الصندوق الأسود ” للص عمرو موسى “

الإثنين 18/9/2017 م …




الأردن العربي –

أسرار علاقاته المُريبة بالإخوان وكواليس مقابلته لخيرت الشاطر سلسلة من المخالفات المالية والإدارية تركها فى الجامعة العربية نفذ مخطط قطر وأسقط ليبيا فى مستنقع الفوضى والانهيار والتمزيق

عمرو موسى من مواليد 3 أكتوبر 1936 بالقاهرة، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام1957، وعمل محاميًا تحت التمرين فور تخرجه من الجامعة وحتى التحاقه بوزارة الخارجية عام 1958، تزوج السيدة ليلى عبدالمنعم، التى تخرجت فى كلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وعمها الفيلسوف عبد الرحمن بدوى، شقيق الدكتور ثروت بدوى، أستاذ القانون الدستورى، وابنة رئيس لجنة الخمسين تدعى هانيا، تزوجت من أحمد أشرف مروان، ثم انفصلت عنه بعد زواج استمر أكثر من 14 عامًا، عمل بالسلك الدبلوماسى المصرى منذ عام 1958، والتحق بسفارة مصر فى سويسرا من عام 1961 إلى 1964، كما انضم لبعثة مصر فى الأمم المتحدة بنيويورك من عام 1968 إلى 1972، وشغل عمرو موسى منصب مستشار وزير الخارجية من عام 1974 إلى 1977، وأصبح سفيرًا لمصر بالهند من عام 1983 إلى 1986، وعُين وزيرًا للخارجية وأمينًا عامًا للجامعة العربية منذ مايو 2001، وترشح عمرو موسى على منصب رئيس الجمهورية بعد ثورة 25 يناير، كما ترأس لجنة الخمسين التى أعدت الدستور فى 2013، ويملك موسى سجلًا حافلًا بالتلون والنفاق، فالرجل يغير أفكاره وتوجهاته مع كل حدث بما يتلاءم مع تحقيق مصالحه الشخصية.

عمرو موسى خلال فترات توليه المسؤولية، ارتكب جرائم لن تمحى من ذاكرة التاريخ، فالرجل ألقى بالجامعة العربية بين أحضان قطر، وحقق لها مرادها بإسهامه فى تمرير قرار السماح للناتو بضرب ليبيا، تحت شعارات ثورية تنادى بإسقاط نظام معمر القذافى، ونجح مخطط قطر فى إسقاط ليبيا بمستنقع من الفوضى والانهيار والتمزيق، وبعد 6 سنوات أصبحت ليبيا تحت الاحتلال “الداعشى” الإرهابى.

موسى، أيضًا منح الشرعية لما يسمى بالثورة السورية ليرضى قطر أيضًا التى تسعى جاهدة لتدمير أمن الدول العربية المحورية مثل سوريا والعراق ومصر وليبيا، وكانت النتيجة ما تشهده سوريا الآن.

ليس صحيحًا ما يروجه أنصار موسى، عن أنه السياسى المحنك والخبير ببواطن الأمور الخارجية، وخليفة ناصر فى مواجهة تطلعات الغرب، ونصير العرب الذى أفنى عمره من أجل الأمة، والدليل ببساطة أنك عزيزى القارئ لن تجد إجابة واحدة على هذه التساؤلات ماذا فعل موسى عند احتلال العراق؟ وماذا فعل وهو يقسم أمامنا؟ وماذا فعل عندما تم الاعتداء على غزة، ولبنان، واليمن؟ وماذا فعل عندما اعتدت أثيوبيا على الصومال العربية؟ وما موقفه من تقسيم السودان؟ وماذا فعل لمصر فى مشكلة مياه النيل؟ وماذا فعل فى ليبيا؟ وكيف كان دوره فى تسهيل ضربها ووصولها إلى ما هى عليه الآن؟ لماذا قال موسى قبل يناير 2011 إن مبارك إذا ترشح للرئاسة سينتخبه، ولماذا هاجم مبارك ونظامه واتهمهم باستبعاده من الخارجية لأن شعبيته تؤثر على شعبية مبارك؟ ولماذا لم يتكلم عن الفساد فى مصر إلا بعد تنحى مبارك؟

كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير، ربما تجد إجابتها هنا فى هذا الملف الأسود لتاريخ السياسى عمرو موسى

قبل وبعد 25 يناير

كان الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق، داعمًا بقوة للرئيس الأسبق حسنى مبارك، ففى فترة ما قبل 25 يناير سُئل “إذا ترشح مبارك هل ستعطيه صوتك أم ستعطيه لمرشح آخر؟”، أجاب “إذا ترشح الرئيس مبارك سأصوت له لأنى أعلم جيدًا طريقة إدارته للأمور”، وأثناء أحداث يناير، خرج عمرو موسى يوم 8 فبراير 2011، قبل تنحى مبارك بـ3 أيام، ليقول إنه يجب بقاء الرئيس مبارك حتى نهاية فترة ولايته الرئاسية.

وبعد تنحى مبارك، اختلف رأى عمرو موسى 360 درجة، تمامًا فقال في تصريحات نشرتها الصحف وقتها “مبارك هو المسؤول عن العنف الطائفى”، كما قال: “مبارك أقصانى من وزارة الخارجية لتخوفه من تزايد شعبيتى بالشارع”.

وحاول موسى مع الأيام الأولى لـ25 يناير 2011، أن يقفز على الثورة، وذهب إلى ميدان التحرير فى مكايدة لمبارك ونظامه الذى استبعده من منصبه كوزير للخارجية عام 2001، فرأى فى الثورة فرصة للانتقام، إلا أن ثوار ونشطاء الميدان طردوه وقتها.

موسى ومبارك

هجوم عمرو موسى على نظام الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، عقب أحداث 25 يناير، وبعد تنحى مبارك، تحول وتلون يُدركه الجميع، فالرجل لم يكن بعيدًا عن دائرة صنع القرارات فى نظام مبارك، فبحسب الكاتب الأمريكى بوب وودورد، فإن عمرو موسى اشترك مع مبارك فى توقيع بروتوكول مع الولايات المتحدة الأمريكية يمكن جهاز الاستخبارات الأمريكية من التجول بحرية فى ربوع مصر، وجمع معلومات عنها دون اعتراضهم من أحد.

المؤكد أن عمرو موسى كان مُقربًا لمبارك وكان دائم الاتصال به حتى بعد أن أبعده عن الخارجية، كما أن زوجته السيدة ليلى بدوى كانت قريبة جدًا من سوزان مبارك، وكانت تعتبر نفسها فى منزلة السيدة الأولى، وقد أسندت إليها سوزان مبارك الإشراف على مكتبة المعادى العامة.

أسوأ فترات الجامعة العربية

تولى عمرو موسى رئاسة الجامعة العربية منذ العام 2001 وحتى 2011، وهى أسوأ فترة مرت بها الجامعة العربية، وكانت فى حكم الـ”ميتة”، وكان هذا تزامنًا مع بدء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التى اندلعت فى 28 سبتمبر 2000، ومن وقتها لم تحرك الجامعة العربية ساكنًا مُنذ أن تولاها موسى وكأن الأمر مقصود، فمرورًا بالانتفاضة الفلسطينية، ثم مقتل الشيخ ياسين والرنتيسى، ثم مرحلة ضرب العراق والاحتلال الأمريكى لها، وبعدها الحرب الصهيونية على لبنان فى العام 2006، ثم ضرب غزة فى العام 2008، وقتل الآلاف من الأبرياء، والحصار الرهيب، كلها كانت أحداث غيرت وجه التاريخ، وأبيد خلالها ملايين العرب، ورغم ذلك لم تحرك الجامعة العربية بقيادة عمرو موسى ساكنًا حيالها.

