خلفيات الاعتراض على اتفاقية حزب الله لترحيل بقايا داعش الى الشرق السوري ؟ / قاسم عزالدين





قاسم عزالدين ( لبنان ) السبت 2/9/2017 م …

الأردن العربي – الاعتراضات متعددة الأطراف على نقل بقايا “داعش” من الجرود والقلمون، أساسها مساعي واشنطن لإثارة التشكيك بإنجازات المقاومة تمهيداً لحملة تحريض ضد الحزب. لكن هواجس بعض الأطراف ولا سيما في العراق، قد تكون قصيرة النظر في مراهنتها على تجزئة المعركة الواحدة لدحر الإرهاب وإعادة البناء.

استراتيجية حزب الله التكاملية القتالية من أهم انجازات المقاومة مقابل استراتيجية واشنطن وحلفائها

استراتيجية حزب الله التكاملية القتالية من أهم انجازات المقاومة مقابل استراتيجية واشنطن وحلفائها

لم تبدأ الاعتراضات على استراتيجية حزب الله في دحر الإرهاب إثر التفاوض مع “داعش” بعد استسلام بقايا عناصره في الجرود اللبنانية وفليطة السورية. إنما بدأت همساً وغمزاً بعد انتصار المقاومة على النصرة في جرود عرسال. فتحوّل الرأي العام اللبناني بشكل خاص نحو تأييد المقاومة، قضّ مضاجع أعدائها في واشنطن التي تأمل إعادة تجميع الخيوط مع حلفائها وأصدقائها في حملة تستهدف وقف تهديد حزب الله لإسرائيل، بحسب تعبير سفيرة أميركا في الأمم المتحدة نيكي هايلي.

في التحضير لمعركة دحر “داعش” من جرود بعلبك اللبنانية وفليطة السورية، أخذ الهلع في واشنطن أي مأخذ من إمكانية تعزيز المقاومة انتصارها في معركة ثانية تؤدي إلى تعزيز التحوّل الشعبي في اتجاه المقاومة، فالإدارة الأميركية تحاول وسعها “منع الجيش اللبناني من الانضمام إلى استراتيجية حزب الله”، كما أوضحت الفورين بوليسي. وتوقعت قبول لبنان العرض الأميركي بتغطية جوية على غرار “التحالف الدولي” كمخلب قط، ثم حاولت الضغط على الدولة اللبنانية لتأجيل معركة الجرود اللبنانية أملاً بسحب البساط من تحت أقدام المقاومة في معركة موحدة بين الجيش والمقاومة.

المقاومة التي تجاوزت المساعي والضغوط الأميركية في انتصارها الميداني إلى جانب الجيش السوري، تجاوزته أولاً في خطتها التكاملية مع الجيش اللبناني وتقسيم العمل بين الطرفين في سياق عام منسجم وموحّد، وفي إطار المعركة التكاملية لدحر الإرهاب ولا سيما “داعش” والنصرة، تكفلت المقاومة بالتفاوض لنقل بقايا عناصر “داعش” من الجرود. فالمقاومة التي تتبنى استراتيجية حرب بحسب استراتيجيات أرقى الجيوش، تأخذ بعين الاعتبار إمكانية التفاوض مع العدو المهزوم لتخفيف سفك الدماء المجاني بشرط عدم المساس في تحقيق أهداف المعركة في تحرير الأرض.

وفي حقيقة الأمر قد تكون استراتيجية حزب الله التكاملية القتالية من أهم انجازات المقاومة مقابل استراتيجية واشنطن وحلفائها بما يسمى “مكافحة الإرهاب”.

خلافاً لاستراتيجية القتال التي تتميز بها المقاومة والجيوش الراقية، تشتهر الاستراتيجية الأميركية بتبنّي منظومة القتل أو ما يعرف في العلم العسكري بنظرية الأرض المحروقة، فهي منذ معركة النورماندي الفرنسية في الأراضي الفرنسية انطبعت حروبها بطابع التدمير والتشفي كثور أهوج يخبط خبط عشواء بحيث لم يبقَ في النورماندي حجر على حجر ولا آدامي ولا دابة.

هو الإرث الذي استعادته واشنطن في فيتنام والهند الصينية ثم في العراق وبعدها في قصف المدنيين في الرقة السورية، وبناء على جذور هذا الموروث البدائي في غريزة القتل والتشفّي، يتهم البعض حزب الله “بنقل القتلة بباصات مبرّدة عوض أن يتشفّى لضحاياهم بالذبح”، كما عبّر البعض في لبنان، وبين هذا البعض “إعلاميون وخبراء عسكريون”.

مقابل تكاملية المعركة لدحر الإرهاب التي تتبناها المقاومة استراتيجية حرب، تزرع الإدارة الأميركية ثقافة تجزئة المعركة الواحدة لإثارة الهواجس التبسيطية وصولاً إلى إثارة النوازع والنزاعات بين القوى المتضامنة في مواجهة الإرهاب، فالناطق باسم تحالف واشنطن الكولونيل رايان ديلون هو الذي فتح الفتوح في انتقاده “قرار الجيش اللبناني وحلفائه في السماح لمقاتلي “داعش” العبور إلى سوريا” وهو الذي أعلن “منع القافلة من التقدم شرقاً في إحداث فجوة على الطريق وتدمير جسر صغير”.

ولعل هذا الأمر يستهدف أبعد من الجدل الذي أثاره البعض ضد حزب الله الذي ينقل عبوة من لبنان إلى العراق، كما عبّر أحد المسؤولين العراقيين. فهو ربما يستهدف نشر الاعتقاد في كل بلد أن الإرهاب منقول إليه من البلد المجاور، وفق تعبير صحيفة لبنانية في عنوانها الرئيسي “لقد عادوا من حيث أتوا”.

الإدارة الأميركية زرعت قبل اليوم ثقافة تجزأة المعركة الواحدة للقضاء على التضامن العربي ضد إسرائيل في مقولات من قبيل: مصر أولاً ولبنان أولاً وأنا أولاً، لكن الأوهام الموعودة بالمراهنة نعيم التجزأة، تؤدي بعد عقود طويلة إلى أن تأكل إسرائيل وواشنطن الجميع أولاً بأول.

قد يعجبك ايضا