خروجاً على ميثاقها، العدوان على لبنان عام 2006م وما سببه من كوارث اصابت لبنان، وكذلك العدوان على الشعب العربي الفلسطيني بشكل عام والعدوان الدموي المتكرر على قطاع غزة مثلما نجحت الجهات المعادية في جعل جامعة الدول العربية أداة بيدها تنفذ من خلالها أهدافها ومشاريعها التي تستهدف المنطقة ودليلنا على ذلك قرار الجامعة العربية الذي شكل جسر العبور لاتخاذ قرار أمريكي – أوروبي استعماري تحت رقم 1973 لضرب بلد عربي وقتل عشرات الآلاف من شعبه وإلحاق الدمار بالعديد من مدنه وقراه ونهب ثرواته النفطية والإطاحة بنظامه، والمقصود هنا طبعا ليبيا. مثلما نجحت هذه الدول أيضا وبعد فشلها في استصدار قرار للتدخل العسكري في سورية بسبب استخدام الصين وروسيا لحق الاعتراض (الفيتو) بتوظيف جامعة الدول العربية للقيام نيابة عنها في الضغط على سورية ومحاصرتها ومعاقبتها سياسيا واقتصاديا لإضعافها وتهيئة الأجواء لإمكانية التدخل العسكري في هذا القطر لمعاقبته على مواقفه الوطنية والقومية وتقديمه الدعم والعون والإسناد للمقاومة التي تواجه العدوان الصهيوني – الأمريكي وإفشاله مخططات ومشاريع أعداء الأمة في تمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف أقطار الوطن العربي في وحدة أراضيها وتقسيم الشعب في كل قطر مذهبيا وعرقيا وطائفيا. بمعنى أن الدول الامبريالية والاستعمارية والحركة الصهيونية قد نجحت في تحويل جامعة الدول العربية إلى مجرد جامعة وظيفتها إلحاق اكبر الأضرار وأفدح الخسائر بالأقطار التي تستهدفها هذه الدول من فلسطين إلى العراق إلى لبنان إلى سورية التي واجهت وتواجه عصابات ارهابية مدعومة من الدول الاستعمارية ودول في الجامعة العربية وليبيا، وما شهدناه اخيراً من مهاترات بين اعضاء كان لهم دوراً اساسياً في حرف الجامعة عن ميثاقها يدل بوضوح على ان الجامعة قد اصبحت على طريق الانهيار.

وبصراحة أكثر وبعد ما أصاب الجامعة من عطب عبر تحويل الدور القومي العربي إلى وظيفة لخدمة أعداء الأمة يحق لنا أن نسأل هل تكون الجامعة أم لا تكون؟ هذا السؤال مطروح على الشعب العربي في أقطار الوطن كافة من المحيط إلى الخليج ولم تعد الانتقادات اللاذعة التي طالما وجهتها الجماهير العربية إلى الجامعة العربية نظرا لسلبياتها وقصورها في أداء الدور المطلوب منها في خدمة المصالح العربية كافيا خاصة وان الجامعة العربية قد سلكت طريقا اقل ما يقال عنه أن هذا الطريق إنما يدخل الوطن العربي تحت مظلة الامبريالية الأمريكية والدول الأوروبية الاستعمارية مثلما يسهل أيضا تحقيق المشاريع الصهيونية والأمريكية التي تهدف إلى وضع المنطقة العربية وثرواتها تحت سيطرتهم.

نعم، لا يسعنا الا ان نتمنى لها الشفاء من المرض المستعصي الذي ألم بها سيما وانها على سرير المرض ان لم نقل على سير الموت.

قد يعجبك ايضا