مخالفات مالية وإدارية

فساد مالى وإدارى كبير خلفه عمرو موسى داخل جامعة الدول العربية، كشف بعض تفاصيله بلاغ حمل الرقم 8334 لسنة 2011 إلى النائب العام، ضد عمرو موسى بصفته، ومحمد فرغلى، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا التابعة لعمرو موسى، وهو البلاغ الذى طالب مقدمه بالتحقيق معهما بتهمة إهدار 330 مليون جنيه من المنحة الأمريكية لمصر استنادًا لتقرير الرقابة الإدارية من مخالفات تطوير معهد وردان.

البلاغ، طالب أيضًا بالتحقيق معهما فى إسناد أعمال بالأمر المباشر لشركات مجهولة الهوية وشراء معدات بأسعار مبالغ فيها وصيانتها فى نفس عام الشراء بـ7ملايين دولار وشراء أجهزة كمبيوتر بـ30 ألف دولار للجهاز الواحد، فضلًا عن وجود مخالفات فى حساب الصناديق الخاصة والمكافآت، حيث تم تخصيص 8 ملايين دولار لرئيس الأكاديمية الذى استغل منصبه برعاية عمرو موسى، وقام بتعيين أشقائه وزوجى ابنتيه وأبنائه كمعيدين بالأكاديمية.

هذا البلاغ الذى قُدم للنيابة فى عهد المستشار عبد المجيد محمود، ومعه عشرات الشكاوى التى وردت من الجامعة العربية عن مُخالفات رئيس الأكاديمية تحت إشراف عمرو موسى لم يُتخذ فيها أى إجراء، لدرجة أن عمرو موسى قام بالتجديد لفرغلى بعد بلوغه سن المعاش، بل وامتنع عن إنشاء هيئة رقابة مالية من الدول الأعضاء.

مخالفات الأمين السابق لجامعة الدول العربية، لم تقف عند هذا الحد بل امتدت لقيامه بالتنكيل بجميع العاملين بالجامعة، وجلبه لأصدقائه والمقربين للسيطرة على الجامعة، وهو ما كشفته الكاتبة ظبية خميس فى كتابها “كوكب الرئيس”، والذى فضحت فيه ممارسات عمرو موسى داخل الجامعة، وقيامه بتقليص صلاحيات الجميع داخل الجامعة إداريًا، وقصرها على أعوانه ومنهم سمير سيف، الذى ولاه الأموال والإدارة، فقام بتعليمات من موسى بتفريغ إداراتها من مهامها وهدم طوابق الأمانة العامة، وأوكل إلى سكرتيره خريج كلية العلوم، وظيفة رئيس مكتب هشام يوسف، مدير مكتب عمرو موسى، وسمح له بالاحتفاظ بمنصبين فى الخارجية المصرية، والجامعة العربية، بمرتبين مُخالفًا لقانون تنظيم العمل، والذى لا يسمح بالجمع بين عملين، فضلًا عن محاربته لموظفى الجامعة واستبدالهم بأصدقائه.

أما المخالفة المالية الأكبر فكشفها الكاتب الراحل، جمال الغيطانى، الذى وصف عمرو موسى بـ”النصاب السياسى”، ولم يرد عمرو موسى عليه وقتها، بل إن الغيطانى كشف عن حصول موسى على شيك بخمسة ملايين دولار كمكافأة نهاية خدمة من الجامعة العربية، فى سابقة لم تحدث من قبل، وطالب الكاتب الراحل وقتها، عمرو موسى بالرد على هذه التهمة لكن الأخير لم يحرك ساكنًا تجاه ما كتبه الغيطانى.

موسى وإسرائيل

علاقة موسى بالكيان الإسرائيلى، كانت ولا تزال محل لغط كبير، فما لا يعرفه كثيرين أن ترشح موسى فى الانتخابات الرئاسية 2013، كانت بدعم من اللوبى “الصهيونى – الأمريكى – الفرنسى” لاعتلاء كرسى الرئاسة فى مصر، وهو الأمر الذى أكدته تصريحات نائب رئيس الوزراء الإسرائيلى، سليفان شالوم، الذى قال إن عمرو موسى كأمين عام لجامعة الدول العربية أثبت أنه العربى المسؤول الذى يأخذ بعين الاعتبار القواعد التى تحكم العالم والعلاقات الدولية، مضيفًا أن موسى اتخذ موقعه بالجامعة العربية منبرًا للدفاع عن محور الاعتدال العربى فى مواجهة الإرهاب.

وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبى ليفنى، عبرت هى الأخرى عن ارتياحها لإعلان عمرو موسى الترشح للانتخابات الرئاسية، وقالت فى مقابلة أجرتها مع إحدى المحطات الإذاعية، إنه، عمرو موسى، لم يخرج عن طوره، ولم يتدخل بشكل جدى عندما قمنا بفرض حصار على قطاع غزة، ولم يتحرك ضدنا عندما شنت إسرائيل حملة الرصاص المصبوب على قطاع غزة فى 2008، إضافة إلى وقوفه ضد حزب الله.

ليفنى، طالبت وقتها الحكومة المصرية بالتعاون مع الإدارة الأمريكية خلف الكواليس من أجل العمل على انتخاب رئيس مصرى جديد يلتزم باتفاقية كامب ديفيد، مُعتبرة أن موسى هو المرشح الذى يجب دعمه، خاصة بعد تصريحه فى ندوة عقدت بساقية الصاوى بتاريخ 8 مارس 2011،الذى أكد فيه أنه مع إسرائيل، وإنها أمر واقع لا يمكن تغييره.

عمرو موسى أظهر نيته الخالصة بل وتحمسه للتطبيع مع العدو الصهيونى بإنشائه جمعية للتطبيع برئاسة لطفى الخولى، وقيامه بعقد مؤتمر فى شرم الشيخ أوائل التسعينيات لدعم شيمون بيريز فى مواجهة نتانياهو.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسى العراقى سمير عبيد، رئيس مركز الشرق للبحوث والدراسات بأوروبا، فإن عمرو موسى كان يتبنى مخططًا لإسقاط 25 يناير، وتلقى وعد “أمريكى – فرنسى – صهيونى” بأن يكون الرئيس المقبل نظير خدماته فى تغيير مسار يناير لصالح الأجندات الأمريكية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن فترة وجود عمرو موسى وزيرًا للخارجية المصرية، شهدت توقيعه على نحو 15 اتفاقية مع إسرائيل، فضلًا عن قيامه بإفشال المصالحات اللبنانية عقب استشهاد رفيق الحريرى، كما أفشل القمة القطرية لمساندة الشعب الفلسطينى أثناء عدوان 2009، وانصاع لأوامر، الأمين العام السابق للأم المتحدة، بان كى مون، والرئيس الإسرائيلى، شيمون بيريز، الذى كان يجلس بجواره فى مؤتمر دافوس 2009.

تصدير الغاز إلى تل أبيب

السفير عبد الله الأشعل، ذكر فى حوار له، أن الموساد الإسرائيلى هو الذى عين موسى وزيرًا للخارجية بعهد مبارك، وتركه فى منصبه عشر سنوات كأطول فترة لوزير فى تاريخ الوزارة بهدف السيطرة على الخارجية المصرية، واستخدامه فى أهداف منها تصدير الغاز، حيث كشفت وثيقة صادرة فى 12 نوفمبر 1992 من عمرو موسى إلى حمدى البمبى وزير البترول، وقتها، يوصى بأهمية البدء فى دراسات أولية لتصدير الغاز إلى إسرائيل.

وظهرت وثائق بالفعل تُدين وتورط عمرو موسى فى عمليه تصدير الغاز إلى تل أبيب، ولم يستطِع عمرو موسى إنكارها، بل واعترف بصحتها، لكنه أوضح أن الهدف كان تصدير الغاز إلى منطقة غزة، رغم نفيه المُتكرر التورط فى صفقة الغاز الطبيعى، وأن هذه الوثيقة جاءت ضمن المحفزات من الحكومة المصرية للعدو الصهيونى بعد مؤتمر مدريد للسلام.

موسى والأمريكان

أما التاريخ الأسود لركوع عمرو موسى أمام الأمريكان، فيتضح فى مشاركته بمؤامرة مؤتمر القمة العربية الذى عقد فى أغسطس 1990، والذى عُقد لحل مشكلة الاجتياح العراقى للكويت لتنفيذ سيناريو الهجوم الدولى على العراق، والذى تم رفضه من أغلبية الدول الأعضاء، إلا أنه قام بالإشراف على تمرير قرار هجوم التحالف الدولى على العراق بأغلبية الأصوات على عكس الحقيقة، وقام وقتها برفع الجلسة، ولم يسمح بمناقشة الأمر، واكتفى بإصدار قرار يسمح للقوات الأجنبية بالدخول إلى الخليج العربى لتدمير العراق، فضلًا عن قيامه بإفشال مبادرة الشيخ زايد بن نهيان التى وافق عليها صدام لإنهاء الأزمة بهدف تنفيذ سيناريو الحرب على العراق، وتمكين الأمريكان من وضع يدهم على النفط، والتواجد حتى الآن بالعراق.

ولأن الأمريكان أرادوا للسودان التقسيم، فقد كان عمرو موسى مُشرفًا أساسيًا على وضع سيناريو التقسيم، وربما يجهل البعض أن موسى هو من قام بتكليف المهندس ميلاد حنا بشكل غير رسمى باعتباره أحد المقربين من كافة الفصائل السودانية ولدرايته التامة بالسودان بوضع سيناريو التقسيم، وهو ما تم بالفعل بمباركة شخصية من عمرو موسى.

موسى والثورة الليبية

كثيرون كانوا يتساءلون: “لماذا كان موسى أكثر ثورة على القذافى من ثوار ليبيا أنفسهم؟”، “ولماذا اتخذ قرارًا بالحظر الجوى على ليبيا قبل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبى وحتى قبل أمريكا؟”، وكانت الإجابة فى اتهام صريح وجهه عبدالرحيم على، عضو مجلس النواب، إلى عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق، بتسليم ليبيا إلى الإخوان، مقابل دعمه فى انتخابات الرئاسة، التى جرت عام 2012.

موسى الذى يتهم المصالح الخارجية بتدمير ليبيا حاليًا، كان من أكبر المساندين لتدخل حلف الناتو فى ليبيا، بل قدم لهذا التدخل الغطاء الشرعى العربى عندما ذهب إلى باريس كأمين عام للجامعة العربية فى صحبة وزراء خارجية عرب من الدول الخليجية التى أيدت ومولت هذا التدخل، وعليه أن يعترف بهذه الخطيئة ويعتذر للشعب الليبى والأمة العربية، بأسرها من جراء ارتكابها.

وبحسب عبد الرحيم على، فإن ليبيا وسوريا تم تخريبهما بعناية فائقة عن عمد من قبل الإدارة القطرية، وكانت هناك محاولات لإسقاط مصر لكنها فشلت، موضحًا أن قياديين إخوان، هم محمد البلتاجى، وعصام العريان، وسعد الكتاتنى، توجهوا يوم 7 مارس 2011 إلى الباب الخلفى لجامعة الدول العربية من ناحية ميدان التحرير، والتقوا الأمين العام للجماعة آنذاك عمرو موسى، واتفقوا بدعم كبير من وزير خارجية قطر حمد بن جاسم، على مناشدة المجتمع الدولى للتدخل فى ليبيا، وبالفعل استجاب عمرو موسى لهم، وأُدين عمرو موسى فى ذلك الأمر، لأن أجهزة المعلومات رصدت هذا، لاسيما أن الإخوان استغلوا رغبة البعض فى الوصول إلى كرسى الرئاسة آنذاك ليفرضوا رغبتهم، حيث أنهم أكدوا أنهم لا يريدون السلطة وسيقتصر دورهم على المجلس التشريعى فقط.

القرار الذى حصل عليه قيادات الإخوان من عمرو موسى فى 2011 بشأن التدخل الدولى بليبيا، كان قبل القرار الرسمى الذى تم إصداره من جامعة الدول العربية بـ5 أيام، حيث كان يوم 12 مارس بعد اتصال هاتفى بوزير خارجية قطر، قبل أن يتم تحويل الملف إلى مجلس الأمن القومى الذى اتخذ قرار رقم 1973 بفرض العقوبات على حكومة القذافى.

لجنة الحكماء

مع اشتعال الأحداث وتطورها بعد 25 يناير 2011، تشكلت لجنة ضمت فى عضويتها، أحمد كمال أبو المجد، ونبيل العربى، وأمين المهدى، وسلامة أحمد سلامة، ومنصور حسن، وإبراهيم المعلم، ووحيد عبد المجيد، وعمرو موسى، وعمرو حمزاوى، وعمرو الشوبكى، وآخرين، وأطلق عليها “لجنة الحكماء”، وكانت تلك اللجنة تعقد اجتماعاتها بمقر جريدة الشروق القديم، بالمهندسين، برعاية مباشرة من إبراهيم المعلم.

أصدرت تلك اللجنة بيانًا طالبت فيه الدولة بتحمل المسؤولية كاملة عن سلامة أبناء مصر جميعًا، وفى طليعتهم الشباب المصرى، وأصدرت بيانًا تضمن 4 مطالب هى تأمين حياة وحقوق وحريات جميع المحتجين من شباب مصر فى ميدان التحرير، وسائر ميادين القاهرة، وجميع محافظات مصر، بما يضمن حقهم فى الدخول إلى الميادين والخروج منها، وضمان التوقف الفورى عن أعمال البلطجة وطرق التعدى الهمجى والوحشى على المواطنين، والتوقف عن اعتقال المشاركين فى التجمعات التى تطالب بالتغيير والإصلاح.

شهدت اجتماعات هذه اللجنة إعلانًا صريحًا من عمرو موسى عن استعداده لخلافة الرئيس حسنى مبارك، وهو ما كان يحاول إخفاءه كثيرًا، وشهدت كواليس اجتماعات تلك اللجنة صفقات بالجملة بين موسى والإخوان من جهة، وبين موسى ونجيب ساويرس من جهة أخرى، من أجل دعمه مرشحًا لانتخابات الرئاسة التى عقدت فى 2012.

موسى والإخوان

الدكتورة لميس جابر، قالت نصًا إن اللواء الراحل عمر سليمان قال لها أثناء انتخابات الرئاسة: “أنا ممكن اشتغل مع أى حد لصالح البلد إلا عمرو موسى”، مؤكد أن اللواء عمر سليمان، كان يعى جيدًا حجم نفاق ومكر هذا السياسى المخادع، ويكفى تلك القصة التى سردها الإعلامى الإخوانى أحمد منصور، عن علاقة موسى بالإخوان، لتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الراحل سليمان كان على حق فى رأيه عن موسى.

يقول منصور، إن عمرو موسى كان يلح هو وحمدين صباحى، كل على حدة، فى لقاء المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان، وأبلغنى الوسيط الذى كان يسعى فى ترتيب لقاء حمدين أن أحد قيادات حزب الله اللبنانى هو الذى طلب منه السعى فى ترتيب الأمر حيث لم يعد خافيا علاقة حمدين بالإخوان، بينما عمرو موسى إلحاحه زاد فى الوقت الذى كان مرسى يجرى خلاله تعديلات على الحكومة المصرية آملًا أن يعود للأضواء مرة أخرى، لكن الإخوان رفضوا متعللين بأن جبهة الإنقاذ وقادتها متورطون فى الاضطرابات التى كانت تجرى فى مصر وقتها، ورغم أن أحد المحنكين السياسيين الذين كانوا طرفا فى الوساطة أبلغ الإخوان أن هذه فرصة لتفتيت جبهة الإنقاذ وتشتيت شملها إلا أنهم لم يستوعبوا الأمر سياسيا فى حينها، لكن يبدو أن الظروف قد تغيرت ولجأ عمرو موسى إلى أيمن نور الذى نجح فى ترتيب المقابلة مع خيرت الشاطر.

خيرت الشاطر وعمرو موسى

يواصل منصور: “كان من المقرر أن تضم المقابلة من طرف الإخوان خيرت الشاطر وسعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة، على اعتبار قرار الإخوان أن كل ما يتعلق بالعلاقات السياسية يكون من اختصاصات الحزب وكل ما يتعلق بالدولة من اختصاصات مرسى، تخلَّف الكتاتنى، وبدأ عمرو موسى يقدم نفسه للشاطر من أجل أن يشغل منصبًا يختتم به حياته السياسية، ولو مستشارًا للرئيس للشؤون السياسية منتقدًا أداء الدكتور عصام الحداد، ومُقللًا من شأنه وتاريخه السياسى والمهنى، كما أكد موسى خلال اللقاء أنه لم يقرأ كتابًا واحدًا عن جماعة الإخوان ولا يعلم شيئًا عن تاريخها إلا مما ينشر فى الصحف وما تتداوله جبهة الإنقاذ، كما أنه يعتقد أن مفهوم أهل السنة والجماعة هو أن أهل السنة هم السلفيون والجماعة هم الإخوان المسلمون، كما طلب من خيرت الشاطر أن يشرح له مفهوم الخلافة، وخلال الحديث دخلت سكرتيرة عمرو موسى وأبلغته بأن خبر الاجتماع سرب للصحافة ونشر، ففقد عمرو موسى توازنه تمامًا، وأسقط فى يده، وأدرك أن الجهات الخارجية التى تدعمه ستسقطه من حساباتها وجبهة الإنقاذ التى يتعلق بها ستثور عليه، وأنه سيخسر كل شىء، المنصب الإخوانى الذى يصبو إليه والدعم الخارجى وجبهة الإنقاذ فى الداخل، لذا خرج على الإعلام وقدم نفسه على أنه البطل المغوار الذى نازل خيرت الشاطر فى موقعة منزل أيمن نور، وأنه قدم مطالب جبهة الإنقاذ واضحة وإذا لم يلبها الإخوان فإن معركة 30 يونيو ستكون هى الفاصلة.

كوارث لجنة الخمسين

قاد عمرو موسى لجنة الخمسين لإعداد دستور 2014، مفخخًا بالألغام، وكأنه ينتقم من المصريين الذين لم يختاروه رئيسًا، فقرر تمزيق نظام الحكم وتوزيعه بين قبائل مجلس النواب والحكومة والرئاسة، وألغى مجلس الشورى، ووسع من قماشة مجلس النواب ليصل إلى 600 نائب.

استهدف موسى بصورة مباشرة توسيع صلاحيات مجلس النواب، وتغول تمامًا على صلاحيات السلطة التنفيذية فالرجل كان يُمنى نفسه بأن يكون رئيسًا للبرلمان، وبالتالى يصبح هو الحاكم الأول للدولة، والمسؤول عن كل كبيرة وصغيرة، لكن كل العادة حصد موسى خيبة الأمل، ليبقى كما هو مُشردًا باحثًا عن أى دور.

هذا الخبر منقول من : مبتدأ

*** عن مجلة الوعي العربي .

قد يعجبك ايضا